Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة الطفل شنودة مستمرة فهل يتدخل السيسي؟

قرار إداري حول ديانة الطفل من المسيحية للإسلام وسط تعاطف على مواقع التواصل

السيدة آمال إبراهيم ميخائيل (وسط) لدى حضورها إحدى جلسات قضية الطفل شنودة في القاهرة (مواقع التواصل)

ملخص

يحظر القانون المصري #التبني لتعارض ذلك مع #الشريعة_الإسلامية التي تعد بحسب الدستور #المصري المصدر الرئيس للتشريع، وبدلاً من ذلك اعتمدت نظام الأسرة البديلة

عادت قضية الطفل شنودة الذي تحول اسمه إلى يوسف بعد أن أصبح مسلماً بحكم القانون، لتثير اهتمام الرأي العام المصري، بعد قرار من محكمة القضاء الإداري، أعاق عودته إلى الأسرة التي تبنته بعد العثور عليه في نطاق إحدى الكنائس منذ سنوات.
وقضت محكمة القضاء الإداري في مصر، السبت الماضي، بعدم الاختصاص في نظر دعوى أقامها محام لصالح الأسرة المسيحية التي تبنت شنودة، بهدف إعادته إليها، وكانت الدعوى تهدف لإلغاء قرار إداري صدر قبل أشهر قضى بإيداعه في دار للأيتام، وتغيير اسمه من شنودة إلى يوسف وديانته من المسيحية للإسلام، ويعني الحكم بقاء الطفل في دار الأيتام.

وشاية فجرت القضية

وتفجرت القضية للمرة الأولى العام الماضي بعد أن فتحت النيابة العامة التحقيق في بلاغ من سيدة أفادت بإنكار نسب الطفل إلى من كان يظنهما أبويه، وهما آمال إبراهيم ميخائيل، وفاروق فوزي بولس، وهما زوجان مسيحيان حرما من الإنجاب لـ26 عاماً، واتضح لاحقاً أن الطفل ليس ابنهما بالفعل وإنما عثرت عليه آمال في دورة مياه إحدى الكنائس في عام 2018 وعمره يوم واحد، فاعتبرته "هدية من الله"، بحسب تعبيرها في تصريح إعلامي، وتم تبني الطفل ونسبه إلى الأب "فاروق" مطلقين عليه اسم "شنودة" وعاش تحت رعايتهما أربع سنوات، إلى أن تقدمت ابنة شقيقة الزوج بالبلاغ بدافع الحفاظ على ميراثها من خالها، الذي يعمل تاجراً للأقمشة في أحد أحياء القاهرة، وفق تقارير صحافية محلية.
وبعد مراحل من التحقيق وخضوع الأسرة والطفل لتحليل الحمض النووي الذي أثبت عدم بنوة الطفل للأسرة الحاضنة، قررت النيابة العامة المصرية إيداعه دار أيتام، وأعطته صفة "فاقد للأهلية"، وتغيير ديانته إلى الإسلام وتحويل اسمه إلى يوسف، وذلك استناداً إلى المادة الثانية من الدستور التي تقر بأن الإسلام هو دين الدولة، وبالتالي فإن "الطفل اللقيط" طالما لم تتوصل التحقيقات إلى ديانة أبويه فهو مسلم طبقاً للدستور إلى أن يثبت المدعي العكس، ولم تتخذ النيابة أي إجراء ضد الزوجين، واعتبرت أنهما حسنا النية.
وأثارت القضية موجة عارمة من الاهتمام، خصوصاً بعد أن خرج الزوج والزوجة في لقاءات إعلامية عدة مناشدين المسؤولين إعادة الطفل إلى أحضانهما، استناداً إلى أن الطفل يحمل الديانة المسيحية، بدليل أنه عثر عليه أمام كنيسة، وفي رواية أخرى جاءت على لسان محاميهما "عثر عليه في حمام كنيسة".
ولجأ الزوجان إلى القضاء الإداري للمطالبة بإلغاء قرار وزارة التضامن الاجتماعي بإيداعه إحدى دور الرعاية وتغيير ديانته، لكن المحكمة أجهضت آمالهما بعد أن قضت بعدم الاختصاص.

مناشدة السيسي

لكن محامي الزوجين نجيب جبرائيل قال لـ"اندبندنت عربية"، إن "الحكم الأخير ليس نهاية المطاف كما يعتقد البعض، وإنما أولى درجات التقاضي"، موضحاً أن "لدى أسرة شنودة فرصة في رفع دعوى جديدة أمام محكمة الإدارية العليا، إضافة إلى إمكانية صدور قرار إنساني من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي"، موضحاً أن "القضية لم يصدر بها حكم والقانون المصري يمنح رئيس الجمهورية سلطة إصدار قرار في مثل تلك القضايا ونتمنى تدخله لتسليم الطفل إلى أبويه، بخاصة أن الأوراق أكدت ولادة الطفل داخل الكنيسة ولا يوجد خلاف على ذلك، إضافة إلى شهود الواقعة".
وأشار المحامي جبرائيل إلى أنه سيتقدم بطعن على حكم القضاء الإداري في المحكمة الإدارية العليا، لافتاً إلى أن "الأمر يزداد تعقيداً مع زيادة مدة عدم حسم القضية مما يزيد الألم النفسي للأسرة وللطفل ذاته". وأكد أنه تقدم بمذكرة لوزارة التضامن الاجتماعي ليمكن آمال، والدة شنودة بالتبني، من رؤيته في عيد الأم في 21 مارس (آذار) الحالي، لكنه لم يلق رداً لطلباته حتى الآن، موضحاً أن "الأسرة ترى قرار إيداع الطفل شنودة لدار الرعاية وتغيير ديانته واسمه هو قرار إداري لكن المحكمة المتخصصة رأت غير ذلك".
وعقب إعلان الحكم، ظهرت السيدة آمال والدة الطفل بالتبني في مقطع فيديو متداول في حالة انهيار وبكاء، مرددة "عايزة شنودة". وخلال لقاء تلفزيوني، وجهت رسالة مناشدة للرئيس السيسي، تزامناً مع حلول عيد الأم، قائلة "أتمنى ابني يبقى في حضني، عاوزة شنودة يبقى في حضني، وأطلب من سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي و(قرينته) السيدة انتصار السيسي، أتوسل إليكما اعتبروا شنودة حفيدكم.. رجعوه ليا.. أنا مش عاوزة حاجة تاني من الدنيا". كذلك ناشد فاروق، الأب بالتبني، الرئيس السيسي بالسماح له ولزوجته برؤية الطفل مضيفاً "حرام اللي بيحصل فينا ده".

متابعة الكنيسة

وأوضح محامي الأسرة أن مكتب بابا الكنيسة الأرثوذكسية تواضروس الثاني يتابع القضية باستمرار، إلا أنه أكد عدم وجود تدخل من البابا أو قيادات الكنيسة للتأثير على مجرى القضية. وتابع جبرائيل "القضية لها أبعاد كثيرة وحساسية كبيرة لكن الجهة الإدارية هي من منحت القضية حساسية أكبر وضعها رغم كونها قضية إنسانية في الأساس"، رافضاً التعقيب على الحكم القضائي لكنه أشار إلى أن "الأمر يثير الدهشة والقلق ونرى أن الحكم صادم بالنسبة إلى الأسرة ولنا جميعاً".
وكان المتحدث الرسمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية القمص موسى إبراهيم قد علق على قضية الطفل شنودة واصفاً إياها بأنها "قضية إنسانية في المقام الأول، ونأمل حلها في إطار القانون"، مضيفاً في تصريحات سابقة إلى صحف محلية أن "ما يعني الكنيسة هو تطبيق القانون في المقام الأول، وأيضاً الحفاظ على الاستقرار النفسي والأمان لهذا الطفل البريء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


موجة تعاطف

وأعاد الحكم القضائي الجدل حول قضية شنودة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث علق الملياردير المصري نجيب ساويرس عبر "تويتر" قائلاً "قلبي مكسور على أهل الطفل الذين ربوه وخسروه في لحظة نتيجة وشاية شريرة"، كما وصف الوزير والبرلماني السابق منير فخري عبدالنور قضية شنودة بأنها "تتجاوز مأساة طفل والأسرة التي احتضنته وتتجاوز مشكلة التشريع والحكم القضائي، بل وفكرة الانتصار للإسلام"، مؤكداً أن القضية "تتعلق بالفهم الصحيح لمقاصد الأديان كلها الداعية إلى الرحمة ولروح القانون والدستور الذي يؤكد المساواة بين كل المصريين وتتعلق بقيم المواطنة المغيبة". وأعرب كثيرون عن تعاطفهم مع الطفل وأسرته وتمنوا إعادته إلى حضن الأب والأم اللذين عرفهما الطفل طيلة حياته بدل البقاء في ملجأ ويظل مستقبله مجهولاً، بينما تمسكت بعض الأصوات بضرورة احترام القانون وأن كل من يولد مجهول النسب يجب تسجيله مسلماً بحسب تفسير مواد الدستور والقانون.
وفي البرلمان المصري، اقترح وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب أيمن أبو العلا حلاً لأزمة شنودة، وهو تقديم والد الطفل بالتبني، طلباً إلى وزارة التضامن لتبني الطفل شنودة كأسرة بديلة، لكنه أشار في تصريحات صحافية إلى أن أغلب أعضاء اللجنة أيدوا انتظار حكم القضاء في المسألة.

رأي الأزهر

وبعد أشهر من الجدل أوضحت مؤسسة الأزهر الرأي الفقهي في مسألة الطفل شنودة، حيث نشر حساب مرصد الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، ما قال إنه إجابة عن سؤال من أحد الأشخاص يسأل في نصه ما ديانة الطفل الذي عثر عليه داخل إحدى الكنائس؟ وأجاب المركز أن "هذه المسألة ذهب فيها العلماء إلى آراء متعددة، والذي يميل إليه الأزهر من بين هذه الآراء هو ما ذهب إليه فريق من فقهاء المذهب الحنفي، وهو أن الطفل اللقيط إذا وجد في كنيسة وكان الواجد غير مسلم فهو على دين من وجده". وأشار المركز إلى ما ذكره "السادة الحنفية" في كتبهم بأنه "وإن وجد في قرية من قرى أهل الذمة أو في بيعة أو كنيسة كان ذمياً"، وفق ما ورد في كتاب "الهداية شرح بداية المبتدي" من تأليف الفقيه الحنفي برهان الدين المرغيناني الذي توفي عام 593 وفق التقويم الهجري.

حظر التبني

ويحظر القانون المصري التبني لتعارض ذلك مع الشريعة الإسلامية التي تعد بحسب الدستور المصري المصدر الرئيس للتشريع، وبدلاً من ذلك اعتمدت نظام الأسرة البديلة الذي ينص على أن الأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية، وخصوصاً الأطفال مجهولي النسب يتم تعيينهم في أسر مختارة وفقاً لشروط ومعايير تؤكد كفاءة الأسرة وسلامة أغراضها لرعاية هؤلاء الأطفال من دون استغلالهم لمصالحها الخاصة"، ومن بين الشروط أن تكون الأسرة من نفس ديانة الطفل.
وفي ما يتعلق بالميراث فإن الطفل المكفول، لا يرث كالطفل معلوم النسب، لكن يسمح للأبوين بمنحه هبة مالية أو عينية، ويحصل على الاسم الأول لرب الأسرة التي تتولى كفالته أو لقب العائلة، لكن لا يمنح اسم الأب ولقب العائلة معاً.

وفي فبراير (شباط) من العام الماضي تم الإعلان عن أول حال كفالة لطفل مسيحي بشكل رسمي وقانوني من جانب أسرة مسيحية، ووفقاً لوزارة التضامن الاجتماعي المصرية فإنه يجوز للأسر المسيحية كفالة طفل من إحدى دور الرعاية المسيحية، بشروط أهمها أن تكون الأسرة البديلة ديانتها ذات ديانة الطفل، وأن يكون أحد أفرادها مصرياً، وأن تتكون الأسرة من زوجين صالحين تتوافر فيهما مقومات النضج الأخلاقي والاجتماعي بناءً على بحث اجتماعي، وكذلك أن تتوافر في الأسرة الصلاحية الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والصحية والمادية للرعاية، وإدراك حاجات الطفل محل الرعاية، وأن يكون دخل الأسرة كافياً لسد حاجاتها وأن تتعهد بأن توفر للطفل جميع حاجاته شأنه في ذلك شأن باقي أفرادها.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات