Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"مشاهير" يخوضون غمار الانتخابات التشريعية في تونس

فنانون وإعلاميون ورياضيون وأئمة مساجد التحقوا بركب الراغبين في خوض التجربة البرلمانية

أعضاء اللجنة المستقلة للانتخابات يفتتحون اجتماعهم بالوقوف دقيقة صمت حداداً على روح الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي (رويترز)

يثير وجود بعض الأسماء المشهورة في تونس على رأس قوائم انتخابية شكوك الناخبين في مدى نجاعة هؤلاء من خلال مشاركتهم في الحياة السياسية وبخاصة ضمن "مجلس نواب الشعب" الذي تتطلب عضويته التمتع بطول النفس والشراسة والحنكة.
 

تجربة بلا أثر
 

ورأى الصحافي المتخصّص في الشأن البرلماني سرحان الشيخاوي أنه "من المعطيات اللافتة في ما يتعلق بالمشهد البرلماني والترشح للانتخابات التشريعية في تونس، بروز أسماء يمكن تصنيفها ضمن خانة المشاهير والنجوم سواء كان في مجال الرياضة أو الفن"، مضيفاً أن "هذه الترشيحات تنطلق أساساً من مقاربة قطاعية تُبنى أساساً على ضرورة تمثيل قطاع ما في المؤسسة التشريعية، ويقدّم المرشح نفسه في صورة "المنقذ" بخاصة في الحملات الانتخابية"، موضحاً في السياق ذاته أن "تونس شهدت تجربتين في هذا السياق الأولى في المجلس التأسيسي إبّان ثورة عام 2011 والثانية بعد انتخابات عام 2014، ويمكن القول إن مَن مثّل الفنانين في المجلس الوطني التأسيسي (سلمى بكّار) ومَن مثّل الصحافيين (سنية بن تومية) ومَن مثّل قطاع الرياضة (صلاح الدين الزحاف)، كانت أصواتهم خافتة وضعيفة جداً وغير قادرة على التأثير في التوجهات العامة للمجلس الوطني التأسيسي آنذاك".
أما في ما يتعلق بالبرلمان الحالي، اعتبر الشيخاوي أن "ممثل الفنانين علي بنور وممثلَي قطاع الرياضة كمال بن إبراهيم ورضا شرف الدين، كانوا بلا أثر في مستوى قرارات البرلمان وتوجهاته الكبرى".
وتابع الشيخاوي أن "ممثلي القطاعات، بخاصة الفنّية والرياضية يستغلّون ما تعانيه قطاعاتهم من إشكالات ويقدّمون أنفسهم بصورة المنقذ، لكنهم سرعان ما يندمجون في طريقة عمل المؤسسة البرلمانية وينشغلون بالإشكالات الاجتماعية اليومية، وبالتالي تنتهي تجربتهم البرلمانية بلا أثر يُذكر، وهذا عكس بعض القطاعات الأخرى التي يُعتبر ممثلوها من أصحاب القرار في توجهات البرلمان، مثل المحامين والأطباء ورجال الأعمال".
 

رجال الدين أيضاً
 

بعيداً من موقف المحلّلين السياسيين والمهتمين بهذا الشأن، فإن رأي الممثل الكوميدي الذي أحبه التونسيون في دور "شيخ تحيفة" خلال المسلسل الرمضاني "الخطاب على الباب" الذي شهد نجاحاً كبيراً لا يزال إشعاعه متواصلاً منذ عام 1997. 
وصرّح الممثل عبد الحميد بن قياس أن صفته التي لا يعرفها الأغلبية كفلاح أباً عن جد هي التي جعلته يقبل الترشح للانتخابات عن "عيش تونسي". وأضاف "أنا لم أترشح لمجرد الترشح أو لأنني مشهور بل ترشحت لأنني أملك أفكاراً وأحمل قضية وهموم مواطنين يجب إيصال صوتهم".
لم يقتصر تأثير السياسة في الفنانين والمشاهير فقط بل توسع هذا التأثير ليصل إلى رجال الدين حيث قدم الإمام الخطيب في جامع أبي زمعة البلوي بالقيروان التونسية إسكندر العلاني ملف ترشحه كرئيس قائمة لحزب "تحيا تونس" للانتخابات التشريعية 2019 عن دائرة القيروان. ولفت ترشح العلاني انتباه المهتمين بالشأن السياسي منتقدي هذه الخطوة باعتبارها تدخل في خانة فصل الدين عن الشأن السياسي. لكن إسكندر العلاني صرح لـ "اندبندنت عربية" أنه قبل أن يكون إمام خطيب فهو باحث وحاصل على شهادة الدكتوراه في الحضارة الإسلامية من جامعة الزيتونة، وهو أصغر مرشح في هذه الانتخابات. وأضاف العلاني أنه "بمجرد دخول الغمار الانتخابي، قبلت بكل شروط اللعبة وتوقفت آلياً عن دوري كخطيب وإمام جامع"، مضيفاً "لا أنكر أن للإمام الخطيب إشعاعـاً في المجتمع وبالتالي سأتوقف مؤقتاً عن العمل في المساجد".
 

تداخل رياضي - سياسي
 

من جهة أخرى، واستثماراً لشعبيتها ومراهَنةً منها على كسب أكبر عدد ممكن من الأصوات في الانتخابات بعد ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، راهنت مختلف الأحزاب التونسية على وجوه رياضية مشهورة. في هذا السياق، ترشح مدرب فريق الوداد البيضاوي المغربي حالياً فوزي البنزرتي لانتخابات عام 2014 عن حزب "نداء تونس" لكنه لم ينجح في دخول البرلمان. كما رشّح حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، حزب الرئيس السابق المنصف المرزوقي، اللاعب فريد شوشان في قائمته للانتخابات التشريعية لكنه لم يوفَق أيضاً.
ويُعتبر رؤساء الجمعيات وأصحاب الأموال ورجال الأعمال من الشخصيات التي تجري خلف دخول غمار السياسة لضمان مصالحهم واستغلال شعبيتهم، بخاصة في مناطقهم ومن قبل مناصري فرقهم الرياضية، من بينهم رئيس جمعية النجم الساحلي رضا شرف الدين الذي نجح في حصد عدد من الأصوات خوّله دخول البرلمان عن حزب "نداء تونس"، والوضع مماثل بالنسبة إلى رئيس جمعية النادي البنزرتي سابقاً معز بن غربية الذي نجح في انتخابات العام 2011، وواصل تجربته في السياسة كوزير ثم كمستشار لرئيس الحكومة يوسف الشاهد.
ولم ينقطع مشاهير الرياضة في تونس بخاصة ممَن عُرفوا بثرائهم، عن السياسة، إذ ترشح حسين جنيح الذي كان سابقاً عضواً في الهيئة الإدارية لنادي "النجم الساحلي" على رأس قائمة "تحيا تونس" في محافظة سوسة الساحلية مراهناً على شعبيته ومدى نفوذه هناك. 
ويبقى المثل الأبرز لتداخل الرياضي بالسياسي في تونس، هو "الحزب الوطني الحر" الذي فاجأ الجميع وأصبح القوة البرلمانية الثالثة في تونس بعد انتخابات العام 2014، بعد سنتين من انتخاب رئيسه سليم الرياحي رئيساً للنادي الإفريقي، أحد أكثر الفرق شعبية في تونس.
ولم يكن التداخل بين مجالَي الرياضة والسياسة أمراً مستجداً في تونس بل هو جزء من تقاليد البلاد وأعرافها السياسية ففي عام 1931، التحق الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة أحد رموز الحركة الوطنية آنذاك، بهيئة إدارة فريق "الترجي الرياضي التونسي"، نظراً إلى حاجة الحركة الوطنية وقتها إلى شعبية الفريق صاحب إحدى أهم القواعد الجماهيرية في تونس.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي