Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد انهيار العملة... إيران تتحايل على العقوبات الأميركية بـ"البيتكوين"

طهران تجري تعاملاتها المالية مع شركائها بـ"العملة المشفرة"... وتدرس إطلاق نظيرة لها للهروب من الضغوط الاقتصادية

إيران بحث عن سبل أخرى للتحايل على العقوبات من خلال عملية التعدين الإلكتروني (رويترز)

تسبب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018 في إعادة فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية على النظام الإيراني، غير أنه منذ مطلع مايو (أيار) الماضي، اتخذ التصعيد منحنى قاسيا عصف بالوضع الاقتصادي في البلاد بعدما استهدفت قطاعات متعددة، لكن التركيز انصب على قطاع النفط الذي يمثل نحو 17% من الناتج القومي، فضلا عن أنه يعتبر مصدر الدخل الرئيسي للعملات الأجنبية، إذ استهدفت واشنطن وصول صادرات النفط الإيراني إلى الصفر، من خلال إنهاء الاستثناء الذي كانت تمنحه لثماني دول حول العالم لاستيراد النفط من إيران.

وفي إطار التصعيد الواقع منذ مايو الماضي بين البلدين في منطقة الخليج واتهام واشنطن لطهران باستهداف ناقلات النفط في حوادث عدة وقعت على مدار الشهرين الماضيين في خليج هرمز وبحر عمان، تصاعدت العقوبات الأميركية التي ذهبت إدارة الرئيس دونالد ترمب لفرضها على كيانات وشخصيات إيرانية أخرى، فضلا عن فرض عقوبات استهدفت قطاع البتروكيماويات، بما في ذلك أضخم مجموعة بتروكيماويات قابضة في يونيو (حزيران) الماضي.

 العقوبات القاسية جنبا إلى جنب مع مجموعة المصالح القوية، التي ترتبط في معظمها بالأمن والمؤسسات الدينية، التي تسيطر على اقتصاد البلاد، زادت ثقل الأزمة وكاهل المواطنين بزيادة التضخم وتهاوي العملة.

تدهور الاقتصاد الإيراني

بحسب تقرير صادر الشهر الحالي عن خدمة أبحاث الكونغرس الأميركي، "فإن العقوبات الاقتصادية التي يـُجرى فرضها منذ عام 2011، كان لها تأثير كبير على إيران، فبينما تمكنت إيران من خلال رفع العقوبات عام 2016، بموجب الاتفاق النووي في 2015، من تحقيق نمو سنوي يقدر بـ7% بين 2016-2018، فإن إعادة فرض واشنطن للعقوبات منذ منتصف 2018 تسبب في تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2% بين مارس (آذار) 2018 ومارس 2019، ومن المتوقع أن ينخفض بنسبة 6% بين مارس 2019-2020".

وتشير الإحصاءات إلى "أن معدل البطالة في إيران زاد إلى 20% بحلول عام 2014 في ظل العقوبات، بالإضافة إلى أن العديد من الإيرانيين عملوا إما دون أجر أو بأجر جزئي، مما ينذر بوضع أكثر تعقيدا في ظل العقوبات الجديدة".

غير أن الأزمة الأكبر التي يواجهها النظام الإيراني تتعلق بإمكانية الوصول إلى أصوله من العملة الأجنبية في الخارج. فبحسب تقرير الكونغرس، "فإن نظام العقوبات 2011-2016، منع إيران من الوصول إلى مدفوعات مبيعات النفط من العملة الصعبة، والتي بلغت بحلول 2016 حوالي 115 مليار دولار فيما كان هناك نحو 60 مليار دولار مستحقة للدائنين مثل الصين، أو لسداد قروض لشركات الطاقة الإيرانية. ومع تخفيف العقوبات عقب الاتفاق النووي تم السماح للنظام الإيراني بالوصول إلى الأموال، وبالفعل احتفظت طهران بمعظم احتياطياتها في الخارج لإدارة النقد ودفع ثمن الواردات، لكن احتياطيات إيران الخارجية أصبحت مقيدة مرة أخرى بعد فرض العقوبات الأميركية مجددا".

التعدين الإلكتروني وسيلة تحايل

المعطيات السابقة دفعت الإيرانيين للبحث عن سبل أخرى للتحايل على العقوبات من خلال عملية التعدين الإلكتروني أو ما يعرف باسم عملة "البيتكوين"، والتي يتم الحصول عليها عبر خوارزميات معقدة للغاية تجرى عبر أجهزة الحاسب الآلي. وبينما تستهلك هذه العملية قدراً عالياً من الطاقة الكهربائية، فإن المسئولين الإيرانيين ذهبوا إلى تقنين الأمر عبر اعتماد تسعيرة لتعدين البيتكوين، وأصبح هناك حاجة لإصدار ترخيص لهذا النشاط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب المجلس الأطلنطي، مركز أبحاث سياسية مقره واشنطن، "فإن جاذبية العملات الإلكترونية عالميا يعود إلى طبيعتها اللامركزية وسرعة إجراء الحركة. وبالنسبة للإيرانيين، فإن هناك حوافز إضافية، إذ تهاوت العملة الوطنية الإيرانية مع فرض العقوبات الأميركية الإضافية، خاصة تلك التي ركزت على التحويلات المصرفية وتحويل الأموال، وتسبب المزيد من العقوبات في العزلة المالية للإيرانيين. كما أن المشهد المتغير دفع إلى تغيير سلوك السلطات الإيرانية تغييراً جذرياً، والذي بدوره قد يغري المواطنين العاديين بالابتعاد عن العملات الورقية بسرعة أكبر. إذ يمكن القول إن العقوبات الأميركية أدت بالفعل إلى تسريع العمل في المشروعات التي تدعم التعدين الإلكتروني في إيران، كما غيرت الطريقة التي تتعامل بها السلطات مع العملات المشفرة وجميع المجالات ذات الصلة".

وفي 4 سبتمبر (أيلول) 2018، أعلن أبو الحسن فيروز آبادي، أمين المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني، "أن الهيئات الحكومية الإيرانية الرئيسية قبلت تعدين العملة المشفرة كصناعة". وأضاف "أن الحكومة تدرس أيضا إطلاق عملة مشفرة وطنية من أجل خلق أداة مالية للتعاون مع شركاء الأعمال الإيرانيين وسط الضغوط الاقتصادية من العقوبات الأميركية". وبعد أسبوع تقريبا، أعلن فيروز آبادي "أن استيراد معدات تعدين العملة المشفرة سيتم تقنينه في المستقبل القريب لكن بعد صدور إطار قانوني تنظيمي للصناعة".

قلق أميركي

تشجيع الدولة الإيرانية على هذه الصناعة، زاد قلق العديد من خبراء السياسة والمسؤولين داخل الحكومة الأميركية حول مقدار القوة التي يمكن أن تمنحها البيتكوين لأنظمة مارقة واقعة تحت العقوبات الدولية نظرا لما تمثله من تهديد.

وأوضح أحد المسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية أخيرا "أن البورصات يجب أن تمنع الدول التي تخضع للعقوبات من استخدام التعدين الإلكتروني". واعتبر وزير الخزانة الأميركي ستيف منوشين، "التعدين مسألة أمن قومي"، إذ أشار منوشين، خلال مؤتمر صحافي عقده أخيراً، إلى "أن الحكومة تخطط لتنظيم عملية التعدين الإلكتروني والأسواق الخاصة به لمكافحة المعاملات غير المشروعة"، وقال "أريد أن أكون حذراً إزاء أي شخص يستخدم البيتكوين، فبغض النظر عن السعر يجب أن يستخدمه لأغراض مناسبة وليس لأغراض غير مشروعة". ولفت إلى "أن هناك مليارات الدولارات من المعاملات الجارية الخاصة بعملة البيتكوين وغيرها من العملات الالكترونية تتعلق بأغراض غير مشروعة".

وفي مقابلة قبل أيام مع شبكة "سي.إن.بي.سي"، الأميركية، حذر وزير الخزانة الأميركي "من الخطر الذي تشكله هذه العمليات على النظام المالي العالمي، إذ يجب التأكد ألا تكون عملية البيتكوين مكافئا نظيرا للحسابات المصرفية السويسرية"، متعهدا "بمراقبة صارمة لعملات البيتكوين وغيرها من العملات المشفرة من خلال سن لوائح قوية حتى لا تصبح سرية".

ومجددا، هذا الأسبوع، قال سيجال ماندلكر، وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، "مع تزايد عزلة إيران ويأسها للوصول إلى الدولار، من الأهمية أن تغلق عمليات صرف العملات الافتراضية والمبادلات ومقدمو خدمات العملة الرقمية الآخرين شبكاتهم تجاه هذه الأعمال غير المشروعة". ل

كن الأمر لا يقتصر فقط على إيران، فبحسب مؤسسة راند الأميركية للأبحاث، "فإن حزب الله، أحد  أكثر الجماعات المصنفة إرهابية من قبل وزارة الخزانة الأميركية وتخضع للعقوبات المالية، يُتوقع أن تتبنى نهج العملات المشفرة".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد