Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتفاضة ليبية تشتعل في الزاوية ضد المرتزقة

تظاهرات وعصيان مدني وإغلاق مصفاة النفط بعد انتشار فيديو تعذيب ورئاسة الأركان تتعهد باستعادة الأمن

تعيش المدينة أسوأ الأوضاع الأمنية منذ عامين وتشهد اغتيالات غامضة وصدامات بين الكتائب المتناحرة (أ ف ب)

ملخص

أظهر الفيديو أفارقة يقومون بتعذيب شبان ليبيين من مدينة الزاوية توفي أحدهم كما تسبب في خروج تظاهرات احتجاجية وإغلاق الشوارع وإعلان العصيان المدني

أشعل مقطع فيديو مسرب على مواقع التواصل، نهاية الأسبوع الماضي، انتفاضة شعبية في مدينة الزاوية الليبية ضد الميليشيات المسلحة، حيث يظهر في الفيديو بعض الأجانب التابعين للميليشيات يقومون بتعذيب شباب ليبيين بطرق بشعة أثارت استياء كبيراً في جميع أرجاء البلاد.

تسبب المقطع المصور في خروج تظاهرات احتجاجية وإغلاق الشوارع ثم إعلان العصيان المدني في الزاوية وإغلاق أنابيب تنقل النفط والغاز الطبيعي إلى ميناء المدينة وطرد بعض الميليشيات المسلحة منها.

وتعيش مدينة الزاوية، التي تعرف بالبوابة الغربية للعاصمة طرابلس، أسوأ الأوضاع الأمنية في البلاد خلال العامين الأخيرين، وتشهد موجة اغتيالات غامضة وصدامات متكررة بين الكتائب المسلحة المتناحرة.

ضد المرتزقة

مقطع الفيديو الذي أشعل فتيل الانتفاضة في مدينة الزاوية ظهر على مواقع التواصل الخميس الماضي، 27 أبريل (نيسان)، ويظهر فيه شبان ليبيون يتعرضون للتعذيب على يد مرتزقة أفارقة، قبل أن يتوفى أحدهم بسبب التعذيب، وقال نشطاء في المدينة إن هؤلاء المرتزقة ينتمون لإحدى الميليشيات المسلحة.

زادت حدة الاحتجاجات، أمس الجمعة، وقام المتظاهرون بإغلاق صمامات مصفاة الزاوية، أكبر المصافي في البلاد، وأعلنوا العصيان المدني اعتراضاً على الوضع الأمني المتردي والاشتباكات التي تقع بين وقت وآخر بين المجموعات المسلحة المنتشرة في المدينة.

وأعلن "حراك شباب الزاوية"، الذي يقود هذه التظاهرات، إغلاق جميع مداخل ومخارج المدينة، وكذلك مصفاة الزاوية لحين تنفيذ مطالبهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وطالب "الحراك" في بيان بـ"إلغاء القوة الأمنية المشتركة وإعادة هيكلتها مرة أخرى، وتطبيق الحد على الأفارقة الذين ظهروا في الفيديو، وإيقاف عمل مديرية الأمن بالكامل وامتثالها للقضاء".

كما طالب بـ"انتخاب مجلس بلدي جديد وإيقاف جميع أعضاء المجلس الحالي ومحاسبتهم، وإعادة هيكلة الأجهزة العاملة مع مصفاة الزاوية بالتنسيق مع حرس المنشآت النفطية لمنع تهريب الوقود".

وأعلن أنه "سيتم تشكيل لجنة من شباب الحراك لمتابعة تنفيذ هذه المطالب، ومحاسبة الأجهزة الأمنية التي تعاملت مع الأفارقة أو باعت لهم البنزين، وإغلاق جميع المحطات المعروف عنها تهريب الوقود".

حكومة وبرلمان

بالتزامن مع إعلان "الحراك" إغلاق صمامات النفط والغاز المتجهة إلى مصفاة المدينة، أكد وزير النفط والغاز في حكومة الوحدة الليبية محمد عون أن "العمل في مصفاة الزاوية لم يتأثر بالاحتجاجات حتى الآن، ونبذل جهوداً حثيثة لتجنيبها أية تداعيات".

وأوضح عون أن "الحواجز الترابية التي قام المحتجون ببنائها أمام بوابات المصفاة حالت دون دخول المستخدمين لها، لكن سمح لبعضهم بالدخول والاستمرار في عمليات التشغيل".

ومع ارتفاع مستويات التوتر في مدينة الزاوية واتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية، قال رئيس لجنة الشؤون الداخلية بمجلس النواب، سليمان الحراري، إنه "بات من الضروري أن تتدخل الدولة والجهات المسؤولة لفض الاشتباكات في المدينة والعمل على فرض سيادة القانون".

وأضاف أنه "يجب رفع المعاناة عن الضحايا وملاحقة مرتكبي الانتهاكات، بمن فيهم المتورطون الأجانب في تعذيب المواطنين الليبيين".

وطالب الحراري "حكومة الوحدة الوطنية، باعتبارها الجهة التنفيذية المسيطرة التي تتولى زمام الأمور في المنطقة، بالقيام بواجباتها الأمنية تجاه مدينة الزاوية، وذلك بالعمل على الإيقاف الفوري للاشتباكات وفرض القانون وحماية المدنيين وتسوية أوضاع المهاجرين غير النظاميين أو ترحيلهم وفقاً للقوانين".

أخطاء وتبريرات

 في محاولة أولى لامتصاص موجة الغضب الشعبي في مدينة الزاوية، كلف آمر المنطقة العسكرية الساحل الغربي اللواء صلاح الدين النمروش، التابع لحكومة عبد الحميد الدبيبة، اللواء "52 مشاة" التمركز داخل بلدية الزاوية كمرحلة أولى من خطة تأمين المدينة، مؤكداً أن "القوة العسكرية  منتسبيها كافة تحت أمر الأهالي"، بحسب إعلان مكتب الإعلام في المنطقة العسكرية الساحل الغربي.

بعد هذا الإعلان بساعات اتضح خطأ الإجراء الأول الذي اتخذته حكومة الوحدة في طرابلس، والذي كان بمثابة صب البنزين على النار المشتعلة في الزاوية، إذ اتهم شباب المدينة القوة العسكرية التي كلفت حماية مدينتهم بأنها تضم مرتزقة أجانب في صفوفها، ومن ثم قاموا بطردها من مدينتهم.

كما اتهم نشطاء في الزاوية قوات اللواء "52 مشاة" بإطلاق النار على المتظاهرين أثناء انسحابها من المدينة إلى معسكرها خارج الحدود الإدارية لـ"الزاوية".

في المقابل، نفى آمر النمروش، إطلاق قوات اللواء "52 مشاة" النار على مواطنين بالزاوية، مؤكداً في بيان، أن "قواته تعرضت لإطلاق نار عند تمركزها في مواقعها من قبل خارجين عن القانون".

وأضاف "تعرضت تمركزات أخرى لقواتنا للقذف بالحجارة من مجهولين في محاولة يائسة لاستفزازنا، فأصدرنا أوامر بالانسحاب حفاظاً على أرواح المواطنين، ولقطع الطريق أمام المغرضين وأصحاب الفتن والأجندات الخاصة"، مشيراً إلى أن "جميع الخيارات متاحة للقضاء على أوكار الجريمة في المدينة".

رئاسة الأركان تتدخل

بعد أن كادت الخطوة الأولى من حكومة الدبيبة للتدخل في الزاوية تفجر الأوضاع أكثر، توجه رئيس الأركان العامة الفريق محمد الحداد، بسرعة إلى المدينة لتهدئة أهاليها وامتصاص غضبهم.

وفي لقاء مع أعيان المدينة وشبابها وجموع من المتظاهرين، أكد الحداد على "شرعية مطالب المحتجين في الزاوية، واستعداد الجيش للدفاع عن أهالي المدينة وبسط الأمن داخلها".

وقال الحداد إن "الدولة لديها القوة الكافية من الضباط وضباط الصف والجنود لتأمين مدينة الزاوية ومختلف المناطق، وهناك حلول مرضية لأهالي المدينة ستنفذ".

من جانبها، أفادت مصادر متطابقة في مدينة الزاوية، أن "اجتماع رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية الفريق أول محمد الحداد وعدد من قيادات الحراك الشعبي وأعيان المدينة أفضى إلى الاتفاق على تشكيل لجنة من 15 عضواً، تشمل خمسة من الحراك وثلاثة من الأعيان وسبعة من قيادات الجيش، لبحث مطالب المتظاهرين".

ووفقاً للمصادر فقد "أمر رئيس أركان القوات بتجهيز الطيران المسير ووضعه تحت أوامر اللجنة المشكلة"، مؤكداً أن "العملية العسكرية المدعومة بالطيران المسير ستبدأ في غضون أيام لدك أوكار العصابات والمهربين وتجار المخدرات في كل أرجاء الزاوية".

دعم حقوقي

من جانبه، أعلن رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا عبد المنعم الحر دعم انتفاضة أهالي مدينة الزاوية، ودعاهم إلى "الاستمرار في التظاهرات السلمية رفضاً للميليشيات التي هي سبب رئيس في عدم قيام الدولة".

وأكد الحر أنه "لا يجب التعويل على مديرية الأمن لأنها تخضع لسيطرة الجماعات المسلحة المناطقية، ولا يتسم منسوبوها بالانضباط". مشدداً على "أهمية رصد الانتهاكات وتوثيقها وإحالتها لمكتب النائب العام للتحقيق فيها والمطالبة بجلب الجناة ومحاسبتهم، إذ إن التعذيب جريمة ضد الإنسانية، وارتكابه بشكل مستمر يدل على منهجيته، مما يستوجب قيام المؤسسات الدولية المعنية بملاحقة الجناة".

وأشار الحر إلى أن "الالتزام السياسي والقانوني الذي يقع على عاتق حكومة الوحدة الوطنية، التي يتوجب عليها ضمان سلامة المدنيين في الزاوية، وهي المدينة الخارجة عن سيطرة مؤسسات الدولة الرسمية".

وطالب رئيس المنظمة "المجتمع الدولي، من خلال بعثته في ليبيا، بضرورة إدراج أسماء مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية على قائمة المطلوبين دولياً".

المزيد من العالم العربي