Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنفذ سلطات شرق ليبيا وعيدها بوقف تصدير النفط؟

محللون يتوقعون أن تتحرك أطراف دولية لمنع وقوع هزة جديدة في أسواق الطاقة المضطربة

منذ تصريح حكومة الشرق بتهديدها هذا بدأت التساؤلات حيال جديتها في اتخاذ الخطوة (أ ف ب)

ملخص

تطابقت دعوة سلطات الشرق الليبي لإدارة إيرادات النفط مع دعوى أميركية مماثلة أعلنت عنها واشنطن نهاية العام الماضي، فهل تستطيع الحكومة أن تنفذ تهديدها؟

عاد أطراف النزاع الليبي لاستخدام ورقة النفط في النزاع السياسي بينهم بعد عام من استقرار الصادرات لأول مرة منذ سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، ووسط حال من عدم الاضطراب تعيشها أسواق الطاقة الدولية منذ بداية النزاع الروسي - الأوكراني، بداية العام الماضي.

الأزمة الجديدة في قطاع الطاقة الليبي جاءت بعد تهديد الحكومة المكلفة من البرلمان في الشرق بإغلاق جديد للحقول والموانئ النفطية إذا لم يتم حجز الإيرادات المالية، ووقف تحويلها لحساب حكومة الوحدة في طرابلس.

ومنذ تصريح حكومة الشرق الليبي بتهديدها هذا بدأت التساؤلات في شأن جديتها في اتخاذ هذه الخطوة، وكيف ستنعكس إذا نفذت على المشهد الأمني قبل السياسي في البلاد، وهل يسمح المجتمع الدولي بإغلاق الحقول النفطية الليبية وسط سوق عالمية مضطربة لا تحتمل هزة جديدة لمنتج رئيس في البحر المتوسط.

أسباب الخطوة

الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، الذي تسلم مهامه بعد استقالة رئيس الحكومة السابق فتحي باشاغا، بررت في بيان، أمس السبت، أسباب مطالبتها باتخاذ إجراءات الحجز الإداري على أموال الإيرادات النفطية بأنه "يأتي من منطلق الشفافية وإطلاع الشعب الليبي على كل ما يمس حياته وأمنه واقتصاده".

وأشار البيان إلى أن "الحكومة تابعت، وفقاً للمعلومات الرقابية والمحاسبية، التعدي السافر على أموال الشعب الليبي من قبل الحكومة منتهية الولاية، وصرف المليارات بشكل مبالغ فيه وفي غير أوجه الصرف الضرورية التي تتطلبها الظروف التي تمر بها البلاد، بل استفحل الاعتداء على أموال الشعب الليبي ليطاول حتى الإيرادات النفطية التي تتكفل المؤسسة الوطنية للنفط بجبايتها وإيداعها بمصرف ليبيا الخارجي".

وخلصت إلى أنه "إذا استدعى الأمر فإن الحكومة الليبية سترفع الراية الحمراء وتمنع تدفق النفط والغاز وتصديرهما باللجوء إلى القضاء واستصدار أمر بإعلان القوة القاهرة لحين استكمال الإجراءات القانونية والمالية المتعلقة بالترتيبات المالية التي شكل مجلس النواب لجنة برئاسة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط لإعادة هيكلة ميزانيتها".

حكم قضائي

تلويح حكومة الشرق الليبي بوقف تصدير النفط جاء بعد أيام فقط من انتزاعها حكماً قضائياً يدعم مطالبها، إذ رفضت دائرة القضاء الإداري بمحكمة استئناف بنغازي، الأسبوع الماضي، الطعن المرفوع من المؤسسة الوطنية للنفط الذي قدمته أمام المحكمة بغرض إلغاء قرار وزير التخطيط والمالية ورئيس الحكومة الليبية أسامة حماد في شأن الحجز الإداري على إيرادات النفط وحسابات المؤسسة الوطنية للنفط.

وقالت الحكومة، في بيان بعد الحكم، إن "القضاء أنصف الحكومة الليبية مؤيداً صحة الإجراءات التي اتخذها وزير المالية بالحجز الإداري على أموال النفط في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث إن القانون رقم 152 لسنة 1970 في شأن الحجز الإداري يمكن الحكومة ممثلة في وزير التخطيط والمالية، من إيقاف استنزاف المال العام بشكل غير مبرر من حكومة الوحدة في طرابلس".

وأكد رئيس الحكومة أسامة حماد أن "الحكومة ستشرع فوراً في تعيين حارس قضائي على هذه الأموال، حتى تتمكن من حماية المال العام من النهب الممنهج والمستمر".

دعم لجنة الطاقة

بيان حكومة أسامة حماد والإجراءات التي هددت باتخاذها أيدتهما لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس النواب الليبي التي طالبت أكثر من مرة بتوزيع الثروات بشكل عادل في ليبيا، ومنع استحواذ طرف واحد عليها، لذلك كان متوقعاً أن تدعم بشكل كامل موقف الحكومة التابعة للبرلمان.

ولم يقف رئيس اللجنة عيسى العريبي عند دعم الحكومة ومطالبها، بل طالبها بـ"ضرورة توجيه وزارة التخطيط والمالية بالحكومة الليبية لاتخاذ جميع الإجراءات القانونية المتعلقة بالحجز الإداري على إيرادات النفط الليبي لعام 2022 وما بعده".

واعتبر العريبي أن "هذا الإجراء يأتي لمنع العبث بهذه الإيرادات وصرفها في غير الاتجاه والأصول الصحيحة التي تعود بالنفع على الشعب الليبي، وذلك بمراعاة أحكام القانون رقم (152) لسنة 1970، واستناداً إلى نص المادة الثامنة من الإعلان الدستوري التي أقرت مبدأ التوزيع العادل للثروة".

كما أكد رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية "دعمه خطوات الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب في الإجراءات المتخذة من أجل الوصول إلى توزيع عادل للثروة على أبناء الشعب الليبي كافة".

تهديد جدي

عضو مجلس النواب عصام الجهاني حذر من أن تهديد حكومة أسامة حماد يمكن أن ينفذ، وليس مجرد ورقة للضغط، خصوصاً أن البرلمان كان أقر تشكيل لجنة في وقت سابق معنية بإعادة توزيع الموارد النفطية، كما أن خطوة الحكومة تأتي ضمن المسار التصعيدي الضاغط لتشكيل حكومة جديدة والتوزيع العادل لعائدات النفط.

وأضاف الجهاني أن "الحكومة المكلفة تحدثت عن 16 مليار دولار جرى إيداعها لحكومة الوحدة الوطنية، مما يفسر الإجراء الذي اتخذته، والذي يمكن أن تتبعه خطوات تصعيدية أخرى".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على رغم أن الشارع الليبي تعود على التعامل بحذر مع مناكفات الأطراف السياسية الليبية في السنوات الماضية، خصوصاً في ما يتعلق بالنزاع على الثروات ومحاولة السيطرة على مصادر الطاقة، فإن الظروف التي صدرت فيها مطالبة الحكومة التابعة للبرلمان بالحجز على إيرادات النفط قد تجد داعمين كثراً لها، لأنها جاءت بعد أيام من بيانات صادرة عن الرقابة الإدارية كشفت عن ارتفاع مستوى الفساد في كل الوزارات والمؤسسات الليبية بشكل مرعب.

أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية جمال الشطشاط يرى أن "خطوة حكومة أسامة حماد يمكن أن تلقى آذاناً مصغية في شرق ليبيا أكثر من غربها، وربما تحصد مؤيدين حتى في الجنوب بسبب الشعور بالتهميش المالي، خصوصاً بعد الكوارث التي كشفت عنها تقارير ديوان المحاسبة والرقابة الإدارية".

وأضاف "لكنني أرى أن تنفيذ هذا التهديد وإغلاق حقول النفط يبقى محل شك بسبب التعطش الدولي للطاقة، والرعب الذي تعيشه الأسواق منذ بداية الحرب في أوكرانيا، والذي سيدفع قوى دولية وإقليمية إلى التحرك ومنع وقف صادرات ليبيا التي إذا تم تجميدها سترتفع أسعار الخام بشكل فوري، وهو ما لا يمكن السماح بحدوثه أبداً في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، وخصوصاً في أوروبا".

على هوى واشنطن

مع أن كثيراً من المراقبين للمشهد الليبي يرون أن أطرافاً دولية كثيرة ستمنع تجميد صادرات النفط الليبية، فإن مقترح تجميد الإيرادات يمكن أن يلقى دعم قوى دولية كبرى، خصوصاً الولايات المتحدة التي سبق أن قدمت مقترحاً مماثلاً للتحكم في الموارد النفطية.

ويطرح المقترح الأميركي، الذي أعلن عنه السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، العام الماضي، آلية لإدارة إيرادات النفط لمساعدة ليبيا خلال الأزمة السياسية التي تمر بها. وقال نورلاند إنها "تهدف إلى منع اتساع نطاق الأزمة لتشمل حرباً اقتصادية من شأنها أن تحرم الليبيين من الرواتب والسلع المدعومة والاستثمارات الحكومية وتؤثر في أسواق الطاقة العالمية".

وأضاف نورلاند "القضية هي توصل الحكومة إلى الطريقة المثلي لضمان استخدام ثروة ليبيا النفطية حيث يحتاج إليها الشعب، وعدم تحويلها لأغراض سياسية أو غير مناسبة"، موضحاً أن "الولايات المتحدة تقترح آلية قصيرة الأمد بطريقة أكثر تنظيماً وبإشراف مالي أكثر شفافية، إذ سيصدر الجميع بيانات في شأن الإيرادات والمصروفات بما يمكن من تفسير أي تناقض".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير