Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التغير المناخي يعرض الأمن القومي البريطاني للخطر

في عالم مضطرب، حيث المخاوف حقيقية في شأن كلفة المعيشة، يتم تجاهل المخاطر المتفاقمة المترتبة عن التغير المناخي بكل استخفاف

يهدد التغير المناخي سلاسل الإمدادات المعولمة للسلع والخدمات، والأهم من ذلك، الغذاء (غيتي)

ملخص

يجب علينا #مساعدة_الدول التي تنتج #السلع_الغذائية بدلاً من أن نتجاهلها وذلك تحت طائلة أن ندفع جميعاً #ثمناً_باهظاً.

نحن في حاجة إلى الكف عن التفكير في أن التغير المناخي يشكل خطراً مستقبلياً. إنه يحصل الآن، ويلحق الضرر بأمننا القومي وكذلك بنمط حياتنا.

لم ينخفض الاحترار العالمي حتى الآن إلى الحد المتفق عليه في قمة باريس أي 1.5 درجة مئوية، وها هي الصدمات المتأتية عن حال الطقس العالمي تدمر المجتمعات في أنحاء العالم كافة. وقد وصف أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، متحدثاً على هامش تقديم اللجنة الحكومية المعنية بالتغير المناخي تقييمها الأخير، هذا [الاحترار العالمي] بأنه "قنبلة المناخ الموقوتة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في عالم مضطرب، حيث المخاوف حقيقية في شأن كلفة المعيشة، يتم تجاهل المخاطر المتفاقمة المترتبة عن التغير المناخي بكل استخفاف، بيد أن مسؤولية هذا التجاهل تقع على عاتقنا نحن. فحدود الدول لا تحميها من التداعيات، وفيما تشكل الدول ذات الأنظمة الاستبدادية تحدياً للنظام الدولي بأكمله، فإن تغير المناخ يؤدي إلى مضاعفة التهديدات الحالية للأمن القومي في المملكة المتحدة. لقد دفع ارتفاع الحرارة والجفاف وشح المياه وندرة الغذاء والصراع على الوقود إلى إجلاء أعداد كبيرة من الناس عن منازلهم.

تحدث التغيرات المناخية تأثيراً اجتماعياً واقتصادياً مدمراً، الأمر الذي يفرض ضغوطاً شديدة على عديد من الدول الأكثر ضعفاً. ويمكن أن يفاقم ذلك الاضطرابات ويلعب دوراً في إضرام فتيل الحرب. هكذا تأججت التوترات الإثنية في السودان عام 2003 حينما بات الجفاف ومعه الجوع أمراً واقعاً هناك. وكما حذر بان كي مون، الذي شغل في ذلك الوقت منصب الأمين العام للأم المتحدة، من أن "نزاع دارفور بدأ كأزمة بيئية، سببها التغير المناخي بشكل جزئي، في الأقل". وكانت الصحراء الكبرى قد زحفت على امتداد عقود من الزمن، وقبل اندلاع تلك المناوشات، مسافة ميل واحد في العام داخل أراضي السودان.

تدفع التحولات المناخية أيضاً إلى الهجرة. فـتسعة من أصل 10 لاجئين في العالم آتون من البلدان المتضررة من حالة الطوارئ المناخية أو التي تكون غير قادرة على التكيف مع بيئة [مناخية] معادية. ويعيش أشخاص يصل عددهم إلى 3.6 مليار نسمة، أي نحو نصف سكان الكرة الأرضية، في مناطق تغير مناخي حاد. وتحتاج هذه الأماكن إلى "تمويل التكيف" [للقيام بما يساعد على تقليل احتمالات تعرضها للأذى بسبب مخاطر مناخية] مثل زراعة المحاصيل المقاومة للأمراض الفطرية، وإنشاء أنظمة لجمع مياه الأمطار، و[اتباع طرق] الري الأكثر كفاءة، وزراعة الأشجار [لحجب الضوء عن] المزروعات التي تنمو في الظل.

أدت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى تفاقم المشكلات. وهي تمخضت عن رفع أسعار المواد الغذائية والأسمدة الرئيسة، باعتبار أن كلاً من البلدين هو من الموردين الرئيسين لهذه المواد الأساسية.

ويهدد التغير المناخي سلاسل الإمدادات المعولمة للسلع والخدمات، والأهم من ذلك [تهديده] الغذاء. يأتي خمس سلاسل الإمدادات البالغة الأهمية في المملكة المتحدة من مناطق معرضة لكوارث مناخية، طبقاً لمستشاري الحكومة الرسميين لشؤون التغير المناخي. ونحن نستورد نصف ما نأكله. وفي عالمنا الذي تترابط أجزاؤه مع بعضها بعضاً، تتأثر المملكة المتحدة بالأحداث المناخية سواء وقعت في الوطن أو بعيداً من شواطئنا.

