Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حميدتي" في القاهرة... تطمينات في ملفات المياه والأمن وحشد الدعم للمرحلة الانتقالية

محلل سياسي: ربما استهدف توضيح الصورة بعد إحباط انقلاب عسكري اتهم بتدبيره رئيس الأركان السابق بعد زيارته لمصر بـ10 أيام

نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" (أ.ف.ب.)

في زيارة هي الأولى لمصر، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الاثنين، نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، لبحث مسار المرحلة الانتقالية في السودان، فيما وجّه المسؤول السوداني رسائل طمأنة إلى القاهرة القلقة بشأن حصتها في مياه النيل، وتأثير الأوضاع في السودان على أمنها القومي.

اللقاء الذي جاء عشية استئناف المفاوضات بين المجلس العسكري الانتقالي السوداني وقوى "الحرية والتغيير" حول الإعلان الدستوري وتشكيل حكومة مدنية انتقالية، أكد خلاله الرئيس المصري على "الموقف الاستراتيجي الثابت لمصر تجاه دعم استقرار وأمن السودان وشعبه الشقيق"، بحسب المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير بسام راضي، الذي أوضح أن "حميدتي" بحث تطورات الموقف الحالي في السودان. وقالت الرئاسة المصرية في بيان لها إن "اللقاء تناول بعض جوانب العلاقات الثنائية، وفي مقدمتها مشروعات الربط الكهربائي وخط السكك الحديدية بين البلدين".

الأمن والمياه... ملفات على المحكّ

ونقلت الصحف السودانية المحلية عن "دقلو" قوله إن "السودان لن يسمح بوجود أي عناصر مطلوبة لدى مصر، ولن يسمح بوجودهم على الأراضي السودانية"، مشددا على أن "المجلس الانتقالي يدعم خيارات الشعب السوداني، وأنه لن يأتي أحد إلى السودان عكس رغبة شعبها، وأن الجيش حافظ على السودان من التفكيك أو التقسيم".

وفي الوقت الذي وجّهت فيه وزارة الريّ المصرية، أمس، برفع حالة الطوارئ إلى الدرجة القصوى في محافظات مصر خلال الفترة المقبلة، لتوفير الاحتياجات المائية للبلاد، وبصفة خاصة مياه الشرب، نظرا إلى انخفاض الإيراد المائي السنوي نحو 5 مليارات متر مكعب عن العام الماضي، نقلت صحيفة "الانتباهة" السودانية عن نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي خلال لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قوله "لن نضرّ بحصة مصر في مياه النيل، والتنسيق مع مصر بشأن أزمة سدّ النهضة مستمر، والملف من أولوياتنا خلال الفترة المقبلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبدوره، قال المحلل السياسي السوداني، طلال إسماعيل، لـ"اندبندنت عربية"، إن "أي تأجيل أو تأخير في تشكيل الحكومة الانتقالية في السودان سيؤدي إلى تأجيل التفاوض حول ملف سد النهضة، بما سيؤثر على مصر التي لن تقبل استكمال بناء السد دون الوصول لالتزامات حول فترة ملء بحيرة سد النهضة وآلية تشغيلها، مما يجعل تشكيل حكومة انتقالية في السودان أولوية مصرية ومسألة حساسة لأمنها القومي بشكل عام، وأمنها المائي على وجه الخصوص".

وجاءت زيارة "دقلو" لتبعث برسالة طمأنة للقاهرة حول ملف المياه، وبعد أيام من زيارة جيدو اندارجاشيو، وزير الخارجية الإثيوبي، إلى مصر، حيث طالبته القاهرة بـ"إجراءات عملية" لبلورة اتفاق حول سد النهضة، وبحث المسؤول الإثيوبي التنسيق مع القاهرة لدعم "الشعب السوداني لتجاوز التحديات الراهنة"، إلا أن الملف الذي طغى على المباحثات بين الجانبين كان تعثر مفاوضات سد النهضة، فبالإضافة إلى التباطؤ الإثيوبي في تحريك هذا الملف الحيوي بالنسبة إلى القاهرة، فإن التغيير السياسي في السودان بالإضافة إلى الاضطرابات التي شهدتها إثيوبيا الشهر الماضي بعد محاولة انقلاب فاشلة، قد وفّرت مبررا إضافيا لإثيوبيا لوقف المسار التفاوضي المتعثر مع مصر في ملف سد النهضة، وبعث رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الزيارة برسالة إلى الرئيس المصري أكد فيها بالاهتمام والعزم على استئناف مسار المفاوضات الثلاثية التي تجمع كلا من إثيوبيا، ومصر، والسودان، وذلك لتنفيذ ما تضمنه إعلان المبادئ المبرم بينهم والخاص بسد النهضة من أجل التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، وعلى نحو يراعي بشكل متساوٍ مصالح الدول الثلاث.

مصر تتابع مسار المرحلة الانتقالية

وخلال جلسة المباحثات التي عقدت بحضور وزير الخارجية المصري، سامح شكري، واللواء عباس كامل، رئيس المخابرات العامة المصرية، استعرض رئيس المجلس العسكري الانتقالي تطورات الأوضاع في السودان والجهود المبذولة للتعامل مع المستجدات في هذا الصدد، بما فيها التوقيع أخيرا على الاتفاق السياسي الخاص بترتيبات المرحلة الانتقالية مع تحالف "الحرية والتغيير"، معرباً في هذا الخصوص عن تقدير بلاده لدور مصر الداعم للسودان، بخاصة من خلال رئاستها الحالية للاتحاد الأفريقي.

كما أكد السيسي على متابعته الحثيثة لكافة التطورات الراهنة على الساحة السودانية، مؤكداً مساندة مصر لإرادة وخيارات الشعب السوداني في صياغة مستقبل بلاده، والحفاظ على مؤسسات الدولة، ومعرباً عن استعداد مصر لتقديم كل سبل الدعم للسودانيين لتجاوز هذه المرحلة بما يتوافق مع تطلعات الشعب السوداني بعيداً عن التدخلات الخارجية، حسبما ذكر بيان للرئاسة المصرية.

ضحية سرير توتو، القيادي بالحركة الشعبية لتحرير السودان وممثلها بالشرق الأوسط، قال إن مباحثات القاهرة التي جاءت بعد أيام من زيارة وفد من المجلس العسكري بقيادة "حميدتي" وقيادات "الحرية والتغيير" إلى عاصمة جنوب السودان (جوبا) للقاء قيادات الحركات المسلحة، ومنها الحركة الشعبية، قد شملت بالأساس طلب مساعدة مصر في التوصل إلى اتفاق سلام شامل مع الحركات المسلحة، وبخاصة في ضوء دور مصر التاريخي في هذا الملف، وما أسهمت به بالتوصل إلى اتفاق السلام عام 2005.

وتابع "مصر لديها نفوذ كبير يمكن أن تمارسه لدى الحركات المسلحة، وهي أيضا حليف قوي للحكم الانتقالي في السودان، مما سيجعل دورها مفصليا في حل تلك المعضلة، وزيارة (حميدتي)، المسؤول الأول عن ملف السلام مع الحركات المسلحة، إلى مصر تؤكد أن هدفها التوصل إلى هذا الاتفاق".

ومن جانبه، قال المحلل السوداني، طلال إسماعيل، إن "مصر تلعب دورا محوريا في استقرار السودان من خلال الوصول إلى مرحلة انتقالية تنهي حالة الاضطراب السياسي والأمني، من خلال إدارة المرحلة الانتقالية بصورة تضمن تحقيق تطلعات الشعب السوداني ومشاركة جميع الأطراف السودانية لضمان نجاح تطبيق الاتفاق السياسي الذي توصل المجلس العسكري إليه أخيرا مع قوى (الحرية والتغيير)، بالإضافة إلى تحقيق تقدم في ملف السلام مع الحركات المسلحة".

وتعد زيارة "حميدتي"، الأولى لمصر، الزيارة الثالثة لمسؤول عسكري سوداني رفيع المستوى خلال الشهرين الماضيين للقاهرة، والتي جاءت بعد زيارة رئيس المجلس العسكري الفريق أول عبد الفتاح البرهان في مايو (آيار) الماضي، وزيارة الفريق أول ركن هاشم عبد المطلب بابكر، رئيس الأركان المشتركة السودانية، لحضور الاجتماع السادس للجنة العسكرية المشتركة المصرية- السودانية والذي استضافته القاهرة، والذي تم اعتقاله قبل أيام بتهمة تدبير محاولة انقلابية بالتواطؤ مع قادة النظام السابق والحركة الإسلامية.

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي السوداني، مزمل أبو القاسم، أن زيارة "دقلو" ربما استهدفت أيضا توضيح الصورة بالنسبة إلى إحباط عملية الانقلاب العسكري التي اتهم بتدبيرها رئيس الأركان السابق، الذي كان قد زار مصر قبل نحو 10 أيام، في إطار اجتماعات لجان عسكرية بين البلدين"، مؤكدا أن "أي تطور سياسي أو أمني في السودان يؤثر على مصر بالدرجة الأولى نظرا لعلاقات الجوار وتشابك المصالح بين البلدين".

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة