Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السينما المصرية تغازل الجمهور بالأبطال الخارقين

أفلام عدة اتخذت ثيمة "سوبر هيرو" رهاناً جديداً لها وفنانون يتخوفون من مصير التجربة بسبب ضعف الإمكانات

يبدو أن ظاهرة أفلام الأبطال الخارقين ستشهد مرحلة جديدة بالفن المصري تحديداً (مواقع التواصل)

ملخص

أفلام الأبطال الخارقين سلاح ذو حدين... فهل تنجح السينما المصرية في تقديمها بشكل يجذب الجمهور أم تتحول إلى مثار سخرية؟

البطل الخارق أو "سوبر هيرو" ثيمة عالمية في السينما والدراما حققت كثيراً من الرواج والنجاح على مدى أعوام طويلة، وهي موضة لا تفنى وإن كانت تنحسر بعض الشيء في أوقات، لكنها تعاود الانتعاش مرة أخرى.

وشارك أكبر نجوم السينما العالمية في أفلام تصنف خارقة وحققت مليارات الدولارات، ومن أشهر شخصيات الأبطال الخارقين سوبر مان وسبايدر مان وباتمان ومستر أميركا ولوجان وأكوا مان وغيرها.

وأمام التطور المذهل في تلك النوعية من الأعمال وتحقيقها إيرادات كبيرة ظهر كثير من المحاولات العربية الفنية لمواكبة العصر وتقديم أبطال خارقين على الطريقة العربية بأكثر من تناول، وإن كان القالب الكوميدي هو الأبرز في تناول مثل هذه المواضيع على الشاشة العربية.

مشاريع جديدة

ويبدو أن ظاهرة أفلام الأبطال الخارقين ستشهد مرحلة جديدة بالفن المصري تحديداً، إذ جرى الإعلان عن عدد من المشاريع التي تنفذ حالياً على أرض الواقع، مثل فيلم "تاج" و"دليلة" و"الرجل العناب" و"الغربان" وغيرها.

وبدأت الخطوات الجدية عندما أصدرت شركة الإنتاج المصرية "سينرجي" بياناً أكدت فيه عزمها إنتاج عدد كبير من الأعمال التي تلعب بطولتها شخصيات خارقة، وقالت الشركة "في ظل التطور السينمائي العالمي الهائل قررنا إنتاج أول سلسة لأفلام السوبر هيرو الأبطال الخارقين، وهذا يعد تقديماً لأول بطل عربي خارق في السينما العربية بالمواصفات العالمية، وأحدث طرق التصوير والجرافيكس".

تاج ودليلة

وخلال أيام وفي سباق عيد الأضحى تحديداً سيعرض فيلم "تاج" لتامر حسني، وهو من تأليفه ويجسد فيه شخصية مدرس موسيقى يكتشف بالصدفة أنه يمتلك قوة غريبة ليصبح بعد ذلك بطلاً خارقاً، ولديه بالفيلم شقيق توأم يحاول استخدام هذه القوة، وقد استعانت أسرة الفيلم بأحدث تقنيات السينما العالمية لتنفيذ الخدع والمشاهد المهمة.

ويشارك في بطولة العمل دينا الشربيني وساندي ومحمد أبو داوود وأحمد بدير وهالة فاخر وبيومي فؤاد وإخراج سارة وفيق.

وأعلنت الفنانة المصرية ياسمين صبري أنها بدأت استعداداتها لتقديم أول فيلم أكشن وخيال علمي من بطولتها بعنوان "دليلة"، وهو أول فيلم تدور قصته حول شخصية سيدة "سوبر هيرو" ضمن سلسلة أفلام حول شخصيات خارقة.

وقالت ياسمين إن "العمل يعتبر من فكرة سلسلة أفلام ’مارفل‘ نفسها التي تدور في إطار عالم خيالي حول شخصيات خارقة عدة، والجديد أنها تقدم شخصية تظهر للمرة الأولى وتحمل اسم دليلة".

وظهرت ياسمين في "أفيش" مبدئي يحمل صورة تخيلية من وحي الفيلم، وهي تركب دراجة بخارية وتغطي وجهها بقناع من الجلد، وكشفت الفنانة المصرية أنها تتدرب حالياً على مشاهد الـ "أكشن" والفنون القتالية مع نخبة من المدربين المصريين والأجانب، والفيلم من إخراج بيتر ميمي.

ويجسد كذلك الممثل المصري عمرو سعد شخصية بطل خارق في فيلم بعنوان "الغربان" تدور أحداثه خلال فترة الأربعينيات وتحديداً أثناء الحرب العالمية الثانية، وقد بدأ بالفعل تصوير بعض مشاهد الفيلم مع الممثلة أسماء أبو اليزيد.

عودة الرجل العناب

وأعلن الفنان أحمد فهمي أنه بدأ التحضير لفيلم "الرجل العناب" الذي يجسد فيه دور بطل خارق، والفكرة جرى تقديمها في مسلسل يحمل الاسم نفسه وعرض منذ 10 أعوام، ولعب بطولته فهمي وشيكو وهشام ماجد.

ودارت الأحداث حول شاب مهووس بالأبحاث العلمية يكتشف تركيبة من مشروب العناب تحول شاباً بسيطاً إلى بطل خارق، ويواجه الرجل العناب كثيراً من الصعوبات في إطار كوميدي حتى يصبح بطلاً شعبياً خارقاً ومتفوقاً على كل القوى الأخرى، مما يجعله يمثل تهديداً لكثيرين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب تصريحات منتج الفيلم أحمد السبكي فقد رصدت موازنة ضخمة للعمل وجرى التعاقد مع مخرج أميركي لإخراج كل مشاهد الجرافيكس والإشراف على المؤثرات البصرية الخاصة بالعمل للخروج بأفضل صورة، كما يستعين فريق العمل بتقنيات جرافيكس حديثة تستخدم للمرة الأولى في مصر والوطن العربي في السينما، وستصور أولى المشاهد في دولة أوروبية حيث تدور فيها بعض الأحداث المهمة.

وقال أحمد فهمي في تصريحات خاصة إلى "اندبندنت عربية"، إن "المسلسل حقق نجاحاً ضخماً واعتبرناه مغامرة كبيرة بسبب تقديم بطل خارق في إطار كوميديا وفانتازيا للمرة الأولى في الدراما المصرية خلال رمضان، وكان تقديم فيلم بعد المسلسل مشروعاً وارداً لكنه لم يتم وقتها لظروف كثيرة".

وأشار فهمي إلى أن "الرجل العناب" قدم "موضوع البطل الخارق بطريقة على مزاج المصريين، ونحن حرصنا على تقديمه بشكل مصري خالص بعيداً من الاقتباسات الأجنبية أو التقليد، ولذلك قلنا إن ’الرجل العناب‘ هو صناعة محلية مصرية بتفاصيل مصرية بحتة وقريبة من القلب".

ورد فهمي على ظاهرة تقديم أكثر من فيلم وعمل عن الأبطال الخارقين حالياً عبر أفلام مثل "تاج" و"دليلة" و"الغربان" بأنه "من حق الجميع أن يجرب ويغامر، والجمهور ينتظر أي اجتهاد ويرحب بكل جديد، وتبين منذ أعوام طويلة أن الجمهور المصري والعربي مثل الجمهور في الخارج يحب قصص الأبطال الخارقين حتى إذا جرى تقديمها بشكل كوميدي أو جاد، لكن نحن كسينما عربية كان لدينا بعض التخوفات بسبب ضعف الإمكانات مقارنة بالسينما العالمية".

