Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مفاوضات "أديس أبابا - أورومو" تنتهي من دون اتفاق فما الأسباب؟

تفاصيل فشل الجولة الأولى من التفاوض في زنجبار بوساطة "إيغاد"

رحب ناشطون أوروميون بمبدأ الحوار السلمي مع حكومة آبي أحمد (أ ف ب)

ملخص

التقى وفد الحكومة الإثيوبية وجبهة الأورومو في زنجبار ولم يسفر اللقاء عن اتفاق بسبب الخلاف حول الانتخابات وحكومة الوفاق والحكم الانتقالي

انتهت الجولة الأولى من المفاوضات بين ممثلي الحكومة الفيدرالية الإثيوبية وجبهة تحرير الأورومو المسلحة، في زنجبار (منطقة شبه ذاتية الحكم) بجمهورية تنزانيا، من دون التوصل إلى اتفاق مبدئي بين الطرفين، والتي انطلقت الأسبوع الماضي بوساطة الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد).

وأعلنت الخارجية الإثيوبية، في بيان على موقعها الرسمي، أن وفدها المفاوض عاد إلى بلاده بعد مفاوضات بناءة ومهمة أجراها مع ممثلي الجبهة من دون التوصل إلى اتفاق، مبررة ذلك بأن الاختلاف حول بعض القضايا حال دون التوصل إلى نقطة مشتركة، وأن هناك "رغبة مشتركة للطرفين لمواصلة مسار التفاوض"، وذلك من دون تحديد موعد ومكان التفاوض المقبل.

من جهته، أكد الذراع العسكرية لجبهة تحرير الأورومو أنه "عازم على مواصلة التفاوض مع الحكومة المركزية"، مؤكداً أن هناك خلافاً حول قضايا رئيسة ومهمة، مما أدى إلى إنهاء هذه الجولة، من دون توقيع أي اتفاق بين الطرفين، عدا ما يتعلق بضرورة استمرار الحوار لجولات أخرى مقبلة".

بدورها شددت "إيغاد" على أهمية الجولة الأولى التي وصفتها  بـ "التمهيدية"، مؤكدة أنها "خطوة أولى مهمة نحو الحل السلمي" لهذا النزاع، الذي استمر لأكثر من خمسة عقود بين الأنظمة الإثيوبية المتعاقبة وجبهة تحرير الأورومو، لافتة إلى أنها ستستمر في جهودها من أجل الوصول إلى اتفاق شامل للسلام ينهي عقود الاحتراب الأهلي في إثيوبيا.

خلاف شرعية

وعلى رغم أن الطرفين تحفظا على ذكر أسباب تباعد وجهات النظر التي تسببت في إنهاء الجولة من دون اتفاق، فإن مصادر أكدت لـ"اندبندنت عربية" أن الخلاف الأساسي بين الطرفين يتعلق بمطلب ممثلي الجبهة "ضرورة أن يعقب أي اتفاق بين الطرفين فترة حكم انتقالي يتم فيها تشكيل حكومة وفاق وطني، تشارك فيها جميع الأطياف السياسية الأورومية بجانب الأحزاب الإثيوبية الأخرى"، إضافة إلى أن تنهي الحكومة الانتقالية مهامها بتنظيم انتخابات برلمانية تؤسس لشرعية جديدة وفقاً لنتائج الصندوق.

وأوضحت المصادر أن الوفد الحكومي الذي يقوده مستشار رئيس الوزراء الإثيوبي رضوان حسين، اعترض على هذا المطلب، معتبراً أن ذلك يعد بمثابة "سحب الشرعية من الحكومة الحالية المنتخبة"، وكذلك المطالبة بضرورة أن "تدار المفاوضات على قاعدة الدستور الفيدرالي الإثيوبي الساري، التي انتخبت حكومة آبي أحمد".

وينطلق الموقف الحكومي من خلفية مفاوضاته السابقة مع جبهة تحرير التيغراي التي اضطرت إلى الاعتراف بشرعية الحكومة المركزية، وفي المقابل وافقت على حل الحكومة الإقليمية في تيغراي التي تم انتخابها، من دون الحصول على موافقة البرلمان الإثيوبي، كما ينص الدستور الفيدرالي.

وأكد المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه أن "الوفد الأورومي يرفض هذه المقارنة بينه وبين جبهة تحرير التيغراي التي خاضت مفاوضات بريتوريا، من موقع ضعف، بعد تكبدها خسائر باهظة في الحرب الأخيرة"، فيما يتمسك الوفد الحكومي بالبناء على الاتفاق السابق "كنموذج مثمر، لإنهاء أي نزاع أهلي" في البلاد، لا سيما أن اتفاق بريتوريا حظي بتأييد دولي وإقليمي، فضلاً عن الترحيب الوطني.

ترحيب حذر

ورحب ناشطون أوروميون بمبدأ الحوار السلمي مع حكومة آبي أحمد، لإنهاء الحرب المتقطعة في أوروميا، لكنهم حذروا من أن تمضي الجبهة في مسار التفاوض متجاوزة الثوابت الأساسية للنضال الأورومي.

وقال الناشط السياسي الأورومي مو جيدا إن "الدعم لوفد جيش تحرير الأورومو مشروط بضرورة إعادة تعريف النظام السياسي الإثيوبي القائم على فيدرالية صورية"، مؤكداً أن "تدخلات الحكومة المركزية في مهام الإدارات المحلية في الأقاليم الإثيوبية أجهض المبدأ الفيدرالي طوال ثلاثة عقود مضت، وتغول على صلاحيات حكومات الأقاليم".

ودعا جيدا عبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي إلى ضرورة "اعتراف النظام المركزي بالمظالم الكبيرة التي عاناها الأوروميون في أراضيهم"، معدداً "أشكال التمييز والإقصاء والتهميش الذي شهدته أوروميا في العقود الماضية"، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب أن ينص أي اتفاق بين الطرفين على "تمتع إقليم الأورومو بالتمييز الإيجابي، مقابل سنوات التهميش"، لا سيما أن هذا الإقليم يمثل أكبر كتلة سكانية في إثيوبيا بواقع 40 مليون نسمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تقليص الهوة

بدوره يرى المحلل السياسي الإثيوبي عبدالشكور عبدالصمد، أنه "لا يمكن الحكم على الجولة الأولى للمفاوضات بالفشل"، لأن قبول الطرفين المتحاربين "الجلوس إلى طاولة المفاوضات يعد خطوة أولى نحو تقليص الهوة التاريخية القائمة بينهما"، مرجحاً أن عدم التوصل إلى اتفاق مبدئي في هذه الجولة يعود "إلى ضخامة الملفات العالقة بينهما منذ عقود، فبخلاف تعداده السكاني الكبير، يسهم بأكثر من 60 في المئة من إيرادات خزانة الدولة، كما يمثل أكثر من 60 في المئة من الشريحة العمالية في الخدمة المدنية الإثيوبية، بالتالي فإن حلحلة القضايا المتعلقة بهذا الإقليم تتطلب أكثر من جولة للوصول إلى نقاط اتفاق مشتركة".

وأكد المحلل السياسي الإثيوبي "أن ما ينبغي البناء عليه هو الرغبة المشتركة لدى الطرفين لمواصلة المحادثات"، مؤكداً أن "المشكلات التي دفعت إلى تأسيس الكفاح المسلح الأورومي لا تزال قائمة، وهي ذات طبيعة بنيوية، بالتالي تستحق مزيداً من الوقت، بخاصة أنها أزمات متوارثة منذ نظام الإمبراطور الإثيوبي الراحل هيلي سلاسي".

هوية وطنية

وقال عبدالصمد إنه "إذا ما توفرت الإرادة السياسية فإنه ثمة إمكانية لطي صفحات الخلاف"، مشيراً إلى أن هناك نقاطاً عدة تستحق جهداً إضافياً، من كل الأطراف بمن فيهم الوسطاء، وهي المتعلقة "بطبيعة النظام السياسي القائم، ومدى امتثاله للبنود الدستورية الخاصة بالنظم الفيدرالية"، موضحاً أن "هناك مسافة ظلت قائمة بين الطبيعة الدستورية، والواقع السياسي الذي سيطرت عليه الجهات المركزية في كل إقليم فيدرالي"، مضيفاً أن "نضالات الأورومو قائمة أساساً على قاعدة التطبيق الأمثل للنظام الفيدرالي الحقيقي، من دون تغول من المركز على صلاحيات الأقاليم".

وتابع عبدالشكور القول إن "هناك تخوفاً مشروعاً من الدولة الإثيوبية حول هذا الملف، وذلك نتيجة الإرث السياسي المتوارث، والذي يوصف بشديد المركزية، وما يمثله ذلك من ثقل على تعريف الهوية الوطنية، لا سيما لدى النخب السياسية الحاكمة"، موضحاً أن "العرف السياسي الإثيوبي كرس وعياً مبطناً لدى هذه النخب للدفاع عن مقولات دولة واحدة ولغة واحدة وعلم واحد وديانة واحدة"، مؤكداً أن هذا "الوعي بحاجة إلى تفكيك وإعادة تعريف الهوية الإثيوبية المتعددة"، لافتاً إلى أن هذا الأمر ضمن المحاور المهمة في المحادثات، مما يزيد من تعقيد الوصول إلى تفاهمات متعجلة.

مرجعية فيدرالية

ونوه المحلل السياسي الإثيوبي بالثوابت الحكومية قائلاً "لدى حكومة آبي أحمد قاعدة ثابتة للخوض في أي محادثات مع أي طرف إثيوبي، تتعلق بضرورة الاعتراف بشرعية الحكومة الحالية المنتخبة، وفقاً للدستور الفيدرالي، كما تعتقد أن الخروج عن هذه القاعدة يعد خروجاً عن الدستور الساري في البلاد، والذي تعتبره مرجعاً لكل السياسات والاتفاقات".

ويوضح عبدالصمد أنه "انطلاقاً من هذا الموقف، فإن أديس أبابا لن تقبل أي اقتراحات تشكك في شرعيتها، بالتالي لا أظن أنها ستقبل بمبدأ تشكيل حكومة جديدة، أو الذهاب إلى فترة انتقالية، ومن دون ذلك هناك انفتاح على الحلول الأخرى".

ورجح عبدالشكور أن يكون هذا المطلب "جزءاً مما يسمى في عرف المفاوضات بسياسة المطالبة البارعة، حين يرفع المفاوضون سقف المطالب بشكل مبالغ فيه، حتى يحصلوا على المعقول"، متوقعاً أن تتراجع الجبهة عن هذا الموقف، في حال التوافق حول النقاط الأخرى الأكثر أهمية، وكذلك الحكومة من أجل الوصول إلى اتفاق منصف.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات