Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تمنع مرضى السرطان في غزة من تلقي العلاج

أكثر من 10 آلاف حالة في القطاع مصابة بالمرض

 في مستشفى عبد العزيز الرنتيسي وسط غزة (اندبندنت عربية)

الساعة التاسعة مساءً... تنتظر حنان والدة الطفل محمود بفارغ الصبر، رسالة نصية ستصل إلى هاتفها المحمول، تؤكّد لها موافقة إسرائيل على سفرها برفقة ابنها المريض بالسرطان عبر المعابر الحدودية التي تسيطر عليها.

 تقول "أخبرني الموظف أنّ الرسالة لن تتأخر عن السادسة مساءً، يبدو أنّ هناك رفضاً إسرائيلياً".

سترافق حنان ابنها في رحلة علاجه من مرض السرطان، فطفلها الصغير يحتاج إلى جرعات من الإشعاع الكيماوي، لكنها غير متوافر في مستشفيات قطاع غزّة التي تفتقر إلى 51 في المئة من الأدوية (بحسب وزارة الصحة)، وعادة ما يسافر المحتاجون إلى هذه الجرعات إلى الضفة الغربية أو إسرائيل لتلقي العلاج المناسب.

رفض حسب المزاج

ووفقاً للسياسة الإسرائيلية، فإنّها ومنذ انسحابها من قطاع غزّة عام 2005، منعت سكانه من السفر عبر المعابر التي تسيطر عليها سلطاتها، تحت أيّ سببٍ أو ظرفٍ كان، إلا بعد الحصول على موافقة.

 ويعرف ذلك محلياً بـ "التصاريح"، لكن المتعارف عليه أنّ الأشخاص المرتبطين بالفصائل لن تسمح إسرائيل لهم بالسفر، وعادة ما تسمح للأطفال والنساء بالمغادرة من دون أيّ تعقيدات، فيما يرى خبراء أنّ ذلك يتبع لأهواء الشؤون المدنية الإسرائيلية، ولا معايير واضحة في آلية الموافقة أو الرفض للمتقدم بالسفر.

مع بزوغ الفجر، تتجهّز حنان للذهاب إلى دائرة العلاج في الخارج (مؤسسة حكومية) لمراجعة سبب عدم وصول رسالة لها تفيد بالموافقة على السفر. تقول "كان رد الموظف أنّ اسمي وطفلي في دائرة البحث الأمني ورفضت إسرائيل سفرنا".

أرقام السرطان في غزّة

في قطاع غزّة، أكثر من 10 آلاف مريض بالسرطان، بينهم 608 أطفال، و4705 حالات من النساء، مسجّلون ضمن مركز رصد الأورام (تابع لوزارة الصحة).

 وتقول هيا ياغي مسؤولة ملف السرطان في وحدة نظم المعلومات الصحية التابعة للوزارة إنّهم رصدوا تزايداً ملحوظاً في الإصابة بالمرض عند المقارنة بالأعوام الخمسة الأخيرة، في العام 2016 وحده شخصت 1700 حالة، لكن في العام 2011 سُجّل أقل من ألف حالة.

وعلى الرغم من هذه الأرقام التي بدأت تسجل ارتفاعاً، مقارنة بالدول العربية، فإنّ معدل الإصابة بالسرطان في قطاع غزّة يعد الأقل، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، ويعد سرطان الثدي الأكثر انتشاراً في القطاع، ويبلغ عدد المصابين به حوالى 1500 حالة، ويليه سرطان القولون، أما سرطان المعدة فيأتي في نهاية قائمة العشرة أنواع الأكثر انتشاراً وفقاً لياغي.

لكن الوفيات بين مرضى السرطان وصلت إلى 4 آلاف حالة حتى العام 2016. توضح ياغي أنّ هذا المرض يعد المسبب الثاني للوفيّات في غزّة بعد القلب، ورصدت وزارة الصحة أنّ سرطان الرئة يعد المسبب الأولّ للوفيّات، ويليه سرطان الثدي، ومن ثمّ سرطان المستقيم.

نقص الخدمات الطبية

واقع المصابين بالسرطان داخل قطاع غزّة الذي يعاني الحصار من 12 عاماً مزرٍ جداً، اذ تتضاعف المعاناة النفسية والجسدية للمرضى نتيجة ضعف الإمكانات والنقص الدائم في المعدات والأجهزة التشخيصية والعقاقير والأدوية ومدخلات تشغيل المعدات الطبية والأجهزة العلاجية.

في المقابل، يرى محمد لافي منسق مشروع المناصرة في منظمة الصحة العالمية، أنّ العجز في الأدوية واحد من أبرز التهديدات على حياة المرضى، فقد بلغ متوسط نسبة العجز في العلاج اللازم لمرضى السرطان وأمراض الدم 58 في المئة، خلال عام 2018، وتتكون هذه الأدوية من 65 صنفاً، موضحاً أنّه في غياب صنف من الأدوية المكونة لبرنامج العلاج، يفشل البرنامج كلّه ويصبح بلا فاعلية.

وعادة ما يلجأ المرضى إلى السفر لأسباب وفق لافي، بينها، عدم وجود أجهزة تشخيص ومنها تصوير الطب النووي الذي يكشف مدى انتشار المرض، وفي أيّ مرحلة، وعدم وجود أجهزة الإشعاع، ونقص في كبسولات دوائية غير متوافرة في غزّة، إضافة إلى انعدام العلاج الكيماوي.

ونتيجة ذلك، فإنّ الخيار الوحيد أمام المرضى يكون بطلب السفر إلى خارج غزّة لتلقي العلاج، وفقاً للمسؤول الأممي فإنّ عدد طلبات تصاريح المرور إلى الضفة الغربية وإسرائيل المقدمة من مرضى قطاع غزّة للوصول إلى العلاج المناسب، فاقت 25 ألف طلب العام الماضي، منهم 8 آلاف لمرضى السرطان، لكن إسرائيل حرمت منهم أكثر من 3 آلاف من السفر.

وبحسب لافي فإنّه في النصف الأوّل للعام الحالي تقدم 12 ألف مريض بطلب تصريح للسفر إلى الضفة الغربية وإسرائيل، من بينهم أكثر من 3 آلاف مريض بالسرطان، فيما وافقت إسرائيل على نسبة 74 في المئة للمرضى السرطان، ورفضت البقية بسبب المنع الأمني أو تحت الدراسة الأمنية.

وبعد قرار السلطة الفلسطينية، وقف تحويل المرضى إلى المستشفيات الإسرائيلية كردٍ على اقتطاع أموال المقاصة، وكأحد أشكال الانفكاك الجزئي للسلطة عن إسرائيل، يوضح لافي أنّ السفر إلى إسرائيل انخفض كثيراً، لكنه لم يتوقف، وأنّ معظم التحويلات أصبحت إلى مستشفيات الضفة الغربية سواءً الحكومية أو الخاصة.

وبحسب المعلومات المتوافرة فإنّ التحويلات الطبية على المستشفيات الإسرائيلية انخفضت حتى 40 في المئة.

المزيد من العالم العربي