وكشف فهمي أن السينما المصرية قدمت منذ عقود فكرة البطل الخارق في كثير من الأعمال الناجحة وبإمكانات أبسط من عصرنا هذا ونجحت بشكل كبير جداً، ويكفي شخصية "فرافيرو" التي قدمها الفنان فؤاد المهندس، فهي بالنسبة إلى السينما أول شخصية سوبر هيرو في الفن العربي، وارتدى فيها أزياء تشبه بدلة "بات مان"، وعرض الفيلم عام 1969.

وعلى جانب آخر أعلن الفنان أحمد التهامي أخيراً أن لديه عملاً فنياً تدور أحداثه حول توأم خارق.

وكان التهامي شن هجوماً على صناع فيلم "تاج" من بطولة الفنان تامر حسني، وقال إن فكرة الفيلم ملك له ومسجلة في المصنفات والشهر العقاري وتمت سرقتها.

وقدم الفنان كريم محمود عبدالعزيز عام 2021 فيلماً بعنوان "موسى"، ودارت الأحداث حول بطل خارق مصنوع من بقايا الحديد يسعى إلى القضاء على قوى الشر ومساعدة الضعفاء.

وقال مخرج العمل بيتر ميمي إن الفيلم هو أول عمل من سلسلة أفلام أبطال خارقين يسعى إلى تقديمها قريباً.

"سوبر هيرو" الخمسينيات

وعلى رغم اتهام السينما العربية بعدم مواكبتها للسينما العالمية في ما يخص أفلام الخيال والـ "سوبر هيرو" لضعف الإمكانات والتقنيات، لكن منذ نهاية الخمسينيات نجحت السينما المصرية في تقديم الأفكار الخيالية والفانتازيا متضمنة فكرة الـ "سوبر هيرو" بطرق مختلفة ولو كانت بعيدة بعض الشيء من الـ "أكشن" المتبع في هوليوود وأعمالها، وبدأتها بفيلم الخيال "سر طاقية الإخفاء" من بطولة الفنان عبدالمنعم إبراهيم، إذ لعب دور شاب ضعيف الشخصية يعثر على طاقية سحرية تخفيه عن العيون وتحوله إلى بطل خارق يستطيع أن يحقق كل أحلامه، وعلى رغم أن الفيلم خيالي وفانتازي إلا أنه قدم شخصية البطل الخارق بشكل كوميدي عام 1959.

وقدم الفنان فؤاد المهندس في فيلم "العتبة جزاز" عام 1969 شخصية "فرافيرو"، وهو رجل بسيط لا يعلم أنه يمتلك قدرات خارقة، ويفقد الذاكرة كلما سمع أغنية "العتبة جزاز" ليتحول إلى شخص خارق أهوج يضرب كل من يقابله، ومع العلاج يستطيع التصدي لأكبر العصابات.

وفي عام 1977 قدم الفنان المصري محمد صبحي شخصية بطل خارق من خلال فيلم "أونكل زيزو حبيبي"، ودارت الأحداث حول شاب يتعرض للتنمر باستمرار بسبب ضعف بنيته الجسدية، ويقوم أحد أقاربه بحقنه بمادة غريبة سقطت من الفضاء الخارجي تتسبب في نمو المحاصيل بطريقة غريبة، فتكسبه قوى خرافية وتحوله إلى رجل خارق.

أما الفنان فريد شوقي فجسد شخصية "سوبر هيرو" في فيلم "فتوة الناس الغلابة" عام 1984، واكتسب بطل العمل قوته بسبب الحصول على عقد سحري يخفيه عن العيون.

وفي الدراما إضافة إلى مسلسل "الرجل العناب" جرى تقديم مسلسل "سوبر ميرو" من بطولة إيمي سمير غانم، وفيه كانت تتمتع بقوة خرافية تستخدمها لمواجهة الأشرار ومساعدة المحتاجين.

