Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل سيكون الذكاء الاصطناعي الفائز المقبل بالرئاسة الأميركية؟

متخصصون: "سيغير قواعد اللعبة الانتخابية بالكامل" وتحذيرات من قدرته على تزييف الحقائق وتضليل الجماهير

من المتوقع تغير طريقة إدارة الحملات الانتخابية وجمع المعلومات الدقيقة عن الناخبين وكيفية إعلامهم أو تضليلهم (أ ف ب)

ملخص

القائمون على الحملات الانتخابية من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري بدأوا بالفعل العمل على طرق شتى من شأنها أن تعيد تشكيل طريقة إدارة الحملات وكيفية إعلام الناخبين أو تضليلهم حيث لا توجد قواعد لاستخدام الذكاء الاصطناعي في السياسة، فما دلائل ذلك حتى الآن؟

إذا كان "فيسبوك" لعب دوراً محورياً في انتخابات 2008 و2012 الرئاسية في أميركا، فإن الذكاء الاصطناعي سيلعب دوراً أكثر خطورة وتأثيراً وإزعاجاً في انتخابات 2024، وهو ما يؤكده القائمون على الحملات الانتخابية من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، الذين بدأوا بالفعل العمل على طرق شتى من شأنها أن تعيد تشكيل طريقة إدارة الحملات وكيفية إعلام الناخبين أو تضليلهم حيث لا توجد قواعد لاستخدام الذكاء الاصطناعي في السياسة، فما دلائل ذلك حتى الآن، وما القدرات التي يمكن أن يقدمها لتغيير قواعد اللعبة الانتخابية، وما الأخطار التي يحملها ذلك؟

تحول هائل

كان استخدام اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري عقب إعلان ترشح بايدن مباشرة، مقطع فيديو أنشأه الذكاء الاصطناعي بنسبة 100 في المئة، ويصور المستقبل الفوضوي البائس لأميركا إذا فاز الرئيس بايدن بانتخابات الرئاسة العام المقبل، بمثابة تنبيه بالتحول الهائل في استخدام هذه التكنولوجيا لتغيير مشهد المعركة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة على نحو متسع لم تشهده من قبل، بعد أن تم استخدام التكنولوجيا نفسها على نطاقات أضيق خلال انتخابات التجديد النصفي لمجلسي الشيوخ والنواب في الخريف الماضي.

لم يكن هذا الفيديو، الذي عرض صوراً تظهر بايدن ونائبته كامالا هاريس يحتفلان بفوزهما بالانتخابات، تليها سلسلة من الصور المتخيلة التي بدت وكأنها حقيقية عن غزو الصين لتايوان، وانهيار الأسواق المالية، واجتياح المهاجرين للحدود، في إشارة إلى أنها أمور ستتبع فوز بايدن عام 2024، سوى نقطة البداية لاستراتيجية مستمرة وتتطور بسرعة يتبناها الحزبان الجمهوري والديمقراطي وجماعات العمل السياسي الأخرى التابعة لهما لتحقيق أهداف لم يكن من السهل الوصول إليها بسرعة وكفاءة وكلفة أقل في السابق، بحسب ما يقول متخصصو الاستراتيجيات الانتخابية، الأمر الذي من المتوقع معه إعادة تشكيل طريقة إدارة الحملات وجمع المعلومات الدقيقة عن الناخبين وكيفية إعلامهم أو تضليلهم، وحثهم على التبرع للمرشحين.

مخاوف سياسية

لأن عام 2024 سيكون الأول في تاريخ الولايات المتحدة الذي يتوقع أن يلعب فيه الذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في صندوق الاقتراع، فقد تزايدت مخاوف السياسيين من تداعياته مع زيادة تطور التكنولوجيا وقوتها وانتشارها في جميع جوانب الحياة الأميركية، وبخاصة في غياب كثير من القواعد التي تحكم استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

لهذا قدمت عضوة مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي إيفيت دي كلارك، مشروع قانون، الثلاثاء الماضي، يوجب كشف الإعلانات السياسية عن استخدام الصور التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي مثلما حدث مع إعلان الحزب الجمهوري فور إعلان بايدن ترشحه.

وفيما حذرت كلارك من أن المحتوى الذي يتم إنشاؤه عبر الذكاء الاصطناعي يمكنه التلاعب بالناس وخداعهم على نطاق واسع مما يهدد الأمن القومي الأميركي وأمن الانتخابات، قال داريل ويست المتخصص في مركز الابتكار التكنولوجي بمعهد "بروكينغز"، إن هناك خطراً يتمثل في انتشار المعلومات المضللة وتعريض الناخبين لمواد كاذبة تبدو حقيقية، وأن يشوه هذا التلاعب الجماعي عملية صنع القرار لدى الناخبين الذين قد لا يعرفون حتى إن مقاطع الفيديو مزيفة.

علاوة على ذلك، أبدى مايكل شوارتز كبير الاقتصاديين في "مايكروسوفت" خلال فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي، الأربعاء الماضي، مخاوفه من الجهات الفاعلة السيئة التي يمكن أن تستخدم الذكاء الاصطناعي للتدخل في الانتخابات.

كيف يعمل؟

لأنه لا توجد حتى الآن قواعد لاستخدام الذكاء الاصطناعي في السياسة، فقد يسهل استخدام برامجه في أداء مهام مختلفة في حملات 2024 التي تم إطلاقها، أخيراً، لا سيما للإعلانات، إذ تعمل مجموعة متنوعة من أنظمة الذكاء الاصطناعي الجديدة مثل "ميدجورني" و"دال أي 2" و"أوبن أي آي" على تسهيل إنشاء فن الديجيتال (الرقمي) والصور التي يصعب التمييز فيها بين ما يصنعه الإنسان والصور الحقيقية، بما في ذلك إنشاء صور ومقاطع فيديو، مما يكشف المخاطر المحتملة لرسائل "التزييف العميق" التي يمكن أن تخدع الناخبين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من بين مهام كثيرة منوطة بالذكاء الاصطناعي التعرف بسرعة على مقاطع فيديو أو مقاطع صوتية محددة لشخص ما أو مرشح انتخابي من بين عديد من المقاطع الطويلة، مما يسمح للموظفين والمتعاملين مع الحملة القيام بمهام وأعمال أخرى.

لكن الذكاء الاصطناعي يستخدم أيضاً في مجال الأبحاث التي تستغرق وقتاً طويلاً وعديداً من الأعمال المكتبية الأخرى، حيث يعمل المشغلون في كل الحزبين على الاستفادة من هذه التكنولوجيا لتحديد المتبرعين والناخبين بشكل أكثر كفاءة، وعلى سبيل المثال تستخدم الشركات الرقمية التي توكلها الحملات الانتخابية قدرات التعلم الآلي لمعرفة أفضل الأوقات المناسبة لإرسال رسائل نصية إلى الناخبين، وتحسين كفاءة عمليات جمع الأموال والتبرعات من خلال استهداف المتبرعين المحتملين والناخبين مع الاحتفاظ بخصوصيتهم، حيث يتم ذلك من خلال ضخ كميات كبيرة من البيانات، مثل المكان الذي يوجود به الشخص ودخله المالي وعاداته الإعلامية في المشاهدة ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف العثور على الأنماط التي يمكن أن تحفزه على دفع تبرعات أو دعم مرشح محدد، كما يساعد الذكاء الاصطناعي في إنشاء قوائم ترتب المؤيدين المحتملين.

نماذج تأثير مختلفة

ووفقاً لحديث أحد مستطلعي الرأي الديمقراطيين إلى موقع "أكسيوس"، فقد طلب من "تشات جي بي تي" كتابة مسودة أولى لسيرة ذاتية عن أحد المرشحين لمنصب حاكم ولاية، وهي مهمة كانت ستستغرق عادة نحو 45 دقيقة، لكن الأمر استغرق من "تشات جي بي تي" بضع ثوان فقط، مما يعد مثالاً آخر على أنه يمكن لحملة مبتدئة بموارد قليلة أن توفر الجهد والوقت والمال مع إنشاء القدر نفسه من المحتوى والوصول إلى ناخبين محددين بفاعلية تساوي مثيلاتها في الحملات الأكبر ذات الموارد الأضخم.

ويشير توم نيوهاوس نائب رئيس التسويق الرقمي في "كونفيرجينس ميديا"، وهي شركة جمهورية تستخدم الذكاء الاصطناعي، إلى أنه في الانتخابات الماضية عام 2020 أو 2016، كان استهداف ناخب يبلغ من العمر 35 عاماً كواحد من 250 ألف شخص، يتطلب استخدام باحثين تم تكليفهم ببناء قواعد بيانات مليئة بمعلومات من ملفات الناخبين، لكن الآن يمكن للحملة أن تركز على هذا الناخب باعتباره واحداً من 25 ألف شخص يعيشون في منطقة ذات رمز بريدي معين وتربطهم ميول مشتركة مثل انتمائهم لأحد فرق كرة القدم الأميركية على سبيل المثال.

وتوصلت شركة "ستيرلنغ داتا"، وهي شركة ديمقراطية تعمل مع منصة الذكاء الاصطناعي التابعة لشركة "آكيو"، إلى أن الديمقراطيين الذين يكشف الذكاء الاصطناعي أنهم يشاهدون أحياناً قناة "فوكس نيوز" يعتبرون أهدافاً مهمة للحملات السياسية الديمقراطية، ذلك أن تجرؤهم لمشاهدة "فوكس نيوز" والتعرف على وجهات نظر معارضة يتطلب من الحملة تكريس الجهود لضمان التزامهم واقتناعهم بالسياسات الديمقراطية، ومن ثم التصويت للمرشح الديمقراطي.

ويقول جوناثون رايلي مدير العمليات في "آكيو"، إن الذكاء الاصطناعي رائع بالنسبة إلى المرشحين الذين يعملون على نطاق واسع، مثل المرشحين للانتخابات الرئاسية أو أي شخص يجمع الأموال من عدد أكبر من الأشخاص، وكلما اتسع تصنيف ونطاق المشكلة التي ربما تواجهه زادت الفوائد والمزايا الذي يمكن الحصول عليها من استخدام الذكاء الاصطناعي.

تسابق تكنولوجي

ولأن الابتكارات في الذكاء الاصطناعي تجعل من الأسرع والأرخص للحملات السياسية تحديد الناخبين والتأثير فيهم وحثهم على التبرع بالأموال للمرشحين تسارع السباق بين الجمهوريين والديمقراطيين، حيث كشفت "نومينار"، وهي شركة ناشئة جمهورية، عن عملها على نموذج فعال على الناخبين يعزز قدرات الحملات الانتخابية على التنبؤ، مؤكدة أنها عملت مع ما يقرب من 300 مرشح، بعضهم في انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب الخريف الماضي.

وكشفت شركة "ميشن وايرد"، التي تعمل في مجال جمع التبرعات للديمقراطيين، عن منتج لجمع التبرعات يسمى "أدفنتاج" ويعمل بالذكاء الاصطناعي، وتفاخرت شركة "ستيرلنغ" بأنها استخدمت هذه التكنولوجيا في خدمة نحو ألف حملة ديمقراطية ولجنة عمل سياسي.

وتستخدم كل من هذه الشركات كميات هائلة من البيانات السياسية ومعلومات المستهلكين لتغذية خوارزمية دائمة التحسن يمكنها التنبؤ بسلوك الناخب أو المتبرع، حيث لا يمكن لأي محلل بيانات في العالم النظر في أكثر من 500 متغير، بدءاً من دخل الأسرة إلى اشتراكات الصحف، وتحديد العامل الذي لعب الدور الأكبر في نجاح أو فشل حملة جمع التبرعات، وإعادة صياغة استهداف الناخبين للحفاظ على النتائج أو تحسينها، في حين يفعل الذكاء الاصطناعي التوليدي كل ذلك في أقل من دقيقة.

ويتفق الجمهوريون والديمقراطيون على أهمية الذكاء الاصطناعي، حيث يشير مارك غابلونوفسكي المتخصص الاستراتيجي الديمقراطي، إلى أن بعض الناس يستخدمون الذكاء الاصطناعي كأداة لتغيير قواعد اللعبة، ومع كل دورة انتخابية تنمو أنواع النماذج التي تم إنشاؤها، والمدخلات التي تضاف إليها بشكل هائل، في حين يصف مستشار جمهوري مخضرم هذه التقنية بأنها "سحر"، مشيراً إلى نماذج الناخبين الداخلية التي تتحسن في كل مرة تغذي فيها الشركات بيانات جديدة مقدمة من قبل عملائها السياسيين.

خطر التضليل

يتعدى القلق من المعلومات المضللة في شأن الذكاء الاصطناعي صور الفيديو المزيفة، إذ يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تغيير لغة خطاب ما وتحريف كلمات المرشح، وهي ممارسة تم استخدامها في البداية بغرض الترفيه أو من أجل الفكاهة، لكن الذكاء الاصطناعي تمكن من إدخال كلمات تحريضية في مقطع فيديو تم تصميمه ليبدو كما لو أن المرشح قال ذلك بالفعل، الأمر الذي يسبب تشويشاً يجعل من الصعب تمييز الحقيقة من الزيف، وهو أمر يمكن أن يستخدمه السياسيون عبر تقنية "التزييف العميق" للإشارة إلى مقطع فيديو حقيقي بينما هو في الحقيقة مزيف.

وبينما تمارس الحملات السياسية ضغوطاً لاختبار الذكاء الاصطناعي في كل شيء تقريباً، كتب ناثان ساندرز عالم البيانات في مركز "بيركمان كلاين" في جامعة هارفارد، وبروس شناير المحاضر في كلية هارفارد كينيدي، مقالاً مشتركاً في صحيفة "أتلانتيك"، حذرا فيه من أنه مثلما غيرت الثورات التكنولوجية السابقة، مثل السكك الحديدية والراديو والتلفزيون وشبكة الويب العالمية، كيفية اتصال المرشحين بناخبيهم، يجب أن نتوقع الشيء نفسه من الذكاء الاصطناعي التوليدي، وإذا كان أفضل سيناريو هو أن يجعل الذكاء الاصطناعي الناخبين أكثر انخراطاً في عملية الانتخابات ويقلل من الاستقطاب، فإن السيناريو الأسوأ هو أن يتفاقم استخدام الذكاء الاصطناعي في تضليل الناخبين والتلاعب بهم.

المزيد من تقارير