Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لا تقفز أسعار النفط إلى مستويات قياسية وسط تصاعد التوتر في هرمز؟

عوامل عدة تكبح رحلة الصعود... أبرزها الثقة في الحماية الدولية لاستمرار الإمدادات

وفرة المخزون الاستراتيجي النفطي واستمرار التوسع في البنية التحتية وشبكات النقل والتخزين ضمن مستجدات تلجم السوق (أ.ف.ب.) 

تواصل أسعار النفط العالمية التحرك في نطاق 55- 65 دولاراً للبرميل على الرغم من استمرار التوتر في منطقة الخليج مع تصاعد التهديدات الإيرانية لخطوط الملاحة العالمية عبر مضيق هرمز الاستراتيجي واستهدافها للناقلات تفجيراً أو تخريباً أو اختطافاً.

وعلى الرغم من وصول صادرات إيران إلى مجرد عُشر ما كانت عليه قبل إعادة الولايات المتحدة فرض العقوبات على طهران واستهدافها "تصفير" الصادرات النفطية الإيرانية، إلا أن السوق لم تعكس هذا النقص في العرض بارتفاع الأسعار، إضافة إلى فقدان السوق النقص المستمر في إنتاج فنزويلا وغيرها.

وعلى الرغم أيضاً من اتّفاق منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" مع شركائها من خارج المنظمة على استمرار ضبط الإمدادات، إلا أن السوق ما زالت تحسب تضاؤل نمو الطلب العالمي بما يحافظ على الأسعار في نطاق 60- 70 دولاراً للبرميل نتيجة عدة عوامل، منها ارتفاع الإنتاج الأميركي وتشاؤم المؤسسات الدولية بشأن نمو الاقتصاد العالمي.

كبح ارتفاع الأسعار 

خبراء ومحللون في شؤون النفط تحدثوا لـ "اندبندنت عربية" أجمعوا على عوامل عدة كبحت ارتفاع الأسعار في هذه الفترة ، فبالعودة  إلى عام 2018 كانت بداية انطلاقة الأسعار إلى مستويات قياسية حتى وصلت عند 85 دولاراً للبرميل، ثم تراجعت خلال هذا العام إلى 75 دولاراً للبرميل، إلا أنها منذ مؤتمر أوبك الوزاري الأخير في شهر يونيو (حزيران ) 2019 لا تزال تتأرجح حول 65 دولاراً للبرميل على الرغم من التوترات التي تهدد الملاحة في أهم ممر استراتيجي لنقل النفط العالم إلى أسواق العالم. ويرى المحللون أن أهمية المضيق ليست في حجم النفط الذي يمر منه، إنما لأنه لا يوجد بديل له  في الوقت الراهن ولا يمكن تغطية أي نقص في حالة وقوع مواجهة في منطقه الخليج العربي، وحتى مع وجود بدائل النقل لكنها تبقى محدودة ومقيدة. .

في الوقت ذاته، يرى الخبير محمد الشطي أن "حالات استهداف الناقلات النفطية في الخليج العربي المتعددة كادت أن تتسبب في طفرة جديدة للنفط مع ارتفاع الاستعدادات العسكرية من قبل المجتمع الدولي ، لكن الواضح أن الأسواق باتت تتعامل على أساس أنه لا أحد يريد الحرب مهما بلغ التصعيد مداه".

 ويؤكد أن "ثقة السوق والمتعاملين في القوى العالمية لحفظ  أمن الخليج تتجاوز تهديدات إيران المتكررة، وأن هذه القوى لن تسمح بتخريب استقرار مضيق هرمز، كما أن السوق تعي أن كل هذه التحديات، رغم تعدد الاعتداءات، في المنطقة لم تؤثر في إيقاف حركة نقل النفط والمنتجات والغاز الطبيعي والبتروكيماويات إلى العالم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير الشطي إلى أنه "على العكس فإن الإمدادات ما زالت تصل ومن دون انقطاع يُذكر، وسط تطمينات خليجية من المنتجين في المنطقة بتوفير الإمدادات المطلوبة، على الرغم من وجود تقييد للمعروض باتفاق (أوبك بلس)، الذي امتد إلى نهاية شهر مارس (أذار) 2020، وشمل إيقاف 1.2 مليون برميل يومياً من النفط، إذ أظهر نسب التزام تفوق المئة بالمئة من قبل المنتجين كما أظهرت ذلك أرقام (أوبك)".

ويشير الخبير الشطي "أن وراء استقرار السوق واستمرارها أيضاً الخفض الكبير الملحوظ في إنتاج إيران وفنزويلا، نتيجة الأوضاع الجيوسياسية غير المستقرة والحظر المفروض من المجتمع الدولي على هاتين الدولتين، حيث يعتبر ذلك أحد العوامل،  التي أسهمت في تراجع المعروض، وهو ما أدى إلى حدوث توازن كان يمكن لغيابه أن يضغط على الأسعار هبوطاً.

توفر المخزون الاستراتيجي

من جانب آخر، يوضح المختصون في النفط أنه عند النظر في مستجدات السوق سنرى توفر المخزون الاستراتيجي لدى العديد من البلدان ، مع الاستمرار في التوسع في البنية التحتية وشبكات النقل والتخزين، وهو ما يعني وجود وفرة إضافية، من دول رفعت مستويات الإنتاج لديها". ويضيف " كما لا ننسى بأن استمرار إنتاج النفط الصخري الأميركي الآخذ في الارتفاع بصورة شهرية على الرغم من تأرجحه سيبقى أحد العوامل المؤثرة في توازن السوق.

في هذا الصدد، يزيد الخبير كامل الحرمي بقوله "مجمل عوامل كبح ارتفاع الأسعار مع استقرار السوق باتت واضحة، ولعل أهمها الثقة في القوى العالمية بحفظ أمن الإمدادات، فضلاً عن  انخفاض الطلب العالمي في الأسواق "، وذكر أنه على الرغم من وجود النفط الصخري الأميركي كمؤشر إضافي في السوق إلا أنه بات في مواجهة منافسين جدد في الفترة الأخيرة، وهو دخول الصخري الأرجنتيني، للساحة ما يعزز الطلب على تعدّد المصادر العالمية".

في الوقت ذاته، هناك بعض الآراء في صناعة النفط عبّر عنها وزراء الطاقة في تحالف المنتجين، ترى أن المعيار المستخدم لقياس مستوى المخزون النفطي في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ربما غير دقيق، وهو ما سوّغ لـ (أوبك) التفكير جدياً في البحث عن بديل ومقياس أكثر دقة، إذ يظهر أن مستوى الفائض يقترب من 200 مليون برميل، كما تقدر بعض المصادر في السوق أن هذا الرقم ربما لا يتعدى 100 مليون برميل، إذا ما أُخذ في الاعتبار ارتفاع الطلب والاستثمار في توسيع البنية التحتية وشبكات النقل، فإن الفائض ما زال كبيراً، ولكنه يصل إلى حوالى 100 مليون برميل إذا ما أُخذ في الاعتبار ارتفاع الطلب، والاستثمار في توسيع البنية التحتية وشبكات النقل، ولذلك فإن الفائض ما زال في الحدود الذي تم التطرق إليها.

ويكاد يجمع الخبراء على أن المخاوف من تباطؤ معدل تنامي أداء الاقتصاد العالمي نتيجة التوترات التجارية بين مختلف الأقطاب، وخصوصاً الولايات المتحده الأميركية والصين ، من شأنه تعزيز الضعف في معدل نمو الطلب على الخام، حيث تؤكد ذلك التوقعات في انخفاض فعلي خلال الأشهر الماضية.

عزوف المضاربين ومخاوف من اختلال موازين الطلب
ويتوقع الخبراء أن  المخاوف من الاختلال في ميزان الطلب والعرض ستكون خلال العام المقبل 2020  مع ارتفاع المعروض، والحاجة مرة أخرى إلى قيام تحالف "أوبك بلس" بخفض إضافي في الانتاج  وهو ما يثير الشكوك حول إمكانية التوافق على ذلك رغم نجاح التحالف في تحقيق التوازن، خلال هذه الفترة، وفي الوقت ذاته يشير خبراء الطاقة إلى أن عزوف بيوت المضاربة والاستثمار عن الإقبال على الشراء لعقود النفط وتعزيز المراكز المالية مقارنة بمستويات عالية خلال السنوات السابقة دعمت إستقرار الأسعار، وهو ما يعني انطباعاً بضعف أساسيات السوق. 

ولذلك من المتوقع أن تظل الأسعار متأرجحة حول 65 دولاراً للبرميل، ربما ترتفع إلى مستوى 70 دولاراً للبرميل مستفيدة من تزايد الطلب على أساس موسمي مع عودة المصافي من برامج الصيانة وارتفاع معدل تشغيلها، خلال النصف الثاني من عام 2019، مع استمرار السحوبات من المخزون النفطي، في الوقت ذاته يمكننا ملاحظة تشديد مواصفات زيت وقود السفن، والذي يبدأ من يناير (كانون الثاني) 2020، والتي قد تعزز هذا الهدوء العالمي.

وفي سوق النفط الخميس 25 يوليو (تموز) ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي "برنت" حوالى 40 سنتاً أو 0.63 بالمئة إلى 63.58 دولاراً للبرميل، بعد أن تراجعت حوالى 1 بالمئة ليل الأربعاء الخميس مسجلة أول هبوط في أربع جلسات. وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 27 سنتاً أو 0.5 بالمئة إلى 56.22 دولاراً للبرميل، بعد أن نزلت حوالى 1.6 بالمئة في الجلسة السابقة.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز