ملخص
أرقام الاقتصاد الكلي تشير إلى تجدد رغبة المستثمرين في المخاطرة
من الصعب أن تظل مبتهجاً مع تراجع الأوضاع الاقتصادية وارتداد الأسهم مع التقلبات التي تسبب الضربات ومع بقاء التضخم أكثر ثباتاً، ولكن لا يزال هناك أمل للأسواق حتى الآن، إذ يقول بعض الاقتصاديين إن هذه الظروف القاسية تخلق فرصاً جديدة مع بعض المخاطر للمستثمرين.
ما يحدث هو أن الاقتصاد العالمي في حال تغير مستمر، ولا تزال سوق العمل مرنة بشكل لافت للنظر، لكن المؤشرات الاقتصادية الأخرى مثل الإنفاق والتصنيع آخذة في التراجع، والفوضى في روسيا لديها القدرة على إحداث ارتفاع آخر في التضخم إذا تعطلت صادراتها الهائلة من السلع الأساسية.
في وقت سابق بدا أن البنوك المركزية تتوقف موقتاً أو تعمل على إنهاء نظامها الذي يمتد لعام من الزيادات المؤلمة في أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، لكن صناع السياسة غيروا تصريحاتهم أخيراً وحذروا المستثمرين من أن "مزيداً من الألم قادم".
في غضون ذلك تمكنت الأسهم الأميركية من الانسحاب من سوقها الهابطة الأخيرة إلى منطقة الصعود، وأنهت الأسواق الأسبوع الماضي على انخفاض كبير، محطمة موجة مكاسب استمرت أسابيع عدة، ومع ذلك لا يزال هناك سبب وجيه يجعل المستثمرين متفائلين، كما يقول رئيس أبحاث الاستثمار العالمي في "فوتسي راسل" إندراني دي، لافتاً إلى أن إشارات الاقتصاد الكلي تشير إلى تجدد الرغبة في المخاطرة.
السوق تركز على الفائدة قصيرة الأجل
وقال إندراني إن "التضخم لا يزال مرتفعاً ولكن هذا هو المسار المهم، ومن الواضح أن هذا المسار يتجه نحو خفض التضخم، تمر البلدان المختلفة حول العالم بنقاط مختلفة في رحلات التضخم، مما يعني أننا في مرحلة يوجد فيها قدر كبير من التشتت بين فئات الأصول وبين البلدان المختلفة، وهذا يزيد من الحاجة إلى الانتقائية من جانب المستثمرين".
الأمر الثاني كما يراه إندراني "أن النمو الاقتصادي المرن في الولايات المتحدة أدى إلى توقعات أعلى للأرباح. إذ كان أداء الأسهم جيداً بشكل خاص منذ انخفاض الدولار الأميركي من أعلى مستوياته الأخيرة في الربع الأخير من عام 2022"، مشيراً إلى أن "الدولار الضعيف جيد حقاً للأصول الخطرة، وجيد لأسهم الشركات الكبيرة".
وتميل السوق إلى التركيز في أسعار الفائدة قصيرة الأجل، ولكن ما يهم حقاً بالنسبة إلى الأسهم وأصول المخاطرة الأخرى هو عائد الخزانة لمدة 10 سنوات الأطول، إذ بلغ هذا المعدل ذروته في الجزء الأول من عام 2022 وانخفض منذ ذلك الحين قليلاً واستقر.
وفي ما يتعلق بتأثير الذكاء الاصطناعي في الأسواق قال إندراني إن "هناك أملاً حقيقياً في أن الذكاء الاصطناعي قد يجعل العالم في خضم ترقية هيكلية لآفاق النمو الاقتصادي. وقد يكون هذا مثل التسعينيات عندما أدت أسهم الإنترنت إلى نمو في قطاع التكنولوجيا ولكن بعد ذلك كان لها تداعيات على الاقتصاد بأكمله".
وأضاف "في التسعينيات كنا نقول إن شركات الإنترنت هي الأفضل لأنه كانت هناك بعض الشركات التي استفادت من الطفرة، تدريجاً أسقطنا الشركات وبدأنا نقول الإنترنت لأن كل شركة وكل قطاع وكل شخص شعر بتحسنه عبر الاقتصاد. سيبدأ الذكاء الاصطناعي بشكل ضيق مع استفادة بعض الشركات، لكنني أتوقع أن يصبح هذا المفهوم الكامل للذكاء الاصطناعي شيئاً يمكن للجميع الوصول إليه. يمكن للجميع استخدام تقنياته لإجراء تحسينات في اقتصاداتهم، هذا هو المكان الذي يأتي فيه التوسع، لكننا ما زلنا في المراحل الأولى الآن".
تشاؤم في شأن قطاع السلع الاستهلاكية
يعتقد إندراني أن "هناك شعوراً بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يمنح الخطوة التالية في الإنتاجية، والإنتاجية بدورها تؤدي إلى النمو الاقتصادي، ومع ذلك إذا لم يتسع الارتفاع إلى ما بعد الذكاء الاصطناعي وظلت هذه النشوة مركزة فقط على التكنولوجيا، فإن ذلك يكون أكثر خطورة بكثير لأنه في النهاية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحول مدى القلق على استمرار الأسواق في المستقبل، قال إندراني "لا أريد التقليل من الأخطار المتبقية، قد تكون التقييمات تجاوزت آفاق تحسين النمو. هناك بالتأكيد أخطار أخرى في الاقتصاد، مثل التصنيع الذي يتباطأ والتشديد في معايير الإقراض المصرفي. إنها صورة مختلطة على الجبهة الكلية، ولكن هناك علامات على التفاؤل وهذا هو السبب في أننا نرى أسواق الأسهم الأميركية ترتفع إلى أعلى".
يلفت إندراني إلى أن الربع الثالث والنصف الثاني من عام 2023 سيبدأ جدياً الأسبوع المقبل، وعلينا أن نقدر الخسائر العنيفة والتحديات التي تواجه أسواق الأسهم في الوقت الحالي، ولكن من الصعب التنبؤ بالضبط بكيفية أداء الأسواق.
ومع ذلك فإن هذا لا يمنع المحللين وحتى الشركات نفسها من اتخاذ خطوة في التكهن، وبشكل عام هناك 10981 تقييماً للمحللين على الأسهم في مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بين هذه التصنيفات، 54.8 في المئة تقييمات شراء، و39.6 في المئة تصنيفات معلقة، و5.6 في المئة تقييمات بيع.
وبحسب القطاع يكون المحللون أكثر تفاؤلاً في شأن قطاعات الطاقة وخدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهذا أمر منطقي لأن أسهم التكنولوجيا والطاقة كانت إلى حد كبير تدفع الأسواق إلى الأعلى خلال الأسابيع القليلة الماضية، إذ استفادت التكنولوجيا بشكل كبير من طفرة الذكاء الاصطناعي وعلى رغم انخفاض أسعار الطاقة في الأشهر الأخيرة، إلا أن الفوضى الجيوسياسية كانت نعمة لشركات النفط والغاز.
لكن المحللين اليوم أكثر تشاؤماً في شأن قطاع السلع الاستهلاكية، إذ تراجعت مبيعات التجزئة أخيراً مع انخفاض القوة الشرائية للمستهلكين الأميركيين عن مستويات عصر الوباء وتراجع الاقتصاد.