Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تلاشت حدة التوتر العسكري في السودان أم أن الجمر لا يزال تحت الرماد؟

يرى مراقبون أن مسألة الدخول في صراع محكومة بالإرادة القتالية وهي غير موجودة لدى الطرفين

ملخص

يتركز الخلاف العسكري حول الجدول الزمني للدمج، إذ طلب #الجيش بأن يتم خلال 6 أشهر، فيما ترى قوات #الدعم_السريع أن العملية تحتاج إلى 10 سنوات على الأقل

شهدت الخرطوم طوال يوم أمس الخميس اجتماعات مكثفة للقوى السياسية والمجتمعية والعسكرية واتصالات دولية لتهدئة الأوضاع المتوترة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، نتيجة لاتهام الجيش لـ"الدعم السريع" بالتحشيد والانتشار والتحرك داخل العاصمة وعدد من المدن، بخاصة منطقة مروي (شمال الخرطوم)، من دون موافقته أو التنسيق معه. لكن ما فحوى هذه الجهود وأثرها في خفض حدة التوتر وإنهائه، ومآلات ومستقبل العلاقة والصراع بين الطرفين، لاسيما بعد إعلان مجموعة من المسؤولين السودانيين أن قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي أكد التزامه عدم التصعيد، وأبدى استعداده للقاء قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان؟

إغلاق الدمج

يوضح الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية اللواء ركن معاش أمين إسماعيل مجذوب أن "الوضع ما زال يشوبه الغموض والتوتر في المواقف باعتبار أن قوات الدعم السريع ظلت موجودة في قاعدة مروي الجوية، فيما حشد الجيش قواته في المنطقة نفسها بانتظار اللقاءات التي تجرى في الخرطوم منذ يوم أمس الخميس في محاولة لنزع فتيل الأزمة، وأعتقد أنه بمجرد ما تعدت الأزمة أكثر من 24 ساعة وهي الفترة الحاسمة في مثل هذه الصراعات، يعني ذلك أنه حدث تراجع في مسألة الحسم والمواجهة العسكرية، لكن الأزمة تظل موجودة لكنها ساكنة ما دامت القوات من الطرفين موجودة في منطقة واحدة".
وواصل مجذوب أن "مسألة الدخول في صراع محكومة بالإرادة القتالية وهي غير موجودة لدى الطرفين لأنه لا يوجد أي سبب للاقتتال، كما لا تستطيع قيادة أي من الطرفين أن تصدر قراراً بالدخول في حرب، فضلاً عن أن مقومات الحرب غير متوفرة من النواحي كافة سواء اقتصادياً أو من جهة التأييد الشعبي".
ومضى قائلاً "في تقديري ما يجب عمله هو إصدار قرارات عسكرية بإغلاق ملف الدمج سلباً أو إيجاباً، فإنشاء قوات الدعم السريع هو خطأ موروث من النظام السابق وجعل لها قانوناً صادراً عن البرلمان، بالتالي إذا تم الرضا ببقائها من دون دمجها في الجيش سنكون كررنا تجربة لبنان في ما يخص حزب الله في ظل وجود جيش وطني، ويكون قرار السودان في يد المحاور والتحالفات الدولية والإقليمية، فضلاً عن بقاء العلاقة بين الطرفين في حال توتر دائم، إضافة إلى أن مستقبل البلاد سيكون في قاطرة برأسين (قيادتين)، وهو أمر لا يقود إلى تحول ديمقراطي واستقرار".
ورأى الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية أن "الجهود الدولية والإقليمية والمحلية عبارة عن اجتماعات علاقات عامة، باعتبار أن الأمر عسكري بحت يحوي تفاصيل وأسراراً ومعلومات لا يستطيع أي وسيط تملكها، بالتالي لن تثمر هذه الجهود عن أي شيء، بل سيظل الأمر كما هو عليه أسوة بأمور كثيرة حدثت من قبل عندما انتشرت قوات الدعم السريع في منطقة الدمازين وفي بورتسودان وفي جنوب كردفان وفي الخرطوم من دون أن يعترضها أحد، فهذا الصراع أصبح أمراً واقعاً، لكن في النهاية لن يكون هناك حسم عسكري فهي مشكلة سياسية خاصة بالصراع على السلطة والمستقبل السياسي للقيادات العسكرية".

هشاشة واحتقان

في السياق رأى نائب رئيس تجمع قدامى المحاربين السودانيين العميد السر أحمد سعيد، أن "المشهد في البلاد هش ورخو للغاية بالنظر إلى الخلافات المتصاعدة بين الكتل السياسية وما يدور من نزاعات في دارفور والشرق، فضلاً عن التوتر العسكري الحالي. ويتطلب معالجة مثل هذا الوضع من القيادة التمتع بروح وطنية عالية بخاصة القائد العام للجيش حتى لا يصل إلى مرحلة الانفجار ودرءاً لأي احتمالات أخرى كالانقلاب العسكري وخروج الشارع وغيرها".
وتابع سعيد "المؤشرات تشير إلى وجود احتقان، وهنا لا بد أن يكون السياسيون منضبطين في تصريحاتهم وخطاباتهم، كما يجب أن تتم عملية ابتعاد العسكر عن السلطة بطريقة سلسة، إضافة إلى التعامل مع قضية الدمج باحترافية وهي تعني قوات الحركات المسلحة، وذلك من خلال وضع معايير لفترة سنوات تشمل الاستيعاب والتسريح ونزع السلاح، بينما تأتي مسألة الإصلاح والتحديث والتطوير للمؤسسة العسكرية (الجيش والدعم السريع) على أسس وقوانين تتم على المدى البعيد".
وعن توقعاته لمآلات هذا التوتر ومستقبله أجاب نائب رئيس تجمع قدامى المحاربين السودانيين، "في اعتقادي أن الأمر كله يتعلق بالقيادة العسكرية، فإذا كانت راشدة يمكن أن تقود البلاد إلى بر الأمان شريطة الابتعاد عن الدولة العميقة (الإخوان)، لكن في حال حدوث أي خطأ في الحسابات يمكن أن يؤدي ذلك إلى تفجير الأوضاع بخاصة أن المناخ مهيأ تماماً في ظل غياب رئيس وزراء لنحو عام ونصف عام وترد بالغ للأحوال الاقتصادية والمعيشية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


اتصالات دولية

وكان قائد قوات الدعم السريع عقد الخميس محادثات عبر الهاتف مع ثلاثة مبعوثين دوليين هم المبعوث الأميركي لشؤون شرق أفريقيا والسودان وجنوب السودان بيتر لورد، والمبعوث البريطاني روبرت فيرويذر، والمبعوث النرويجي جون أنطون. وتناولت المحادثات التطورات السياسية الراهنة التي تشهدها البلاد والجهود المبذولة لاستكمال العملية السياسية وتشكيل حكومة انتقالية مدنية، وصولاً إلى تحول ديمقراطي بقيام الانتخابات.
وقدم دقلو شرحاً للمبعوثين حول الأوضاع بالبلاد، ومساعي الأطراف للوصول بالعملية السياسية إلى نهاياتها، مؤكداً الالتزام التام بما تم التوقيع عليه في "الاتفاق الإطاري"، وضرورة خروج المؤسسة العسكرية من العمل السياسي، مجدداً حرصه على تعزيز الاستقرار والعمل على دعم مسيرة التحول الديمقراطي بالبلاد.
وعبر المبعوثون الدوليون بدورهم عن دعمهم ومساندتهم للاتفاق الإطاري للخروج من الأزمة بوصفه الأساس لتشكيل حكومة مدنية مقبلة في البلاد.

القوى المدنية

من جانبها قررت القوى المدنية الموقعة على "الاتفاق الإطاري" الالتقاء عاجلاً بقيادة القوات المسلحة السودانية و"الدعم السريع" وطرح أفكار عملية لتجاوز التوتر الحالي واستعادة المسار السياسي، بما يعجل بتجاوز نذر المواجهة الحالية، والوصول إلى اتفاق نهائي تتشكل بموجبه حكومة مدنية تعبر عن الثورة وتوجهاتها، وتعالج القضايا الملحة التي يواجهها الشعب اقتصادياً وسياسياً وأمنياً.
وأوضحت القوى المدنية في بيان لها أنها عقدت الخميس "اجتماعاً طارئاً ناقش آخر التطورات السياسية في البلاد، ووقف على النشاط المتصاعد لعناصر المؤتمر الوطني المنحل وسعيهم الحثيث لإثارة الفتنة بالوقيعة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ودق طبول الحرب أملاً منهم بأن يعودوا للتسلط على رقاب الناس مرة أخرى بعد أن لفظهم الشعب وطوى صفحة نظامهم البائد". وأشار البيان إلى أن "الاجتماع أكد على أن التحديات التي تواجه القطاع الأمني والعسكري هي قضايا قديمة فاقم النظام السابق منها، وواجهتها الحكومة الانتقالية المنقلب عليها، وجاء الاتفاق السياسي الإطاري الذي صنعه المدنيون والقيادة العسكرية كخطوة شجاعة لوضع الأسس الصحيحة لمعالجتها سلماً لا حرباً".
ونوه البيان إلى أن "العملية السياسية الجارية توفر فرصة تاريخية لبلادنا للوصول إلى جيش واحد مهني وقومي". وحث البيان "أطياف الشعب السوداني كافة المتطلعة إلى التغيير بالتصدي لمخططات النظام البائد ولدعاوى الحرب والتصعيد العسكري، ورفض تحويل الصراع في البلاد إلى صراع مسلح يغيب الطبيعة السياسية المدنية للقضية الوطنية".


الخلاف العسكري

ويتركز الخلاف العسكري حول الجدول الزمني لعملية الدمج في طلب الجيش بأن تتم خلال ستة أشهر، فيما يرى "الدعم السريع" أن العملية تحتاج إلى 10 سنوات على الأقل. كما تدور خلافات أيضاً حول آليات السيطرة والقيادة، وهو ما أدى إلى تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي لنقل السلطة إلى المدنيين كما كان معلناً في الأول من أبريل (نيسان) الجاري. وأكد الجيش أنه لن يوقع على الاتفاق ما لم يتم تحديد جداول زمنية واضحة لدمج "الدعم السريع".
ومنذ أكثر من عام ونصف العام يعاني السودان اضطرابات كبيرة في ظل عدم وجود حكومة تنفيذية، بعد حل حكومة عبد الله حمدوك على خلفية انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي نفذه قائد الجيش عبدالفتاح البرهان بحجة تشاكس المدنيين والعسكريين حول قضايا الحكم.
وكانت "الآلية الثلاثية" المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومجموعة الإيغاد و"المجموعة الرباعية" المكونة من الإمارات والسعودية والولايات المتحدة وبريطانيا، قد سهلت مفاوضات مكثفة استمرت أكثر من ستة أشهر من أجل الوصول إلى حل للأزمة التي يعيشها السودان.
وينتظر أن يشكل الدستور الانتقالي المعد من نقابة المحامين أساساً قانونياً لفترة انتقالية مدتها عامان، وأن ينص على إقامة دولة مدنية تتبع نظام الحكم الفيدرالي وتتشكل من مجلس سيادة مدني ومجلس وزراء مدني ومجلس تشريعي، فضلاً عن دمج القوات العسكرية في جيش مهني واحد والنأي به عن العمل السياسي، وحصر مهماته في الدفاع عن السيادة وحماية حدود البلاد وتأمين الانتقال، وتنفيذ السياسات المتعلقة بالإصلاح الأمني والعسكري.
وسمى الدستور رأس الدولة المدني قائداً أعلى للجيش، كما حدد تبعية جهازي الشرطة والأمن إلى السلطة التنفيذية، على أن يكون رئيس الوزراء هو القائد الأعلى لهما.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات