Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا قررت إيران إغلاق حدودها مع أفغانستان؟

طهران ترصد 3 مليارات يورو لاستكمال جدار يمتد على 74 كيلومتراً بين البلدين

الجدار بين إيران وأفغانستان سيمتد من جنوب خراسان إلى أراضي بلوشستان على امتداد 74 كيلومتراً (غيتي)

ملخص

تعتزم إيران استكمال بناء جدار فاصل بينها وبين أفغانستان لأسباب أمنية وسياسية. ولكنها في الوقت ذاته لا تريد الخصومة مع حركة "طالبان" التي تقود السلطة في الجارة الغربية منذ نحو ثلاثة أعوام. كما أن تحديات قانونية وحقوقية قد تعوق خطط طهران الحدودية، وفق مراقبين.

قررت إيران أخيراً إغلاق حدودها مع أفغانستان، واستكمال بناء جدار يمتد على عشرات الكيلومترات بين البلدين. ووفق قناة "إيران إنترناشيونال" قررت حكومة طهران تزويد القوات المسلحة بـ3 مليارات يورو لإنجاز المهمة بسرعة بعد تزايد الاشتباكات الحدودية مع حركة "طالبان" التي تقبض على السلطة في كابول منذ الانسحاب الأميركي في 2021.

ونقلت القناة عن نائب وزير الداخلية الإيراني ماجد ميراحمادي، قوله إن "الأموال المخصصة لجهود ضبط الحدود مع الجارة الغربية، تشمل تركيب أسوار وجدران وأنظمة ذكية لمراقبة الحدود وضمان دفاع قوي عنها".

الخميس الماضي، ألقت قوات "طالبان" القبض على خمسة من حرس الحدود الإيراني في الأراضي الأفغانية، وسلمتهم إلى مسؤولي الاستخبارات. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم ذكرت وسائل إعلام حكومية إيرانية أنه أطلق سراحهم. وهذه الحادثة ما هي إلا فصل من مسلسل نزاع مستمر بين الطرفين منذ ما يزيد على عام، حتى إن الأمر وصل في مايو (أيار) الماضي إلى حدود تحريك "طالبان" لقافلة من الدبابات باتجاه الحدود الإيرانية.

شرعت إيران بمشروع الجدار مع أفغانستان منذ تسعينيات العام الماضي. أنجزت أجزاء منه خلال العقود الماضية، وهي اليوم بصدد إكماله بصورة نهائية. مطالب إتمام هذا الجدار شعبياً تعالت عقب "انفجار كرمان" الذي وقع قبل ثلاثة أشهر شرق إيران، وأدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص. وتهدف طهران إلى تحقيق منافع عدة من وراء المشروع، وفق مراقبين. لكن الأمر لا يخلو من مشكلات وارتدادات يمكن أن تحدث في الطريق.

الأولويات الأمنية

يقول مدير المركز الأحوازي للإعلام والدراسات الاستراتيجية حسن راضي إن استكمال الجدار على طول الحدود بين البلدين، ينطوي على أهداف إيرانية عدة، أولها رغبة طهران بوقف تجارة المخدرات مع أفغانستان. أو بتعبير آخر "حصر هذه التجارة بيد الحرس الثوري الإيراني، الذي يشرف على عملية جلب هذه المواد السامة وتوزيعها داخل البلاد وفي المنطقة ككل، وفق تقارير مختلفة".

الهدف الثاني من الجدار، برأي راضي، يأخذ طابعاً أمنياً، إذ تريد طهران منع دخول أو خروج المناهضين للنظام الإيراني من "البلوش" عبر الحدود. فمثلث الحدود مع أفغانستان وباكستان يشهد دائماً تصادمات بين الجيش الإيراني وقوات الحرس الثوري مع المعارضين لنظام طهران من أفراد تلك الجماعة العرقية.

الجدار سيمتد من جنوب خراسان إلى أراضي بلوشستان على امتداد 74 كيلومتراً. وقد شهدت محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي إيران توترات في الـ10 من يناير (كانون الثاني) الماضي بعد اشتباك مسلح قرب مدينة راسك. كما كانت عاصمة المحافظة زاهدان مسرحاً لاحتجاجات دامية تفجرت في سبتمبر (أيلول) 2023 واستمرت لأشهر، بسبب ما يتعرض له السنة في المحافظة من اضطهاد، وفق تقارير إعلامية.

بحسب راضي، تهدف إيران من الجدار أيضاً إلى تقليص الاشتباكات بين قواتها الحدودية ومقاتلي "طالبان"، بعد أن تزايدت في الأشهر الماضية. كذلك فإن الجدار يمكنها من وقف تسلل الأفغانيين الذين تتهمهم بالتعاون مع إسرائيل. ويتيح لها ضبط الهجرة الأفغانية إلى مدنها ومناطقها، إذ باتت ظاهرة تثير المتاعب لحكومة طهران. حتى إن قناة "إيران إنترناشيونال" قالت نقلاً عن وزارة الهجرة في حركة "طالبان"، إن طهران رحلت نحو 3 آلاف مهاجر أفغاني في يوم واحد خلال أبريل (نيسان) الجاري.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الحدود والمياه

يلفت مدير المركز الأحوازي للإعلام والدراسات الاستراتيجية إلى وجود مخاوف من توسيع "طالبان" مناطقها على حساب الأراضي الإيرانية، ربما كانت وراء تسريع طهران لاستكمال مشروع الجدار. ثمة تقارير إعلامية تحدثت عن الأمر ذاته، وقالت إن الحركة عينت لجنة لترسيم الحدود الأفغانية، ويبدو أن خرائطها زحفت إلى داخل إيران.

ويقول راضي إن طهران ترى في إحكام سيطرتها على الحدود فرصة لتعزيز علاقاتها مع "طالبان"، ولكن استكمال الجدار الفاصل بين البلدين قد يفجر مشكلات جديدة مع الحركة. يحمل هذا التقدير وجهاً منطقياً بالنظر إلى اعتراض "طالبان" على المشروع، وما تبع ذلك من محاولة طهران لتبريره عبر قائد القوات البرية الإيرانية كيومرث حيدري، الذي قال إنه "يأتي في سياق تعزيز أمن الدولة، وبلاده تحترم دائماً مبدأ حسن الجوار".

ثمة تقرير للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والمخدرات، يقول إن الخلافات بين إيران وأفغانستان تمتد إلى عقود سابقة. ويحدد التقرير الصادر في يونيو (حزيران) الماضي، ثلاث نقاط رئيسة لهذه الخلافات، على رأسها مشكلة المياه بين البلدين.

وتعود جذور النزاع حول المياه إلى القرن الـ19، وتركز في أغلبه حول نهر هلمند. وقع البلدان على اتفاق في عام 1973 لتنظيم استغلال مياه النهر، فيتعين على أفغانستان تزويد إيران سنوياً بـ850 مليون متر مكعب من مياهه. ولكن بحسب تصريحات الحكومة الإيرانية خرقت "طالبان" الاتفاق، فيما تقول الأخيرة إن مياه النهر لم تعد تكفي.

السبب الثاني للخلاف بين الدولتين وفق التقرير، هو العداء العرقي المحمول على اتهام "طالبان" إيران باستغلال أقلية الهزارة والأفغان ذوي الأصول الفارسية للتدخل في شؤون أفغانستان. أما الثالث فهو تجنيد طهران الأفغان المهاجرين إليها في حروبها العابرة الحدود، مثلما فعلت عندما شكلت "لواء فاطميون" للتدخل بصورة مباشرة في الأزمة السورية.

 

الإرهاب والمخدرات

على الضفة الأفغانية، يقول الصحافي مختار وفايي الصحافي الأفغاني المقيم في ألمانيا، إن بلاده في ظل "طالبان" تحولت إلى مصدر تهديد مستمر للبلدان المجاورة بسبب احتضانها جماعات إرهابية مثل "القاعدة" و"داعش خراسان" و"أنصار الله" الطاجيكية، إضافة إلى تجارة المخدرات التي ازدهرت في عهد الحركة، وباتت تقلق دول الجوار والعالم كله.

ويلفت وفايي في حديث مع "اندبندنت عربية"، إلى أن تصدير الإرهاب والمخدرات دفع بباكستان وطاجيكستان وتركمانستان والصين إلى تشديد الإجراءات الأمنية على حدودها مع أفغانستان، وقاد إيران إلى بناء الجدران مع الجارة الغربية.

ونوه الصحافي الأفغاني بأن "طالبان" تضم تيارات تعارض إيران عقائدياً، لكن هنالك تعاوناً اقتصادياً و"تنازلات" سياسية بين البلدين. مشدداً على أن التهديدات التي تواجهها إيران من جانب "داعش خراسان"، وتراخي "طالبان" في التزام تعهداتها في ضبط الحدود لمنع تهريب المخدرات والإرهاب باتا يشكلان قلقاً لإيران.

توقع تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة تراجعاً حاداً لزراعة الأفيون في أفغانستان عام 2023، بسبب الحظر المفروض عليها من قبل "طالبان". وبحسب قناة "إيران إنترناشيونال"، أشاد البرلمان الإيراني في نهاية أغسطس (آب) الماضي بجهود الحركة في هذا المجال، لكنه يراها أقل من المستويات المطلوبة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير