Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بيض المائدة في غزة "للأثرياء فقط"

يأكله الفقراء من المساعدات الدولية بعد أن قفز سعر الطبق إلى 10 دولارات وأصحاب المزارع يبررون بارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة من إسرائيل

في حال انخفضت الأسعار يبلغ نصيب الفرد في قطاع غزة نحو 100 بيضة سنوياً (اندبندنت عربية- مريم أبو دقة)

ملخص

أخذ سعر الطبق الذي يحتوي على 30 بيضة حيزاً كبيراً من حديث #سكان_غزة وتفاعلوا معه بمزيج من السخط والسخرية حتى إن بعضهم طالب برده إلى أمه الدجاجة التي هي أولى به

يعد بيض المائدة طبق الفقراء المفضل في غزة، باتت العبارة السابقة في حكم الماضي، بعد أن اقتصر وجوده على موائد أثرياء القطاع، أو في الأقل لفئة أصحاب الدخل الجيد من السكان، إذ قفز سعر العبوة الكرتونية منه إلى ما يقارب 10 دولارات، فيما كانت تباع للمستهلك قبل أسابيع بنحو 4.5 دولار.

ومن المعروف، أن معظم سكان غزة من الفقراء، وبلغ عددهم ما يزيد على 1.2 مليون فرد من أصل 2.3 مليون نسمة، وهذا السعر الجديد لبيض المائدة حرم غالبية المستهلكين من شرائه وإدخاله في نظامهم الغذائي، وهو ما أثار غضبهم.

عدم استقرار

وأخذ سعر الطبق الذي يحتوي على 30 بيضة، حيزاً كبيراً من حديث سكان غزة وتفاعلوا معه، بمزيج من السخط والسخرية، وكتب نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي تغريدات تساءلوا فيها عن سبب عدم تدخل الجهات الحكومية ذات الاختصاص لكبح جماح سعره، فيما غرد عدد آخر بسخرية مطالباً "برده إلى أمه الدجاجة التي هي أولى به".

ومنذ عام 2022، وأسعار بيض المائدة ترتفع بشكل جنوني، ولم تشهد في أي يوم استقراراً، وفي مطلع العام نفسه كانت الكرتونة منه تباع بحدود 2.5 دولار، ثم ارتفعت بشكل متتال حتى استقرت عند 4.5 للطبق الواحد، قبل أن تشهد قفزة جديدة.

وبحسب بيانات مركز الإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية) فإن بيض المائدة من أكثر السلع الغذائية تسجيلاً لارتفاعات قياسية في القطاع، وفي شهر واحد سجل ارتفاعاً بنسبة 3.22 في المئة.

أجرة يوم ثمن طبق

ومع وصول سعر طبق بيض المائدة إلى قرابة 10 دولارات اضطر الفقراء للاستغناء عنه وحرمان أطفالهم من تناوله لفترات طويلة، يقول الفلسطيني إبراهيم القمبز "أخرجت البيض من نظام تغذية أسرتي بشكل كامل، لا أستطيع تحمل تكاليف استهلاك طبق كل يومين، سعره الجديد يعني أنني مضطر إلى ادخار أجرة يوم عمل كامل من أجل شرائه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت إلى أن تناول أفراد أسرته للبيض يقتصر على يوم واحد فقط في الأسبوع، وتحديداً بعد صرفه القسيمة الشرائية الممنوحة له من برنامج الأغذية العالمي، متسائلاً "لماذا لا تتدخل الجهات الحكومية لخفض أسعاره؟".

يحصل عمال غزة على أجرة قدرها 10 دولارات في اليوم، وقبل ارتفاع سعر بيض المائدة، عمدت أسر القطاع في هذه الظروف المعيشية السيئة للغاية على شراء عدد بسيط من البيض وفقاً لاحتياجاتهم، إذ مقابل دولار يشترون ست بيضات، فيما انعكست حالة الارتفاع الكبير بالسلب، وأصبح الدولار يشتري ثلاث بيضات فقط.

200 مليون بيضة خارج الموائد

وبحسب بيانات وزارة الزراعة، فإن سكان غزة يأكلون سنوياً نحو 200 مليون بيضة، ويبلغ نصيب الفرد في العام الواحد نحو 100 بيضة، ويعد معدل الاستهلاك هذا طبيعي ومنسجم مع معايير منظمة الأغذية العالمية.

ومع ارتفاع سعر بيض المائدة، تخوف سكان غزة من عدم حصولهم، بخاصة الأطفال، على الحد الأدنى من المعدل المطلوب صحياً، ولمراوغة هذه الأزمة بشكل مؤقت بادر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة وعدد من الجمعيات الأخرى، بتوزيع أطباق البيض وسلع أخرى مجاناً على الأسر الأشد فقراً.

نقص المغذيات الدقيقة

يقول ممثل البنك الدولي في الأراضي الفلسطينية ستيفان إمبلاد، إن مؤسسات الأمم المتحدة تعمل على توصيل الغذاء إلى الجوعى في قطاع غزة، حيث يوزع برنامج الأغذية العالمي قسائم شرائية للفئات الأشد فقراً بشكل أسبوعي ونحاول أن نضمن حصولهم على المغذيات الدقيقة بما فيها بيض المائدة، كونهم يعانون نقصاً شديداً في المغذيات الدقيقة وتترتب على ذلك عواقب وخيمة على صحة الإنسان والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

وحسب تقديرات مشتركة بين البنك الدولي وبرنامج الأغذية العالمي، فإن 72 في المئة من سكان غزة يعانون نقص فيتامين "د"، ونحو 64 في المئة يعانون نقص فيتامين "أ"، وقرابة 80 في المئة يعانون نقص فيتامين "ه‍"، وهو ما يعكس الوضع المعيشي المتردي للسكان.

وتشير البيانات إلى أن أكثر من 68 في المئة من العائلات في قطاع غزة يعانون مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، فيما يعتمد ثلاثة أفراد من بين أربعة على المساعدات الدولية التي تقدمها المؤسسات الأممية.

 

يوضح إمبلاد أن مؤسسات الأمم المتحدة تبذل جهوداً كبيرة من أجل توفير ما نسبته 50 إلى 60 سعرة حرارية من الغذاء في اليوم للأسر الأشد فقراً، بخاصة أن أغلب سكان غزة لديهم نقص في كمية المغذيات الدقيقة المتناولة خلال اليوم.

وبحسب إمبلاد فإن محدودية فرص حصول الأسر الفقيرة على الأطعمة الغنية بالمغذيات الدقيقة يعود إلى الحواجز المادية التي تحد من سبل الحصول على الخدمات الصحية، وكذلك انعدام الغذاء لفترات طويلة عن مائدة السكان.

الأعلاف السبب والحكومة تتدخل

من جهتهم يرجع أصحاب مزارع الدجاج البياض الارتفاع المتواصل لسعر بيض المائدة إلى أسباب عدة، أولها ارتفاع أسعار الأعلاف والصوص وتكاليف التربية.

يقول رئيس نقابة مربي الدواجن والثروة الحيوانية في غزة مروان الحلو إنه من المستحيل انخفاض أسعار البيض خلال الفترة الراهنة، نتيجة ارتفاع تكلفة الأعلاف عالمياً، وعدم توفر أية مساعدة من الجهات الحكومية للمزارعين.

ويضيف، "الأعلاف التي تعد غذاء الدجاج البياض تستورد من طريق إسرائيل وارتفع ثمن الطن منها من 700 دولار إلى 1000، وبقيت هذه الأسعار على حالها من دون أي انخفاض، وعلى رغم غلاء بيض المائدة إلا أن هامش أرباح مربي الدواجن لا تزال محدودة جداً وبالكاد تحقق الحد الأدنى لتوفير غذاء لأطفالهم".

ويوجد في غزة نحو 300 مزرعة دواجن لإنتاج البيض، فيها قرابة 800 ألف دجاجة مخصصة لإنتاج بيض المائدة.

وعن دور الجهات الحكومية، يقول مدير دائرة الإنتاج الحيواني بوزارة الزراعة في غزة طاهر أبو حمد، إنهم يعملون بشكل مباشر مع مربي الدواجن من أجل الوصول إلى مقاربة أسعار بيض المائدة من ثمنها المعتاد، بما يحفظ استقرار السعر، وعدم المساس بالمستهلك، وذلك من خلال بحث آليات التدخل المناسب لتحقيق هذه الأهداف، وتقييم السعر الحقيقي للتكلفة في ظل غلاء الأسعار.

اقرأ المزيد