ملخص
عدد المواقع الصالحة للسباحة في لبنان يتراجع عاماً بعد عام
في مدينة الميناء شمال لبنان، يمتد الكورنيش على طول 7 كيلومترات، ويمتهن السكان صيد السمك خلال أشهر السنة، وكذلك هواية السباحة التي تشكل جزءاً من هويتهم. خلال السنوات القليلة الماضية، ارتفعت أصوات الشكوى من صب مياه المجارير في أكثر من نقطة على شاطئ البحر. لذلك، تعيش شريحة كبيرة من المواطنين حالة من الحذر قبل النزول إلى البحر، وممارسة هواية السباحة. حيث فضلوا الانتظار إلى موعد "افتتاح موسم السباحة في محمية جزر النخيل- الأرانب" في 23 يونيو (حزيران) الجاري نظراً لنظافة شاطئها، ونقاء مائها. فيما، باتت الجزر المحيطة وجهة لمحبي الصيد، حيث يروي الشاب عبد "انتقل الرفاق من الصيد عند الشاطئ إلى جزيرة طوروس، وهي جزيرة صغيرة في الميناء، من أجل صيد الأسماك بالصنارة"، مشيراً إلى مزايا عدة، حيث يلتقط أسماك نظيفة، بعيداً من الضجيج، أو النفايات الصلبة".
في الموازاة، تزداد الحاجة إلى مسابح عمومية نظيفة في ظل غلاء رسوم المنتجعات السياحية الخاصة في لبنان، التي حددت رسوم الدخول إليها بالدولار الأميركي حصراً. حيث يظهر مسح لمجموعة منها، أن التسعيرة تتراوح بين 100 و280 دولاراً أميركياً لليلة الواحدة، فيما يتراوح رسم الدخول إلى المسبح بين 8 و35 دولاراً للشخص الواحد.
المسح السنوي
تتشابه المشكلات التي يعانيها الشاطئ اللبناني من العريضة في أقصى الشمال إلى رأس الناقورة في الجنوب. وأظهر المسح السنوي الذي يتولاه المجلس الوطني للبحوث العلمية، والمركز الوطني لعلوم البحار أن 22 موقعاً من أصل 37 موقعاً حالته جيدة، وينصح بالسباحة فيها نظراً لتدني التلوث البكتيري والعضوي.
يوضح المسؤول في المركز الوطني لعلوم البحار ميلاد فخري أن "تقوم المختبرات التابعة للمركز بأخذ العينات بصورة متكررة، وشهرياً"، موضحاً أن النقاط منتشرة على طول الساحل اللبناني، وهي تتواجد في نقاط ثابتة، ومحددة جغرافياً. وتساعد تلك الاختبارات في معرفة الحالة التي عليها الشاطئ، وينوه فخري إلى أن هناك الكثير من النقاط النظيفة، والأخرى الملوثة، لافتاً إلى أن "المناطق الملوثة بمجملها تتعرض لمياه الصرف الصحي".
مناطق صالحة
نصحت الدراسة بالاستفادة من الشواطئ ذات نسب التلوث المتدنية، وهي صالحة للسباحة. نذكر منها شاطئ الصيادين قرب منطقة الملعب البلدي في طرابلس، وتحت الريح في أنفة، والحمى البترون، ومحمية صور الطبيعية.
كما توجد تسعة مواقع من أصل الـ37 متوسطة نسب التلوث البكتيري، وتتعرض للتلوث بشكل متقطع أو ظرفي. وأشهر تلك المواقع، بيروت عين المريسة بين مرفأ الصيادين الجديد والريفييرا، وشاطئ المطاعم في صور، وشاطئ الميناء مقابل جزيرة عبد الوهاب، الشاطئ الشعبي في صيدا.
كما حذرت الدراسة من السباحة في سنة مواقع بسبب تصنيفها "ملوثة إلى ملوثة جداً" بسبب وجود كميات كبيرة من البكتيريا، أعلى من المسموح بها. وعددت الدراسة المسبح الشعبي الرملي في جونية، والمسبح الشعبي في طرابلس، وضبية جانب المرفأ، والرملة البيضاء في بيروت، ومصب نهر انطلياس، والمنارة في بيروت.
أشارت الدراسة إلى تراجع المواقع الصالحة للسباحة بأمان في لبنان، ففي وقت بلغت 24 موقعاً في عام 2022، أصبحت 22 موقعاً في العام الجاري 2023. في المقابل، طمأنت إلى أن الأسماك المحلية التي تُصطاد بعيداً من مصبات الصرف الصحي، أو الصحي هي سليمة، غير ملوثة، وصالحة للاستهلاك بأمان. كما أن معدلات التركيز هي أقل من الحد الأقصى المسموح به دولياً.
وأظهرت الدراسات تلوث الكثير من الشواطئ بالنفايات الصلبة كالإطارات، والبلاستيك، والنايلون، وأعقاب السجائر، وغيرها. وتعكس هذه البقايا شكلاً من أشكال السلوك الفردي للمواطن اللبناني، وعدم اعتماد الأساليب المتطورة في تدوير النفايات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خطة لمعالجة مياه الصرف الصحي
يعد الصرف الصحي أحد أكبر مصادر التلوث، وبهدف الحد من أثره الشديد على الحياة البحرية، تتهيأ وزارة الطاقة، ووزارة البيئة بالتعاون مع الجهات الدولية المانحة لتشغيل 11 محطة لتكرير مياه الصرف الصحي في مناطق مختلفة من لبنان. وستقوم الحركة البيئية اللبنانية بالإشراف على ضمان شفافية المعلومات البيئية، وحسن سير المشروع الذي تشرف على تنفيذه اليونيسيف، وتمويل الاتحاد الأوروبي.
كما يشير المستشار في الحركة البيئية اللبنانية أيمن دندش إلى وجود أكثر من 80 محطة تكرير في المناطق اللبنانية جزء كبير منها متوقف، وقد انتقت وزارة الطاقة 11 محطة منها لتشغيلها تدريجاً بغية الحد من كمية الصرف الصحي الذي يصب في الأودية والبحر من دون تكريرها. كما ستبلغ قيمة المشروع 30 مليون يورو مقدمة من الجهات الدولية المانحة.
يلفت دندش "تسهم رقابة المجتمع المدني للمشاريع العامة في تعزيز المعرفة البيئية"، كما يشير إلى أن الحركة البيئية ستقوم بفحوص موازية لتلك التي ستتولاها الدولة للتأكد من حسن تنفيذ وتشغيل المشروع، وستقوم بالرصد، ومشاركة المعلومات مع الجمهور للوصول إلى الإدارة الرشيدة.
تتوزع المحطات المنوي تشغيلها في مختلف المناطق اللبنانية، في إيعات، وجب جنين، وحبوش، ويحمر، وزوطر، وكفرصير، وصور، بالإضافة إلى غزير، وشكا، والبترون، وطرابلس.
ينوه دندش إلى أن جزءاً كبيراً من المحطات واقعة على الخط الساحلي للبنان، ويشير إلى أن تنفيذ المشروع سيستغرق عامين، وهو "يشكل خطوة أولى من أجل تشغيل بقية المحطات المتوقفة عن العمل التي سيزداد الضغط عليها بفعل التزايد السكاني، مما يدفع إلى ضرورة توسيعها".