Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عسكر السودان على حافة الصدام فمن يدرأ الكارثة؟

تحركات لـ"الدعم السريع" تثير حفيظة الجيش والقوى السياسية تدعو إلى اجتماع عاجل لرأب الصدع

يطالب الجيش بضم "الدعم السريع" تحت قيادته بينما تدفع الأخيرة بأن تكون القوات المشتركة تحت قيادة مدنية (أ ف ب)

ملخص

يشهد #السودان أزمة متشابكة نتيجة للاختلافات السياسية والعسكرية ويقول مراقبون إن البلاد باتت مفتوحة لكل #أجهزة_الاستخبارات العالمية

تابع السودانيون بقلق بالغ منذ منتصف ليل أمس الأربعاء ما يجري من توتر بين الجيش وقوات الدعم السريع الذي وصل إلى حد المواجهة بعد قيام الأخيرة بتحركات عسكرية في منطقة مروي (200 كيلومتر شمال الخرطوم) من دون إخطار القوات المسلحة وموافقتها، بحسب بيان للجيش السوداني، وهو ما نفته قوات الدعم السريع بالقول إن "المزاعم حول قيامها بأعمال حربية تجاه مطار مروي كاذبة ومضللة".

وصرح مصدر عسكري مسؤول إلى "اندبندنت عربية" بأن عضو مجلس السيادة الفريق ياسر العطا وصل إلى مروي لتهدئة الأوضاع بين القوتين، في وقت دخلت القوى السياسية بالبلاد في اجتماع طارئ دعا إليه رئيس حزب الأمة القومي برمة ناصر لبحث تطورات الأوضاع الاستثنائية وقرر الالتقاء بقائدي الجيش عبدالفتاح البرهان والدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" لرأب الصدع ونزع فتيل التوتر، ومن المنتظر أن يعقد مساء اليوم الخميس اجتماع لمجلس الأمن والدفاع لمناقشة مآلات الأوضاع العسكرية في ضوء هذه التوترات.

استهداف للجيش

نائب رئيس هيئة الأركان، المتحدث الرسمي الأسبق باسم القوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن محمد بشير سليمان أوضح أن "ما يحدث هو انعكاس للمشهد السياسي والأمني في البلاد وهو عمل سياسي مدبر ناجم عن خطة سياسية نتيجة لفشل التوقيع على الاتفاق السياسي الذي كان مقرراً له في السادس من أبريل (نيسان)، وتمثلت هذه الخطة في أن تتحرك قوات الدعم السريع بعيداً من المؤسسة العسكرية لجر الجيش نحو التصادم، لكن معلوم أن الجيش يتحسب لمثل هذا العمل ويدرك أن إطلاق رصاصة واحدة هو المطلوب، لذلك يعمل على تفادي هذه الأخطار المعروفة ومآلاتها السلبية تجاه وحدة السودان واستقراره".

وتابع "واضح أن هناك استهدافاً للجيش في ضباطه وإمكاناته، وهو عمل مقصود يراد به شق هذا الجسم وإظهاره بحال الضعف، ويتكامل ذلك مع ما يحدث حالياً في دارفور، وهي رسالة عنوانها فشل الدولة في توفير الأمن، مما يقود في النهاية إلى تفكيك البلاد".

وحض سليمان القيادة العسكرية في السودان على جمع الصف والحشد السياسي ودعم تماسك القوى الوطنية المناصرة للجيش، مع ضرورة أن تكون في موضع الحذر ومستعدة لأي تهديد حقيقي من جانب قوات الدعم السريع والتعامل معها بحسم.

أزمة متشابكة

من جانبه قال رئيس المكتب التنفيذي لحزب التحالف الوطني السوداني كمال إسماعيل أحمد أن "ما نشهده من تطورات هو انعكاس للاختلافات والتباينات السياسية والعسكرية في البلاد، لكن أن تختلف القوى السياسية فهذا أمر معتاد، أما اختلاف العسكريين، فمعناه الحرب، ولا بد من نزع فتيل الصراعات بين الجيش وقوات الدعم السريع لأن الوطن مسؤولية الجميع، وإذا حدثت مواجهة فسوف تضر بالجميع ولن يكون هناك طرف منتصر، فالكل خاسر في هذا الصراع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وواصل "الآن الكل في حال استنفار لوقف العداء المتبادل من خلال بحث الحلول ومعالجتها، فهي أزمة متشابكة وليست سهلة، بخاصة أن بلادنا أصبحت مفتوحة لأجهزة الاستخبارات العالمية كافة والجميع له مصالح يريد تحقيقها بأي ثمن ولا يهمه استقرار البلاد".

وكان مسؤول في القوات المسلحة السودانية أشار لوسائل إعلام محلية إلى أن تحركات قوات الدعم السريع المسنودة بنحو 100 سيارة عسكرية تمت من دون أي تنسيق وترتيب مع القيادة العسكرية في الخرطوم والوحدات الأخرى بالولاية الشمالية، الأمر الذي يعطي مؤشراً إلى أن هذه القوات ترتب لكي تكون جزءاً من أي تحرك أو سيناريو ربما تشهده المنطقة الشمالية خلال الفترة المقبلة.

ناقوس الخطر

الجيش السوداني قال في بيان سابق له إن "صون أمن البلاد وسلامتها يقع على عاتق القوات دستوراً وقانوناً، وتعاونها في ذلك أجهزة الدولة المختلفة ونظمت القوانين كيفية تقديم هذا العون، وبناء على ذلك وجب علينا أن ندق ناقوس الخطر من أن بلادنا تمر بمنعطف تاريخي وخطر، وتزداد أخطاره بقيام قيادة قوات الدعم السريع بتحشيد القوات والانفتاح داخل العاصمة وبعض المدن".

وأضاف البيان أن "هذه التحركات تمت من دون موافقة قيادة القوات المسلحة أو مجرد التنسيق معها، مما أثار الهلع والخوف في أوساط المواطنين وفاقم الأخطار الأمنية وزاد التوتر بين القوات النظامية".

وتابع "لم تنقطع محاولات القوات المسلحة عن إيجاد الحلول السلمية لهذه التجاوزات حفاظاً على الطمأنينة العامة وعدم الرغبة في نشوب صراع مسلح يقضي على الأخضر واليابس لأن هذه الانفتاحات وإعادة تمركز القوات يخالف مهمات ونظام عمل (الدعم السريع)، وفيه تجاوز واضح للقانون ومخالفة لتوجيهات اللجان الأمنية المركزية والولائية، واستمرارها سيؤدي حتماً إلى مزيد من الانقسامات والتوترات التي ربما تقود إلى انفراط عقد الأمن بالبلاد".

وجدد الجيش السوداني في البيان "تمسك القوات المسلحة بما تم التوافق عليه في دعم الانتقال السياسي وفقاً لما تم في الاتفاق الإطاري"، محذراً "القوى السياسية من أخطار المزايدة بمواقف القوات المسلحة التي لم تبخل في سبيل تحقيقها بتقديم المهج والأرواح رخيصة لينعم السودان بالأمن والاستقرار".

مزاعم كاذبة

من جهتها قالت قوات الدعم السريع في بيان، "تناقلت بعض وسائل التواصل الاجتماعي أمس مزاعم بأن قوات الدعم السريع قامت بأعمال حربية تجاه مطار مروي شمال البلاد، وهي مزاعم كاذبة ومضللة".

وأضاف البيان أن "الدعم السريع قوات قومية تضطلع بعدد من المهمات والواجبات الوطنية التي كفلها لها القانون، وهي تعمل بتنسيق وتناغم تام مع قيادة القوات المسلحة وبقية القوات النظامية الأخرى في تحركاتها".

وأكد البيان "تنتشر قوات الدعم السريع وتتنقل في كل أرجاء الوطن من أجل تحقيق الأمن والاستقرار ومحاربة ظواهر الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية والتصدي لعصابات النهب المسلح أينما وجدت".

وأشار البيان إلى أن "وجود قوات الدعم السريع في مدينة مروي بالولاية الشمالية يأتي ضمن وجودها في بقية الولايات في إطار تأدية مهماتها وواجباتها".

أساس الخلاف العسكري

ويتمثل الخلاف بين الجيش والدعم السريع في بند الإصلاح الأمني والعسكري، وتعد نقطة قيادة القوات العسكرية في الفترة الانتقالية القضية الشائكة التي يواجهها هذا البند باعتبار أن الطرفين يتمسكان بموقفهما، وسط أنباء عن تجاوز نقاط خلافية أهمها المدة الزمنية الخاصة بدمج قوات الدعم السريع في الجيش.

فالجيش يطالب بأن تكون قيادة القوات العسكرية خلال الفترة المقبلة تحت قيادته، بينما تدفع "الدعم السريع" باتجاه أن تكون قواتها المشتركة مع الجيش تحت قيادة مدنية.

كما كشفت تقارير محلية عن تمسك الجيش السوداني بأن تكون فترة دمج قوات الدعم السريع عامين ولا تتجاوز ذلك لأنه بنهاية العامين ستأتي الانتخابات، وحينها سيكون هناك جيش واحد خلال هذه الانتخابات بيد أن "الدعم السريع" طالبت بـ10 أعوام لدمج قواتها، وهو ما يرفضه قادة الجيش.

وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس) فولكر بيرتس ذكر في وقت سابق أن عملية الدمج والإصلاح للوصول إلى جيش موحد تحتاج إلى خمسة أعوام.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير