Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المجتمع الفلسطيني سبب في ارتفاع نسبة البطالة

ثمة توجه إلى تشجيع التعليم المهني بين الطلاب في مراحل مبكرة

جامعة النجاح في نابلس (اندبندنت عربية) 

"كنت أود دراسة الموسيقى، لكن رغبتي اصطدمت بعائلتي التي رفضتها لأن الموسيقى لا تؤمن لي عملاً، ونتيجتي في الثانوية العامة تؤهلني لدراسة الهندسة، فبدأت طريقي كمهندسة"، بحسب إحدى الطالبات التي لا تحب كل ما له علاقة بتخصصها، وتعزو سبب دراستها واجتهادها لإرضاء عائلتها فقط.

 في حين أن لأحمد قصة أخرى، فهو يعمل في الأشغال اليدوية بعد 10 سنوات من التخرج من كلية أخرى، لأنه ببساطة لم يجد نفسه مهندساً، ودخوله التخصص هذا كان بسبب علاماته المرتفعة ورغبة العائلة والمجتمع.

أسباب كثيرة تتحكم بتوجهات الطلاب وتخصصاتهم الجامعية ما بعد المدرسة، فبعضهم قال إن القرعة بين التخصصات هي التي حسمت قرارهم، أو رأي الأهل وتخصصات المحيطين بهم، كما أن ملاءمة التخصص للفتاة أو الشاب له دور أيضاً، فالتخصصات المهنية للفتيات ليست كلها مقبولة عند الأهل، إضافة إلى شكل العمل والراتب الذي قد يتخيل الطالب الحصول عليه في هذا المجال.

الاختيار

 فالنقود والاسم المجتمعي والشهرة تفرض على كثير من الطلاب دخول التخصصات العلمية التي يصنفها المجتمع على أنها الأفضل كالطب والصيدلة والهندسة، حتى لو لم تكن ضمن رغباتهم أو قدراتهم الجسدية أو النفسية، وهذا يترافق مع غياب الخطط الاستيعابية للجامعات ولسوق العمل، ما يجبر عدداً منهم على الانضمام الى ركب البطالة بعد التخرج.

ثمة من قال إنه اختار مجال دراسته عن حب وبحث ونقاش مسبق، وشغف منذ الطفولة، ولكن حتى هذه الفئة التي كان الشغف طريقها، اصطدمت بجدار البطالة وقلة فرص العمل بعد التخرج.

وتشير آخر الإحصاءات التي نشرها جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، إلى وصول نسبة البطالة نهاية عام 2018 إلى 31 في المئة، في حين بلغ معدل البطالة بين الخريجين 50 في المئة.

غياب التخطيط سبب أساسي

في فلسطين، لا يتفق سوق العمل مع خريجي الجامعات، وهذا ما أثبتته نتائج الإحصاءات الأخيرة التي أصدرها جهاز الإحصاء، عن معدلات البطالة بين صفوف الخريجين، فسوق العمل ضعيف لعدم وجود دراسات وتخطيط إستراتيجي للربط بين الخريجين وحاجة السوق، إضافة إلى قلة فرص العمل ومحدودية الاستثمار، والخيارات المحدودة التي يفرضها الاقتصاد الإسرائيلي والتضييقات العديدة على الحركة وغيرها.

سجلت البطالة أرقاماً مرتفعة في تخصّصات العلوم الإنسانية والصحافة والإعلام والعلوم التربوية والاجتماعية، ونسباً متوسطة في الهندسة والقانون والعلوم المعمارية وغيرها، ولكن في جميع التخصصات كانت النسب لدى الذكور لا تتجاوز 50 في المئة، في حين لم تقل عن 50 في المئة عند الإناث.

تعزو مديرة دائرة إحصاءات العمل في الجهاز المركزي للإحصاء سهى كنعان، هذه الفجوة إلى التركيز على الجانب النظري عوضاً عن العملي في الجامعات، إضافة إلى صغر حجم السوق وقلة فرص العمل، مرجعة ارتفاع البطالة بين صفوف الإناث إلى أن صاحب العمل يفضل أن يشغّل شباباً لديه، لأن المرأة ستتزوج وتنجب في مرحلة ما، ما يعني أخذ إجازة، وهذا سيؤثر في سير العمل.

الحل: تشجيع التعليم المهني

في المقابل، توضح مديرة عام التعليم المهني والتقني في وزارة التربية والتعليم المهندسة وسام نخلة لـ "اندبندنت عربية" أن الوزارة تسعى إلى تقليل البطالة عبر التوجّه إلى تشجيع التعليم المهني، ما بين الطلاب في مراحل مبكرة، من أجل زيادة عدد الملتحقين بالتخصصات المهنية عبر خلق بنية تحتية وتوفير مدارس وكليات مهنية وبرامج تدريبية مهنية في المدارس قبل الوصول إلى الثانوية العامة.

التعليم المهني يواجه المجتمع

يلقى التوجه إلى الحرف والتخصصات البعيدة من التعليم الأكاديمي تقليل المجتمع من شأنه، واعتبار الملتحقين به ذوي قدرات أقل من أولئك الملتحقين بالجامعات.

وتشير نخلة إلى البرامج التشجيعية التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم من توضيح لحاجة السوق وتوفير الفرصة لدخول الجامعات حتى لحملة شهادات التخصصات المهنية في الثانوية العامة، مضيفة أن البرامج لا تشمل الذكور فقط بل أيضاً الإناث، لتشجيعهنّ على الانخراط بتخصّصات مهنية غير تلك المعتادة لهنّ، وهذا الأمر يشهد إقبالاً في السنوات الأخيرة، إضافة إلى تشجيع الطلاب على إنشاء مشاريعهم الريادية الخاصة بهم والاستقلال عن الشركات التشغيلية.

بعض الخريجين العاطلين من العمل يرون أن العوائق التي تضعها إسرائيل، كالقيود على الحركة ونوعية المشاريع المسموحة وغيرها، تقف عائقاً أمام فتح آفاق جديدة للتنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل لهم، إضافة إلى أن الضغط المجتمعي الكبير على التعليم الأكاديمي أولاً وعلى التحاق الطلاب ببعض التخصّصات "العالية المستوى" كالطب والهندسة وغيرها، يشكل عبئاً على سوق العمل بعد التخرج.

وثمة دراسة أجراها جهاز الإحصاء، خلصت إلى أن هناك تراجعاً في جودة التعليم الجامعي، وغياب التدريب الذي يحتاجه الطلاب قبل الالتحاق بسوق العمل، ما دفع جامعة بيرزيت في رام الله إلى إصدار بيان ترفض فيه تعميم الدراسة على الجامعات وتستعرض فيه آخر الإنجازات التي قدمها طلابها وأحدث البرامج التي أدخلتها إلى الجامعة إضافة إلى الجوائز والمراتب التي حصدتها كجامعة على مستوى الوطن العربي والعالم.

 وبحسب الأرقام المتوافرة لدى جهاز الإحصاء فإن البطالة ما بين الخريجين وغير المتعلمين ترتفع، لذلك فإن هناك جهوداً تبذل للتركيز على التعليم المهني والتقني، إذ أعلنت الحكومة سابقاً أنها بصدد إنشاء جامعة تدريب مهني وتقني وفتح كليات مهنية في الجامعات، ووضع برامج لمواءمة مخرجات التعليم مع سوق العمل.

المزيد من العالم العربي