ملخص
يتذكر كيم سنغوبتا كيف أهمل دومينيك راب مسؤوليته خلال عملية الإجلاء من أفغانستان ومع ذلك تمكن من الاستمرار في حكومة جونسون
اعتاد دومينيك راب، عندما كان يختلف مع مسؤولين في وزارة الخارجية، أن يرجع كتفيه إلى الوراء كما يفعل الملاكمون عند استعدادهم للمنازلة في الحلبة، هذا ما رواه موظف حكومي وجد نفسه في وضع مماثل.
وعند سؤاله كيف كان رده على ذلك، أجاب المسؤول "أرجعت كتفي إلى الوراء أنا أيضاً، ظهر الارتباك على راب، لكنه هدأ. وهذا ما أعطاني فرصة كي أشرح له الموضوع الذي كان الفريق يطرحه. كانت مسألة تتعلق بسياسة ما ولا تستدعي الجدل في الحقيقة، وحل الموضوع، لكن كان من الضروري مواجهة سلوكه العدائي هذا".
خلافاً لراب، لم يكن المسؤول، الذي كان عمله يرتبط بالدور الأمني لوزارة الخارجية، يحمل الحزام الأسود في الكاراتيه ولا حزام الملاكمة الأزرق من أكسفورد، لكنه عايش أوضاعاً صعبة في العراق وأفغانستان وليبيا ولم تكن مظاهر الشراسة والعدوانية تخيفه - مع أنه أقر بأن بعض الزملاء ربما أزعجتهم جوانب من سلوك وزير الخارجية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأتذكر غضب المسؤول نفسه، بعد مرور أربعة أشهر، عندما كان يصف فوضى عملية الإجلاء من أفغانستان عام 2021. كنت في كابول عند استيلاء "طالبان" عليها، وشهدت استياء الدبلوماسيين والجيش وإحباطهم من تصرف لندن، فيما كانوا يعملون بلا كلل أو ملل على إجلاء أشخاص مرعوبين، في الوقت الذي كان المجال لإتمام ذلك يضيق بسرعة.
وأثناء مناقشتنا للأمر لاحقاً في لندن، حرص على أن يؤكد لي "لن تصدق ما حدث... من انعدام التنظيم إلى غياب الترابط. لم يقطع وزير الخارجية إجازته، ولم يقدر خطورة الوضع. وهذا ما أعطى (الوكيل الدائم لوزارة الخارجية) صلاحية مطلقة كي لا يعود هو الآخر. كانت القيادة غائبة فعلياً. سترى ما سيظهره التحقيق".
وبالفعل، كشف التحقيق الذي أجرته لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم، تفاصيل متعلقة بسوء إدارة فادح لعملية الإجلاء. لم يعد راب من إجازته في جزيرة كريت، بل فوض المهام إلى مسؤولين في وزارته. أما فيليب بارتون، الوكيل الدائم لوزارة الخارجية، فبقي هو الآخر في إجازة، مع أنه عبر في وقت لاحق عن ندمه، وهو ما لم يفعله راب.
وظهر أنه، فيما كان تنظيم "طالبان" يتقدم بسرعة في البلاد، لم يتكلم وزير الخارجية سوى مرتين مع السفير البريطاني لدى كابول خلال أغسطس (آب)، الشهر الذي سقطت فيه كابول، ولم يخاطب أي حكومة في الدول المجاورة لأفغانستان التي يعتبر تقديمها يد العون ضرورياً في حال الإجلاء، خلال الأشهر الثمانية السابقة - ما خلا إجراءه اتصالاً هاتفياً واحداً مع وزير الخارجية الباكستاني في أبريل (نيسان).
ومن أكثر الشهادات المدينة [بحق راب]، شهادة كاشف الفساد [شخص يكشف عن سوء السلوك داخل منظمته] والمسؤول السابق في وزارة الخارجية رافاييل مارشال. وكشف مارشال بأن انعدام الكفاءة لم يتوقف، حتى بعد عودة وزير الخارجية من إجازته، إذ أوكلت مهمة اتخاذ قرارات مصيرية إلى موظفين مبتدئين لا يملكون أي تجربة عن الوضع في أفغانستان.
وفي الأيام الأخيرة للعملية، عندما طلب من راب أن يعطي موافقته على حالات استثنائية، أخذ "ساعات لكي يتجاوب"، ثم أعاد الملفات، وطلب بأن تقدم إليه على شكل جدول بيانات مختلف.
وقال مارشال للنواب إن "حيز الوقت المتبقي لكي يتسنى للجميع دخول المطار كان ضيقاً جداً... والقرار الذي اتخذه وزير الخارجية بالتسبب بتأخير يشير إلى أنه لم يستوعب الوضع اليائس في مطار كابول".
قدم تقرير لجنة وزارة الخارجية إدانة مدمرة لراب ولطريقة تعامل وزارة الخارجية مع عملية الإجلاء، لكن راب لم يقدم استقالته.
فبوريس جونسون، رئيس الوزراء في ذلك الوقت، الذي اتهم بأنه تدخل نيابة عن زوجته كاري من أجل إعطاء الأولوية لإجلاء الحيوانات من ملجأ يديره بين فارذينغ Pen Farthing، بدلاً من الناس - وهو اتهام نفاه جونسون - لم يطرده، بل نقله إلى منصب وزير العدل. وظل راب يشغل موقع نائب رئيس الوزراء.
لكن راب قدم الآن استقالته - قبل أن يتعرض للطرد، كما تقول التقارير - بعد أن خلص تحقيق رسمي في مزاعم سلوكه المتنمر إلى أنه تصرف بطريقة "الترهيب" مع المسؤولين في وزارات مختلفة.
هذا ما كان سيحدث أساساً عند فتح التحقيق، برأي المسؤول في وزارة الخارجية الذي انخرط في مباراة تحريك الكتفين مع راب "هذا هو القرار الصائب، لم يكن يستطع أن يكمل مسيرته في [وزارة] العدل".
لكنه أشار إلى أنه "في ظل الحكومة الموجودة لدينا، يبدو بأن القوانين تنص على أنه من الضروري أن تستقيل إن كنت فظاً وأزعجت الموظفين الحكوميين، ولكن ليس إن تخليت عن حلفائنا الأفغان وتركتهم بيد (طالبان)".
© The Independent