ملخص
خلص تقرير برلماني إلى أن مشروع القانون الجديد الذي وضعته الحكومة البريطانية بهدف منع القوارب الصغيرة من عبور القنال الإنجليزي، قد يدفع بطالبي اللجوء إلى اعتماد طرق أكثر خطورة للوصول إلى البلاد
خلص تقرير برلماني إلى أن مشروع القانون الجديد الذي وضعته الحكومة البريطانية بهدف منع القوارب الصغيرة من العبور إلى المملكة المتحدة، قد يدفع بطالبي اللجوء إلى اعتماد "طرق أكثر خطورة" للوصول إلى البلاد، ويصب في مصلحة مهربي البشر، ويزيد من تفاقم ظاهرة الاتجار بهم.
وأشار تحقيق أجرته "اللجنة المشاركة لحقوق الإنسان"Joint Committee on Human Rights المؤلفة من أعضاء عن مختلف الأحزاب البريطانية إلى أن الحكومة لم تقدم أي دليل يؤكد زعمها أن "مشروع قانون الهجرة غير الشرعية" Illegal Migration Bill، سيسهم في ردع المهاجرين عن عبور "القنال الإنجليزي" في اتجاه البر البريطاني.
التقرير الدامغ الذي أصدرته اللجنة، والمؤلف من 152 صفحة، أشار إلى أن كثيراً من أحكام المشروع هي غير قانونية، وأن هدفه الرئيس والمتمثل في احتجاز مهاجري القوارب الصغيرة وترحيلهم من دون النظر في مطالبهم، من شأنه أن يحرم اللاجئين وضحايا العبودية الحديثة من الحماية المناسبة.
رئيسة اللجنة جوانا تشيري التي تحمل لقب "كي سي" KC القانوني (أو مستشارة الملك)، قالت إن "من الواضح بشكل كبير" أن خطط الحكومة تنتهك "الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان" European Convention on Human Rights، و"اتفاقية اللاجئين" Refugee Convention، وغيرهما من الالتزامات الدولية الأخرى.
وأضافت أن "معظم الأفراد الفارين من الاضطهاد أو الصراعات في بلادهم، ليست لديهم طرق آمنة وقانونية للوصول إلى هنا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبرت تشيري أنه "من خلال معاملة ضحايا العبودية الحديثة على أنهم "مهاجرون غير شرعيين" وعرضة للاحتجاز والترحيل، فإن مشروع القانون هذا من شأنه أن ينتهك التزاماتنا القانونية تجاه هؤلاء الضحايا، وقد يؤدي إلى زيادة الاتجار بالأشخاص الضعفاء".
يشار هنا إلى أنه عندما تم تقديم مشروع القانون إلى البرلمان، أصدرت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان إعلاناً قانونياً جديراً بالملاحظة، ذكرت فيه أنها لا تستطيع تأكيد توافقه مع "قانون حقوق الإنسان" Human Rights Act، غير أنها أكدت في بيانات أخرى أنه يتماشى مع القانون الدولي.
إلا أن اللجنة البرلمانية لم توافق على كلام وزيرة الداخلية، ووجهت اللوم إليها لعدم المثول أمامها في التحقيق الذي أجرته، ولتأخرها ستة أسابيع في الرد خطياً على الأسئلة الموجهة إليها، من دون تقديم أي تفسير.
وقالت إن "اللجنة المشاركة ترى أن نطاق المتطلبات التي يفرضها هذا الالتزام، هو واسع إلى درجة أنه سيقضي فعلياً على الحق في اللجوء بالنسبة إلى الغالبية العظمى من اللاجئين الوافدين إلى المملكة المتحدة".
وأضافت أنه "تبين للجنة أن هذا من شأنه أن يخرق كثيراً من الالتزامات القانونية للمملكة المتحدة بموجب "اتفاقية اللاجئين"، التي تضمن حقوق اللاجئين، بغض النظر عن طريقة وصولهم إلى البلاد، وسيؤدي إلى فشل بريطانيا في أداء دورها في النظام العالمي لحماية اللاجئين".
معلوم أن الحكومة البريطانية لم تنشر حتى الآن تقييماً رسمياً لمشروع القانون، الذي سبق أن وافق عليه "مجلس العموم" وينظر فيه الآن "مجلس اللوردات".
وخلال مناقشة أجريت يوم الأربعاء الماضي، اتهم أعضاء في "مجلس اللوردات" الحكومة بممارسة الضغط عليهم لتمرير قوانين "غير قابلة للتطبيق من الناحية العملية"، بسبب افتقار المملكة المتحدة إلى القدرة الاستيعابية الكافية لاحتجاز جميع المهاجرين الذين يصلون على متن قوارب صغيرة إلى أراضيها، إضافة إلى عدم وجود اتفاقات مع باقي الدول لإعادة أولئك اللاجئين ما خلا دولتين فقط.
وفقاً للورد كريستوفر بيلامي، فإنه لا يمكن ترحيل الأشخاص إلا إلى البلدان التي أبرمت معها المملكة المتحدة اتفاقات لإعادتهم. وأشار إلى أن مثل هذه الاتفاقات موجودة في الوقت الراهن مع رواندا فقط، لكن هناك إمكانية لعقد اتفاقات مستقبلية مع دول أخرى.
"اللجنة المشاركة لحقوق الإنسان" لفتت إلى أن غالبية الخبراء الذين قدموا أدلة في التحقيق الذي أجرته، يعتقدون أن مشروع القانون سيفشل في تحقيق هدف رئيس الوزراء ريشي سوناك المعلن، والمتمثل في "وضع حد لعبور القوارب".
وأضاف تقرير اللجنة أنه "بدلاً من ذلك، قد يؤدي تطبيقه إلى محاولة أشخاص الوصول إلى المملكة المتحدة عبر طرق أكثر خطورة، ما من شأنه أن يصب في مصلحة مهربي البشر (الذين قد يتقاضون رسوماً أكبر لقاء خدماتهم)، ويتسبب في فقدان مزيد من الناس لحياتهم بشكل مأسوي على تلك الطرق".
وجاء في التقرير أيضاً "نحن قلقون من أن أحكام العبودية الحديثة في مشروع القانون لا تنتهك الالتزامات القانونية للمملكة المتحدة تجاه الضحايا فحسب، بل قد تؤدي أيضاً إلى زيادة العبودية والاتجار بالبشر".
وينص مشروع القانون على منع ضحايا الاتجار بالبشر الذين يصلون بطريقة غير مشروعة إلى بريطانيا، من تلقي الدعم، ويسمح بترحيلهم في الوقت الذي يكون فيه المسؤولون في صدد التحقيق في انتهاكات محتملة ضدهم.
وقد تم تقديم مشروع القانون بعد أسابيع من إرجاء وزيرة الداخلية السيدة برافرمان تعيين هيئة رقابية لمكافحة الرق، وفي الشهر نفسه قامت بتوسيع نطاق صفقة رواندا لتشمل ضحايا العبودية الحديثة، وطالبي اللجوء.
اللجنة المشاركة نبهت أيضاً إلى التأثير المحتمل للقانون على الأطفال والحوامل والأشخاص الضعفاء، نظراً إلى أنه ينص على وجوب احتجاز جميع مهاجري القوارب الصغيرة وترحيلهم، بغض النظر عن حاجتهم إلى الحماية.
ودعت إلى إدخال 40 تعديلاً على مشروع القانون، بما فيها إزالة الالتزام الرئيس بترحيل الأفراد أو وضع استثناءات، لضمان عدم استخدام الوزراء السلطة لإبطال القرارات الصادرة من "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان"، ومنع ترحيل الأطفال غير المصحوبين بذويهم، والحد من عمليات الاحتجاز، وإلغاء صلاحية مصادرة جميع هواتف مهاجري القوارب الصغيرة.
© The Independent