Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حظر الكتب موجة تجتاح مكتبات المدارس الأميركية

قيود متزايدة تفرض في ظل حملة عن حقوق الوالدين تسير بالتوازي مع قوانين تستهدف مجتمع الميم والنقاشات حول العرق والعنصرية

تحتفظ الكتب بمكانة مؤثرة بالنسبة إلى الشباب الأميركي المعاصر (فاير.أورغ)

ملخص

تشهد المدارس الأميركية موجة من حظر الكتب تستهدف مكتباتها تحت شعار حماية حقوق الوالدين. يقود اليمين الجمهوري تلك الموجة بالترافق مع قوانين تستهدف مجتمعات الميم ونقاشات عن العرق والعنصرية

تتعرض الكتب في الولايات المتحدة لموجة حظر جديدة يغذيها مشرعون جمهوريون وجماعات دينية وهيئات مدارس مسيسة ونشطاء يمينيون.

ويسعى ذلك الحظر الذي ساد الاعتقاد طويلاً بأنه أصبح من الماضي الأميركي، إلى خنق النقاش والتعلم حول العرق والجندرية والميول الجنسية تحت مظلة حملة تنادي بـ"حقوق الوالدين".

وكذلك تسير تلك الإجراءات بالتوازي مع موجة غير مسبوقة من التشريعات في ولايات عدة، وتشريعات وطنية تستهدف الأشخاص المنتمين إلى مجتمع الميم [المثليين والمثليات والمتحولين جنسياً ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية]، لا سيما المتحولين جنسياً من فئة الشباب. وتضاف تلك المعطيات أيضاً إلى محاولات للحد من النقاش الصادق حول الأعراق والعنصرية في الفصول الدراسية وأماكن العمل.

وقد وجد المعلمون والعاملون في المكتبات أنفسهم تحت ضغط بيئة سياسية متقلبة، ويواجهون أيضاً مضايقات على الإنترنت وفي الحياة الفعلية، في وقت يحاولون فيه إلى التوفيق بين النظم التشريعية والسياسات الجديدة التي قد تعرضهم لمقاضاة قانونية مكلفة.

واستطراداً، من المستطاع معرفة مدى فظاعة الوضع بمجرد النظر إلى الأرقام التي توثق حصول ما لا يقل عن 1477 محاولة لحظر 874 عنواناً من الكتب، خلال النصف الأول من العام الدراسي 2022-2023، وفقاً لمؤسسة "شعراء وكتاب مقالات وروائيو أميركا" [تشتهر باسمها المختصر PEN AMERICA "بِن أميركا"، وقد توسعت وأضافت إلى صفوفها كتاب المسرحية والمحررين، وكذلك صارت هيئة دولية الانتشار]. وتشير أرقام تلك المؤسسة إلى ارتفاع بـ30 في المئة تقريباً في الاعتراضات على الكتب مقارنة بالعام السابق.

وفي العام الماضي، سجلت "جمعية المكتبات الأميركية" رقماً قياسياً في محاولات إزالة كتب من المدارس والمكتبات، تجاوز 1200 محاولة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكذلك وجدت مؤسسة "بِنْ أميركا" أن محاولات حظر الكتب تستهدف بشكل كبير قصصاً كتبها أشخاص ملونون ومن مجتمع الميم أو تدور حولهم. وكذلك ظهر أن ما لا يقل عن 30 في المئة من العناوين المستهدفة تمثل كتباً عن العرق أو العنصرية أو تتحدث عن شخصيات ملونة، بينما اشتمل أكثر من ربع إجمالي العناوين على شخصيات من مجتمع الميم أو موضوعات متعلقة بهم.

وصفت مؤسسة "بِنْ أميركا" تلك الإجراءات بمجملها كجزء من "حملة منسقة" تجري في جميع أنحاء البلاد "بغية حظر الكتب والمواد التعليمية التي تشمل محتوى ’مرفوضاً’" الذي غالباً ما يمثل بالكاد "مجرد الاعتراف بهويات أفراد مجتمع الميم، أو وجود التحيز على أساس جنسي".

واستطراداً، لم تكتف تلك الحملة باستهداف الكتب بحد ذاتها، بل طاولت أيضاً المؤسسات والمهنيين الذين يعملون على توزيعها، بالتالي فقد شملت المكتبات والمعلمين وأمناء المكتبات.

في سياق متصل، ثمة ما يزيد على 100 مشروع قانون في المجالس التشريعية في 31 ولاية على الأقل في هذا العام، تتضمن تهديداً بخفض ميزانيات المكتبات، وإنفاذ أنظمة تصنيف الكتب وفق الفئات العمرية، وتنظيم الكتب والمواد في مجموعات بحسب أنواعها، وتعديل تعريفات الفحش بطرق تؤدي إلى إجهاض الحمايات القانونية الواردة في التعديل الأول للدستور، بحسب ما يرد في قاعدة بيانات منظمة "إيفري لايبراري" التي ترصد تشريعات الرقابة على الكتب.

في ملمح مغاير، دافع مسؤولون جمهوريون في جميع أنحاء الولايات المتحدة عن تلك الأنواع من المقترحات، عبر ادعاءات مشكوك فيها بأن المكتبات والفصول الدراسية توزع "مواد إباحية" وأخرى تهدف إلى "إضفاء طابع جنسي" على الأطفال الصغار، لكن غالبية تلك المواد تكون كتباً ألفها أفراد من مجتمع الميم أو تتحدث عنهم.

وكذلك دخلت تلك الحملة أيضاً قاعات الكونغرس في واشنطن العاصمة، حيث يقترح الجمهوريون مشاريع قوانين وطنية تعبر عن تشريعات تهيمن على مجالس الكونغرس المحلية في الولايات.

في تطور بارز، أصدر رون دي سانتيس، حاكم فلوريدا الجمهوري، قوانين واسعة للسيطرة على التعليم في المدارس العامة من خلال حظر الكتب والدروس والخطاب الذي يعتبره [دي سانتيس] مرفوضاً، بينما وصف التقارير التي تتحدث عن تأثيرات ذلك النوع من السياسات بـ "تضليل" تصنعه الصحافة. وفي هذا الصدد، يتطلب أحد هذه القوانين التي أقرها دي سانتيس في مارس (آذار) العام الماضي، وجود متخصص إعلامي معتمد كي يعمل على تقييم جميع الكتب المتوفرة في الفصول الدراسية والمكتبات ومعاقبة المعلمين بتهم جنائية في حال وجود كتب غير مُقَرّة في الفصول الدراسية. وقد أعقب ذلك أن عمد المدرسون إلى تجريد أرفف الفصول الدراسية من الكتب تماماً خوفاً من الملاحقة القضائية.

في ولاية تينيسي، يلزم "قانون المواد المناسبة للعمر" المدارس فهرسة جميع العناوين في فصولها الدراسية خشية اشتمالها على أي محتوى غير لائق.

وفي تكساس التي تتصدر البلاد في عدد محاولات حظر الكتب وفقاً لبيانات "بِنْ أميركا"، اقترح مسؤولون في مقاطعة "لانو" إغلاق منظومة المكتبات تماماً، بعدما أمر أحد القضاة بإعادة الكتب التي جرى استهدافها إلى الأرفف.

في تطور متصل، سعى مجلس إدارة إحدى المدارس في غرانبري بولاية تكساس إلى حظر أكثر من 130 عنواناً من مكتباتها، والغالبية العظمى منها بسبب احتوائها على موضوعات متعلقة بمجتمع الميم. أدى هذا الجهد إلى رفع دعوى قضائية من "الاتحاد الأميركي للحريات المدنية"، إضافة إلى نهوض وزارة التعليم بتحقيق يعد الأول من نوعه في مجال الحريات المدنية.

في ذلك الصدد، نقلت كلوي كيمف، المحامية في فرع "الاتحاد الأميركي للحريات المدنية" بولاية تكساس، إلى "اندبندنت" أن الحظر سار جنباً إلى جنب مع تشريعات إضافية تقيِّد حقوق المنتمين إلى مجتمع الميم في جميع أنحاء الولاية.

ووفق كيمف، "بشكل أساسي، يحاول السياسيون في تكساس على كل المستويات، قَوْنَنَةْ إلغاء وجود أبناء مجتمع الميم. ويأتي ذلك عبر فرض رقابة على الكتب المتعلقة بهم، وتقييد وصولهم إلى الرعاية الصحية، وتقييد وصولهم إلى ممارسة الرياضات، وحتى تقييد حق التعبير عن أنفسنا من خلال الفن وملابسنا. بالتالي، أعتقد أنه وقت مقلق للغاية".

وفي إطار متصل، رفض الناخبون في بلدة بولاية ميشيغان تدعى جيمستاون يبلغ عدد سكانها 10 آلاف نسمة، تجديد اثنين من المقترحات الضريبية العام الماضي، بعد أن مَوَّلَتْ طيلة عقود "مكتبة باتموس" التي تخدم المجتمع. ومع غياب التمويل، من المتوقع أن تغلق تلك المكتبة أبوابها في عام 2024. وقد تمحور النقاش إلى حد كبير حول كتاب واحد فقط هو "الجندرية بوصفها التباساً جنسانياً" للكاتبة مايا كوبيبي.

أدى غضب اليمين من هذا الكتاب المكون من مذكرات حول الامتعاض  الجندري والحياة خارج إطار الثنائية الجنسية، وكذلك الحال مع كتب أخرى، إلى استقالة أحد مدراء المكتبة ووضع خطط لحل مجلس إحدى المكتبات في ولاية أيداهو. واقترح المدعي العام في ميشيغان توجيه تهم جنائية إلى أمين مكتبة محلية رفض الاستسلام لضغوط الدولة واليمين ضد تلك المكتبة.

في أبريل (نيسان) 2023، هدد مشرعون جمهوريون في ولاية "ميسوري" بوقف تمويل جميع المكتبات العامة داخل الولاية. وفي مارس (آذار) 2023، صوت مجلس النواب في الولاية الذي يسيطر عليه الجمهوريون، على مقترح ميزانية للولاية يحدد ميزانية المكتبات بـالصفر، الأمر الذي سيحجب ملايين الدولارات عن مكتبات الولاية.

وتوضيحاً، يأتي النقاش التشريعي في تلك الولاية حول تمويل المكتبات عقب قانون أقر أخيراً في الولاية يحظر بشكل عام على المعلمين "تقديم مواد جنسية صريحة" للطلاب، ويعاقب عليه بغرامة تصل إلى 2000 دولار أو السجن لمدة سنة.

واستكمالاً، أحدثت تلك اللهجة تأثيراً مخيفاً في المدارس والمكتبات ضمن ولاية "ميسوري" كلها. إذ عمد مسؤولون إلى إزالة الكتب بشكل استباقي بسبب مخاوف من أن النشطاء اليمينيين سيقدمون طعوناً قانونية ضدهم تستنزفهم مالياً، وفقاً لمؤسسة "بِنْ أميركا". وبين شهري أغسطس (آب) و نوفمبر (تشرين الثاني)، حظرت سلطات تلك الولاية أكثر من 300 كتاب في 11 منطقة تعليمية على الأقل، بحسب "بِنْ أميركا" أيضاً.

في فبراير (شباط)، رفع فرع "الاتحاد الأميركي للحريات المدنية" في ولاية "ميسوري"، و"جمعية ميسوري لأمناء المكتبات المدرسية"، و"جمعية مكتبات ميسوري"، دعوى قضائية ضد الولاية، بحجة أن الحظر ينتهك التعديل الأول للدستور [المتعلق بحرية الرأي والمعتقد].

في بيان يدافع عن أمناء المكتبات والمكتبات في مواجهة موجة من التهديدات التشريعية الشهر الماضي، دانت رئيسة "جمعية المكتبات الأميركية"، ليسا كانانيوبوا بيلايو-لوزادا، "أقلية الزعيق" التي أضرمت "نيران الجدال حول الكتب".

وأضافت، "يجلس أمناء المكتبات ممن يعملون بمهنية واحترافية، يومياً مع الآباء كي يحددوا بعناية مادة القراءة الأنسب لاحتياجات أطفالهم. والآن، يواجه عديد من العاملين في المكتبات تهديدات لعملهم، وسلامتهم الشخصية، وفي بعض الحالات، تهديدات بالملاحقة القضائية، بسبب توفيرهم كتباً للشباب يرغبون هم وأولياء أمورهم في قراءتها. لا يمكن لأمتنا أن تخسر عمال المكتبات الذين ينهضون بمجتمعاتهم ويحافظون على حرية القراءة التي يضمنها التعديل الأول".

© The Independent

المزيد من تقارير