Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موسكو تدعم مواقعها "نوويا" في بيلاروس

 شويغو ولوكاشينكو يبحثان التفاصيل تأكيداً لما أعلنه بوتين حول "وثيقة الأمن المتبادل"

وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أثناء زيارة بيلاروس  (أ ف ب)

ملخص

تصاعدت #الحملات_الإعلامية في #روسيا #وبيلاروس بهدف تفنيد ما يتطاير من مختلف الاتهامات الغربية في حق قيادات البلدين

استهل رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو لقاءه مع  وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بالإعراب عن شكره لروسيا لقاء ما تقدمه من أجل دعم أمن بيلاروس ومواقع الدولة الاتحادية، وإبقائها على الألوف من قواتها في أراضي بيلاروس، على رغم حرج الموقف واستمرار الصراع ضد أوكرانيا وحلفائها على الجبهة الشرقية.

وكشف لوكاشينكو عن حاجة بلاده إلى مثل هذا الدعم في ضوء تنشيط التحركات البولندية والليتونية على الحدود مع بيلاروس، فضلاً عما تحشده أوكرانيا من قوات سبق وأشار قائد حرس الحدود في بيلاروس أناتولي لابو إلى أن تعدادها يبلغ زهاء 17 ألفاً، وما كشف عنه مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك حول أن بلاده في انتظار ما ستتسلمه من صواريخ بعيدة المدى وطائرات عسكرية، وعدت البلدان الغربية بإرسالها في القريب العاجل.

أهمية التوقيت

على أن الأهم في هذا الشأن قد يبدو في توقيت زيارة وزير الدفاع الروسي لمينسك، وما يجري بحثه من مواضيع تتعلق بالأمن العسكري والاقتصادي لدولة الاتحاد، مع الرئيس لوكاشينكو وقياداته العسكرية حول نشر ما أعلنه الرئيس فلاديمير بوتين من أسلحة تكتيكية نووية في أراضي بيلاروس، وهو ما أثار ضجة واسعة النطاق في الأوساط الغربية.

يذكر المراقبون أن بوتين لم يلتفت إلى احتجاجات نظرائه في البلدان الغربية، مكتفياً بإعلان أن روسيا لا تفعل أكثر مما ظلت الولايات المتحدة تفعله على مدى سنوات طوال، وهي التي نشرت أسلحتها النووية في خمس من البلدان الأوروبية أعضاء حلف الناتو على مقربة مباشرة من حدود روسيا وبيلاروس.

وكان بوتين بحث مجمل قضايا الأمن المشترك مع لوكاشينكو في موسكو خلال الأيام القليلة الماضية في لقاءات تباينت مستوياتها، بما فيها اللقاء الثنائي الذي جمع الرئيسين مساء السبت الماضي، وطال لما يقرب من ست ساعات ونصف الساعة، وانتهى مع الساعات الأولى من فجر أمس من أول الأحد.

من اللافت أن رئيس بيلاروس لوكاشينكو نقل عن بوتين ما حرص على إيجازه في هذه اللقاءات بقوله، "إنه في حال حدوث عدوان على بيلاروس، فإن روسيا الاتحادية ستحميها كأرضها". وذلك ما قال لوكاشينكو إنه ما تحتاج إليه بلاده من ضمانات أمنية كاملة من روسيا الشقيقة. وفي هذا السياق دارت مباحثات الجانبين، وما أعقبها من تحركات قال لوكاشينكو إنها تجري في إطار "مراجعة جميع المعاهدات والاتفاقات بين بيلاروس وروسيا لمعرفة أي عمل قانوني معياري ذي طبيعة مشتركة بين الدول يجب اعتماده الآن من أجل ضمان الأمن الكامل لبلاده". ولمزيد من التأكيد والإيضاح أضاف لوكاشينكو "أن الدول الغربية لا تلتزم، بل وداست بالفعل الاتفاقات الخاصة بالضمانات الأمنية التي تم تقديمها بموجب "مذكرة بودابست" (التي جرى توقيعها في 1994 بضمان الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا) في مقابل تخلي بيلاروس عما كانت تمتلكه من أسلحة نووية"، وذلك "فضلاً عما يطاول الأمن الاقتصادي لبلاده من تجاوزات، بسبب ما جرى ويجري فرضه من عقوبات ضد بلدينا بيلاروس وروسيا".

معاهدات سابقة

ومن الملاحظ في هذا الصدد، ما نشهده من تصاعد للحملات الإعلامية في روسيا وبيلاروس بهدف تفنيد ما يتطاير من مختلف الاتهامات الغربية في حق قيادات البلدين، من منظور "الاستمرار في تبني سياسات المعايير المزدوجة"، وعدم الالتفات إلى ما نشرته وتنشره الولايات المتحدة من قواعد عسكرية وأسلحة نووية في البلدان الغربية ومنها بولندا، إلى الحد الذي صار جيشها معه أقوى الجيوش الأوروبية، على حد قول المصادر الروسية. في الوقت الذي تستند فيه خطوات روسيا وبيلاروس إلى معاهدات واتفاقات جرى التوقيع والتصديق عليها في تسعينيات القرن الماضي، في توقيت مواكب لازدهار علاقات قيادات البلدين مع الإدارة الأميركية وكثير من البلدان الغربية.

كما أنه من غير الممكن في هذا الصدد إغفال أن ما يجري اليوم من خطوات لتأكيد وتنفيذ ما جرى التوقيع عليه من معاهدات واتفاقات بين روسيا وبيلاروس في تسعينيات القرن الماضي، يأتي مواكباً لما جرى خلال الأيام القليلة الماضيىة من خطوات أقرب إلى "الوحدوية" في سياق زيارة الرئيس الأوكراني الأخيرة لبولندا، وما سبقها من اتفاقات جرى التوصل إليها تمهيداً لما أعلنه الرئيسان الأوكراني فلودومير زيلينسكي، ومضيفه البولندى أندريه دودا حول إعداد العدة لإقامة "كونفيدرالية" تجمع البلدين، بما قد يعقب ذلك من خطوات نحو تنفيذ "الحلم المؤجل" حول استعادة بولندا لما جرى استقطاعه من أراضيها بموجب نتائج الحرب العالمية الثانية. بل وهناك من يقول إن بولندا تستهدف ما هو أبعد، بما في ذلك إحياء الحلم التاريخي حول استعادة امبراطورية "بولندا - ليتونيا" التي كانت تسيطر ضمنياً في القرن الـ16، على عدد من الأقاليم التي تقع اليوم داخل أراضي روسيا الاتحادية ومنها مقاطعة سمولينسك غير بعيد من الحدود البولندية الحالية.

ولمزيد من الإيضاح عادت مصادر الكرملين لتؤكد أن ما يجري من خطوات يأتي في سياق ما خلص إليه اجتماع المجلس الأعلى لدولة الاتحاد بين روسيا وبيلاروس عقد في العاصمة موسكو، بمشاركة الرئيسين بوتين ولوكاشينكو.

 وكان بوتين أعلن في ذلك الاجتماع أن بلاده تعتبر بيلاروس الشريك التجاري الأكبر لروسيا، وأن حجم التجارة الثنائية زاد 12 في المئة عام 2022، وسجل 45 مليار دولار، مؤكداً أن البلدين في سبيلهما إلى "تطوير مفهوم الأمن لدولة الاتحاد، وتعزيز التعاون في مجالات الدفاع والأمن والتقنية العسكرية، وستواصلان ذلك، وهذا يلبي المصالح الأساسية لبلدينا وشعبينا". وكان بوتين سبق وأكد استعداد بلاده "لتطوير المشاريع النووية في بيلاروس"، مؤكداً شراكة البلدين في جميع المجالات بما فيها "الاقتصاد، والعمل المشترك في مجال تطوير التقنية العالية".

ومن جانبه علق لوكاشينكو على ذلك بالقول إن "الغرب يحاصر البلدين اقتصاديا"ً، فيما عزا ما تجري ممارسته من ضغوط في المجال العسكري وما تحشده بلدان حلف الناتو من قوات ومعدات على حدود بيلاروس، إلى فشل هذه البلدان في تحقيق ما تنشده من أهداف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مجال دفاعي موحد

ولعل ذلك أيضاً يبدو تفسيراً لما جرت مناقشته بين قيادات البلدين من مواضيع تتعلق بإنشاء "مجال دفاعي موحد بين روسيا وبيلاروس، إلى جانب الاتفاق حول تطوير معدات عسكرية جديدة وأنهما سيواصلان إجراء التدريبات العسكرية المشتركة"، بعيداً عما يتناثر من اتهامات حول تفكير روسيا في "ابتلاع بيلاروس"، التي قال بوتين إنه "لا مصلحة لبلاده في ذلك"، مستعرضاً لكثير من الإنجازات ومجالات التقارب بين البلدين.

وتبدو كل هذه التحركات أكثر أهمية من أي وقت مضي، لكونها تأتي مواكبة لعديد من التصريحات الرسمية وغير الرسمية حول مخططات "الهجوم الأوكراني المضاد"، وما يتصل به من وعود بمزيد من الدعم العسكري إلى جانب احتمالات وفاء البلدان الغربية بما تعد به من أسلحة حديثة ودبابات ومدرعات ومقاتلات، وذخيرة بما فيها المخضبة باليورانيوم، كانت وراء اتخاذ بوتين قراره حول نشر الأسلحة النووية في بيلاروس.

يقول المتحدث الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن "القادة العسكريين الروس سيأخذون في الحسبان تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأخيرة، التي رجحت أن تشن أوكرانيا هجوماً مضاداً قريباً".

أما عن اقتراح رئيس بيلاروس لوكاشينكو حول "تدمير جميع الأسلحة النووية في العالم"، قال بيسكوف إن "مثل هذه الخطوة ستكون غير واقعية"، مؤكداً أن "هذا يتطلب توافقاً، ولا نرى استعداداً من دول معينة لأي توافق". وتعليقاً على ما قاله بلينكن في شأن أن أوكرانيا بصدد التحضير "لهجوم مضاد لاستعادة أراضيها" وأن الناتو لا يسعى إلى الانخراط في نزاع مع روسيا، ولكنه تحالف دفاعي، وعلى روسيا أن تفكر قبل أي عدوان على الحلف.

قال بيسكوف "إن القادة العسكريين يراقبون بعناية جميع المعلومات ذات الصلة، ويأخذونها في الحسبان عند التخطيط لمواصلة العملية العسكرية الخاصة". كما نقلت المصادر عن المتحدث الرسمي باسم الكرملين ما صدر عنه من تعليقات، بينها أن ردود الفعل من جانب الدول الغربية لا يمكن أن تؤثر في خطط موسكو نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروس. فضلاً عما تستعد له موسكو من إعداد الأرضية التشريعية لتقنين وجودها ونشر أسلحتها النووية في بيلاروس، وهو ما كشف عنه بيسكوف في تصريحاته التي أدلى بها إلى البرنامج التلفزيوني الإعلامي الأول في موسكو"، الذي يجري إعداده وتنفيذه تحت إشراف مباشر من جانب دوائر الكرملين، وقال فيها "إن هناك من مقتضيات ضمان أمن الاتحاد الروسي وبيلاروس ما أصبح قديماً في ضوء الظروف المتغيرة والتهديدات الجديدة، لذلك تقرر إعداد مفهوم أمني جديد لدولة الاتحاد".

 وأضاف بيسكوف "أن الخطوط العريضة القديمة لمفهوم الأمن لم تعد صالحة في الوقت الحالي، فقد عفا عليها الزمن بالفعل، لأن البيئة تغيرت بشكل لا يمكن التعرف عليه، وظهرت تهديدات جديدة. تلك التهديدات التي كانت محجوبة في السابق، أصبحت الآن منتفخة بالفعل إلى الأمام، لقد سقطت جميع الأقنعة بالتالي من الضروري مراجعة مواقفنا تجاه المتغيرات الدولية العالمية.

وكان بوتين قال إن المفهوم مخطط ليعكس المهمات الأساسية للتفاعل بين موسكو ومينسك على خلفية التوترات المتزايدة على حدودهما الخارجية والعقوبات وحرب المعلومات التي شنت ضدهما. كما أوضح بيسكوف سيتم إعداد الوثيقة في أقرب وقت ممكن. ولعله يكون أمراً عميق المغزى بعيد الدلالات، أن تتوافق كل هذه التطورات التي تجري على الحدود الغربية المتاخمة لبلدان الناتو مع مناورات بحرية صينية - روسية بمشاركة قطع نووية في الشرق الأقصى على مقربة من تايوان بكل ما يحمل ذلك من معان. 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير