Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نافذون في "حزب الله" وقعوا في مصيدة الأميركيين

آخر العمليات السرية الأميركية اعتقال محمد إبراهيم بزي وطلال شاهين في رومانيا

محمد علي حماده من "حزب الله" الذي شارك في خطف طائرة TWA الأميركية عام 1985 ثم اعتقل في ألمانيا التي رفضت تسليمه إلى واشنطن بعد خطف "حزب الله" عدداً من الألمان في لبنان وقد حوكم وأمضى سنوات في السجن قبل أن يعود للبنان (أ ف ب)

ملخص

لعبة الكر والفر... #حزب_الله يخطف و #واشنطن ترد بعمليات #اعتقال في دول متفرقة

منذ اغتيال القيادي في "حزب الله" عماد مغنيّة في دمشق في 12 فبراير (شباط) 2008 انقلبت المقاييس بين واشنطن و"حزب الله". على رغم أن بصمات الاستخبارات الأميركية لم تكن واضحة في عملية الاغتيال، والتي نسبت إلى الموساد الإسرائيلي، إلا أن هذا العمل الأمني الكبير كان مؤشراً إلى انتقال واشنطن إلى العمل المباشر ضد الحزب وإلى محاصرته. وبعدما كان الحزب منذ عام 1983 يلاحق المصالح الأميركية ويخطف الرهائن والطائرات، بات يعاني الملاحقة واعتقال عدد من عناصره القيادية ومموّليه الذين باتوا يقبعون في السجون الأميركية.

 

لائحة مطلوبين

في 25 فبراير الماضي أوقفت الاستخبارات الأميركية اللبناني محمد إبراهيم بزّي في رومانيا، بعدما كانت واشنطن وضعته في مايو (أيار) 2018 على قائمة العقوبات الأميركية بتهمة تمويل "حزب الله"، ثم وضعت في مايو 2021 جائزة لمن يدلي بمعلومات عنه. وكان بزّي وصل إلى رومانيا برفقة محاميه اللبناني لأجل توقيع عقود عمل مع رجال أعمال من جنسيات أجنبية، ليتبيّن أنّه كان ضحية عملية استدراج، إذ ما إن وصلت الطائرة التي تقلّه إلى مطار بوخارست، حتى وجد رجال أمن أميركيين في انتظاره، بينما أطلق سراح المحامي، وهو لبناني من عائلة فرنجية. يذكر أن وزارة الخزانة الأميركية وضعت في 9 سبتمبر (أيلول) 2020 أحد أبرز معاوني رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، الوزير السابق يوسف فنيانوس مع الوزير علي حسن خليل من حركة "أمل"، على قائمة العقوبات لتعاونهما مع "حزب الله" ولاتهامهما بالفساد. وهما متّهمان أيضاً ومدّعى عليهما في قضية تفجير مرفأ بيروت. ووصف وزير الخارجية الأميركي وقتها مايك بومبيو في تغريدة حسن خليل وفنيانوس بأنهما "وزيران لبنانيان سابقان فاسدان استغلا موقعيهما لتقديم دعم مادي إلى حزب الله".

 

يحمل بزّي (58 سنة)، الجنسيتين اللبنانية والبلجيكية. وكانت واشنطن قد رصدت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن مكان وجوده. ولم يعرف إذا كان استدراجه بهذه الطريقة واعتقاله حصلا نتيجة تعاون من هذا النوع، وما إذا كان للمحامي المذكور دور في هذه العملية. بزّي بحسب الاتهام الأميركي، أسهم بجمع ملايين الدولارات لمصلحة "حزب الله" على مدى سنوات ونقل مئات آلاف الدولارات سرّاً من الولايات المتحدة إلى لبنان من دون أن تتنبه أجهزة إنفاذ القانون. ومن المفترض أن يكون بزّي نُقل إلى الولايات المتحدة الأميركية بعلمية سرية، إضافة إلى مواطن لبناني آخر يدعى طلال شاهين ويبلغ من العمر 78 سنة اعتقل معه.

بزي متهم بأنه يدير أعمالاً تجارية في دول عدة مثل بلجيكا ولبنان والعراق وفي غرب أفريقيا، ويملك أو يسيطر على شركات جميعها معاقبة أميركياً. وقد صنفته الخزانة الأميركية إرهابياً عالمياً في 17 مايو 2018 بموجب أمر تنفيذي 13224. وفي 10 يونيو (حزيران) 2021 أعادت نشر الإعلان عن الجائزة ناشرة لائحة تضم سبعة مطلوبين داعمين لـ "حزب الله" من بينهم بزي وهم: محمد جعفر قصير، ومحمد قاسم البزّال، وعلي قصير، ومحمد كوثراني، وأدهم حسين طباجة وعلي يوسف شرارة. واتهمتهم بأنهم هرّبوا وأخفوا في عدد من الدول متفجّرات من نوع نيترات الأمونيوم وهي المادة نفسها التي استُقدمت إلى مرفأ بيروت في عام 2013 وانفجرت في 4 أغسطس (آب) 2020.

"حزب الله" كمنظمة إرهابية

تعتبر واشنطن أن "حزب الله" يستخدم هذه الأموال لدعم أنشطته المشبوهة في جميع أنحاء العالم بما في ذلك: "نشر أعضاء ميليشياته في سوريا لدعم النظام السوري، وعمليات مزعومة لممارسة عمليات المراقبة وجمع المعلومات الاستخبارية في الولايات المتحدة، وتعزيز القدرات العسكرية لدرجة أنه يدّعي امتلاكه قذائف دقيقة التوجيه"... ويتلقى قدراً كبيراً من الأسلحة والتدريب والتمويل من إيران وهي دولة تصنفها وزارة الخارجية الأميركية راعية للإرهاب.

 

وكانت وزارة الخارجية الأميركية صنفت في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 1997 "حزب الله" منظمة إرهابية أجنبية بموجب المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية بصيغته المعدلة. وبعد ذلك، في 31 تشرين الأول 2001، صنفته كتنظيم إرهابي عالمي بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224 بصيغته المعدلة. وبناءً على ذلك، حُظِرت جميع ممتلكاته وحصصه في الممتلكات الخاضعة للولاية القضائية الأميركية، ويحظر على المواطنين الأميركيين بصفة عامة المشاركة في أي معاملات معه. "فتقديم الدعم المادي أو الموارد له عن عمد أو محاولة القيام بذلك أو التآمر لتقديم مثل هذه الأمور يُعد جريمة".

بعد أسبوع على اعتقال بزّي أعادت وزارة الخارجية الأميركية عبر برنامج مكافآت من أجل العدالة الإعلان عن "مكافآت مالية تصل إلى 10 ملايين دولار مقابل الإدلاء بمعلومات من شأنها أن تؤدي إلى الكشف عن، وتعطيل، مصادر الدخل الأساسية أو آليات التيسير المالي الرئيسة لـ"حزب الله" وعن الجهات المانحة الرئيسة والميسّرين الماليين والمؤسسات المالية، ومكاتب الصيرفة التي تيسّر عن عمد معاملات "حزب الله" المهمة والأعمال والاستثمارات التي يملكها أو يديرها والشركات الصورية العاملة في مجال المشتريات الدولية للتكنولوجيا المزدوجة الاستخدام والمخططات الإجرامية التي يتورط فيها أعضاؤه وأنصاره الذين يستفيدون منها من الناحية المالية". وآخر ما كان سجل حول هذا الأمر إدراج شركة سيتكسCTEX  للصيرفة ونقل الأموال على لائحة العقوبات الأميركية مع صاحبها اللبناني حسن مقلّد وولديه ريان وراين في 24 يناير (كانون الثاني) الماضي. وكانت مثل هذه العقوبات طاولت مصرفين لبنانيين هما "البنك اللبناني الكندي" في عام 2011 و"جمّال تراست بنك" في عام 2019، اللذان صفى مصرف لبنان حساباتهما وأعمالهما.

 

على طريقة قاسم تاج الدين

محمد إبراهيم بزّي ليس إلا مجرّد اسم جديد يُضاف إلى لائحة "رهائن" حزب الله لدى الولايات المتحدة الأميركية، كمحمد نور الدين، وسامر الدبق، وعلي كوراني، وداني طرّاف، وحسام يعقوب، وغسان دياب وعلي حسن (ألكسي) صعب... وهو أحد الذين أوقفوا في دول أخرى متعاونة مع واشنطن في مثل هذه العمليات وتصنف "حزب الله" منظمة إرهابية. وأحد أبرز هؤلاء كان قاسم تاج الدين الذي اعتُقِل في المغرب بنفس الطريقة.

في 14 مارس (آذار) 2017، قفز إلى واجهة الأخبار خبر توقيف أمن مطار محمد الخامس في المغرب "رجل الأعمال اللبناني"، قاسم تاج الدين، (62 سنة)، قبل توجّهه إلى بيروت، بسبب وجود أمر دولي بالقبض عليه صادر عن السلطات القضائية الأميركية.

وكانت واشنطن أدرجت قاسم تاج الدين على قائمة الإرهاب بعد اتهامه بغسل الأموال واستخدامها في أنشطة إرهابية، وتمويله لـ "حزب الله". بعد نقله إلى الولايات المتحدة الأميركية ومحاكمته حُكم عليه بالسجن لمدة خمسة أعوام. اعتُبِر الحكم مخفّفاً وأعيد السبب إلى أنّه تعاون في التحقيق وأدلى بمعلومات عن طريقة عمله، وعن أعماله لمصلحة "حزب الله" وتنازل عن مبلغ من المال يقارب الخمسين مليون دولار. ولكن في 27 مايو 2020 أفرجت عنه واشنطن قبل أن يُنهي مدّة محكوميته، وفي 8 يوليو (تموز) عاد إلى لبنان عن طريق مطار بيروت على متن طائرة خاصة، حيث شكرت عائلته الولايات المتحدة الأميركية والتقطت صور له ابتعد بعدها عن الأضواء وعن الإعلام. حكي وقتها عن صفقة لتبادل المعتقلين بين واشنطن وطهران التي كانت أطلقت سراح الأميركي المحتجز لديها مايكل وايت في 19 مارس 2020، والأميركي اللبناني نزار زكّا الذي كانت اعتقلته في 18 سبتمبر (أيلول) 2015 بالتزامن مع توقيف اللبناني المتهم بأنه عميل لـ "حزب الله" علي كوراني المرة الأولى في واشنطن، قبل أن يعاد اعتقاله في أوّل حزيران 2018 بتهمة دعم "حزب الله" حيث لا يزال في السجن. أفرجت إيران عن زكّا في 11 حزيران 2020 وقيل إن العملية مرتبطة بصفقة تشمل إطلاق تاج الدين. كان مدير عام الأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم قد لعب دوراً بارزاً في هذه العملية، ورافق زكا من طهران إلى بيروت بعدما قيل إنه كان زار تاج الدين في سجنه الأميركي خلال زيارة له إلى واشنطن بدعوة رسمية. كما رُبط الموضوع أيضاً بقضية اللبناني الأميركي عامر الفاخوري الذي أوقف في بيروت في سبتمبر 2019 بتهمة أنه كان متعاملاً مع إسرائيل، وقيل إن توقيفه يصبّ في مصلحة إتمام عملية تبادل تشمل تاج الدين. وعندما تمّت تبرئة الفاخوري في المحكمة العسكرية وتمّ تسفيره من لبنان عبر طوّافة حطّت في السفارة الأميركية في عوكر، قبل أن يتمّ إقفال مطار بيروت بسبب جائحة كورونا، تواترت المعلومات عن هذه الصفقة تضمنت تخفيض مدة عقوبة السجن التي كان حُكِم بها على تاج الدين، فتمّ إطلاق سراحه بحجّة الخوف من إصابته بكورونا ليعود بعدها إلى لبنان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

إعدام عالم إيران النووي

إذا كانت واشنطن نجحت في عدد من العمليات من هذا النوع إلا أنها فشلت في عمليات أخرى. لم تستطع مثلاً أن تجبر السلطات التشيكية على تسليمها المطلوب علي فيّاض الذي كانت تتهمه بتمويل "حزب الله" وبتوريد الأسلحة إليه. وهو كان يعمل مع وزارة الدفاع الأوكرانية بشكل رسمي. بعد اعتقاله في براغ خُطِف خمسة تشيكيين في لبنان في عملية بقيت غامضة، وأطلق سراحهم بعدما أطلقت براغ سراح فيّاض.

لم تصل عمليات الخطف الأميركية إلى إيران. في عام 2009 اختفى العالم النووي الإيراني شهرام أميري خلال تأديته مراسم الحج. واتهمت إيران واشنطن بخطفه. ولكنه ظهر بعد عام في الولايات المتحدة حيث زعم أنه اختُطف واستُجوب من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي). وكان مسؤول أميركي أعلن عام 2010 أن بلاده عرضت على أميري 5 ملايين دولار لينشقّ عن النظام الإيراني ويقدم معلومات لواشنطن عن البرنامج النووي الإيراني لكنّه فرّ لاحقاً من الولايات المتحدة، وعاد إلى إيران من دون أن يحصل على المال. وبعدما كانت إيران تتّهم واشنطن بخطفه، اعتقلته في مكان سرّي واتهمته بالعمالة لأميركا قبل أن تعدمه شنقاً في أغسطس 2016.
منذ اغتيال عماد مغنيّة في سوريا قبل 15 عاماً هدّد "الحزب" بأنّه سيردّ. ولكنّه لم ينجح بعد. ومنذ اغتيال الإيراني قائد "فيلق القدس" اللواء قاسم سليماني في العراق في 3 يناير 2020 تكرّر التهديد بالردّ وبطرد الأميركيين من المنطقة، ولكنّ الأميركيين يستمرّون في الضغط وفي الحصار وفي العقوبات وفي الهجوم، ولا يبدو أن واشنطن ستتراجع. فماذا سيفعل "الحزب"؟

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير