Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جهود عمليات إجلاء الرعايا ليست نهاية الأزمة في السودان

الأزمات السياسية المعقدة نادراً ما تكون لها حلول بسيطة، بل تحتاج إلى التزامات بعيدة المدى وتصميماً عميقاً

ملخص

هناك خطر من أن تتحول الأزمة في السودان في حال طالت إلى فوضى يصعب التعامل معها وإعادة البلاد لأي نوع من الاستقرار

قبل أقل من عامين، لم تتمكن كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية التنبؤ بعودة حركة "طالبان" للعاصمة الأفغانية كابول، على رغم أنه كان تطور طويل الأمد.

أشهر انقضت على توقف جهود عمليات الإجلاء من أفغانستان بشكل مفاجئ. وفي غياب أي إعداد مسبق لمسار شرعي يتوافر لطالبي اللجوء، غرق جندي أفغاني عمل إلى جانب الجيش البريطاني، على رغم أنه كانت تتوافر لديه كل الأسباب للخوف على حياته، خلال عبوره القنال الإنجليزي من فرنسا إلى بريطانيا، بعد ركوبه زورقاً صغيراً في محاولة منه للوصول إلى المملكة المتحدة.

في ذلك السياق، ربما يكون من المفاجئ أن الأوضاع في السودان، تماماً مثل الأحداث التي كانت جرت في أفغانستان عام 2021، يبدو أنها وقعت من دون معرفة من الحكومة البريطانية. لكن لا أحد يبدو متفاجئاً جراء ذلك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مع بداية الأسبوع الماضي، لم يكن لدى موظف في خدمات الصحة الوطنية البريطانية مع إذن بالعمل في المملكة المتحدة، ومعه مواطنون بريطانيون كانوا في زيارة إلى السودان لحضور حفل زفاف، أدنى فكرة كيف سيعودون إلى مكان إقامتهم.

بعد أسبوع من ذلك، يبدو أن وزراء في الحكومة البريطانية بدأوا بتهنئة أنفسهم لجهودهم التي أدت إلى إجلاء 2200 شخص، في ما وصف بأنه أطول وأكثر مهمات عمليات الإنقاذ نجاحاً التي تقوم بها أي دولة غربية.

إنه بالطبع من السهل التنظير حيال مسألة خطرة وفوضوية من وجهة نظر شخص جالس بأمان على بعد آلاف الأميال، لكن على رغم ذلك، هناك جوانب من عملية الإجلاء التي كانت مفاجئة.

كان مؤسفاً أن السفير البريطاني كان يمضي إجازته خارج السودان. مصادر حكومية بريطانية كانت قالت إنه لا يمكن للسفير أن يكون "عالماً في الغيب"، وهو تعليق غير مفيد إلى درجة كبيرة، إذا أخذنا في الاعتبار أن وظيفته تمنحه القدرة على توقع الأحداث المستقبلية أو الأزمات، وذلك هو أحد الأسباب الأكثر أهمية للغاية [الأساسية] من وجود جهاز للخدمات الدبلوماسية. ومعلوم أن السودان كان على شفير الوقوع في أزمة شاملة لفترة من الزمن. في تلك الظروف، إن غياب خطة أوضح للإجلاء، جاهزة للتطبيق خلال فترة قياسية للغاية، أمر يستحق إجراء تحقيق عميق فيه.

إن الأزمات التي ضربت كلاً من كابول والخرطوم مختلفة بشكل كبير. إن الأزمة الأولى، وبعبارات بسيطة، كانت نتيجة طبيعية لإعلان الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية وبشكل واضح أنهما لم يعد لديهما التصميم للقتال من أجل المحافظة على الظروف التي تسمح بقيام مجتمع أفضل في أفغانستان. عادت حركة "طالبان" لأفغانستان، لأن حلف الأطلسي غادر البلاد. إن التخلي عن المدنيين الأفغان وتركهم ليواجهوا مصيرهم، خصوصاً النساء الأفغانيات، جريمة أخلاقية كان ينبغي علينا ألا نتناساها بالسهولة التي يبدو أننا قمنا بوضعها خلفنا.

إن الوضع في السودان مختلف للغاية، على رغم أن الأخطار المحدقة هناك متشابهة، لأن بروز شعور بأن "المهمة أنجزت" رافق عمليات الإجلاء. وكلما طال الزمن الذي تعيش فيه دولة ما حالاً من الفوضى، كلما أصبحت الأمور الفوضوية أصعب للتعامل معها للتوسط من أجل عودة أي نوع من الاستقرار.

من شبه المؤكد أن قوات المرتزقة الروسية التابعة لمجموعة "فاغنر" كانت تنشط في السودان. إن أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وحلفاءهما لا تنقصهم الدروس التي تعود للماضي القريب، وحتى الحاضر، عن تداعيات السماح لدول متنافسة أن تعمل على فرض تأثيرها، فيما الدول الغربية تبرز ترددها في القيام بالأمر نفسه.

إن الأزمات السياسية المعقدة نادراً ما تكون لها حلول بسيطة. عادة ما تستدعي تلك الأزمات التزامات بعيدة المدى ولا تحظى بأي امتنان، وهي بحاجة أيضاً إلى تصميم عميق. ربما يستحق الوزراء بعض الثناء على جهودهم لعملهم في النهاية على إتمام عمليات الإجلاء، لكنها ليست النهاية. فتلك هي مجرد البداية.

© The Independent

المزيد من آراء