Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حتى حوامل الخرطوم يدفعن ثمن الحرب

خروج أكبر مستشفى متخصص في الولادة بأم درمان يفاقم المأساة والحل في النزوح أو العودة للقابلات

مخاطر الوفاة تحيط بالسودانيات الحوامل بسبب الحرب (رويترز)

ملخص

كثير من الحوامل خرجن يبحثن عن مستشفيات للولادة وبخاصة في مدينتي عطبرة ومدني لاستقرار الأوضاع بهما.

مع إطالة أمد الحرب في السودان التي شارفت على شهرها الثالث تتكشف أبعاد الأزمات الإنسانية التي يعانيها المجتمع السوداني، بخاصة الحوامل، بعد خروج أكبر صرح متخصص في الولادة بأم درمان من الخدمة إثر هجوم أفراد تابعين لقوات الدعم السريع، مما يهدد حياة الحوامل والأجنة، حتى إن كثيراً منهن اضطررن إلى النزوح إلى مدن أخرى، أو خارج البلاد، بهدف الولادة في أمان والحصول على الرعاية المطلوبة.

ولادة مبكرة

رؤى إبراهيم حامل في الشهر الأخير قالت "تعرضت لمعاناة كبيرة، بخاصة أنني في الأشهر الأخيرة من الحمل، فلم أتمكن من مراجعة الطبيب الذي سيشرف على ولادتي، بجانب عدم حصولي على الأدوية الأزمة التي تضمن سلامة الحمل، فضلاً عن عدم متابعة الجنين من خلال الموجات الصوتية".

وأضافت "كما أن القلق والتوتر النفسي وصوت القذائف والرصاص المتواصل أثر سلباً على صحتي، ولم أعد أتحمل هذا الوضع المزعج والمخيف، مما جعلني أتخوف من حدوث ولادة مبكرة".

وواصلت رؤى "أمام هذه الأوضاع المتردية كان لا بد لي من مغادرة الخرطوم بحثاً عن أوضاع صحية آمنة، مع العلم أنني أرفض الولادة على أيدي القابلات بالمنزل، وهي الطريقة التي يلجأ إليها كثير من النساء الحوامل في مثل هذه الظروف، وبالفعل قررت تحمل مشاق السفر إلى مصر".

وأردفت "فضلنا أن تكون رحلتنا إلى القاهرة عبر معبر أرقين الحدودي لقلة تكدس المسافرين فيه بحسب ما علمنا من أصحاب الحافلات، وكانت رحلة شاقة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وبدأت هذه المعاناة من داخل الباص بسبب ضيق المقاعد مع العلم أن المرأة في أشهر حملها تمنع من الجلوس فترات طويلة، إضافة إلى عدم وجود استراحات على الطريق، بجانب الازدحام وتفشي الأمراض والأوبئة في المعبر، فضلاً عن الإجراءات العقيمة التي أجبرتنا على البقاء لأيام".

وتابعت "كل هذه الأمور مجتمعة كانت كفيلة بأن أضع مولودي مبكراً، فحرب السودان دفع ثمنها كثيرون من المواطنين، وخصوصاً النساء الحوامل".

الموت يرافقني

أما رباب أحمد التي نزحت إلى مدينة عطبرة بولاية نهر النيل قادمة من الخرطوم فراراً من الأزمة الصحية التي تهدد حياة الحوامل بعد خروج المستشفيات من الخدمة، تقول "قبل مغادرتي الخرطوم كنت أشعر بالموت يقترب مني، بخاصة أنني في الشهر السابع، والمعروف أنه شهر ولادة بعد أن فقدت المتابعة الدورية التي تضمن حياتي وسلامة الجنين الذي قلت حركته، فضلاً عن عدم توفر الأدوية الخاصة بالحوامل". وتابعت "كثير من الحوامل خرجن يبحثن عن مستشفيات للولادة، وبخاصة في مدينتي عطبرة ومدني لاستقرار الأوضاع بهما. أتمنى أن تعود الأوضاع كما كانت وننعم بحياة طبيعية خالية من المخاطر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في السياق أوضح اختصاصي النساء والولادة محمد أسامة أن "خروج المستشفيات من الخدمة كان من أكبر المشكلات والصعوبات التي واجهت النساء الحوامل في مدن العاصمة، ومما زاد الأمر سوءاً خروج مستشفى أم درمان للولادة، وهو متخصص بالمقام الأول في المتابعة والرعاية الدورية، مما أدى بدوره إلى زيادة معدل وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة عن طريق النزف أو فقدان ماء الجنين، ومن المعروف أنه إذا قل هذا الماء قد تحدث وفاة في فترة أقصاها من ست إلى 24 ساعة".

وتابع "هناك مشكلة خطرة يعانيها بعض السيدات، وهي تعرضهن للختان الفرعوني، فمثل هؤلاء النسوة يحتجن إلى رعاية أشمل ولصيقة بطبيب النساء والتوليد، لأن معظمهن يعانين من تعسر في الولادة، إضافة إلى أن المرأة التي على وشك الولادة إذا لم تتوفر لها مستشفى أو قابلة تكون عرضه للخلط، بمعنى اتحاد قناتي الشرج والمهبل لقصر المسافة بينهما مما يزيد من ارتفاع معدل التشوهات بالتالي الوفاة".

وأضاف "من المشكلات أيضاً الولادة المبكرة التي تستوجب وضع الطفل في حضانة، والتي يترتب عليها كثير من المشكلات كنقص الأوكسجين أو زيادة ماء الرأس (الاستسغاء) الذي يزيد من خطر تعسر الولادة، لذلك يلجأ الطبيب إلى الولادة القيصرية، إلى جانب تعرض معظم النساء الحوامل للمشيمة المنزاحة أو المتقدمة، فضلاً عن مشكلات التشوهات الخلقية في الحوض أو أجزاء المهبل، والمشكلة الكبرى حدوث اضطرابات في الرحم التي يعانيها كثير من النساء الحوامل، إضافة إلى الأمراض التي تصاحب الحامل من بداية حملها حتى الولادة مثل ضغط الدم وارتفاع السكر وتعرضهن للجلطات، وبعد الولادة تعرض أغلبهن إلى النزف وحمى النفاس التي تؤدي دون شك إلى الوفاة".

مافيا الأدوية

وأوضح المتخصص في مجال النساء والولادة حسام الدين حاتم أن "الطبيب أضعف حلقة في المنظومة الطبية، إذ لا توجد أية جهات أمنية تحمي المنشآت والكوادر الطبية من ميليشيات الدعم السريع التي بات دخولها للمستشفيات واتخاذها ثكنات لهم أمراً عادياً". وأضاف أن "خروج المستشفيات عن الخدمة أدى إلى ظهور مافيا متخصصة في تجارة الأدوية المنقذة للحياة، بخاصة التي تؤخذ في الغالب أثناء الولادة، وأهمها بعد الولادة وأبرزها التي تدخل في علاج اختلاف فصيلة الزوج والزوجة، مما يقتضي أخذ حقن معينة لم تعد متوفرة وتباع بطرق غير قانونية وبمبالغ مالية كبيرة وفقدها يؤدي إلى وفاة الجنين".

ولفت حاتم إلى أنه بعد رفع الوعي بعدم إجراء عملية الولادة داخل المنازل، إلا أن الحرب أسهمت في ظهور القابلة من جديد نظراً إلى الحاجة الماسة إليها، حتى إن بعضهن رفعن أجرهن إلى 2000 دولار".

المزيد من تقارير