Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اتهامات التربح بالأراضي تحاصر سلطات كردستان

فجرها نائب سابق وقدر قيمة الهدر بمليارات الدولارات وهيئة الاستثمار تنفي الادعاءات

أراضي إقليم كردستان باتت محل اتهامات بإهدارها لصالح متنفذين (أ ف ب)

ملخص

نائب سابق أكد حصول نجل نوري المالكي ومقربين منه على أراض في أربيل تقدر قيمة الواحدة بنحو 700 ألف دولار ومنح قطعة لمطرب إيراني بـ 15 مليون دولار.

دخلت سلطات الحزبين التقليديين في إقليم كردستان مجدداً في معترك الاتهام بـ"هدر أراضي الدولة" تقدر بمئات الملايين من الدولارات عبر منحها لأشخاص يتمتعون بنفوذ سياسي أو لأقربائهم لإقامة مشاريع سكنية وتجارية، فيما نفت الجهات الحكومية المعنية تلك المزاعم مستندة إلى اتباع إجراءات أصولية وفق القوانين النافذة.

وجاءت التهم من قبل النائب السابق علي حمه صالح كاشفاً عن "معلومات جديدة وأخرى قديمة" تفيد بمنح قطع أراض واسعة في مواقع ذي "قيمة خيالية"، سواء لمسؤولين محليين أو لسياسيين عرب أو أبنائهم، بينهم متنفذون فضلاً عن فنانين تحت غطاء إقامة مشاريع استثمارية.

وينقسم الإقليم على منطقتي نفوذ وفق معادلة فرضها تنافس مترسخ بين الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني الذي يقود حكومة الإقليم ويتمركز ثقله في محافظتي أربيل ودهوك، وشريكه في الحكم حزب "الاتحاد الوطني" بزعامة بافل طالباني الذي يتمتع بنفوذ شبه مطلق في محافظة السليمانية ومناطق إدارية واسعة تتبعها.

هدر وتلاعب

وأعلن صالح في بيان أنه تعرض خلال اليومين الماضيين إلى موجة تهم بـ "الكذب والتلفيق" عبر حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي مدعومة من الحزبين وأعضائهما، ونشر ما وصفه بأنها "وثائق رسمية تثبت تلاعباً بالأراضي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات".

وجاء ذلك في أعقاب كشفه عن "حصول ابنة النائب السابق ورئيس الحزب الوطني العراقي السياسي مشعان الجبوري على أرض بمساحة 50 ألف متر مربع في موقع ممتاز قيمتها لا تقل عن 30 مليون دولار لإقامة أربعة أبراج سكنية".

وقال صالح إنه "لا يوجد فساد أكبر من شراكة الأحزاب والشركات في ملف الأراضي، وسأكشف الملفات واحداً تلو الآخر في كلا منطقتي نفوذ الحزبين".

واستطرد، "معلوم أن رخص إقامة المشاريع محصورة بالإدارة المشتركة والشركات المتنفذة والمؤسسات الحزبية، ففي بقعة قرب الشارع الستيني في السليمانية وحدها تم هدر أرض بقيمة مئات ملايين الدولارات، وفي ما يسمى المربع الذهبي في أربيل بقيمة 10 مليارات دولار".

ووفقاً لبيانات رسمية فإن هيئة الاستثمار في الإقليم منحت 89 رخصة في مختلف القطاعات خلال العام الماضي، في ارتفاع لعدد التراخيص بنسبة بلغت 15 في المئة عن عام 2021، ووافقت على 429 مشروعاً للعام الحالي، وأكدت تقديم تسهيلات من أجل رفع نسبة الاستثمارات ما بين 30 إلى 50 في المئة.

القضاء جهة الفصل

وفي المقابل نفت هيئة الاستثمار في الإقليم صحة الادعاءات وقالت في بيان إن "ما تداولته بعض مواقع التواصل الاجتماعي من إشاعات تفيد بمنح قطعة أرض لابنة مسؤول سابق بالدولة العراقية للاستثمار عارية عن الصحة"، كما صرح رئيس الهيئة محمد شكري لوسائل إعلام محلية بأن "ابنة الجبوري تعمل مع أربع فتيات أخريات في مجال الاستثمار والمقاولات، ولهن مشاريع في الإقليم وهذا محل ترحيب أن تعمل النساء في هذا المجال، لكن لم يتم منحها أية قطعة أرض، والشيء نفسه بالنسبة إلى نجل المالكي والمشروع الذي تحدثوا عنه ينجزه مستثمر كردي".

من جهته هدد الجبوري بإقامة دعوة قضائية ضد صالح قائلاً عبر تغريدة في "تويتر" إن "ما يدعيه صالح عار من الصحة، وأتحدى أي شخص أن يثبت بالأدلة القاطعة أني أو أحد أفراد عائلتي قد حصل على أرض من حكومة إقليم كردستان، وسأقيم دعوى قضائية على الشخص الذي نشر هذه المعلومات".

تسهيلات قانونية

وسبق أن طالبت أصوات معترضة بضرورة تعديل قانون الاستثمار في الإقليم رقم (4) لعام 2006 بسبب "مخالفته للدستور الاتحادي لما يقدمه من تسهيلات يتم بموجبها منح أراض بأسعار منخفضة، فضلاً عن إعطاء حق التمليك بمن فيهم الأجانب والإعفاء الضريبي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد مطالبته بتقديم إثباتات رسمية عاد صالح لينشر معلومات سبق أن كشفها تفيد "بحصول نجل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ومقربين منه على أراض في حي الوزراء بأربيل تقدر قيمة كل قطعة بنحو 700 ألف دولار، ناهيك عن منح قطعة لمطرب إيراني بقيمة 15 مليون دولار".

ونوه صالح إلى أن "اتخاذ مستثمر عربي واجهة لاستغلال أراض، إحداها تقدر بمليون متر مربع لإقامة مشروع سكني، لكنه تنصل من إنجازه وقام بتقسيم الأرض إلى قطع صغيرة ومن ثم باعها لاحقاً بقيمة تتجاوز 720 مليون دولار، إلى جانب استغلال أراض تقدر بمليارات الدولارات وتضم بحريات، بينما يعاني نصف سكان أربيل نقصاً في المياه، ونحن نعلم من هم ملاكها وهناك مثلها كثير".

الاستثمار واجهة للهدر

وتشمل مزاعم صالح ونواب آخرين محافظة السليمانية أيضاً في ملفات مماثلة "ومنها تحويل أراض زراعية إلى أكثر من 60 ألف قطعة أرض سكنية بداعي منحها لمستحقين من القوى العسكرية والأمنية، ثم تم بيعها لاحقاً، فضلاً عن الاستحواذ على أراض زراعية تعود لفلاحين في منطقة كلار في إطار إقامة مشاريع استثمارية وغيرها".

وتقول الأصوات المعترضة إن قيمة بعض الأراضي المستحوذ عليها تفوق المبلغ المطلوب لدفع لرواتب موظفي القطاع العام لشهر كامل، في حين تعاني الحكومة منذ عام 2014 أزمة مالية عجزت خلالها عن تأمين الرواتب.

وقال المزارع نوزاد محمد صالح إن "إحدى الأراضي في منطقة كرميان التي تتبع إدارة السليمانية والمشار إليها في مزاعم النائب صالح، مسجلة باسمنا منذ عام 1973، وهي مزروعة وفيها آبار ارتوازية، وقد استحوذت عليها السلطات لغرض إقامة المشاريع، ولا نزال ننتظر أن نحصل على تعويضات على رغم تبليغات رسمية تقدمنا بها إلى الجهات المعنية".

تضليل وازدواجية

وعلى النقيض هاجمت وسائل إعلام وصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي مقربة من حزب بارزاني النائب السابق علي صالح واتهمته بممارسة "التضليل من دون أن يقدم أدلة إثبات لمكان وتاريخ منح هذه الأراضي لمشعان والمالكي"، وهددت حسابات بمقاضاة "كل من يروج لهذه الأخبار الملفقة".

وذكر موقع "لابره" أن "منافسي الحزب الديمقراطي يصابون بحمى الانتخابات دائماً قبل أشهر من موعدها، وكل طرف يتبع أسلوباً معيناً لاختلاق التهم وبخاصة صالح الذي كان يحسب حساباً لكل صغيرة عندما كان منتمياً إلى حركة التغيير لحين وصوله إلى البرلمان، لكنه إلى الآن لم يحسب كم هي القيمة المالية للمقر الرئيس للحركة في السليمانية (112 دونماً)، وكيف يمكن أن يبنى بأموالها عدداً من المدارس والمستشفيات وغيرها".

وفي أواخر شهر مايو (أيار) الماضي تظاهر العشرات من مواطني السليمانية احتجاجاً على "استحواذ شركات تجارية على أراضيهم"، وأكدوا خلال مؤتمر صحافي أن "نحو 2000 قطعة أرض زراعية منحت لشركات تم بموجبها دفع تعويض لـ 1200 قطعة فقط من قبل وزارة البيشمركة (قوات عسكرية)".

وشددوا على أن "الشركات المعنية أقرت بأنها مدعومة من شخصيات متنفذة، ولم يسمح لنا بإيصال شكوانا إلى السيد بافل طالباني وشقيقه نائب رئيس الحكومة قوباد طالباني".

استثمار وهمي

وكان النائب دابان محمد اتهم في فبراير (شباط) الماضي "أشخاصاً متنفذين في الحكومة والحزب والسلك الأمني بالتورط في الاستحواذ على أراض زراعية بمنطقة كلار تتراوح قيمتها بين ثلاثة وأربعة دولارات، من دون أن يكون لذلك أي منفعة لسكان المنطقة"، موضحاً أن "قسماً من هذه الأراضي تم بيعها مباشرة أو إحالتها إلى مستثمرين وهميين، ولم يتركوا شبراً حتى الجداول ومسار الفيضانات وبساتين يفوق عمرها الـ 100 عام، وكانت حصة المستثمرين فيها 40 في المئة، فيما لا يعرف لمن ذهبت النسبة الباقية".

وضمن سلسلة اجتماعات يعقدها مع الإدارات المحلية للوقوف على العقبات التي تعترض إنجاز المشاريع، أعلن قوباد طالباني عقب لقائه مسؤولين في إدارة كرميان التابعة للسليمانية وضع خطة "لتعويض أصحاب الأراضي الزراعية في ناحية كلار ورزكاري الواقعة ضمن المشاريع الاستثمارية"، متوعداً "بمحاسبة كل مسؤول يرتكب أية مخالفة تجاه المواطنين أو المشاريع".

ويعتقد المتخصص في الشأن الكردي عثمان عبدالله أن "الاستثمار في قطاع الإسكان في الإقليم طغى على بقية القطاعات وتنامى فيه الفساد لسببين، الأول اتخاذه وسيلة لغسل الأموال والثاني استغلاله في نهب أراضي الدولة من أجل مصالح خاصة". وأردف، "معلوم أن الاستثمار مرتبط مباشرة بالمستثمرين وهؤلاء هم قلة في الإقليم، أما الذين بدأوا الاستثمار فإنهم ليسوا مستثمرين بل وسطاء هدفهم تحقيق أقصى الأرباح بشتى الطرق".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير