Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتجه الاقتصاد الأميركي للركود أم سيتجاوز الأزمة؟

محللون: اعتماد الحلول ذاتها للمشكلات المتكررة لن يعالج العلل الرئيسة في النظام المالي والاقتصادي جذرياً

رفع الاقتصاديون بنسبة طفيفة فرص "الفيدرالي" بتحقيق "الهبوط الناعم" أي خفض التضخم مع تجنب الركود (رويترز)

ملخص

تشير أغلب التقديرات إلى أن #أزمة_البنوك لم تنته بعد فعلى رغم #التدخل_السريع من السلطات فإن معالجة الأعراض فقط تجعل المشكلة نفسها متكررة في كل أزمة منذ عقود

يتوقع عدد من الاقتصاديين الأميركيين أن يدخل أكبر اقتصاد في العالم في ركود هذا العام، بحسب ما أظهرت نتيجة استطلاع أجرته الرابطة الوطنية لاقتصادات الأعمال (NABE) هذا الشهر. كما توقعت غالبية الاقتصاديين الذين شملهم المسح أن تواجه الولايات المتحدة تضخماً مرتفعاً حتى العام المقبل 2024، على أن تظل معدلات التضخم فوق نسبة 4 في المئة بنهاية هذا العام. وتجري الرابطة مسحها لأكثر من 200 من الاقتصاديين مرتين سنوياً.

ورفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي أسعار الفائدة بربع نقطة مئوية الأسبوع الماضي لتصبح الفائدة أساسية في نطاق 4.75 و5 في المئة، وذلك في محاولة لكبح ارتفاع التضخم الذي بلغ العام الماضي أعلى مستوى له منذ عقود. وإن كان ارتفاع أسعار السلع تباطأ إلى نسبة 6 في المئة على أساس سنوي في فبراير (شباط)، لكنها تظل نسبة أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي على المدى الطويل، والمتمثل بالحفاظ على نسبة 2 في المئة.

وبحسب نتائج الاستطلاع، لم تر نسبة تزيد على 5 في المئة من الاقتصاديين المشاركين في المسح أن الولايات المتحدة تشهد ركوداً في الفترة الحالية، مقابل 19 في المئة كانوا يعتقدون ذلك في الاستطلاع السابق، بحسب ما قالت رئيسة الرابطة الوطنية لاقتصادات الأعمال جوليا كورونادو، في بيان لها.

ورفع الاقتصاديون بنسبة طفيفة فرص الاحتياطي الفيدرالي بتحقيق ما يسمى "الهبوط الناعم"، أي خفض التضخم مع تجنب الركود، من 27 في المئة في أغسطس (آب) 2022 إلى 30 في المئة هذا الشهر.

احتمالات الركود

ويعتبر الاقتصاد في حال ركود إذا شهد نمواً سلبياً للناتج المحلي الإجمالي (انكماشاً) لربعين متتاليين في العام (6 أشهر متتالية). ويعرف ذلك بأنه "ركود تقني"، وهو ما لم يحدث في الاقتصاد الأميركي حتى الآن على رغم كل المشكلات والأزمات. وعلى عكس الاقتصادات الأخرى لا يعلن الركود رسمياً في الولايات المتحدة إلا بعد أخذ عوامل أخرى في الاعتبار غير انكماش الناتج المحالي الإجمالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الولايات المتحدة يحدد "المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية" وضع الاقتصاد منذ نحو قرن من الزمان، وهو من يعلن رسمياً إن كان الاقتصاد الأميركي في ركود أم لا. ويأخذ المكتب في الاعتبار عوامل عدة أخرى غير نسبة النمو والانكماش للناتج المحلي الإجمالي، ومن أهم تلك العوامل وضع سوق العمل، من ناحية معدل البطالة في الاقتصاد وقدرته على التوظيف ومعدلات الأجور. وأيضاً معدلات نشاط التصنيع، وإنفاق المستهلكين، ووضع السوق العقارية. وكل تلك العوامل مترابطة تقريباً، لكن مؤشراتها تتحرك بشكل مختلف.

وإجمالاً، يحدث الركود الاقتصادي في حال تراجع الطلب في الاقتصاد بشدة مقابل المعروض من السلع والخدمات. وغالباً ما يكون ذلك نتيجة ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير وما يستتبعه من رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة في محاولة كبح جماح التضخم. وهذا ما يضغط على الطلب نزولاً، وفي الوقت نفسه يحد من النشاط الإنتاجي.

وبحسب كل الأرقام والبيانات الرسمية ومؤشرات الاقتصاد الكلي، يظل وضع الولايات المتحدة جيداً حتى مع رفع "الاحتياطي" أسعار الفائدة بشكل مطرد منذ العام الماضي، وحتى على رغم أزمة انهيارات عدد من البنوك واحتمالات أن تؤدي مشكلات القطاع المصرفي إلى ضغوط ائتمانية. فما زال القطاع العقاري سليماً على رغم التباطؤ، وكذلك قطاعات التصنيع والخدمات. ويضيف الاقتصاد الأميركي وظائف باستمرار، ولا تزيد معدلات البطالة على نسبة 3.6 في المئة، مما يعني أن سوق العمل في وضع جيد أيضاً.

المخاوف وتكرار الأزمات

على رغم تأكيد المسؤولين عن السياسة النقدية والمالية على "سلامة النظام ومرونته وصموده"، فإن مخاوف الأسواق والمحللين والاقتصاديين من أن استمرار البنك المركزي في جهوده لكبح جماح التضخم عبر سحب السيولة من السوق ورفع كلفة الاقتراض قد يؤدي إلى تباطؤ في النشاط الاقتصادي وربما ركود.

يوم الجمعة الماضي، كتب الاقتصادي في بنك "يو بي أس" بول دونوفان يقول "يعتمد المستقبل على عاملين يصعب التنبؤ بهما: هل سيواصل المستثمرون والمودعون في البنوك سحب أموالهم؟ وإذا حدث ذلك فهل سيلجأ المقرضون إلى تشديد معايير الإقراض؟". ذلك هو الانكماش الائتماني الذي ألمح إليه "الاحتياطي الفيدرالي" الأسبوع الماضي كنتيجة متوقعة لأزمة انهيارات االبنوك.

تشير أغلب التقديرات إلى أن أزمة البنوك لم تنته بعد. وعلى رغم التدخل السريع من السلطات هذه المرة، مقارنة بالأزمة المالية العالمية في 2008، فإن معالجة الأعراض فقط تجعل المشكلة متكررة في كل أزمة منذ عقود، بالتالي لا يتم التصدي للاختلالات الهيكلية في النظام المالي والاقتصادي بشكل جذري.

وبما أن انهيارات البنوك بدأت نتيجة الانخفاض الحاد في السيولة، فإن أحدث المؤشرات تدل على أن هذا الخطر ما زال قائماً. فتقرير "الاحتياطي الفيدرالي" الصادر، الجمعة، يشير إلى انخفاض ودائع البنوك لديه في الأسبوع المنتهي منتصف مارس (آذار) الحالي بمقدار 98.4 مليار دولار لتصل إلى 17.5 تريليون دولار، وهو أكبر انخفاض أسبوعي منذ أبريل (نيسان) 2022. في المقابل ارتفع الإقراض في ذلك الأسبوع بمقدار 63.4 مليار دولار ليصل إلى 12.2 تريليون.

وكتب الاقتصادي في "جيه بي مورغان"، الجمعة، يقول "بالطبع من المبكر أن نشهد تأثيراً واضحاً في توافر الائتمان، لكن البنوك الصغيرة والمتوسطة شهدت ارتفاعاً طفيفاً في حصولها على القروض، على رغم أنه قد تكون تلك المؤسسات تحاول الاستفادة من خطوط الائتمان المتوافرة تحسباً لتشديد ائتماني مقبل، كما حدث في الأزمة المالية العالمية".

في الإجمال، يظل الوضع كما يقال في الصحافة والإعلام "قصة متطورة"، أي أن أحداثها تتوالى ولم تنته بعد. ومع كل التطمينات، تظل المخاوف قائمة من احتمال ألا تؤدي إجراءات السلطات إلى وقف الدخول في أزمة جديدة وركود اقتصادي.