Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أمواج تسونامي بارتفاع 7 أمتار تهدد طريق ناقلات النفط السريع في الخليج العربي

يقول الدكتور محمد حيدر زاده إن كوارث من هذا النوع ستكلف شركات التأمين مئات الملايين وستؤثر تأثيرا مباشرا على أسعار النفط".

صورة أرشيفية لناقلات نفط قبالة سواحل سلطنة عمان (غيتي)

حذرت دراسة جديدة من إمكانية تعرض طريق ناقلات النفط الرئيسي في الخليج العربي إلى أمواج تسونامي ارتفاعها سبعة أمتار بمعدل مرة واحدة كل سنتين.

وإذ يُرجح أن تكون هذه الأمواج ناجمة عن الاحتباس الحراري، فمن المحتمل أن تتسبب في عرقلة هائلة لإمدادات النفط العالمية التي يمر 30 %  منها عبر هذه المنطقة.

تجدر الإشارة إلى أن الخليج العربي ظلّ خلال القرن الماضي بمنأى عن أمواج التسونامي، ما جعله مثالياً لمرور ناقلات النفط الكبيرة. لكن "على غير المتوقع تماما"  اكتسحت في مارس (آذار) 2017  أمواج بارتفاع 3 أمتار الخليج العربي، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الاقل في داير بجنوب إيران وألحاق دمار واسع  بالساحل.

وينبّه البحث الجديد إلى أن أن التغيرات المناخية السريعة التي يشهدها العالم حاليا، يمكنه أن يجعل هذا النوع من ظواهر الطقس القاسي يحدث مرة كل بضع سنين في المنطقة.

في هذا السياق،  قال الدكتور محمد حيدر زاده من جامعة برونيل في لندن، وهو كبير الباحثين الذين ساهموا في إعداد هذه الدراسة، ، لصحيفة " اندبندنت" إن "مارس 2017 كان نقطة تحول. فللمرة الأولى شاهدنا موجة مدمرة ارتفاعها ثلاثة أمتار. ولها خصائص التسونامي، والجميع شعر بالحيرة لأن أحداً لم يتوقع تسونامي هناك".

وأضاف الباحث " بقيت أعمل على هذه الموجة الغامضة لسنتين وأخيرا أدركنا أنها من نوع تسونامي وتدعى ميتيوتسونامي" (تسونامي طقسية)".

يُشار إلى أن "ميتيوتسونامي" تنجم عن تحولات سريعة في الضغط الجوي خلافاً للتسونامي العادية التي تسببها حركة مفاجئة في قاع المحيط. وكانت ميتيوتسونامي التي شهدتها منطقة الخليج العربي عام 2017 قد نتجت من عاصفة رملية حصلت أول الأمر في ليبيا ثم انتقلت إلى الخليج بفضل ظروف محددة، ما أدى إلى إثارة موجة كبيرة.

وأوضح الدكتور حيدر زاده أنه "من أجل أن تولِّد عاصفة رملية ميتيوتسونامي، نحن بحاجة إلى تحقق شرطين: الأول هو انتقال العاصفة الرملية عبر سطح مائي مثل بحيرة أو خليج؛ والثاني هو أن سرعة حركة العاصفة يجب أن تكون قريبة من سرعة أمواج المياه الطويلة في البحيرة أو الخليج.. ويمكن لحقيقة أن مسار العاصفة الرملية وسرعتها تغيرا بشكل درامي، مقارنة بالماضي، ونجم عنهما وقوع ميتيوتسونامي في مارس 2017، أن تكون دليلا على التغير المناخي".

واستنتج العلماء من خلال تحليل الضغط الجوي، وسجلات مستوى البحر، وصور الأقمار الصناعية، أن الممر المائي الذي تستخدمه السعودية وإيران والإمارات والعراق وقطر والكويت والبحرين، لنقل النفط بات مهدداً حالياً، حسب البحث الذي نشرته مجلة  Pure and Applied Geophysics.  (الجيوفيزياء المحض والتطبيقية).

في هذا السياق قال الدكتور حيدر زاده "تشكل لدي انطباع بأن هذه الموجات يمكن أن تصل إلى ستة أو سبعة أمتار في الخليج، وأستطيع أن أتخيل بسهولة حدوثها ما بين كل سنتين وسبع سنوات".

وأضاف أنه " إذا كنا سنواجه كوارث كهذه فإنها ستكلف شركات التأمين مئات الملايين من الجنيهات الاسترلينية وربما ستعيد هذه الشركات النظر في خياراتها. وإذا وقعت حادثة أو حادثتين أخريين من نفس النوع في المستقبل، فأنا مقتنع بأن ذلك سيؤثر تأثيرا مباشرا على أسعار النفط".

وبما يخص الحياة البشرية تحديدا، فإن بإمكان أمواج التسونامي أن تكون مدمرة في الساحل الجنوبي التي يتدفق إليها السياح بالآلاف على شواطئ دبي وأبو ظبي والدوحة، كما تضمّ تلك المنطقة بالذات أيضا مطارات ومصافي نفط وجزر إصطناعية للعطلات  وفنادق فخمة.

وكتب الباحثون يقولون إنه في الأيام التي سبقت وقوع حادثة ميتيوتسونامي عام 2017 كانت الظروف الجوية غير عادية لكنها "لم تكن استثنائية وبالإمكان أن تتكرر في المستقبل.. بشكل عام، فالنتائج التي توصلنا إليها تدل على أن الساحل الشمالي الشرقي للخليج يجب اعتباره "نقطة ساخنة"، معرضة بشكل كبير إلى أمواج تشبه التسونامي تثيرها عوامل جوية". 

لذلك، فإن الدكتور حيدر زاده يحث الآن صنّاع السياسات لتحديث إجراءات الاستعداد للطوارئ وإعداد إرشادات للمباني الواقعة في المناطق الساحلية. ويعتقد أن الحكومات يجب ان تدرك مدى الخطر بشكل أفضل.

في هذا السياق قال الباحث "أشعر ببعض الحذر من القول إن الحادثة وقعت بسبب التغير المناخي، بيد أن ذلك ممكناً. سنحتاج إلى بيانات كثيرة لإثبات هذا لكن بإمكاننا التكهن. علينا بالتأكيد أن نتهيأ لمخاطر غير مألوفة تقع في أماكن كانت تعتبر في الماضي آمنة".

من جانبه قال الدكتور فيليب بلوندل، الذي يعمل محاضرا متقدماً في قسم الفيزياء بجامعة باث الإنجليزية، والذي لم يُسهم في الدراسة الآنفة الذكر، إنه كان في البدء يرتاب بالافتراض القائل إن الحادثة كانت تسونامي، إذ غالباً ما توصف "الأمواج المارقة" أو " اندفاعات العواصف" خطأً بأنها تسونامي". غير أنه يرى أن البحث جاء نتيجة جهود كبيرة وأن على صنّاع السياسات أن يأخذوه في الاعتبار.

وأضاف الدكتور بلوندل أن "تفسير حادثة داير التي وقعت عام 2017 باعتبارها ميتيوتسونامي مقنع والتبريرات المعطاة عن حدوثها جيدة". وإذ رجّح إمكان وقوع المزيد من أمواج ميتيوتسونامي بسبب التغير المناخي،  فهو لاحظ أن الدراسة الحالية لم تبحث في هذا الاحتمال، الأمر الذي يقتضي إجراء بحوث جديدة في رأيه.

وأضاف أن "هذه الورقة البحثية أوصت بطريقة مقنعة جدا بإنشاء محطات قياس إضافية على امتداد سواحل البلدان المعنية، والبحار ذات العلاقة. ففي بعض أجزاء العالم تواجه خدمات المراقبة بواسطة العوامات عراقيل لأسباب مالية، ولعوامل أخرى مثل التخريب والقرصنة".

وخلص الدكتور بلوندل إلى القول إن "دراسات مهمة كالتي أشرف عليها الدكتور حيدر زاده تعتمد على هذه القياسات المأخوذة بواسطة أجهزة منصوبة على السواحل والبحار، ومن المهم جدا أن يواصل هؤلاء الباحثون عملهم".

© The Independent

المزيد من بيئة