Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السودان يلجأ إلى الاستيراد بعد تدمير مصانع الخرطوم

صادرات مصر وإثيوبيا تعوض غياب السلع الغذائية ومطالبات بخلق أوعية تمويلية للقضاء على "تجار الأزمة"

الحرب أجبرت السودان على استيراد السلع الأساسية من مصر وإثيوبيا (اندبندنت عربية- حسن حامد)

ملخص

الدقيق والسكر والزيت من مصر والعصائر المعبأة من إثيوبيا.

مع اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الـ15 من أبريل (نيسان) الماضي تعطلت جميع المصانع العاملة في الخرطوم بسبب تعرضها للتدمير الكامل والجزئي، أو سلب المعدات وقطع الغيار وغيرها من المواد الخام وأدوات التشغيل المختلفة، مما أدى إلى فجوة في السلع الاستهلاكية المهمة مثل الدقيق والسكر والزيت والأخرى الأقل أهمية كالمشروبات الغازية ومياه الشرب المعبأة، نظراً إلى أن أكثر من 80 في المئة من إجمالي مصانع البلاد يقع في العاصمة.

هذه الفجوة جعلت عدداً من التجار السودانيين ينشطون في استيراد السلع المختلفة من دول الجوار، بخاصة مصر وإثيوبيا، فمن الأولى يستوردون المشروبات الغازية والمياه والدقيق والسكر والزيت والشاي والقهوة، بينما تأتي من الثانية العصائر المعبأة والمياه.

أسباب لوجستية

المحلل الاقتصادي طه حسين يقول إن "السلع ذات الطابع الاستهلاكي التي تأتي من دول الجوار كالقاهرة وأديس أبابا عبر المعابر الحدودية والتي كانت لها مصانع موجودة في السودان قبل الأزمة كمصانع المشروبات الغازية والمياه يجب أن يكون استيرادها وفقاً للبروتوكولات والاتفاقات الدولية، بخاصة المعبر المصري الذي يتم من خلاله تبادل تجاري كبير بمبالغ ضخمة، وهو أكبر معبر يتم التداول عبره للسودان والعكس لأسباب لوجستية، نظراً إلى سهولة الحركة بين البلدين في ظل ارتفاع كلفة الاستيراد عبر البحر من دول أخرى".

وأشار إلى أن "مصر تعد الدولة الأولى بالنسبة للسودان في التبادل التجاري بشكل عام والسوق المصرية مستفيدة من الصادر إلى السودان، حتى في حال استقراره بعد الأزمة لتغطية النقص السلعي لأن هناك مصانع دمرت بالكامل، بينما شكلت إثيوبيا سوقاً جديدة بعد هذه الحرب، لكنها شحيحة، فضلاً عن اعتمادها بصورة كبيرة على التهريب وليس التبادل التجاري المنتظم".

وأضاف أن "كلفة إنتاج هذه السلع في مصر أقل منها في السودان لذلك يمنع استيرادها من الخارج لأنها سلع موطنة محلياً، لكن بسبب الأزمة سُمح بدخولها وهي ليست بكميات كبيرة ولن تؤثر في اقتصاد كامل"، موضحاً أن "مصر لديها سلع عدة ممنوعة من التصدير لأسباب متعلقة بالاكتفاء الذاتي والأمن الاقتصادي مثل السكر والدقيق والزيت، لكنها سمحت بتصديرها إلى السودان بسبب هذه الحرب التي عطلت القطاع الصناعي بأكمله".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت إلى أن "التصنيع في البلاد منذ البداية لم يكن مؤثراً بحجم كبير في الاقتصاد السوداني، فهو لا يتجاوز الخمسة في المئة، والسودان معروف بأنه دولة زراعية في المقام الأول ويعتمد على عنصرين هما الذهب والسلع النقدية كالقطن والفول والسمسم وغيرها، وليس لدينا صادر من الصناعة لأن معظم الإنتاج ضعيف جداً من ناحية الكمية والجودة".

ونبه المحلل الاقتصادي إلى ضرورة العمل على خلق أوعية تمويلية لاستيراد الأغذية الاستهلاكية على المدى القريب، وإلا ستحدث مشكلة كبيرة في هذا الخصوص، منوهاً بضرورة إيجاد أدوات لخفض الأسعار والقضاء على تجار الأزمة من خلال تولي شركات استيراد حكومية لاستجلاب تلك السلع يكون هدفها غير ربحي على أن تستفيد من إعفاءات جمركية.

خطة اقتصادية

في السياق أفاد الباحث الاقتصادي هيثم محمد فتحي بأن "الحرب تسببت في توقف الحياة في الخرطوم وتأثرت كل القطاعات الاقتصادية بشكل مباشر لأن حجم الدمار طاول كل شيء، بخاصة قطاع الصناعة الذي تعطل تماماً، لكن بقية ولايات البلاد لم تتأثر إلا بقليل من المناوشات وتعتبر مستقرة ولديها تجارة حدودية مع دول الجوار".

وعن الحلول المطروحة لعودة النشاط الاقتصادي أوضح فتحي أن "السودان يشهد في الأساس نشاطاً اقتصادياً محدوداً يمكن أن يعود من خلال خطة اقتصادية باعتماد شركات تجارية في القطاع الخاص. وهناك كثير من المنتجات يتم استجلابها من دول الجوار بكلفة عالية، لذلك يمكن تشغيل المصانع في الولايات الآمنة بالطاقة الإنتاجية القصوى على أن تغذي المناطق التي تأثرت بالحرب ومنها ولاية الخرطوم".

وبين الباحث الاقتصادي أن "كثيراً من الشركات المصرفية والتجارية والخدمية ودواوين الحكومة التي تعنى بالصادر والوارد تمارس عملها خارج العاصمة وتتعامل عبر الإنترنت والتطبيقات الإلكترونية ووسائل الدفع الحديثة، كما أن هناك فرصاً فتحت يمكن الاستفادة منها في الولايات التي بها إمكانات كبيرة لتعويض الأسواق التي فقدت في الخرطوم".

عواقب وخيمة

وكان الأمين العام السابق لاتحاد الغرف الصناعية عبدالرحمن عباس ذكر بأن "حجم الدمار الذي تعرضت له المصانع لم يكن يخطر على بال أحد، إذ فقد كثيرون من رجال الأعمال مصانع عملاقة، استغرق تأسيسها عشرات الأعوام وصرفت عليها أموال ضخمة".

وتابع "الأزمة كبيرة وستعوق الإنتاج الصناعي تماماً، مما سيشكل خطراً على إمدادات الغذاء والدواء على المدى القصير وستؤدي إلى تراجع كبير في الناتج الاقتصادي".

ونوه بأن الدمار الحالي الذي لحق بالمصانع ستكون له عواقب وخيمة وستفقد بسببه آلاف الأسر مصادر رزقها، إذ يستوعب القطاع الصناعي في الخرطوم وسلاسل الإمداد المرتبطة به أكثر من 100 ألف وظيفة".

المزيد من تقارير