ملخص
أقر #نتنياهو بوجود "خلافات بين #إسرائيل و #الولايات_المتحدة بين حين ووآخر، إلا أنه شدد على أن الحلف بين الطرفين لا يمكن تقويضه
لا يكف الرؤساء الأميركيون منذ عقود عن التأكيد على أن العلاقات مع إسرائيل "متينة، وغير قابلة للتصدع كونها قائمة غلى قيم مشتركة". ومع أن الخلافات بين الدولتين تركزت في السابق على السياسة الخارجية، إلا أنها هذه المرة تتعلق بأحد أهم أسس العلاقة الاستراتيجية بين الجانبين.
وتراوحت الخلافات بينهما، من الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، والملف النووي الإيراني، والعلاقة مع الصين، وصولاً إلى الحرب في أوكرانيا.
ولم تتحوّل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى طرف في الصراع الحالي غير المسبوق على "هوية دولة إسرائيل" وحسب، بل تبنت موقفاً حازماً في رفض التعديلات القضائية تجاوزت فيه المعارضة الإسرائيلية نفسها. وفي تصريحاته العلنية لم يكتف بايدن بقرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تأجيل إقرار التعديلات التشريعية التي تحد من صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية، إلا أنه دعاه إلى التخلي عنها تماماً.
إسرائيل ليست نجمة في العلم الأميركي
ودفع ذلك نتنياهو إلى الرد على بايدن بالتأكيد على أن "إسرائيل دولة ذات سيادة، تصدر قراراتها عن إرادة شعبها، ولا تستند إلى ضغوط من الخارج حتى عندما تأتي من أفضل أصدقائها". لا بل أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير طالب واشنطن بأن تدرك أن إسرائيل "ليست نجمة إضافية في علم الولايات المتحدة".
ومع أن المعارضة والائتلاف الحكومي في إسرائيل بدآ حوارات للتوصل إلى توافق حول تلك التعديلات، إلا أن إدارة بايدن تخشى من استخدام نتنياهو التأجيل كخديعة لتمريرها خلال الأشهر المقبلة.
وبلغ الهجوم على إدارة بايدن،عائلة نتنياهو، فاتهم نجله يائير، وزارة الخارجية الأميركية والاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) بدعم الاحتجاجات غير المسبوقة ضد التعديلات.
وبهدف احتواء خروج الخلاف بين تل أبيب وواشنطن إلى العلن، طالب نتنياهو وزراء حكومته بعدم إطلاق تصريحات ضد بايدن.
نتنياهو خرب العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن
في المقابل، أشار رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إلى أن "إسرائيل كانت الحليف الأقرب للولايات المتحدة منذ عشرات السنين"، متهماً حكومة نتنياهو "الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل، بإفساد ذلك خلال خلال ثلاثة أشهر".
وفي حين رفض الائتلاف الحكومي التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية، اعتبرت المعارضة موقف واشنطن "صرخة استيقاظ"، وفق رئيس حزب "المعسكر" وزير الدفاع السابق بيني غانتس.
واعتبر غانتس أن "تخريب العلاقات الإسرائيلية مع الولايات المتحدة أشبه بهجوم إرهابي استراتيجي".
من جهة أخرى، وخلال مشاركته عن بُعد في مؤتمر الديمقراطية الذي تنظمه الخارجية الأميركية، أقر نتنياهو بوجود "خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة بين حين وآخر"، إلا أنه شدد على أن "الحلف بيننا لا يمكن تقويضه، ولا شيء بإمكانه تغيير هذا".
وأشار نتنياهو إلى إمكانية "التوصل إلى توافق قومي واسع بخصوص التعديلات القضائية". وفيما بدا أنه ربطاً أميركياً لزيارة نتنياهو إلى البيت الأبيض بالتوصل إلى "تسوية حقيقية" مع المعارضة الإسرائيلية، أشار بايدن إلى أنه لا يعتزم "في المدى القريب" دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى البيت الأبيض.
الأزمة الحالية مع نتنياهو وليست مع إسرائيل
من جهته، اعتبر السفير الإسرائيلي الأسبق لدى الولايات المتحدة داني أيالون في حوار مع "اندبندنت عربية" أن الأزمة بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو هي "صراع داخل العائلة الواحدة، حيث تنشأ بين الحين والآخر اختلافات في صفوفها". وقال أيالون إن "الأزمة الحالية هي بين إدارة بادين ونتنياهو، وليس مع دولة إسرائيل التي تتمتع مع أميركا بعلاقات راسخة ومتينة على المستويات كافة".
وأشار إلى إن الضغوط الأميركية الحالية على نتنياهو تضعه أمام خيارين، فإما يختار بايدن أو بن غفير"، مضيفاً أن "رئيس الوزراء سيختار في النهاية العلاقة مع الرئيس الأميركي".
وأوضح أيالون أن "ذلك سيؤدي إلى خروج بن غفير من الإتئلاف الحكومي الإسرائيلي، ثم دخول أطراف أخرى إليه، أو الذهاب إلى انتخابات جديدة"، مشدداً على أن "تلك الضغوط تهدف إلى التوصل إلى توافق داخلي في إسرائيل على إلغاء تلك التعديلات، وليس تجميدها فقط".
وبحسب السفير الإسرائيلي الذي شغل سابقاً منصب نائب وزير الخارجية، فإن واشنطن "لا تريد اقتتالاً داخلياً في إسرائيل يؤدي إلى ضعفها، فهي ترغب بإسرائيل قوية ومستقرة وديمقراطية"، فإسرائيل توفر لأميركا بحسب أيالون "حجر الزاوية في استقرار الشرق الأوسط، وقوة تحمي المصالح الأميركية، وحياة الأميركيين، وتساعدها في محاربة الإرهاب"، بالإضافة إلى "ترويجها للأسلحة الأميركية".
وتابع أيالون أن الديمقراطية ليست بالنسبة إلى واشنطن "مجرد قيم وحقوق الإنسان، لكنها تشكل مصلحة عملية لها، وذلك لأن الدول الديمقراطية أكثر استقراراً، ولا تشن الحروب ضد الديمقراطيات الأخرى".
وبحسب أيالون فإن توجه واشنطن الاستراتيجي نحو شرق آسيا والمحيط الهادئ يضاعف من أهمية إسرائيل بالنسبة لها، إضافة إلى أنها يمكن أن "تعتبر نموذجاً لترويج الديمقراطية في المنطقة".
وحول المقارنة بين الأزمة في العلاقة بين الجانبين في عام 1991، أشار أيالون إلى أن "الأزمة الحالية أعمق لأنها تدور حول طيبعية الديمقراطية في إسرائيل، وليس حول الاستيطان في الأراضي الفلسطينية الذي اتفقت الدولتان على عدم الاتفاق عليه".
أزمة ستنتهي بمجرد خروج نتنياهو من الحكم
لكن أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بيزريت، أحمد جميل عزم، أشار إلى أن "الأزمة الحالية في العلاقات بين واشنطن وتل أبيب ستكون موقتة، ولا تدخل في صلب العلاقات الخاصة بين الجانبين". وقال عزم إن تغيير حكومة نتنياهو كفيل بإعادة العلاقات إلى طبيعتها، من دون أن يستبعد "انسحاب برود العلاقات بين الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما ونتنياهو على العلاقة بين بايدن ونتنياهو".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح عزم أن "بايدن قد يكرر ما فعله الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون مع نتنياهو في تسعينيات القرن الماضي عندما أسهم حينها في إسقاطه من الحكم".
وأرجع عزم إلى اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة الدور الأكبر في تحديد موقف بايدن من حكومة نتنياهو. إلا أنه أشار إلى "وجود استقطاب حاد ضمن اللوبي الإسرائيلي، فهناك اليمين منه، واليسار، واليمين المتطرف"، قائلاً إن "شريحة كبيرة من الشبان اليهود الأميركيين تركوا سياسة تأييد إسرائيل ظالمةً كانت أو مظلومة".
الأزمة الحالية تتعلق بأهم أسس العلاقة
من ناحية ثانية، يرى نائب رئيس مؤسسة كارنيغي للدراسات مروان المعشر أن "العلاقة الخاصة بين أميركا وإسرائيل تقوم على أسس عدة بينها القيم المشتركة كالحرية والديمقراطية، واعتبار إسرائيل الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".
وبحسب المعشر الذي كان سفيراً أردنياً لدى أميركا وإسرائيل ثم وزيراً للخارجية، فإن "واشنطن كإدارة ومجتمع مدني تعتبر أن تلك القيم المشتركة في خطر، وذلك لأن أحد أسس الديمقراطية في العالم هو وجود نظام من الفصل والتوازن بين السلطات، بحيث لا تتغول سلطة على أخرى".
وأوضح المعشر أن الإدارة الأميركية تشعر بأن نتنياهو "يتلاعب بتلك القيم والأسس، وهو ما يجعل دعم إسرائيل كدولة ديمقراطية أمراً غير قابل للدفاع عنه". وأضاف المعشر أن "جزءاً من الحكومة الإسرائيلية لا يعتبر معظم اليهود الأميركيين يهوداً حقيقيين"، مشيراً إلى أن "ذلك يؤثراً سلباً في دعم يهود أميركا لإسرائيل".
وشدد المعشر على أن العلاقات بين الجانبين "غير قابلة للتصدع ما دامت الأسس التي قامت عليها متوافرة وثابتة، لكن إن اهتزت تلك الأسس فإن العلاقة عُرضة للخلخلة". وأضاف أن "واشنطن لا ترفض وقف التعديلات القضائية فقط، لكنها تريد إلغائها".
إلا أن الباحث السياسي محمد مشارقة أشار إلى أن موقف بايدن القوي يتعلق بنتنياهو فقط، قائلاً إن واشنطن "لن تتخلى عن قاعدتها الاستراتيجية المتقدمة في الشرق الأوسط".
ومع أن مشارقة شدد على أهمية اللهجة الأميركية الجديدة حيال الأزمة في إسرائيل والضرر الذي سيطول إصلاحه في العلاقة بين البلدين، إلا أنه أشار إلى أن "ذلك لا يعني بأن واشنطن لن تدافع عن إسرائيل، وحقها في الوجود".
وأرجع مشارقة موقف بايدن إلى عوامل عدة، "كالانقسام العميق في المنظمات اليهودية واللوبي الصهيوني والنخب الأكاديمية والثقافية اليهودية، وإلى تحول ملموس في قاعدة الحزب الديمقراطي تجاه الموقف من إسرائيل". ومن تلك العوامل أيضاً وفق مشارقة "إدراك إدارة بايدن أن قوة واتساع موجة الاحتجاج في إسرائيل ليست موقتة، بل تشمل القطاعات الاقتصادية والسياسية والمالية ونخب الطبقة الوسطى المدافعة عن استمرار النموذج الديمقراطي والليبرالي الغربي".