سحر خاص

وحول أفلام الأبطال الخارقين عالمياً ومحاولات تقديمها في السينما العربية وعلاقة ذلك بمزاج الجمهور، قال الناقد جمال عبدالقادر إن "ثيمة الأبطال الخارقين لها سحر خاص لدى كل الجماهير سواء عربياً أو عالمياً، والجمهور يحب أن يرى بطلاً خارقاً يمتلك قوى خاصة مثل الطيران أو السباحة والتنفس تحت الماء، وبقواه الخارقة يتغلب على الشر وينصر الضعفاء ويحقق السلام والعدالة، وربما رغبات الجمهور النفسية في وجود أي وسيلة لتحقيق الحلم والعدل والخير هي ما دفعت إلى تقديم ثيمة أفلام ’سوبر هيرو‘ التي اشتهرت بها السينما العالمية، وقدمت خلالها شخصيات وأفلاماً عظيمة، مثل ’باتمان‘ و’سوبرمان‘ و’أكوا مان‘ و’لوجان‘ و’كابتن أميركا‘ وغيرها من الأفلام العالمية الشهيرة التي يعشقها الجمهور العربي أيضاً، وشارك في بطولتها أبرز النجوم العالميين مثل كريستيان بيل وبن أفليك وهنري كافيل وهيو جاكمان وأرنولد شوارزنيجر وغيرهم من أكابر نجوم السينما".

ولفت عبدالقادر إلى أن أفلام الأبطال الخارقين سلاح ذو حدين، فقد تنجح نجاحاً كبيراً وقد تفشل بالقدر نفسه، وعلى رغم أنها تعرض نموذجاً مثالياً في القوة والخير لكنها قد تتحول إلى مادة للهجوم إذا خلت من وجود حبكة متقنة ودقيقة وأحداث درامية ذات معنى مؤثر، وعدم مراعاة هذه الشروط يحول العمل إلى مسخ يثير السخرية لدى الجمهور.

وأضاف عبدالقادر، "ربما صعوبة تنفيذ معادلة تقديم البطل الخارق بصورة دقيقة وحدوتة جذابة من أهم أسباب تأخر السينما العربية في تقديم هذا النوع، إضافة إلى أن المواطن المصري والعربي لا يفضل الخيال المبالغ فيه في الفن ويميل أكثر إلى الواقع، لذلك فهناك تردد منذ زمن في تقديم هذا النوع من الأعمال إليه".

وتابع عبدالقادر، "مع انتشار المنصات وتوغلها أخيراً بدأ الجمهور في الترحيب بالخيال وحكايات الأبطال الخارقين، ومن هنا بدأ النجوم وصناع الفن في الاهتمام بتقديم أعمال من هذا القبيل، وحتى تنجح لا بد من أن تراعي شروطاً عدة أهمها أن يشبههم هذا البطل ويقترب من حياتهم الواقعية، ويكون هناك منطق في ظروف نشأته واكتسابه القوة الخارقة حتى يتم تصديق العمل بأبطال محليين، كما حدث مثلاً في مسلسل ’الرجل العناب‘ إذ كان البطل الخارق شخصاً بسيطاً حولته الصدفة إلى بطل خارق".

وختم عبدالقادر بأن أفلام الـ "سوبر هيرو" ليست ثيمة جديدة على الفن المصري وقد جرى تقديمها منذ أعوام طويلة على يد المخرج نيازي مصطفى، لكن صناع السينما الأميركية قدموها بشكل مختلف وبعيد تماماً من الكوميديا، وكان هدفهم تصدير صورة البطل الأميركي الخارق الذي ينقذ العالم من الأشرار ويحقق العدالة، وبالتأكيد ساعدتهم الإمكانات الضخمة والموازنات الخيالية في تحقيق أفلام أبهرت العالم، في وقت لم تقدم السينما العربية معادلاً لما تقدمه الأميركية، ومحاولات تقديم أعمال عربية حالياً في هذا السياق تعتبر تحولاً إيجابياً يجب تشجيعه، وهناك توقعات بنجاحه لتشوق الجمهور لهذا النوع ولبحث الناس الدائم عن التغيير في ظل الرتابة والمواضيع المكررة التي تطارد صناع السينما.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة