Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مالية لبنان لم تدخل مرحلة الموت السريري

وكالة فيتش مرتاحة للعمل وتوجه لإعطاء البلد مهلة قبل خفض التصنيف

توجه لخفض الفوائد في الفترة المقبلة (أ.ف.ب)

لا تعكس أرقام المالية في لبنان حجم التهويلَيْن النفسي والإعلامي المستمرَّيْن منذ فترة، واللّذين ولّدا نوعاً من المناعة تُترجم استقراراً في الأسواق، بحسب كلام رئيس جمعية المصارف الجديد الدكتور سليم صفير الذي تسلم مهامه نهاية يونيو (حزيران) الماضي، وهو رئيس مجلس ادارة بنك بيروت.

وأول الغيث تعميم من جمعية مصارف لبنان، تدعو البنوك اللبنانية إلى عدم المزايدة في موضوع رفع الفوائد وتوجه لخفضها في المرحلة المقبلة. أما وكالة فيتش التي تزور لبنان حالياً، فتبدو مرتاحة لبدء مسار العمل المؤسساتي والإصلاح، ولو بخجل.

فيتش متفائلة مصرفيا 

قبل وصول وفد من وكالة Fitch Ratings، أثنت وكالة التصنيف الدولية على صلابة القطاع المصرفي اللبناني، وصنّفته ضمن فئة "مستوى منخفض لقابلية التعرض للضغوط".

وأكدت أن هذه المتانة هي بمستويات متانة القطاعات المصرفية في الولايات المتحدة وألمانيا وأستراليا وفرنسا على سبيل المثال لا الحصر.

وفيما يزور وفد من فيتش لبنان، كشف صفير لـ"اندبندت عربية"، عن أن الوفد يدرك تماماً واقع لبنان المصرفي والمالي وهو مرتاح لمسار إقرار الموازنة الذي وضع لبنان على خط الانتظام المالي، وبدء الإجراءات التي تصحح الخلل الذي أنهك ميزانية الدولة.

ونظراً إلى الأسئلة التي طرحها وفد فيتش والتي تمحورت حول مقدرة المصرف المركزي على تأمين استقرار السياسة النقدية وواقع المصارف القوي كما نظرة الوفد الإيجابية إلى المسار الذي سلكه إقرار الموازنة، يتوقع صفير أن يعطي المجتمع الدولي الحريص على استقرار لبنان مهلة إضافية قبل خفض التصنيف في ضوء الخطوات الإيجابية والأرقام المشجعة التي حققها لبنان في النصف الأول من العام.

 في المقابل، يشير صفير، إلى أن المصارف اللبنانية بحجم موجوداتها التي تخطت 220 مليار دولار وودائعها التي تخطت 177 مليار دولار، قادرة على استيعاب أي مخاطر.

فتوجيهات المصرف المركزي ومقاربته الحذرة، تحمي القطاع من أي هزات، كما يتمتع القطاع المصرفي اللبناني بمقومات تفوق متطلبات بازل 3 الدولية.

ويقول صفير "لم نكن ناجحين لو كنا خائفين، ونحن مرتاحون لأرقامنا ولدينا ما يلزم لمواجهة أي خطر لا أراه قادماً، أقله قريباً".

 الأرقام المالية تبشر بالخير

استطاع لبنان خفض عجز الميزانية الكلي بواقع 550 مليون دولار في أول 5 أشهر من عام 2019 بحسب أرقام وزارة المالية التي صدرت اليوم الثلاثاء. نهجٌ إذا ستمر، قد يخفض نسبة العجز، إلى مستويات كبيرة تندرج ضمن المتطلبات الدولية.

كما بدأ نمو الودائع بالتعافي، فزادت الودائع بواقع 1.1 مليار دولار خلال شهر يونيو 2019، ويرى رئيس جمعية المصارف أن نمو الودائع سيستمر مع عودة تفاؤل العملاء بعد إقرار ميزانية الحكومة.

 

ويتحدث صفير عن خاصية في لبنان، هي المغتربين وعائلاتهم، إذ يؤمّنون تدفقات مالية تقدر بين 7 و 7.5 مليار دولار سنوياً، لا تتأثر في الأوضاع السياسية الداخلية أو الخارجية، موضحاً أن ما خرج من الودائع نتيجة المخاوف والتهويل قد خرج، واليوم الاستقرار هو السائد، ومتانة القطاع المصرفي أثبتت أنها لم تتأثر في ما خرج من أموال تبقى ضئيلة، بالمقارنة مع حجم الودائع.

وحول تعرض المصارف للدين اللبناني، يوضح صفير بالأرقام أن تمويل المصارف للقطاع الخاص أعلى من تمويله للقطاع العام (العجز بالموازنة)، إذ يبلغ حجم ​التسليفات​ للقطاع الخاص 56 مليار و300 مليون دولار تتوزّع على القطاعات الإنتاجية كافة، مقابل 33 مليار دولار تحملها المصارف كسندات خزينة.

حرب منسقة على الفوائد المرتفعة

تتجه المصارف في لبنان إلى دعم الاقتصاد في الأشهر الأربعة إلى السبعة المقبلة، بما في ذلك العمل على خفض أسعار الفائدة وتقديم المزيد من القروض لبعض القطاعات، وبالفعل بدأ بعض المصارف بخفض أسعار الفائدة المعطاة على ودائع الدولار بواقع نقطتين مئويتين.

فالمصارف التي تأثرت أرباحها في المرحلة الماضية برفع الفوائد، تسعى إلى ضبط السوق في إجراء يصب في مصلحة الاقتصاد، كما المصارف وفرص العمل.

والأولوية اليوم هي للنهوض بالاقتصاد اللبناني، وبحسب صفير "اقتصاد من دون نمو هو اقتصاد فاشل يورد مشاكل داخلية، فالهدف إبقاء الشباب في لبنان وإرساء استقرار اجتماعي".

وعن لقاء جمعية مصارف لبنان مع وزير المالية علي حسن خليل، تلمّس صفير وعياً وإدراكاً لدى الطبقة السياسية بضرورة المضي قدماً بالإصلاحات كمخرج وحيد للأزمة الحالية .

ويقول إن وزير المال مدرك تماماً لأرقامه من مقدرات واستحقاقات الدولة اللبنانية، لذلك موزانة 2020 التي أصبحت جاهزة بنسبة 80 في المئة، ستكون أفضل إصلاحياً من موازنة 2019.

ويشير صفير إلى أنه متفائل بحملة مكافحة الفساد وتطبيق القوانين التي بدأت ولو خجولة، إلّا أنها تبشر بمسار طويل ينهي أعواماً من الهدر والتطاول على ثروات الدولة، وأكبر دليل، الحملة التي يشهدها السلك القضائي عبر محاكمة 12 قاض وحملة تطبيق قانون العمل التي بدأها وزير العمل وأثمرت 1400 فرصة عمل جديدة أمام اللبنانيين، إضافة إلى تعزيز موارد الدولة عبر الحد من الاقتصاد الأسود.

هي إذاً خطوة الألف ميل، بدأت بتدارك الوضع مالياً، ليبقى الاستقرار السياسي الأساس في مسيرة استنهاض البلد.

المزيد من اقتصاد