Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غوتيريش في بغداد... تحييد العراق وانفتاح على الفصائل المسلحة

الزيارة ابتعدت عن الروتين وتوجهت مباشرة إلى الجهات التي تتهم بإثارة المشكلات في بلاد الرافدين

ملخص

تبدو توجهات #الفصائل_الشيعية الموالية #لإيران واضحة في تعزيز العلاقات مع #الولايات_المتحدة وحلفائها عبر عدم ممانعتها تنفيذ إجراءات منع تهريب الدولار من العراق إلى إيران

لم تكن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى العراق عابرة كما كانت زيارات من قبله، لدعم العملية السياسية أو التعرف إلى نشاطات بعثة المنظمة الدولية خصوصاً المتعلقة بجهودها في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين ومن يتحالف معهم إقليمياً، وإصدار توصيات للحكومة العراقية بكيفية حل المشكلات والعقد التي تواجه المجتمع العراقي في مختلف مجالات الحياة.

لكن هذه الزيارة ابتعدت عن الروتين الذي اعتادت عليه هذه الزيارات منذ سقوط نظام صدام حسين 2003، وتوجهت مباشرة إلى الجهات التي تتهم بإثارة المشكلات في العراق وتقويض سلطة الدولة العراقية والمتمثلة بالفصائل المسلحة التي أصبح لها دور واسع في حكومة محمد شياع السوداني.

الخزعلي والكلداني في البيت الدولي

وبدا هذا واضحاً في الاجتماع الذي عقده الأمين العام للأمم المتحدة في القصر الحكومي ببغداد بحضور السوداني مع زعماء فصائل مسلحة أبرزهم زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، ومسؤول "كتائب بابليون" ريان الكلداني، وعدد آخر من قادة المجموعات المسلحة التي لها تمثيل داخل الحكومة.

اعتراف دولي

ومثل هذا الاجتماع بحسب مراقبين اعترافاً دولياً هو الأول من نوعه بالدور السياسي لهذه الفصائل، واعتبارها أمراً واقعاً لكن شرط التزامها عدم تقويض عمل مؤسسات الدولة العراقية الأمنية والسياسية، ودعمها إجراءات الحكومة العراقية خصوصاً في ما يتعلق بتطبيق نظام "سويفت" ومنصة بيع الدولار، والذي سيؤدي تدريجاً إلى وقف تهريب العملة الصعبة إلى إيران كما كان يحدث في السنوات الماضية.

قبول بالدور الأميركي

ويبدو أن الاهتمام من قبل هذه الفصائل أيضاً بهذه الزيارة وتأكيدها من خلال وسائل إعلامها المختلفة ضرورة دعم الجهود الدولية الرامية إلى تحسين الواقع العراقي واستقبالها بإيجابية كبيرة تعكس أجواء واضحة، تبين نية هذه الفصائل بعدم التصعيد مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي خلال الفترة المقبلة، الأمر الذي كان واضحاً في تبريرها موافقة بغداد على تنفيذ منصة الدولار وزيادة دور النفوذ الأميركي في العراق من جديد، والذي مثلته تحركات السفيرة الأميركية في العراق أليانا رومانوسكي المكوكية على الوزارات والمؤسسات الحكومية العراقية.

تخفيف التوتر

ورأى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة المستنصرية عصام الفيلي أن الأمين العام للأمم المتحدة جاء لبحث ملفات مهمة تخص الداخل العراقي. وأشار إلى أن لقاءه قيادات سياسية مقربة من إيران محاولة لتخفيف حدة التوتر بين تلك الفصائل والولايات المتحدة. وقال الفيلي إن "هناك كثيراً من الملفات باتت تقلق المجتمع الدولي، وأولها قضية النازحين والزلازل مما أدى إلى ثقل كبير على الأمم المتحدة"، مبيناً أن غوتيريش كان مسؤولاً عن ملف اللاجئين، وزيارته لترتيب بعض الملفات بين المركز والإقليم.

رفض التدويل

أضاف أن الأمم المتحدة نجحت في تسويق صورة حيادية لعلاقات العراق الخارجية وتحاول خلق حالة من التوازن، ولذلك فإن المجتمع الدولي يحاول أن يدعم الاستقرار الداخلي للعراق عبر آلية ما يعرف الحل العراقي - العراقي، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة ترفض تدويل القضية الكردية وهي تريد أن تعزز قوة حيادية العراق في هذا الملف.

قلق من إيران

وأوضح الفيلي أن "الأمم المتحدة والمجتمع الدولي قلقان من محاولة جر إيران للعراق، لكن رئيس الوزراء يحاول أن يبني علاقة استراتيجية مستقرة قائمة على ألا يكون بجانب طرف على حساب آخر".

أزمة الموازنة

وعن توقيت الزيارة، بين الفيلي أن التوقيت، الذي تزامن مع قرب إعداد الموازنة، يشير إلى أن الأمم المتحدة تحاول الدخول على خط الأزمة ومعالجة مشكلات العراق، معتبراً أن الموازنة تشكل تحدياً للحكومة العراقية في بعض فقراتها، وهي رسالة إلى كل من الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان على حل الأزمة بينهما في هذا الخصوص. وتابع الفيلي أن الأمم المتحدة تتخوف من أن المنطقة مقبلة على مرحلة مهمة منها موضوع الزلازل والخوف أن تكون هناك عملية مقبلة في المنطقة في إطار الصراع الإسرائيلي - الإيراني والصراع الأميركي - الإيراني، مبيناً أن المنظمة الدولية تريد للعراق أن يتخذ موقفاً مستقلاً بعيداً من المحاور، لا سيما أن الطبقة السياسية العراقية الحالية غيرت خطابها عن المرحلة السابقة ويراد لها تعزيز هذا الخطاب.

صفحة جديدة مع واشنطن

وفي شأن اجتماع الأمين العام مع الخزعلي وبعض القيادات المقربة من إيران، بين الفيلي أنها محاولة لتخفيف حدة التوتر بين كل من تلك الفصائل والولايات المتحدة، مشيراً إلى أن هذه الجهات تطمح إلى بدء صفحة جديدة مع واشنطن بطريقة تنظر بموجبها إلى مصلحة العراق بعيداً من الأفكار الثورية، بخاصة مع وجود رغبة أميركية لوضع بعض الفصائل على لائحة العقوبات الأميركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رسائل

وتبدو توجهات الفصائل الشيعية الموالية لإيران واضحة في تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة وحلفائها عبر عدم ممانعتها تنفيذ إجراءات منع تهريب الدولار من العراق إلى إيران، وتوقيع عقود مع شركة "جنرال إلكتريك" لتحسين واقع الكهرباء وموافقتها على مشروع أنبوب البصرة - العقبة بعد اعتراضات شديدة خلال حكومة مصطفى الكاظمي.

وينطبق التوجه نفسه على عقود شركة "توتال" الفرنسية لتطوير بعض الحقول النفطية في الجنوب العراقي، وإيصال المياه إلى هذه الحقول بكلفة تتجاوز 30 مليار دولار، فضلاً عن إطلاق المبالغ المخصصة لشراء طائرات "بوينغ" الأميركية التي بدأت تصل تباعاً إلى العراق، ودعم توجهات الحكومة العراقية لتشجيع التداول الإلكتروني في عمليات البيع والشراء عبر تحديد يونيو (حزيران) المقبل موعداً لفرض هذا التوجه بقوة القانون على جميع الأنشطة التجارية في البلاد.

بغداد وإربيل

ورأى مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل أن الأمين العام للأمم المتحدة يتابع التقارير التي تقدمت بها ممثليته بالعراق لحل المشكلات بين الحكومة الاتحادية والإقليم. وقال فيصل "مجلس الأمن شكل في قراره رقم 1500 في 14 أغسطس (آب) 2003 البعثة الأممية يونامي المكلفة إعادة تنظيم الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية بالعراق، مما يعني إعادة بناء العراق بعد تفكيكه من قبل الاحتلال الأميركي، بهدف إعادة بناء المؤسسات لضمان الديمقراطية وحقوق الإنسان وضمان الحريات، سواء حرية التعبير عن الرأي وحرية المرأة وحقوق الطفل وضمان الأمن والاستقرار وغيرها من المسؤوليات المكلفة بها يونامي".

تقديم المشورة

أضاف فيصل أن "يونامي ليست لديها سلطة على مجلس الوزراء العراقي أو مجلس النواب والسلطة القضائية، لكن يمكنها تقديم استشارة للحكومة العراقية في ما يتعلق بالانتخابات، بهدف إعطاء فرصة لتطبيق الدستور والمراقبة والمساءلة والشفافية وعدم انتهاك حقوق الإنسان وحقوق الناخب".

التواصل مع الفصائل وإيران

وتابع أن ممثلة الأمم المتحدة بالعراق جنين هينيس-بلاسخارت لعبت دوراً نشطاً في توثيق العلاقات مع إقليم كردستان والعلاقات مع الأحزاب السياسية والحركات المختلفة وحتى المسلحة منها مثل "العصائب" و"حزب الله" وغيرهما من التنظيمات المتحالفة مع إيران، مبيناً أنها ذهبت إلى طهران واجتمعت مع كثير من المسؤولين الإيرانيين لتبادل الآراء حول العراق. وبين فيصل أن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة هي لمتابعة التقارير التي قدمتها بلاسخارت والجهود المبذولة لضمان تطبيق الدستور والحريات وتحقيق علاقات توافق جدية مع إقليم كردستان والحكومة الاتحادية.

المزيد من متابعات