Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيف بشهادة رسمية... "بيزنس" البحوث الجامعية في سوريا

مكاتب وصفحات على مواقع التواصل لبيع الأطروحات وعاملوها: "الوضع الأكاديمي السيئ وضعف رواتب الأساتذة أبرز الأسباب" 

ينتشر في سوريا ما يعرف بالمكاتب لإنجاز أطروحات جامعية (بيكسلز)

ملخص

بين ضياع جوهر التعليم والوضع الاقتصادي السيئ تزدهر كتابة الأطروحات والأوراق الجامعية في سوريا، فما قصتها؟

من عروض الطباعة على الكمبيوتر التي اقتصرت على النقل، إلى تلك التي تحتاج إلى المساعدة وبعض التعديلات، وصولاً إلى عروض كتابة الأطروحات والأوراق البحثية الجامعية بشكل كامل، هكذا فتح عالم الإنترنت الاختيارات أمام الباحثين واستغل بعض ضعاف النفوس هذه الميزة، فالمهم بالنسبة إليهم هو العمل لكسب لقمة العيش.

وعلى رغم الحرب في سوريا والأزمات الاقتصادية والحصار الذي كان يقف عائقاً أمام التواصل عبر الإنترنت والدفع من خلاله، خرجت في سوريا بعض المجموعات والأفراد الذين سعوا إلى هذا العمل من باب الاسترزاق وتأمين مدخول جيد لهم في ظل وضع البلاد المتردي، وأيضاً بحجة مساعدة الطلاب.

الوضع قبل أعوام

تتحدث سمر، وهي خريجة كلية الإعلام، عن تجربتها مع حلقات البحث خلال أعوام دراستها فتقول "كنا نقوم خلال السنة الثانية والثالثة بتكليف من أساتذة الجامعة بحلقات بحثية حول موضوع محدد، وعلى رغم أنه كان لدينا مقرر لمادة البحث العلمي فإن طريقة توصيله لنا كنت أراها معقدة ولم أستطع فهم إلا بنوده الرئيسة، وكنت أجرب وزملائي بأنفسنا ونحاول قدر الإمكان معرفة ماذا يفضل الأستاذ فنقدم الحلقة على أساسه، فما كان يهمنا وقتها هو العلامة وليس المضمون".

وتتابع "كنا نطبع الاستبيان الخاص بحلقات بحثنا ونوزعه على الطلاب، وغالباً لم نكن نتلقى استجابة منهم، وبعضهم كان يجيب كيفما كان، لذلك اضطررنا في بعض الأوقات إلى أن نضع أنفسنا مكان غيرنا ونجيب عن الأسئلة بأنفسنا لنكمل حلقة بحثنا بطريقة منهجية".

أما في خصوص مشروع التخرج الذي يعتبر ذروة وحصيلة ما تعلمه الطالب خلال أعوام، فتقول سمر إنها صعقت عندما رأت أن كل ما قامت به وزملاؤها من طباعة بوسترات وكتيبات وأقراص مدمجة، ملقى على الأرض بعد انتهاء مناقشات مشروع التخرج، مضيفة "شعرت في تلك اللحظة بأن كل تعبي ذهب هباء، فالجامعة لا تهتم بما قمنا به من مجهود، فقط تريد تقييماً سريعاً لا يتخطى ربع الساعة لتمنحنا علامة ربما لا تنصف جهد بعضنا، فقلت في قرارة نفسي ليتني لم أبذل كل هذا المجهود والمال إذا كان الموضوع شكلياً فقط".

استسهال أم اختصار للوقت؟

لا قيمة للطالب في سوريا إلا بتلك العلامة التي ينالها، سواء كان يستحقها أو لا، فالإبداع والابتكار ليسا من سمات الجامعات العربية عموماً، ونظام الحفظ والتلقين سائد فيها جميعاً، والشكل أهم من المضمون. وهذا ما دفع طلاب اليوم إلى استسهال العلم والتعليم، فالمطلوب هو "العلامة" ولا يهم كيف أتت، بجهد الطالب نفسه أو بجهد شخص آخر، وطالما أن الجامعة نفسها قد لا تهتم بما يقدمه فلماذا يبذل جهداً فيه؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إيلي طالب في السنة الخامسة بكلية الطب اضطر إلى الاستعانة بأحد الأشخاص الذين يقدمون مشروع تخرج جاهزاً مقابل مبلغ من المال، فعندما سمع أن هناك فتاة من خريجي الطب تعمل على مساعدة الطلاب في مشاريع تخرجهم لجأ إليها.

يقول معللاً هذه الخطوة "نحن كطلاب طب ليس لدينا وقت فراغ، فلكل فصل مواد ضخمة، إن لم أدرس كل يوم ما يصل إلى 14 ساعة فلن أستطيع الوصول إلى الامتحان وأنا جاهز، ومشروع التخرج يأتي في التوقيت الذي نؤدي فيه امتحاناتنا، لذلك استعنت بإحداهن لتنجز لي مشروع التخرج مقابل مبلغ مادي محدد".

مكان المكاتب

ينتشر اليوم في سوريا ما يعرف بالمكاتب لإنجاز أطروحات جامعية وأوراق بحثية، لكنها لا تأخذ شكل الكيان المعلن، بل تعمل بشكل افتراضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فهناك صفحات متعددة تحت اسم "خدمات جامعية" أو باسم فريق محدد ينشر إعلاناً لما يستطيع أن يقدمه إلى الطلاب.

على سبيل المثال هناك فريق يسمى "إنجاز" يضع كل فترة منشوراً يتحدث فيه عن خدماته، ويحث الطلاب على الاستعانة به من خلال تسويق ما يقدمه لهم بطريقة مقنعة، فيخبر الطلاب أن باستطاعته إنجاز وظائفهم ومشاريعهم التي ربما لا يستطيعون القيام بها لقلة خبرتهم، وذلك على طريقة "إن لم تكن الكتابة مهارة خاصة بك، فدع المحترفين يقومون بهذه المهمة نيابة عنك".

كما أن هناك من يعمل تحت مظلة المكتبات الجامعية التي تنتشر خارج الجامعة وتقدم خدماتها في الطباعة والقرطاسية، ففي هذه المكتبات يعرض أصحابها خدماتهم لإنجاز الأطروحات والمشاريع الجامعية والأوراق البحثية بمقابل مالي محدد.

سبب انتشار الظاهرة

يقول رضا، وهو خريج كلية الهندسة عمل في هذا المجال سابقاً قبل أن يغادر البلاد، "نسبة قليلة من الطلاب كانت تأتي لنقدم لها بعض المساعدة والتعديلات، لكن معظمهم كانوا يعتمدون كلياً على فريقنا لكتابة أطروحاتهم وأوراقهم البحثية".

وعن تبعات هذه الظاهرة، أوضح أنها "تجعل الطالب اتكالياً، لكنها تعكس أمرين مهمين، الأول أن الطالب لا يتلقى العلوم الصحيحة في جامعته، بخاصة في سوريا، فالوضع سيئ أكاديمياً، بالتالي هو يخرج من دون أن يفهم أو يستوعب ماذا يتعلمه".

أما السبب الثاني الذي يعتبر جوهرياً، بحسب رضا، فهو عدم وجود عمل مجز لفئة المتخرجين عامة وأساتذة الجامعات بخاصة، مضيفاً "معظم الذين يعملون في هذا المجال هم أساتذة جامعات رواتبهم متدنية جداً ولكل منهم عائلة ومسؤوليات يحتاج إلى تلبيتها في ظل ظروف صعبة وقاسية".

ويتابع "إذا افترضنا أن هذا العمل يشوبه الفساد، فإن من يقومون به أقرب إلى البراءة بسبب الوضع المادي السيئ، فمثلاً في الإمارات العربية المتحدة من العيب أن تمتهن هذا العمل لأن راتب أستاذ الجامعة قد يصل إلى 5 آلاف دولار، فلماذا يمارسه؟، بينما في سوريا لا يكاد يتخطى راتب الأستاذ 200 ألف ليرة سورية (28 دولاراً)".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير