Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شواطئ صفاقس التونسية تتحول إلى "مدفن للمهاجرين"

حرس السواحل ينتشل 100 جثة في 3 أيام ومقترح بإنشاء "مقبرة للغرباء" ودعوات برلمانية لإنقاذ المدينة الساحلية من كارثة

تعد صفاقس نقطة عبور رئيسة للمهاجرين نحو أوروبا (أ ف ب)

ملخص

السلطات المحلية في صفاقس بدأت دراسة مقترح لإنشاء "مقبرة للغرباء" يتم فيها دفن غرقى المهاجرين غير النظاميين من جنسيات أفريقية.

تعيش ولاية صفاقس الواقعة جنوب تونس، على وقع أيام عصيبة حيث تسابق عناصر حرس السواحل وغيرها الزمن لانتشال جثث مهاجرين يلفظها البحر المتوسط يومياً، ما دفع نواب في البرلمان وأوساط حقوقية إلى إطلاق نداءات استغاثة للتحرك إزاء الوضع.

ومنذ الأحد الماضي حتى أمس الأربعاء، انتشلت عناصر حرس السواحل 100 جثة من شواطئ صفاقس، فيما تم توقيف 1800 شخص حاولوا العبور إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط بطريقة غير نظامية، حيث يستغل هؤلاء وأغلبهم من جنسيات أفريقية استقرار الطقس للإبحار في قوارب.

وكانت السلطات المحلية في صفاقس بدأت دراسة مقترح لإنشاء "مقبرة للغرباء" يتم فيها دفن غرقى المهاجرين غير النظاميين من جنسيات أفريقية، حيث تعد تونس بلد عبور للآلاف من الحالمين بالوصول إلى أوروبا، فيما تتصاعد التحذيرات من تحول صفاقس تدريجاً إلى ما يشبه "مقبرة المتوسط" على رغم أنها تمثل ثقلاً اقتصادياً في البلاد.

مقبرة للمتوسط

بالتوازي مع الجهود التي يبذلها حرس السواحل التونسي لإحباط محاولات الهجرة إلى إيطاليا وانتشال جثث المهاجرين في صفاقس، لم تهدأ التحركات حتى أمس الأربعاء، سواء في البرلمان التونسي أو غيره، للتحذير من خطورة الوضع في المدينة التي تملك أطول شريط ساحلي في البلاد، حيث يبلغ نحو 225 كيلومتراً. والتقى عدد من النواب عن ولاية صفاقس رئيس البرلمان، إبراهيم بودربالة، حيث تم اطلاعه على الوضع هناك.

وقالت النائبة عن المدينة، فاطمة المسدي، إن "صفاقس تعيش كارثة خطرة جداً وهي تراكم الجثث المتعفنة في شواطئها، حيث يستفيق الناس الذين يعيشون بالقرب من البحر يومياً على جثث لمهاجرين لفظها البحر بالقرب من منازلهم، هذا غير معقول خصوصاً أن هذه الجثث متحللة".

وتابعت المسدي في تصريح خاص إلى "اندبندنت عربية" أن "صفاقس تحولت إلى مقبرة للمتوسط لذلك تحركنا وعقدنا كنواب عن الولاية اجتماعاً مع رئيس البرلمان وأطلعناها على حقيقة الوضع من أجل أن تكون هناك إجراءات من أعلى هرم السلطة، فالمستشفى الرئيس يقدر على استيعاب 35 متوفى بينما تقبع فيه الآن نحو 170 جثة، ما يهدد العاملين في قطاع الصحة الذين يخشون على صحتهم بسبب هذا الوضع".

ودقت أوساط حقوقية في تونس تحذيرات في الساعات الماضية من الوضع في صفاقس وبدرجة أقل ولاية المهدية (شرق)، حيث دعا الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، إلى جعل لجان مجابهة الكوارث وتنظيم النجدة في المدينتين في حالة انعقاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وطالب ابن عمر أيضاً بتسخير البلديات في صفاقس للقيام بعمليات الدفن بعد أخذ عينات من الحمض النووي وتسخير فرق مختلطة بلدية وصحية ومن الحماية المدنية لانتشال الجثث التي لفظها البحر، وأيضاً إطلاق آلية للإعلام الفوري حول ظهور الجثث على السواحل ضمانا للتدخل السريع.

وباتت قضية المهاجرين غير النظاميين هاجساً في تونس بعد توافد أعداد كبيرة إليها قادمين من دول الساحل الأفريقي، في مسعى لاجتياز الحدود نحو أوروبا وهو ما دفع الرئيس التونسي قيس سعيد إلى التحذير من استغلاله من قبل عصابات الاتجار بالبشر، لكن يبدو أن الوضع يتجه إلى الأسوأ لا سيما في صفاقس التي كانت وجهة أغلبية المهاجرين.

وقالت المسدي "أطلقنا نداءات استغاثة لأنه من غير المعقول أن تتحول صفاقس التي كنا نرى فيها عاصمة تونس الاقتصادية إلى مقبرة للمتوسط، يجب أن تتدخل كل الأطراف لمد يد المساعدة باعتبار أن ما يحدث فيها كارثة وطنية وليست كارثة تقتصر عليها فحسب".

كارثة إنسانية

ولم تتردد، أخيراً، السلطات الصحية في صفاقس في القول، إنها وصلت إلى مرحلة من الإنهاك في مواجهة عشرات الجثث التي لفظها البحر أو انتشلها حرس السواحل، فيما يراوح ملف الهجرة مكانه حيث تقتصر المساعي الأوروبية والتونسية على مكافحة أنشطة عصابات الاتجار بالبشر والتصدي لمحاولات العبور نحو ضفة المتوسط الأخرى.

وتسعى السلطات المحلية في صفاقس حالياً إلى إيجاد حل للضغط الذي تواجهه المقابر في المدينة، من خلال دراسة إنشاء "مقبرة للغرباء"، حيث تشير بعض الأرقام إلى أنه تم دفن ما لا يقل عن 800 مهاجر من جنسيات مختلفة من دول الساحل وجنوب الصحراء الأفريقي في مقابر المدينة.

وقالت نائبة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، نجاة الزموري، إن "ما يحدث في صفاقس هو كارثة إنسانية، لا يتم حلها بمقبرة"، متسائلة، "بعد صفاقس، هل سننشئ مقابر أخرى في مدننا التي توجد فيها سواحل مثل قليبية أو غيرها، ليس هذا الحل".

وأردفت الزموري في تصريح خاص أن "الحلول لا تقتصر على مقبرة للغرباء، المعالجة لا تكون بحل للموتى بل بحل للأحياء قبل كل شيء، الحل في فتح ملف الهجرة بصفة نهائية والتوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي وأن ترفض تونس أن تكون حارسة حدود للاتحاد، فهذا ليس دورنا".

"لسنا حرساً لحدود أوروبا"

يأتي هذا في وقت تكثف فيه إيطاليا من تحركاتها لحث الأوروبيين على دعم تونس مالياً من أجل منعها من "الانهيار" وما سينجر عليه من تدفقات للمهاجرين غير النظاميين، لكن دائرة الرفض للعب تونس دور حرس سواحل أوروبا تتسع في البلاد.

وقال وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، الأربعاء، إنه "يجب صرف تمويل بصفة فورية لتونس، ومراقبة الإصلاحات التي سيتم إجراؤها، ثم إسناد الأقساط التالية من القرض الذي تقدمت به إلى صندوق النقد الدولي" داعياً إلى "عدم ترك تونس في يد روسيا والصين".

وقالت نجاة الزموري، إن "ظاهرة الهجرة لم تتم معالجتها، وهو ما يجعلها تتفاقم نحو الأسوأ، حيث لا توجد إرادة من مختلف الأطراف لمواجهتها بشكل جوهري من خلال الابتعاد عن المقاربة الأمنية، حيث بات دور حرس السواحل في تونس فقط انتشال الجثث أو إرجاع المهاجرين نحو السواحل التونسية".

وأبرزت أنه "لم نر معالجة على مستوى سياسي من خلال اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي، وهناك جذب من ناحيتين، فالدولة التونسية ظلت تحت مطرقة الضغط الشعبي الذي يطالب باتخاذ إجراءات وبين الاتحاد الأوروبي الذي يضغط هو الآخر بالمساعدات والقروض المالية وغيرها، والضحية بالتالي هم المهاجرون الذين يتعرضون للغرق بشكل يومي".

وأكدت الزموري أنه "يجب أن يتم اعتماد مقاربة شاملة حقوقية وإنسانية للمهاجرين وأن تحسم تونس موقفها مع الاتحاد الأوروبي برفض تحويلها إلى حارس حدود لأنها في النهاية بلد عبور، وعلى الاتحاد إيجاد حل للمهاجرين الذين أصبحوا قنبلة بوجهه بعد سنوات من الاستعمال والاستغلال للبلدان الأفريقية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير