Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الناخبون البريطانيون يرغبون بزيادة تشدد بلادهم حيال الصين

يرجح أن تسيطر بكين على أجندة لقاء مجموعة الدول السبعة الكبرى في اليابان

لم يحل التقدم التقني لشركة هواوي الصينية دون تعرضها لعقوبات غربية قاسية (وكالة شينخوا)

ملخص

فيما يلتقى قادة الدول الصناعية السبع الكبرى في هيروشيما اليابانية، تظهر استطلاعات الرأي ميل غالبية البريطانيين إلى التشدد حيال الصين

في قمة مجموعة "الدول السبع الصناعية الكبرى"، اختصاراً "جي 7"G7، التي تنعقد في مدينة هيروشيما اليابانية، هناك موضوع أساسي مطروح هو الصين. ثمة رمزية تتعلق بمكان انعقاد القمة في مدينة دُمِّرَتْ في عدوان نووي، ولا يفصلها سوى البحر وحده عن دولة تستعرض باستمرار قوتها العسكرية. إنها مسألة الجوار الجغرافي أيضاً وقربها من تايوان التي تبقي مصيرها قضية موجعة للصين. ولا تبدو أي مؤشرات على تراجع ذلك الوجع.

إن موقع انعقاد القمة الجغرافي يرفع حدة القضية، لا أكثر. وتتمثّل الحقيقة في أن مكان اجتماع القادة ليس مهماً. وأينما اجتمعوا، ستحل الصين وبحث سبل التعامل مع بكين، على رأس برنامج اجتماعاتهم.

واستطراداً، نعرف جميعنا أن القادة لا يعرفون ما الذي يتوجب عليهم فعله في هذا المجال. إذ يعتريهم خوف من طموحات الصين، وذلك لا يقتصر على موقف بكين من تايوان. فأينما ذهبت في العالم، ترى أنه حيثما تتجمع الموارد الطبيعية والسلع المفترض تأمينها، فالأرجح أنك سترى التأثير الصيني. إذ تركز أنظارها على كل شيء ربما تحتاجه ذات يوم، سواء تعلق ذلك بالمعادن الحيوية أو توفير المواد الغذائية الأساسية. وذات يوم، قد تمنع بكين وصول تلك الموارد إلى بقية دول العالم.

إن الصين حاضرة في الأمكنة كلها. ويشمل ذلك قطاعات العقار، والمال، وتكنولوجيا المعلومات، والبرمجية المعلوماتية والتقنيات. إذا أضفنا كل ذلك إلى مسألة أن نظامها يحكم بواسطة القمع، مع اتباعه مقاربة متفردة لمسألة حقوق الإنسان؛ نجد أننا حيال خلطة معدة لخوض الصراعات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن التعامل مع هذا التوتر الحاضر باستمرار، وطرح كيفية منع الأمور من الإنزلاق [نحو المواجهة]، وماذا يتوجب علينا فعله، هي أمور تشغل السياسيين والمسؤولين العاملين معهم في عواصم العالم الرئيسة، وفي كل أمكنة اجتماعات القادة. وبحسب ما يشعر زعماء كثيرين، إن الصين دولة  لا يمكن الوثوق بها. في المقابل، لا يسهل تصور كيفية مقاومة انفتاحها، خصوصاً حينما يأتي ذلك الانفتاح مزنراً بالأموال.

واستطراداً، تكون النتيجة هي عدم التوافق. فقبل انطلاق أعمال قمة "مجموعة السبع"، صرح رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك بأنه يتوجب على الزعماء المجتمعين "أن يفعلوا ما بوسعهم كي تكون الدول المتحالفة ضمن مجموعة دول السبع موحدة الصفوف في مقاربتها التي تسعى لحماية [مصالحها] في مواجهة المخاطر والتهديدات التي تشكلها الصين".

وفي وقت سابق، صرح ريشي سوناك أن المملكة المتحدة لديها "مقاربة متوافقة بشكل كامل" مع السياسة التي ينتهجها الرئيس جو بايدن حيال بيجينغ. ومن شأن تلك المقاربة أن تشمل وضع حد للاستثمار في الصين خصوصاً في القطاعات الحساسة مثل جمع البيانات، والذكاء الاصطناعي.

وفيما يبحث قادة الـ"جي 7" المسألة الصينية، سيحضر إلى تفكيرهم أيضاً مثل عن كيفية حدوث انقلاب مفاجئ في العلاقات. إن الاجتياح الروسي لأوكرانيا وتأثير ذلك على واردات الطاقة في العالم من شأنه توفير درسٍ عميق عما يمكن أن يتطور بشكل سيئ [في عالمنا اليوم]. وكلما نُسِجَتْ صلة ما، تظهر معها مواطن الضعف. إن الخطر الذي تشكله صين عدوانية على اقتصاد العالم وأسواقه، هي أعظم بكثير [مما حدث في أوكرانيا]. وعلى عكس روسيا اليوم، فإن الصين قوة اقتصادية عظمى، وقادرة على أن تُحدِث فساداً عظيماً.

بالتالي، ثمة عامل يساعد القادة في خضم ترددهم ومحاولتهم موازنة بين الحماية من جهة وبين الشراكات المجزية والمربحة، يتمثل في أن مواقف الناخبين في بلدانهم قد تكون أكثر وضوحاً. بالطبع، إنه الحال في المملكة المتحدة. إذ أبرزت ورقة بحثية أعددتها "فريشواتر ستراتيجي" Freshwater Strategy، بالتعاون مع جمعية هنري جاكسون Henry Jackson Society، أن الرأي العام البريطاني يتخوف من المخاطر التي قد تنتج من العلاقات مع دول كروسيا والصين، ويدعم بقوة ضرورة فرض مزيد من الضوابط والقيود في مجالات حساسة عدة.

وبحسب مستشار مؤسسة ""فريشواتر ستراتيجي" Freshwater Strategy، مورغان جايمس، "ثمة قلق بين أفراد الشعب حول ضرورة التأكد من فرض قيود صارمة على التعامل [مع دول مثل الصين]، مرده إلى توجه [جديد] حقيقي ويتعاظم حجمه. بينما يبقى التعاون مع الجهات الروسية في حدوده الدنيا، فإن الشراكات مع الأكاديميين الصينيين والشركات الصينية قد نمت بـ34.7 في المئة بين الأعوام 2018 و2021 وحدها".

وقد خلصت استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة "فريشواتر" إلى أن 68 في المئة من الناخبين البريطانيين يعتقدون أن الدول التي تشبه الصين [حكمها من الطينة نفسها] لا يجب السماح لها بالمشاركة في الأبحاث على دراسات تطوير برمجيات الأمن السيبراني. وفي مجال [تطوير] فحوصات الحمض النووي DNA، يشعر 51 في المئة من الناخبين البريطانيين بالأمر نفسه [أي حظر مشاركة الصينيين في هذا المجال].

إنها قضية انتخابية، وسيكون من الجنون أن تختار الأحزاب الرئيسة تجاهلها. بين الليبراليين الديمقراطيين المستطلعين، أورد 44 في المئة أنهم  قد يتدارسون بالتأكيد التصويت لحزب آخر، إذا تبين لهم أن حزبهم يتعامل بضعف مع الصين. بالنسبة إلى حزب العمال، أفاد 52 في المئة ممن استُطلِعَتْ آراؤهم بأنهم سيفعلون الأمر نفسه.

ولعل الأمر الأكثر إثارة للدهشة جاء من الأرقام الصادرة عن استطلاع عينة من الناخبين المحافظين. إذ بيَّنَ25 في المئة ممن يصوتون لمصلحة حزب المحافظين أنهم قد يدرسون بجدية تغيير ولائهم [في حال عدم تشدد ذلك الحزب مع الصين]. وأن يأتي ذلك من حزب يعتبر مناصراً تقليدياً لقطاع الأعمال، وتأخذ توجهاته في الحسبان الأولويات التجارية، هو مؤشر مهم. إذا جرى تجاهل مثل ذلك التوجه، فسيكون كافياً لخسارة حزب المحافظين في الانتخابات العامة المقبلة.

وربما للمرة الأولى، يبرهن استطلاع للرأي عن الجدية التي يتعاطى بها الناخب في المملكة المتحدة مع مسألة المحافظة على القيم المتعلقة بحماية حقوق الإنسان، والحفاظ على خصوصية البيانات والمبادئ الديمقراطية. حتى اليوم، لا يزال هناك شعور مستمر بأن هذه الأمور ليست مسألة تؤدي للفوز بالانتخابات أو خسارتها، بل إنها أمور من المستحسن التمسك بها، والترويج لها، ولكن حينما يحين وقت وضع العلامة على القائمة الانتخابية فإن الملف [المتعلق بالعلاقات الخارجية] لا يبدو مهماً جداً.

واستطراداً، فلربما تغير ذلك الأمر. وقد يكون السبب في ذلك هو روسيا وسقوطها في حرب أوكرانيا، الذي أدى إلى التشدّد في مواقف الأطراف. إذ لا يرغب الناس بتكرار هذا النزاع لأن أي صراع مماثل قد يُحدِثْ تداعيات أسوأ بكثير.

واستكمالاً، إن ما يعزز مثل هذا التوجه يأتي من تلك النزعة البريطانية الميالة إلى أن تكون شروط اللعبة عادلة. إذ لم يحترم الناخب البريطاني أبداً دولاً لا تعامل شعوبها بشكل يكون صحيحاً [منصفاً] من وجهة نظر بريطانية.

ويعلم معدّو السياسات الاستراتيجية ذلك الأمر الذي يظهر أخيراً عبرَ درجة الشدة التي تتحلى بها مواقف كل من حزب المحافظين والعمال تجاه الصين. من شأن هذا الاستطلاع أن يشدد من المواقف المتبعة [رسمياً] في هذه المسألة. 

وكذلك يعني ذلك الاستطلاع أن اتخاذ خط أكثر تشدداً بخصوص مسألة التعاون وفرض آليات تدقيق أعمق في أي صفقة تجارية محتملة أو المشاركة في تمويل أي مشاريع مشتركة. وكذلك تستطيع مبادرات الأبحاث العلمية أن تتوقع خضوعها لعمليات تحقق من هذا القبيل، مع إمكانية رفض تلك المشاريع. لقد ولّت تلك الأيام التي كانت فيها المؤسسات التجارية البريطانية والمعاهد التعليمية تهرع من أجل التعاون مع الصين. ولا تقتصر تلك المواقف على الحكومة وحدها، بل إن المواطنين أيضاً ينادون بذلك بشكل مرتفع النبرة وبوضوح فائق.

© The Independent

المزيد من آراء