Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شهية إيران الدبلوماسية "مفتوحة" على المغرب

مراقبون عن طلب طهران تطبيع العلاقات مع الرباط والقاهرة: محاولة لإنهاء عزلتها

الملك محمد السادس في حديث مع الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي عام 2003 (أ ف ب)

ملخص

وزير الخارجية الإيراني يأمل في تطبيع العلاقات مع المغرب ومصر لكن الرباط تنتظر تغيراً في ملفي البوليساريو والتشيع قبل إعادة العلاقات الدبلوماسية.

رفعت إيران سقف طموحاتها بتوسيع دائرة "مصالحاتها الدبلوماسية" لتشمل بلداناً عربية أخرى، بعد أن جرى التقارب السياسي في الفترة الأخيرة بينها وبين السعودية، خصوصاً مع المغرب ومصر.

مطمح أعلن عنه بجلاء قبل أيام قليلة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، عندما تحدث عن أن طهران تؤيد فكرة تطبيع وتطوير العلاقات الثنائية مع كل من الرباط والقاهرة.

وفي الوقت الذي لم يرد فيه المغرب رسمياً على تصريحات رئيس الدبلوماسية الإيرانية، يرى مراقبون أن "هذه التصريحات رسالة موجهة إلى الرباط لاستشعار مدى تفاعلها مع إبراز حسن النية الإيرانية هذه، غير أنها حسن نية تتطلب أفعالاً على أرض الواقع".

بين النوايا والأفعال

قبل أيام، تمسك وزير الخارجية الإيراني، في لقاء جمعه بسفراء الدول الإسلامية لدى طهران، بأن "تحسين العلاقات مع الدول المجاورة والمسلمة يعد من الأولويات الدبلوماسية لحكومة بلاده الحالية".

وبعد أن أبدى عبداللهيان سعادته "بإعادة العلاقات بين السعودية وإيران إلى مجراها الطبيعي عبر المفاوضات والقنوات الدبلوماسية"، أعرب عن أمله أيضاً في تطوير وتطبيع العلاقات مع الدول الأخرى في المنطقة والعالم الإسلامي، بما في ذلك مصر والمغرب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مصدر دبلوماسي مقرب من ملف العلاقات المغربية الإيرانية طلب عدم الكشف عن هويته لعدم تخويله الحديث إلى الإعلام، علق على هذا الأمر بالقول إن "النوايا والتصريحات شيء والتطبيق العملي شيء آخر".

وقال المصدر ذاته إن قطع المغرب علاقاته مع إيران عام 2018 كان له مسوغات سياسية منطقية وقوية لا يمكن تغافلها، أبرزها دعم ميليشيات "حزب الله" اللبناني المدعوم من طهران جبهة البوليساريو المعادية للوحدة الترابية للمغرب.

وتبعاً للمتحدث عينه فإنه "ما دام هذا المعطى قائماً ولم تتراجع طهران عن التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب، وعن دعم وتسليح جبهة البوليساريو بطريقة أو بأخرى، فإنه لا يمكن منطقياً الحديث عن مصالحة دبلوماسية محتملة".

في المقابل سبق للخارجية الإيرانية أن نفت رسمياً في مايو (أيار) 2018 اتهامات المغرب لها بتسهيل عمليات إرسال أسلحة إلى جبهة البوليساريو، عقب قرار قطع الرباط علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، موردة أنه "من أهم مبادئ السياسة الخارجية لإيران احترام سيادة الدول وأمنها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".

وكان المغرب قرر قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران بعد اتهامه ميليشيات حزب الله اللبناني المدعومة من طهران بتقديم دعم مالي ولوجيستي وعسكري إلى جبهة البوليساريو المطالبة بانفصال الصحراء عن السيادة المغربية، وهو ما اعتبرته الرباط "تهديداً خطراً لأمن البلاد القومي".

من دون أفق

ويقرأ المتخصص في الشأن الإيراني أحمد موسى هذا المستجد بقوله إن التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية الإيراني يأتي في إطار جهود ومساعي طهران الرامية إلى رأب الصدع مع مجموعة من الدول العربية، لا سيما بعد نجاحها في إعادة علاقاتها الدبلوماسية مع السعودية، وتمتين علاقاتها مع الإمارات العربية المتحدة.

واستطرد موسى قائلاً "مثل هذا التصريح الدبلوماسي متوقع جداً من وزير خارجية إيران وهو يستقبل سفراء الدول الإسلامية المعتمدين في بلاده، كما ينسجم مع الدينامية التي شهدها الملف السوري على مستوى الجامعة العربية واستعادة دمشق مقعدها الرسمي فيها، بعد مبادرة قادتها السعودية".

ورأى أن "هذا التصريح يمكن أن يكون أيضاً رسالة إلى المغرب من أجل استشعار مدى تفاعل الرباط مع إبراز حسن النية هذه، خصوصاً بعد مرور خمس سنوات على قطع العلاقات مع إيران".

وأوضح أن طهران تدرك تمام الإدراك الأسباب التي أدت إلى قطع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إيران، كما أنها باتت تعرف الرباط في محطات سابقة كثيرة، وتعي تماماً الشروط التي حددتها لعودة العلاقات، وعلى رأسها عدم التدخل في شؤون المغرب الداخلية والنأي بالنفس عن ملف الصحراء المغربية، والكف عن دعم البوليساريو.

ووفق المتحدث فإن إيران تناقض نفسها حين تطمح إلى استئناف المغرب علاقاته معها، وهي التي ما فتئت، في منابرها الإعلامية الرسمية وغير الرسمية، تتهم الرباط بالاستقواء بإسرائيل ونسج علاقات قوية مع "الغدة السرطانية" بحسب وصف طهران.

وخلص موسى إلى أنه "لا أفق يبدو واضحاً لهذا التصريح، ولا تفاعل إيجاباً يمكن أن ينتظر منه بالنسبة إلى مغرب بات يقيم علاقته بالدول الأخرى بمنظار الصحراء المغربية، وينتظر تغيير السياسات والأفعال وليس الإدلاء بالأقوال والتصريحات"، وفق تعبيره.

إيران تستوعب

من جهته قال المتخصص في الشأن المغربي إدريس الكنبوري إنه "منذ استئناف العلاقات بين إيران والسعودية، مارس (آذار) الماضي عبر وساطة الصين، أصبحت طهران تخطب ود العواصم العربية الأخرى التي حصلت معها أزمة سياسية أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية ومنها المغرب".

ونبه الكنبوري إلى أن إيران تسعى إلى الخروج من عزلتها في المحيط العربي، بخاصة في ظل التحولات العالمية الجديدة التي ترتكز على الأحلاف بين روسيا والصين من جهة وأوروبا وأميركا من جهة ثانية، وفي هذا الإطار يمكن فهم وساطة بكين.

واتفق الكنبوري مع موسى بقوله "إيران تفهم شروط المغرب لاستئناف العلاقات، لأن القطيعة حصلت بسبب تدخل طهران في قضية الصحراء، وأي عودة للعلاقات سيترتب عنها إعادة نظر إيران في سياستها في منطقة المغرب العربي بشكل عام وليس تجاه المغرب فقط، باعتبار أن لقضية الصحراء تداعيات إقليمية".

وتابع "إيران مطالبة بإعادة النظر في سياستها الإقليمية في المنطقة وتحديد سقف علاقاتها مع الجزائر، خصوصاً في ظل الأزمة الحالية بين الجزائر والمغرب"، مضيفاً أنه "إذا كان وزير الخارجية الإيراني أعلن رغبة بلاده في عودة العلاقات في هذا الوقت بالذات، فهذا معناه أن طهران أصبحت تدرك خطأ سياساتها السابقة".

ولفت الكنبوري إلى نقطة أخرى تتعلق بملف "التشيع المعقد"، لأن إيران لا تزال تتعامل معه بنظرة قديمة، "بينما اليوم نحن أمام تحولات دينية في البلدان السنية، فهناك حرص على ضبط المشهد الديني، والدولة أصبحت تتعامل مع الشأن الديني منذ عقدين من الزمن باعتباره يهم الدولة ومؤسساتها، مما يعني أن أي تدخل فيه يعني صداماً مع الدولة".

المزيد من تقارير