بعد تجربة رائدة في البرامج الفنية وبرامج الهواة، أطلّ المخرج سيمون أسمر لموسميْن متتاليين في برنامج "ديو المشاهير"، مثيراً الجدل حول تلك التجربة التي أيدها البعض وعارضها كثيرون ممن اعتبروا أنه يستحق أفضل منها.
لكن سيمون أسمر لا يبدِي حماسة تجاه المشاركة في موسم ثالث من هذا البرنامج، كونها تجربة متعبة كما يقول وتتطلب منه الجلوس ساعات طويلة على الكرسي، كذلك يرفض التعليق على تهمة السخرية من المشتركين التي وجهها إليه البعض، معتبراً أن التجربة انتهت ولا يهمه التحدث عنها.
أنا الحضور بذاته
يعترض أسمر على الكلام الذي يقوله البعض بأن هذا البرنامج أتاح له الفرصة لاستعادة حضوره على الشاشة. ويضيف "أنا الحضور بذاته، وكنت حاضراً حتى في فترة غيابي. الناس لم ينسوني أبداً. والكل يقول رزق الله على أيامك".
وردّ أسمر على من يعتبر أنه كان يستحق تجربة أهم من تجربة "ديو المشاهير"، قائلاً "لا أحد أكبر من نفسه وأنا مثلت نفسي في البرنامج".
من ناحية أخرى، قال أسمر عن برامج الهواة الحالية، هو الذي تخرّج من برامجه الخاصة بالهواة، خصوصاً "استديو الفن"، معظم النجوم اللبنانيين الموجودين حالياً على الساحة، إن "الهدف من تلك البرامج إتاحة الفرصة أمام ولادة جيل جديد من النجوم، وما يحصل اليوم هو أنهم يخرجون نجوماً يتسكعون في الشوارع، ولا يجدون من يساعدهم. وفي الأساس لا أحد يجيد دعم الفنانين الجدد".
وعن سرّ استمرار النجوم الذين "صنعهم"، قال أسمر "عندما كنا نجتمع، كنا ندرس ما هو إمكان استمرار كل فنان يتخرج من برامجنا. صوته وحضوره وشكله وطريقة غنائه واللون الغنائي الذي يناسبه. جهدنا لم يذهب سدى مع كل الأسماء التي تعبنا من أجلها وراهنا عليها".
وعن تجربة إليسا التي لم تكن من بين الأسماء التي راهن عليها مع أن تجربتها الفنية تعدّ الأبرز والأنجح، أجاب "لم نكن نملك الوقت الكافي للاهتمام بها. يومها كنت أهتمّ بعاصي الحلاني ووائل كفوري ونوال الزغبي وباسكال مشعلاني وعلاء زلزلي وغيرهم. كمكتب استديو الفن كنا نهتم بـ 10 فنانين في وقت واحد، واليوم لا يوجد مكتب فني واحد يمكنه أن يشتغل لفنان واحد على الشكل المطلوب".
وهل يعتبر أن إليسا متفوقة نجومية وحضوراً وإحساساً ومن ناحية حسن اختيار الأغاني على كل الفنانين الموجودين حالياً على الساحة الفنية؟ يجيب "لكن أين هو الصوت. الصوت عندنا كان يشكل 50 في المئة من نجاح الفنان، ولم أكن أجد أن صوتها يوازي 50 في المئة من المقوّمات الأخرى التي تتمتع بها".
يا ربّ نفسي
كذلك، يؤكد أسمر أنه ليس نادماً على احتضانه فنياً أيّاً من الفنانين. ويتابع "على مستوى الغناء أنا راضٍ عن الجميع، لكن بعيداً من هذا المستوى شعوري مختلف تماماً. لا يعجبني تعاملهم الأخلاقي مع الناس، لأنهم أنانيون جداً ولا يفكرون سوى بأنفسهم. صحيح أنني أسهمت بصناعتهم ولكن يجب ألا ننسى بأن هناك من أشرف على تربيتهم. هم نشأوا على مبدأ يا ربّ نفسي، والبعض منهم لم يهتم حتى بأهله. الفنانون أنانيون وشديدو الغيرة". كذلك أشار إلى أنه يتواصل مع كل النجوم الذين "صنعهم"، وتمت استضافتهم في برنامج "ديو المشاهير"، لكن لا وقت لديه للعلاقات الشخصية. وعمّا إذا كانوا ساندوه في محنته وقدروا وقوفه إلى جانبهم، أجاب "هم فعلوا ذلك بحسب مقياسهم الخاص للتقدير، ولكن مقياسي مختلف. جبران خليل جبران يقول أولادكم ليسوا لكم".
أسمر أرجع سبب طغيان أخبار الفنانين الخاصة على أخبارهم الفنية، إلى عدم قدرتهم على تقديم أعمال تستحق التحدث عنها، موضحاً أن "أغانيهم تمرّ مرور الكرام، لأنهم لا يجيدون الاختيار". في المقابل، ينفي أسمر وجود أزمة شعراء وملحنين، مؤكداً أن المشكلة تكمن في الفنانين أنفسهم.
وعن سر نجاح تجربة الديو بين وائل كفوري ونوال الزغبي في أغنية "مين حبيبي"، قال "نحن دعمناها بالأفكار وعملنا من أجل ثباتها. الديو يحتاج إلى من يصونه، حتى ديو الزواج يحتاج إلى مساعدة من الخارج لكي يستمر".
