Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مشاهد مستنسخة... التغيير في السودان صدفة أم مؤامرة؟

قطع الإنترنت والهجوم على السجون والتدخل الأجنبي سياق متكرر لمسلسل الفوضى والانهيار

كل تلك المتشابهات دفعت بعض المتابعين للتساؤل حول وجود "نمط منظم" للتغيير في المنطقة (أ ف ب)

ملخص

أحداث السودان اعتبرها مراقبون سيناريو مكرراً لثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا وسوريا... فما القصة؟

مشاهد مستنسخة يشهدها السودان بعد أن أخذت جولة مكررة بدول عربية على مدى العقد الماضي، حتى حفظها الملايين وأصبح السيناريو ثابتاً وبترتيب فصوله، فالعناوين العريضة للمعارك التي تشهدها البلاد حالياً وينتظر أن تحدد مستقبلها، سبق أن تكررت قراءتها في انتفاضات وثورات عربية مجاورة.

مسلسل على الأرض، وربما تنقله الشاشات على الهواء مباشرة، يبدأ بقطع الإنترنت مروراً بانتشار قناصة وانتهاء باقتحام السجون وتدخل دول غربية على خط الأزمة للدعوة إلى حل سياسي، مما يعتبره البعض تدخلاً في الشؤون الداخلية... كل تلك المتشابهات دفعت البعض إلى التساؤل حول وجود "نمط منظم" للتغيير في المنطقة، سواء أطلق عليه ثورة أم انتفاضة وأحياناً "فوضى".

مع اندلاع الاشتباكات في السودان، منتصف أبريل (نيسان) الماضي، شهدت خدمات الإنترنت انقطاعاً شبه كامل واستمر الحال في الأيام التالية بين عودة لعدة ساعات وانقطاعات كلية وجزئية. وبعد أسبوع من القتال اتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع باقتحام سجن الهدى في مدينة أم درمان، لكن الأخيرة نفت ذلك، قبل الإعلان عن هرب عدد من قيادات النظام السابق من سجن كوبر.

أعادت تلك المشاهد في السودان إلى الذاكرة ما شهدته جارتها الشمالية مصر، خلال ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، حين بادرت السلطات في الأيام الأولى للثورة بقطع خدمات الإنترنت التي شهدت الدعوات الأولى لنزول المصريين إلى الشوارع، ومع احتدام الأوضاع في جمعة الغضب (28 يناير) تحت وطأة اشتباكات المتظاهرين مع الأمن هوجمت أقسام الشرطة في العاصمة القاهرة ومدن عدة، وتطور الأمر إلى اقتحام بعض السجون من أبرزها "وادي النطرون" الذي كان يحتجز فيه القيادي بجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، والذي تولى رئاسة البلاد بعد ذلك بـ17 شهراً. وبلغ عدد السجناء الفارين حينها 22 ألفاً، وفق تقديرات إعلامية.

إعادة التاريخ

كان الاعتداء على أقسام الشرطة بالقاهرة والمحافظات تكراراً لمشهد حرق مراكز أمنية في تونس، مهد الاحتجاجات بالدول العربية، قبل أسبوعين فقط على الثورة المصرية.

في منتصف فبراير (شباط) 2011 قطعت السلطات الليبية بقيادة معمر القذافي الوصول إلى الإنترنت والمكالمات الهاتفية الدولية في شرق البلاد، في أعقاب الاحتجاجات التي اندلعت هناك، وتطور الحجب ليشمل جميع المناطق ليلة الجمعة 18 فبراير، وحتى بعد عودة الخدمات كان الوصول إلى مواقع التواصل صعباً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الأكاديمي المصري المتخصص في التاريخ الحديث بجامعة عين شمس، جمال شقرة، لا يرى أن "التاريخ لا يعيد نفسه"، قائلاً إن الأشخاص والظروف والجغرافيا تختلف بين حدث لآخر و"المقدمات المتشابهة تؤدي إلى نتائج متشابهة".

 شقرة أكد لـ"اندبندنت عربية" أن ثورات مثل الفرنسية والبلشفية و23 يوليو (تموز) في مصر، تكاد تكون مقدماتها متطابقة، بخاصة معاناة المواطنين من أزمات اقتصادية ومالية وفساد سياسي وجمود طبقي صارم، ووجدت تلك المطالب مثقفين حركوا الجماهير بالتالي انفجرت.

وأبدى "عدم اعترافه أو احترامه لمصطلح الربيع العربي الذي يرتبط بمخططات خارجية ويد تعبث في المنطقة بهدف إنهاك الدول العربية لصالح العدو المركزي للعرب وهو إسرائيل وتقسيم المنطقة"، على حد قوله. وأوضح أن هناك دراسات كانت موزعة على المشاركين في تلك الثورات حول كيفية استخدام السوشيال ميديا في "تهييج" الجماهير ومهاجمة مراكز الشرطة وإسقاط مؤسسات الدولة واستقطاب غير المؤدلجين أو من يطلق عليهم "حزب الكنبة".

التدخل الأجنبي

تشابه الأحداث في دول عدة شهدت محاولات لتغيير النظام أمور يردها الأكاديمي المصري إلى "محرك العرائس" في الشرق الأوسط، ووجود مصالح لدول كبرى لن تتحقق إلا بتقسيم الدول وتطبيق نظرية "الشرق الأوسط الجديد"، بحسب تعبيره.

ولفت إلى أن الأحداث في السودان حالياً بانتشار القناصة والدماء في الشوارع والاعتداء على الجاليات الأجنبية، تؤكد أن هناك دليلاً للتحرك وزع على أحد طرفي الأزمة "الذي جلب لبلاده التدخل الأجنبي الطامع في ثروات السودان سواء بقصد أو غير قصد".

أما تبرير الثوار تحركاتهم لإحداث التغيير وربطها برغبتهم في تقديم مطالب بالحريات وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فأمور يرى فيها مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بمصر، سعد الزنط، مبرراً كافياً لما حدث في المنطقة من "ربيع عربي".

وقال الزنط في تصريح خاص إن تدمير البنية التحتية وانتشار أعمال الشغب والسرقات في السودان حالياً يشبه ما حدث في مصر خلال 2011، معتبراً إياه "سيناريو ومخططاً دقيقاً ليس محض صدفة". وأشار إلى أن الأزمات التي مر بها السودان تعانيها أغلب دول المنطقة ومهما ازدادت لا يمكن اعتبارها سبباً أساسياً لسيناريو الفوضى والقتل.

صناعة أزمة

الخبير الاستراتيجي المصري أوضح أن التشابه بين الأحداث في عدد من الدول التي مرت بعملية التغيير وما يدور حالياً في السودان له دلالة على محاولة البعض تحريك الأمور لصالحهم، مضيفاً أنه "على يقين" أن ما تشهده الخرطوم هو صناعة أزمة وليست "أزمة طارئة" وتم التحضير لها منذ وقت بعيد.

ترحيل الجاليات الأجنبية وبخاصة البريطانية والأميركية، اعتبره الزنط أيضاً مؤشراً إلى أن هذه الدول كانت لديها معلومات عن تحركات لصناعة أزمة في السودان، قبل انطلاق الشرارة الأولى وأن هناك ترتيبات لإطالة أمد الصراع، مشدداً على أن وضع المشهد الحالي ليس صدفة كما يحاول البعض الترويج لذلك.

ويشهد السودان منذ نحو ثلاثة أسابيع اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي".

وأسفرت المعارك في الخرطوم ومناطق أخرى، خصوصاً في دارفور غرباً، عن 550 قتيلاً في الأقل و4926 جريحاً، بحسب بيانات رسمية للسلطات الصحية يعتقد أنها أقل بكثير من الواقع. ودفعت الاشتباكات أكثر من 100 ألف آخرين إلى اللجوء في دول مجاورة، مما دفع إلى التحذير من "كارثة" إنسانية قد تطاول تداعياتها المنطقة بأسرها.

المزيد من تقارير