Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عنف المستوطنين يوسع الشرخ الإسرائيلي ويعمق الأزمة مع واشنطن

تحذيرات من تداعيات الاعتداءات على الفلسطينيين وخلافات بين الحكومة والأجهزة الأمنية ومراقبون يخشون حرباً أهلية

فلسطينيون ونشطاء إسرائيل من اليسار يحتجون على إخلاء منزل أسرة فلسطينية (أ ف ب)

ملخص

مراقبون إسرائيليون ينتقدون صمت التيار الليبرالي عن عنف المستوطنين ويحذرون من تحول البلاد إلى فوضى عارمة.

رفض وزير الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية إيتمار بن غفير التجاوب مع مطلب المؤسسة الأمنية بوضع حد لاعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وإثارة الفوضى، من خلال فرض القانون وعدم عرقلة نشاط الأجهزة الأمنية.

وأعلن بن غفير رفضه تقريراً لأجهزة الأمن يعكس موقفها الرافض لأعمال المستوطنين وجرائمهم بحق الفلسطينيين من دون قدرتها على السيطرة، في وقت يحظى المستوطنون بدعم واسع من المؤسسة السياسية، مما أظهر شرخاً جديداً بين المؤسستين.

ويحذر أمنيون من أن تؤدي سياسة الحكومة المتمثلة في ابن غفير إلى تعميق الأزمة أيضاً تجاه الولايات المتحدة بعد أن عبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن قلق واشنطن من اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، "مما أثر بشكل مباشر في المواطنين الأميركيين (فلسطينيون - أميركيون) في الضفة الغربية، وذلك خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الإسرائيلي إيلي كوهين.

وبحث الوزيران ضمن أمور أخرى البناء الاستيطاني واعتداءات المستوطنين الخطرة والمستمرة تجاه بلدات فلسطينية كاملة، بالتركيز على ترمسعيا التي شهدت أكثر الاعتداءات بحق بيوت يسكنها فلسطينيون يحملون الجنسية الأميركية.

وذكر الوزير كوهين أنه دان أمام نظيره الأميركي "تلك الحوادث التي يطبق فيها المواطنون القانون بأيديهم، وستتخذ الحكومة جميع الوسائل الضرورية لمنعها".

أمنيون في مواجهة الحكومة

وتتواصل الخلافات بين قادة الأجهزة الأمنية والحكومة الإسرائيلية حول سياسة الأخيرة تجاه المستوطنين ومنحهم مساحة واسعة لتجاوز القانون والانفلات تجاه الفلسطينيين، وذكر مسؤولون أمنيون أن الحكومة تمتنع من تعزيز القوات العسكرية في الضفة كما ترفض إخلاء بؤر استيطانية جديدة ولا تدعم أجهزة الأمن.

وفي تقرير يحذر من استمرار الوضع الحالي، اتهم جهاز الأمن الإسرائيلي الحكومة بتخريب جهوده ونشاطه لمواجهة ما سماها "الجريمة القومية المتطرفة" من جانب مستوطنين تجاه فلسطينيين في الضفة الغربية، "مما أفقد الجيش و’شاباك‘ السيطرة والقدرة على العمل أمام المستوطنين الذين يعملون كما يريدون بتشجيع من وزراء الحكومة وأعضاء الكنيست في الائتلاف"، وفق التقرير.

وبحسب ما يقول المسؤولون في جهاز الأمن فإن "الحكومة تطلب منهم الوقوف جانباً وعدم التدخل لإخلاء المستوطنين أو تنفيذ القانون حول إدخال معدات لمساعدة المستوطنين في بناء البؤر الاستيطانية".

وعلق مسؤول كبير في جهاز الأمن على سياسة الحكومة بالقول إن "هؤلاء ليسوا حفنة أو أعشاباً ضارة، والحديث هنا يدور عن المئات وهذا آخذ في الاتساع ليصبح تياراً عاماً، وفي السابق كان هؤلاء عشرات يصلون في الظلام، والآن باتوا ينفذون اعتداءاتهم في وضح النهار وعلناً بدعم من أعضاء كنيست ووزراء".

وأضاف المسؤول الأمني أنه "إذا كان وزير الأمن القومي يدعو المستوطنين إلى الهرع للتلال، فماذا ننتظر أن يحدث بعد ذلك؟".

إرهاب وطني

وخلافاً لدعم الحكومة والمؤسسة السياسية الإسرائيلية برمتها للمستوطنين وهجماتهم ضد الفلسطينيين، فإن القيادة العسكرية تجاوزت مسألة طرح الخلاف مع الحكومة في هذا الملف إلى حد وصف رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي ورئيس "شاباك" رونين بار والمفتش العام للشرطة كوبي شبتاي، اعتداءات المستوطنين بـ "الإرهاب الوطني".

وفي بيان وقع عليه الثلاثة أعلنوا أنهم "ملزمون بمحاربة أعمال الشغب من جانب المستوطنين"، ودعوا قادة المستوطنين إلى الإدانة العلنية لتلك الأعمال والوقوف إلى جانبهم لمواجهتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهته رد رئيس مجلس "يشاع" للمستوطنين شلومو نئمان بموقف أعلن خلاله أنه "علينا الآن أن نتخذ خطوة سياسية استراتيجية تهزم الرفض الفلسطيني وتصد كل تفكير بالقدرة على المساس بنا".

وتجاهل نئمان الدعوات إلى منع جرائم المستوطنين، واعتبر أن ما يصدر عنهم هو "رد على العمليات التي ينفذها الفلسطينيون والذي يجب أن يتضمن أيضاً فرض السيادة على مناطق أوسع للفلسطينيين بينها غور الأردن وشمال البحر الميت".

صوت المحتجين

وفي سياق الاحتجاج على جرائم المستوطنين بحق الفلسطينيين، اعتبرت جهات إسرائيلية انفلات المستوطنين في الضفة الخطر الأكبر على الديمقراطية في إسرائيل.

ويرى المتخصص في الشأن السياسي سيفر بلوتسكر أنه على ضوء انفلات المستوطنين وما يتعرض له الفلسطينيون من هجمات واعتداءات، فقد "باتت هناك حاجة إلى نقل الاحتجاجات التي تشهدها تل أبيب إلى خلف الخط الأخضر، وإنهاء الصمت الذي يسيطر على المعسكر الليبرالي عن أعمال المستوطنين".

وانتقد بلوتسكر عدم إطلاق أية صرخة في التظاهرات الأخيرة التي أقيمت في ذروة اعتداءات المستوطنين، وقال "لم يكن للمتحدثين في التظاهرة ما يقولونه، أو أنه كان لهم ولكن لأسباب تكتيكية فضلوا أن يملأوا أفواههم بالماء، وهذا سلوك غير أخلاقي وغير رسمي، فإذا كان الجمهور الذي يسمي نفسه ليبرالياً لا يقف قريباً وبكل قوته في وجه الشغب الذي يقوم به المستوطنون ضد السكان الفلسطينيين، فيتعين علينا جميعاً أن نسلم بوجود كيان يهودي متزمت متطرف وخارق للقانون".

ورفض سيفر الادعاءات بأن أعمال المستوطنين هي رد على العمليات التي ينفذها الفلسطينيون، وبرأيه فإن "الديموغرافيا أو خيبة الأمل الديموغرافية هي التي تدفع بمثل هذه الأعمال ضد الفلسطينيين".

وأسند موقفه هذا بمقارنة المعطيات بين فترتين، الأولى تمتد من عام 2008 وحتى 2017 والثانية من عام 2018 وحتى نهاية 2021، وخلال الفترة الأولى، وبحسب معطيات الإحصاء المركزي، ارتفع عدد المستوطنين بوتيرة كبيرة وصلت حتى 4.5 في المئة، وعلى مدى تسعة أعوام ارتفع عدد المستوطنين إلى 130 ألفاً.

وخلال الفترة الثانية ومن بداية عام 2018 تباطأت الوتيرة السنوية لنمو المستوطنين إلى أقل من ثلاثة في المئة، بل شهدت المستوطنات ظاهرة هجرة مستمرة وواسعة منها، ويقول سيفر إن "المستوطنين في الضفة غير معتادين على ترك المستوطنات بهذه الوتيرة العالية، فهذا أمر مقلق ومخيف ومؤشر إلى كونها فقاعة استيطانية يكاد لا يكون لها اتصال بإسرائيل وراء الخط الأخضر"، بحسب سيفر الذي يضيف أنه "إزاء وضع كهذا يعتقد المستوطنون في الضفة أنه يمكن إعادة الشعور الذي انتابهم بعد الهجرة الواسعة للمستوطنات وخصوصاً الأمن والديموغرافية، بالاعتداءات على الفلسطينيين".

ويرى سيفر أن التنديدات العلنية من رؤساء جهاز الأمن والاعتقالات لا تؤثر فيهم، "وتظاهرة يشارك فيها عشرات آلاف الإسرائيليين كفيلة بالفعل أن تؤثر وأن تلجم أو في الأقل أن تزرع الشك، وإذا واصل الاحتجاج الديمقراطي تجاهل أعمال الشغب ومنفذيها فستنمو في المستوطنات ميليشيات وحشية وأيديولوجية ستمثل قنبلة موقوتة".

وصمة عار

أما الكاتب والناقد الإسرائيلي روغل الفر فأضاف تحذيراً آخر لليبراليين قائلاً إن "عنف المستوطنين سيمسّكم أيضاً"، مضيفاً "لا يوجد في إسرائيل أي احتجاج ضد الإرهاب اليهودي ولا توجد دعوات إلى عصيان مدني، ولا توجد قوة كابلان (منطقة في تل أبيب تجري فيها الاحتجاجات الأسبوعية)، والعنف اليومي للمستوطنين بمثابة وصمة عار على جبين المجتمع الإسرائيلي".

وانتقد الفر أيضاً قيادة أجهزة الأمن التي تعفي نفسها من المسؤولية قائلاً إن "العار لحق بكل المجتمع لأن ملايين المواطنين المتنورين فيه والذين يعارضون الإرهاب ويتشاركون في الرأي مع رئيس الأركان ورئيس ’شاباك‘ والمفتش العام للشرطة، بأن هذا الإرهاب يناقض كل قيمة أخلاقية يهودية، لا يحركون ساكناً من أجل التشويش على أداء الدولة وإجبار الحكومة على وضع حد له".

وحذر الفر من تداعيات الوضع الذي آلت إليه إسرائيل قائلاً "لقد تدهورت إلى حال فوضى لا توجد لها حدود معروفة، فنصف مليون من مواطنيها يعيشون في مستوطنات محاطة بجدران وغير شرعية وفق القانون الدولي، وقد تفككت إلى قبائل لا تتفق على جوهر القانون، والفاشيون يسمون المحتجين ضد الديكتاتورية بالفوضويين، مما يدل على أنه في هذه الأثناء لا يوجد في إسرائيل حوار أو قانون واحد أو أخلاق واحدة، وفي ظل غيابها فإن الصراعات الداخلية الوطنية يتم حسمها على الغالب بحرب أهلية".

المزيد من متابعات