لقد شهدت باكستان في الصيف الماضي أمطاراً موسمية من النوع الذي يندر هطوله للغاية، وذاب الجليد في الجبال، مما أدى إلى تشكل طوفان تدفق بسرعة فائقة في كل أنحاء البلاد وجرف المنازل والمحاصيل والماشية. وأشارت دراسات إلى أن سقوط الأمطار الغزيرة أصبح محتملاً أكثر مما مضى مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب. وأسفرت [الفيضانات] عن مقتل أكثر من 1500 شخص، وعن وقوع أضرار بقيمة 30 مليار دولار.

كانت تلك كارثة بالنسبة إلى باكستان، ولكن كانت لها تداعيات في بريطانيا أيضاً، إذ إن باكستان تعتبر بشكل تقليدي ثاني أكبر مصدر للرز الذي نستهلكه.

وفي فبراير (شباط) من هذا العام، واجه المتسوقون البريطانيون رفوفاً فارغة في عدد من محلات السوبرماركت. وقامت كل من مخازن تيسكو وأسدا وألدي بترشيد مبيعات البندورة والفليفلة والخيار. ويعود سبب ذلك جزئياً إلى الجفاف الذي استمر لمدة عام في المغرب والطقس القاسي للغاية في إسبانيا. ويزود البلدان بقية دول القارة الأوروبية كميات كبيرة من الفاكهة والخضراوات خلال أشهر الشتاء.

ونصحت وزيرة البيئة تيريز كوفي أبناء المملكة المتحدة، أخيراً، بتناول اللفت البريطاني بدلاً من المواد، ولكن هناك نقصاً في المحاصيل تتصل أسبابه بالطقس في بريطانيا أيضاً، ويحذر المزارعون من أن إمدادات الكراث المحلية ستستنفد بحلول أبريل (نيسان).

هذه الأزمة التي يعانيها الكوكب هي اختبار حاسم للنظام متعدد الأطراف. تتحمل بريطانيا، بصفتها نصيراً قديماً للنظام الدولي، مسؤولية القيام بدور رائد في تنسيق الاستجابة الفعالة.

إن الأولوية الغالبة تتمثل في الإسراع بخفض الانبعاثات. كانت بريطانيا سباقة [إلى اتباع طرق رشيدة] في مجال المناخ كما كانت أول اقتصاد رئيس يتخذ من تصفير صافي الانبعاثات هدفاً ملزماً قانونياً. تقدم جامعاتنا وسواها الابتكارات الثورية، ولدينا ثاني أكبر طاقة رياح بحرية [تنتجها عنفات] مثبتة في أي بلد في العالم.

لكن يجب علينا تسريع عملية التحول الخاصة بنا في الوقت الذي نساعد فيه الدول الفقيرة على التكيف مع الطقس القاسي. ويمثل صندوق الخسائر والأضرار الذي تم إنشاؤه في إطار قمة المناخ "كوب27" في مصر العام الماضي اعترافاً من الدول الأكثر ثراء بأن التمويل سيكون أمراً أساسياً من أجل مساعدة البلدان الأشد ضعفاً وحمايتها، لكن الأموال التي يجري التداول في شأنها لا تزال أقل بكثير مما هو مطلوب. ومن خلال مساعدتنا الآخرين على الاستجابة لتغير المناخ، نحن نخفف أيضاً من الصدمات التي تتعرض لها إمداداتنا الغذائية. يجب أن نتحرك الآن لحماية الدول التي تنتج الغذاء الذي نأكله.

وبالنظر إلى حجم المشكلة، وإلى مصالحنا الوطنية التي على المحك، من المخيب للآمال بشدة ألا تبدر عن الحكومة أي علامة على [نيتها بـ] العودة عن قرار حفض ميزانية المملكة المتحدة الخاصة بالمساعدات الخارجية من 0.7 إلى 0.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في وقت ترفع فيه القوى الرئيسة الأخرى من مساعداتها الخارجية، هذا يضر بصدقيتنا وقدرتنا على تعبئة الآخرين. يجب أن يكون الانتقال إلى تصفير صافي الانبعاثات على رأس أولويات هذه الحكومة وتلك التي ستليها في المستقبل. فأمننا وازدهارنا يعتمدان عليه.

بيتر ريكيتس هو عضو مستقل لمجلس اللوردات، وكان سابقاً مستشار للأمن القومي البريطاني، وسفير لدى فرنسا، وأمين عام لوزارة الخارجية

البروفيسورة إميلي شوكبيرج هي واحدة من أبرز علماء المناخ في العالم ومديرة "كامبريدج زيرو"

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير