Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما أثر قانون "القوارب الصغيرة" في بريطانيا على ضحايا العبودية الحديثة؟

حصري: خبراء يتخوفون من أن تحول خطط ترحيل ضحايا الاتجار بالبشر بلا تقديم دعم لهم، دون القبض على العصابات

من بين 83236  شخصاً وصلوا إلى المملكة المتحدة على متن قوارب بين عامي 2018 و 2022، تمت إحالة 7 في المئة منهم فقط إلى "آلية الإحالة الوطنية" على أنهم ضحايا العبودية الحديثة ( ا ف ب/ غيتي)

ملخص

جهات رقابية تحذر من أن خطة #الحكومة_البريطانية لترحيل مهاجري #القوارب_الصغيرة، ستؤدي إلى التخلي عن آلاف من ضحايا #العبودية_الحديثة، والسماح لعصابات #الاتجار_بالبشر بالإفلات من المحاسبة.

نبهت مفوضة رقابية سابقة في المملكة المتحدة إلى أن خطة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك لترحيل مهاجري القوارب الصغيرة، ستؤدي إلى "التخلي" عن آلاف من ضحايا العبودية الحديثة، والسماح للعصابات التي تسيء معاملتهم بالإفلات من المحاسبة.

ومن شأن "مشروع قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية" Illegal Migration Bill، أن يحرم ضحايا الاتجار بالبشر الذين يصلون إلى المملكة المتحدة بشكل غير قانوني، من تلقي الدعم اللازم، ويتيح ترحيلهم، في الوقت الذي يكون فيه المسؤولون المعنيون ما زالوا في صدد التحقيق في ملفاتهم.

وقد تم منذ عام 2018 إدراج أكثر من 6 آلاف شخص ضمن "آلية الإحالة الوطنية" National Referral Mechanism (NRM)  لضحايا العبودية الحديثة (إطار لتحديد الضحايا المحتملين وضمان حصولهم على الدعم المناسب)، بمن فيهم 2,700 فرد في عام 2022 وحده. وتبين لمسؤولي وزارة الداخلية البريطانية أن 85 في المئة من هؤلاء لديهم ما اعتبروه "أسباباً وجيهة" لقبولهم كضحايا للاتجار بالبشر، أو العبودية، أو الاستعباد، أو العمالة القسرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سارة ثورنتون، "المفوضة المستقلة السابقة لمكافحة الرق" Independent Anti-Slavery Commissioner (التي تحمل لقب "دام" Dame)، قالت لـ"اندبندنت" إن حرمان ضحايا العبودية الحديثة من الحماية على أساس الطريقة التي وصلوا فيها إلى بريطانيا، "يشكل خرقاً لـ"الاتفاقية الأوروبية لمناهضة الاتجار بالبشر" European Convention Against Trafficking، و"الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان" European Convention of Human Rights (ECHR).

وأضافت: "إن هذا المنحى لا ينم عن أي وعي لمدى هول مسألة الاتجار بالبشر، وبالتالي ترك الضحايا الضعفاء فريسة لجرائم شديدة الخطورة".

تجدر الإشارة إلى أن عدد المهاجرين الذين يصلون على متن قوارب صغيرة إلى المملكة المتحدة قد ارتفع بنسبة 60 في المئة ما بين عامي 2021 و2022، ليبلغ 46 ألف شخص. وقد حاولت الحكومة البريطانية مرتين خلال الأعوام الأربعة الأخيرة إيجاد حل لهذه المشكلة، في وقت يتعين فيه استيعاب آلاف من الوافدين في فنادق بكلفة ضخمة على الخزينة. ويعد مشروع القانون الجديد، واتفاق آخر أبرم مع فرنسا لمنع القوارب الصغيرة من مغادرة الشواطئ الفرنسية، أحدث محاولتين من جانب الحكومة البريطانية لاحتواء الأعداد المتزايدة للأفراد المتدفقين على البلاد.

لكن القانون المقترح يتضمن استثناءً إذا ما "رأت وزيرة الداخلية أن من الضروري" أن تبقى الضحية على أراضي المملكة المتحدة، أثناء تعاونها مع تحقيقات السلطات البريطانية، للبت في مزاعم تعرضها لعبودية أو اتجار.

وعلى رغم ذلك، يشعر مسؤولون بقلق من احتمال ترحيل الضحايا قبل أن يتمكنوا من إبلاغ السلطات البريطانية بأنه جرى الاتجار بهم، بحيث أن الإجراءات الجديدة ستجعلهم في وضع يخشون معه إبلاغ الشرطة عن عصابات التهريب.

وفي هذا الإطار أشارت ثورنتون إلى أنه "على رغم وجود استثناء للأفراد الذين يتعاونون في التحقيق أو في الإجراءات الجنائية، فإن ذلك سيثني الضحايا - الذين يعرفون أنهم دخلوا البلاد بشكل غير قانوني - عن أخذ المبادرة والتقدم إلى السلطات".

مايا إيسليمونت، مديرة منظمة "ما بعد الاستغلال" After Exploitation (مؤسسة غير ربحية تتقصى عن مصير الناجين من العبودية الحديثة) رأت أن الضحايا يحتاجون للتعافي قبل "خوض المسار الصعب الذي يضطرهم إلى استعادة مآسي الصدمة التي تعرضوا لها"، والمثول كشهود في تحقيق جنائي.

وقالت لـ "اندبندنت" إن "من الخطأ أساساً مقايضة تقديم دعم للضحايا لقاء الامتثال لنظام العدالة الجنائية، في وقت لا تشكل فيه أنواع الدعم الأساسية كالسكن الآمن والمشورة، ضماناً كافياً للذين يتقدمون لطلب المساعدة".

وأعربت إيسليمونت عن مخاوف من أنه إذا لم تتابع الشرطة التحقيقات للقبض على المتجرين بالبشر، وقامت بإسقاط الدعوى، فقد "تتم معاقبة الضحايا على إخفاق الدولة".

باتريك رايان، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "هيستيا" Hestia الخيرية (تقدم الدعم للمهاجرين وضحايا العنف المنزلي) قال: "نحن نعمل مع آلاف الناجين كل عام، ولم نرَ أي دليل يشير إلى أن مسارات دعم ضحايا العبودية الحديثة، يجرى استغلالها من جانب الأفراد الذين يطلبون اللجوء في المملكة المتحدة".

وأضاف: "نحن بحاجة إلى أن نكون أكثر صرامة في التعامل مع عصابات الجريمة المنظمة التي تستغل الضعفاء، وليس مع الضحايا".

 

وكانت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان قد أقرت في بيان رسمي بأن مشروع القانون قد يخرق "الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان"، موضحة أن الوثائق الحكومية تدرج "حظر العبودية" و"حظر المعاملة غير الإنسانية أو المهينة" من ضمن البنود المهددة.

جوانا شيري، عضو البرلمان البريطاني عن "الحزب القومي الاسكتلندي" SNP، والتي تترأس لجنة حقوق الإنسان داخله، رأت أن مشروع القانون "صمم لخرق" بنود "الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان"، وذلك في إطار تأييدها لحجج المطالبين بالتخلي عنه.

وقالت شيري لـ "اندبندنت" إن "حقوق الإنسان العالمية تتعرض للانتهاك في المملكة المتحدة على نحو غير معهود. ويسود اعتقاد على نطاق واسع بأن حزب "المحافظين" يخطط للدخول في اشتباكات مع "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" European Court of Human Rights ومن ثم خوض الانتخابات المقبلة على أساس الانسحاب من الاتفاقية".

وأضافت: "سيقولون للناخبين إن المشكلات التي يسببها دخول عشرات الآلاف من طالبي اللجوء إلى المملكة المتحدة، لا يمكن حلها من دون القيام بذلك. إنها محاولة يائسة أخيرة لتجنب الهزيمة في الانتخابات العامة المقبلة، من خلال تأجيج المخاوف التي أثيرت في شأن الهجرة "غير الشرعية" و"غزوات" الوافدين" [في استعارة للمصطلح الذي استخدمته برافرمان داخل مجلس العموم بالقول إن بلادها تتعرض لغزو اللاجئين].

في المقابل، لا يزال عدد كبير من مهاجري القوارب من الذين لديهم "أسباب وجيهة" في الادعاءات المتعلقة بالعبودية الحديثة، عالقين في شباك قضايا متأخرة مرفوعة إلى "آلية الإحالة الوطنية"، لكن من بين الحالات التي تم البت فيها، تم الاعتراف بنحو 85 في المئة من أصحابها على أنهم ضحايا.

وتشكك الإحصاءات في المزاعم المتكررة لوزيرة الداخلية بأن الحماية من العبودية الحديثة يتم "استغلالها" من جانب "مهاجري القوارب"، فيما نبه "مكتب تنظيم الإحصاءات" في بريطانيا Office for Statistics Regulation، إلى أن الأرقام المتاحة لا تدعم هذه التأكيدات.

لكن أثناء الكشف عن القانون الجديد المقترح يوم الثلاثاء الماضي، قالت سويلا برافرمان للبرلمان إنه "تتم إساءة استخدام قوانين العبودية الحديثة لمنع عمليات الترحيل. ولهذا السبب يهدف مشروع القانون إلى منع الوافدين غير الشرعيين من استغلال قواعد العبودية الحديثة لتفادي ترحيلهم".

يشار إلى أن الحكومة البريطانية وضعت مشروع القانون من دون وجود مفوضة مستقلة لمكافحة العبودية، بعدما ترك هذا المنصب شاغراً منذ انتهاء ولاية سارة ثورنتون في إبريل (نيسان) الماضي.

وكانت وزيرة الداخلية برافرمان قد ألغت عملية تعيين سابقة للمنصب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الأمر الذي يعني أن الدخول في جولة تعيينات جديدة لن يفضي إلى تنصيب مفوض جديد في هذا المركز، في وقت يخضع فيه "مشروع قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية" للتدقيق البرلماني.

جدير بالذكر أن من بين 83236  شخصاً وصلوا إلى المملكة المتحدة على متن قوارب في الفترة الممتدة ما بين عام 2018 ونهاية العام الماضي، تمت إحالة 7 في المئة منهم فقط إلى "آلية الإحالة الوطنية" على أنهم ضحايا العبودية الحديثة، لكن الغالبية العظمى منهم طالبوا بحقهم في اللجوء.

وشكل مهاجرون من ألبانيا العدد الأكبر لحالات "آلية الإحالة الوطنية" لـ"مهاجري القوارب" منذ عام 2018، على رغم أن نسبة إحالات مهاجرين فييتناميين وسودانيين كانت أعلى، فيما بقيت الأرقام المتعلقة بالإريتريين والإثيوبيين على حالها (في حدود 13 في المئة).

أما الأشخاص الذين يتم قبولهم على أساس وجود أسباب وجيهة تخولهم البقاء في البلاد، فيتاح لهم الحصول على الإقامة والدعم المالي والمساعدة القانونية والعلاج الطبي، ريثما يتم إصدار قرار نهائي يحسم وضعهم. وفي حال تم اتخاذ القرار، فإنهم يحصلون على 45 يوماً من مساعدات "الانتقال" الهادفة إلى إعانتهم على التعافي والشروع في حياة جديدة.

© The Independent

المزيد من تقارير