وعما إذا كان قد وجد وقتها أن صوت نوال ينسجم مع صوت وائل؟ أوضح "هما صوتان مختلفان تماماً، ولكن بإمكان الملحن أن يركّب كل شيء. التجربة لم تكن مغامرة، لأن نوال كانت حينها ناجحة جداً ووائل فوق الريح، ونحن جمعنا بينهما بأغنية تناسب عمريهما، وكانت القنبلة. وائل ونوال يتمتعان بصوت جميل ولكن لا توجد صباح أخرى بين المطربات، ونجوى كرم هي التي تجاري وائل كفوري بصوتها، ولكن الصوت لم تكن له علاقة بتلك التجربة، بل هي كانت ترتكز على انسجام بين فنانيْن يمكنهما تقديم أغنية معاً على المسرح".
وعن الفنان الذي يعتبر أنه الأفضل حالياً، قال "لا أعرف لأنني لا أتابع أحداً. أنا أعرفهم عن ظهر قلب ولا أشعر بالحماسة تجاههم. في المقابل، لا توجد أسماء جديدة تحمّسني لمتابعتها". كما يجد أسمر أن أهم فنان في لبنان حالياً ليس لبنانياً. ويضيف "الهالة التي يخصّون بها كاظم الساهر لا نجدها عند أي فنان لبناني".
الكل يأخذ ولا يعطي
وعن سبب عدم ظهور أسماء لامعة جديدة على الساحة الغنائية في الأعوام الأخيرة، قال أسمر "لأن الكل يريد أن يأخذ ولا يعطي. الفنان المبتدئ، يحتاج إلى سنوات من حياتنا وتجربتنا وخبرتنا، لكي يستوعب ويكبر ويتمكن من فرض نفسه على أفضل وجه. لكن لا يمكن أن ننتظر شيئاً ممن لا يملكون الموهبة، ومعظم الفنانين المبتدئين لا يتمتعون بالموهبة وهذا أمر واضح جداً، لأن أيّاً منهم لم يبرز على الساحة الغنائية. وحتى لو كان البعض منهم يتمتع ببعض المؤهلات، فإن من يديرون أعمالهم لا يجيدون استغلالهم وإدارتهم لكي يثبتوا أنفسهم بشكل صحيح، لأن همهم الوحيد هو الاستفادة منهم مادياً وبشكل سريع".
أسمر يوضح أنه ليس ضد اتجاه أولاد الفنانين نحو الغناء إذا كانوا يملكون الموهبة، كما هو الحال بالنسبة إلى ماريتا والوليد الحلاني. ويضيف "هما يتمتعان بمؤهلات كثيرة ولكن يفترض أن يسيرا على الطريق الفني الذي يناسبهما". وعما إذا كان والدهما عاصي الحلاني هو الذي يتحمل هذه المسؤولية، أجاب "والدهما في أفضل أيامه ومشاغله كثيرة، ولا أعرف ما إذا كان هو الذي يختار لهما أعمالهما، ولكني لا أعتقد ذلك".
أسمر انتقد تجربة المغنين الذين اتجهوا نحو التمثيل "من الأفضل أن يكتفي الفنان بالمجال الذي نجح فيه، لأن المخاطرة تكون كبيرة عندما يعمل في مجال آخر وقد تنعكس سلباً على مجاله الأساسي".
نجوم وبرامج هواة
إلى ذلك، يشير أسمر إلى أنه ضد تجارب مشاركة الفنانين كأعضاء لجان تحكيم في برامج الهواة الفنية، معتبراً أنها لم تكن ناجحة. ويعيد السبب في استمرار تلك البرامج إلى أنه لا يوجد غيرها. ويوضح "محطة mbc تعاونت مع النجوم الذين يحبهم الناس لجذب المشاهدين، ولكن هذه البرامج لم تخدمهم كما كانوا يظنون، بل أساءت إليهم، ما عدا تجربة نجوى كرم، لأنها تشارك في برنامج للهواة لا علاقة له بالغناء". ويضيف "حتى لو كان المطرب صاحب تجربة فنية كبيرة، لا يحق له أن يقيّم الأصوات، لأن تجربته غنائية وليست أكاديمية، وحتى الأكاديميين بينهم، كـ كاظم الساهر وصابر الرباعي، ليس مستحباً أن يخوضوا تجربة مماثلة، لأنني لا أحبّذ فكرة تقييم مغن لآخر، خصوصاً أن أصوات بعض الهواة أفضل من أصوات من يقيّمهم، وأنا أفضل ألا يقحم المغني نفسه في هذه المعمعة. برأيي تجربة التحكيم أخذت من المغنين ولم تضف إليهم، لأنها جعلتهم موجودين دائماً على الشاشات، هذا عدا حضورهم عبر السوشيال ميديا. ويُفترض بالنجم أن يبتعد عن الأضواء كي لا تحرقه، ولهذا السبب تحرص فيروز وكاظم الساهر على عدم الظهور عبر السوشيال ميديا"، موضحاً أن تجربة كاظم الساهر هي الأفضل بين الفنانين، مشيراً إلى أنه "لا يمكن المقارنة بين تجربته وبين تجربة جورج وسوف".
وعن مشاريعه للفترة المقبلة، أوضح أسمر أنه يحضّر لبرنامجين فنيين لمصلحة محطتين عربيتين، وأنه تجري حالياً اجتماعات لدراسة تكلفتهما المادية.