Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جامعات غزة تقاضي طلابها: الدفع أو الحبس

45 مليون دولار ديون متراكمة على 30 ألف دارس ومؤسسات التعليم العالي تعتمد على الرسوم ونشطاء ينتقدون "التسليع"

الطلاب في الجامعات الفلسطينية باتوا مهددين بالحبس بسبب تراكم الرسوم المستحقة عليهم (أ ف ب)

"إخطار لتنفيذ حكم، إما الدفع أو التحويل لدائرة التنفيذ من أجل الحبس" بهذه العبارة استقبل رامي إشعاراً من محكمة في قطاع غزة يأمره بتسديد 1600 دولار أميركي في ظرف سبعة أيام إلى الجامعة، أو السجن نتيجة عدم التزامه بدفع الرسوم المالية المتراكمة عليه.

وتعد هذه الحالة سابقة أولى من نوعها في غزة، أن تلجأ مؤسسات التعليم العالي إلى السلطة القضائية من أجل تحصيل الرسوم الجامعية.

مصدر التمويل الوحيد

في قطاع غزة 23 مؤسسة تعليم عال، منها ثماني جامعات فقط، والبقية كليات جامعية أو متوسطة، ومنتسب لجميعها نحو 85 ألف طالب، ويتخرج منها سنوياً قرابة 20 ألف، ويعمل فيها أكثر من خمسة آلاف موظف (أكاديمي وإداري)، بحسب بيانات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

وبالعادة تعتمد الجامعات وكليات التعليم العالي بشكل أساس في نظامها المالي على مدى سداد الطلاب الرسوم الجامعية، أو موازانة الجامعات من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ولا مصدر آخر لدعم الجامعات مالياً.

وبحسب المدير العام لدائرة الجامعات في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي علي أبو سعدة، فإن السلطة الفلسطينية وحكومة غزة لم تصرف إلى جامعات القطاع أية موازنات مالية سنوية منذ نحو 11 سنة، مما يعني أن الجامعات تعتمد بشكل أساس على ما يتم تحصيله من الطلاب.

أزمة مركبة

وتفرض الجامعات في غزة على الطلاب دفع رسوم الفصل الدراسي قبل بدايته، ويختلف المبلغ من جامعة إلى أخرى، لكن المتوسط العام يصل إلى نحو 700 دولار أميركي في الفصل الواحد (يتكون من أربعة أشهر)، ويعد هذا المصدر الوحيد لتمويل جامعات قطاع غزة.

لكن مع تردي الأوضاع الاقتصادية في القطاع باتت الجامعات تتجاوز عن تسديد الطلاب للرسوم في بداية الفصل الدراسي، وتشترط أن يدفعوا ما عليهم خلال سنوات الدراسة، إلا أنه ومع سوء الأحوال المالية لأولياء الأمور، باتوا عاجزين عن سدادها، الأمر الذي أدى إلى تدهور وضع الجامعات مالياً.

وتعيش مؤسسات التعليم العالي أزمة مالية مركبة مستمرة منذ سبع سنوات على الأقل، ونتيجة ذلك عجزت عن دفع رواتب الموظفين فيها، سواء الأكاديميين أو الإداريين، وبحسب التقديرات فإن هذا ما دفعها إلى اللجوء للقضاء لإجبار الطلاب على تسديد الرسوم.

45 مليون دولار قيمة الديون

يعقب على ذلك أبو سعدة، قائلاً "ما جرى كان بعيداً من الوزارة التي ترفض هذه الخطوة، لكن لم ترد لنا شكاوى حول الموضوع، وفي حال تقدم أي طالب باعتراض نتابع مشكلته".

ويضيف أبو سعدة "الجامعات لها استحقاقات كبيرة عند الطلبة لكن لا تلجأ إلى القضاء، وما جرى هو تصرف فردي، وأغلب المؤسسات التعليمية متعاونة مع الطلاب في تراكم المبالغ عليهم ونلاحظ أن هناك صبراً بسبب الوضع الاقتصادي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فإن هناك ديوناً على الطلاب لصالح الجامعات بقيمة 45 مليون دولار أميركي وهي متراكمة على 30 ألف منتسب.

يوضح أبو سعدة أن وزارته تحاول فك الشهادات العالقة التي نتجت من عدم تسديد الطلاب لرسومهم، وذلك من خلال مشاريع محلية ودولية، مؤكداً "نجحنا في ذلك لكن المشكلة لم تنته".

أستاذة الجامعة بلا رواتب

وفقاً للجامعات في غزة، فإن قضية عدم تسديد الرسوم المتراكمة على التلاميذ تسببت بمشكلة انعكست على الموظفين الأكاديميين والإداريين الذين خفضت رواتبهم بنسبة تصل إلى 50 في المئة داخل معظم الجامعات.

ويؤكد أبو سعدة ذلك ويلفت إلى أن "هذه الأزمة قد تتسبب في مشكلة نفسية على أستاذ الجامعة الذي لا يتلقى راتبه كاملاً، وحينها لا يستطيع أن يقدم أفضل خدمة تعليم لديه، مما يعني أن المسيرة التعليمية معرضة لخطر، في حين يهمنا أن تكون الجامعة في ذروة عطائها، فكلما استقرت أمورها يكون في خدمة المجتمع".

يعيش سكان غزة ظروفاً صعبة، وبالكاد يحصلون على المال الذي لا يكفيهم للأكل والمسكن والمستلزمات الأساسية للبيت، وبلغت نسبة العاطلين عن العمل 71 في المئة، بينما نسبة الفقر المدقع تخطت حاجز 45 في المئة، فيما انعدم الأمن الغذائي لنحو 81 في المئة من الأسر. أما الموظفون الحكوميون التابعون للسلطة الفلسطينية فيتلقون ما قيمته 80 في المئة من رواتبهم، بينما تصل نسبة رواتب موظفي حكومة غزة إلى 50 في المئة، وهذه العوامل تسببت في عجز أولياء الأمور عن تسديد رسوم طلبة الجامعات.

"تسليع التعليم"

خطوة لجوء الجامعات للقضاء، لقيت معارضة واسعة في غزة، فهي من شأنها "تسليع التعليم" أي جعل حق التعليم المكفول في القانون لمن يملك المال فقط، بحسب نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي الذين تداولوا صورة إخطار المحكمة للطلاب، وعبروا عن سخطهم من تجاوب القضاء مع الجامعات في ظل واقع الحياة بغزة، وتخوفوا من إقدام جهات التنفيذ على سجن الطالب بشكل فعلي.

 

يقول مسؤول لجنة الدفاع عن الخريجين الجامعيين سلامة أبو نعمة، إن لجوء المؤسسات التعليمية للمحاكم شأنه أن يهدد الطلاب المعرضين للموقف نفسه، مستدركاً "ذلك مرفوض تماماً ويجب على السلطة القضائية التوقف عن استقبال مثل تلك القضايا، فهم جزء من المجتمع ويعرفون ظروف سكان غزة".

الرأي القانوني

حول الوضع القانوني يقول الباحث الحقوقي صلاح عبدالعاطي إن العلاقة بين الجامعات والطلاب تعاقدية، وتملك الأولى حق التقاضي ولا تستطيع المحاكم رفض الدعوى بحكم نوع العلاقة، لكنه يشير إلى أن "هناك كثيراً من الأمور لوقف العلاقة التعاقدية، منها عدم السماح للطلاب دخول قاعة الامتحان، أو عدم منحه جدول العملية التعليمية، في محاولة لتجنب اللجوء إلى المحاكم".

ويقول المتحدث باسم السلطة القضائية المستشار إيهاب عرفات، إن حق التقاضي مكفول للجميع بمقتضى نصوص القانون الأساسي الفلسطيني، سواء أكان ذلك شخصاً طبيعياً أم شخصاً اعتبارياً (شركة، جامعة، مؤسسة)، ومن ثم فإن لجوء أية جامعة لباب القضاء يعد سلوكاً طبيعياً لفض الخلاف حول أية منازعات مدعى بها أو لتحصيل الحقوق على أي شخص، ويكون للطرف الآخر حق الدفاع الذي يعد مكفولاً أمام المحكمة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير