Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي غيرا مسار حرب أوكرانيا

شهدت المعارك كثيراً من الاستخدامات التكنولوجية من الطرفين بدءاً من الأقمار الاصطناعية وطائرات "الدرون" والقدرات الإلكترونية التي عملت بالتنسيق مع المعدات العسكرية التقليدية

رسم الصراع صورة صارخة لفاعلية الطائرات من دون طيار "الدرون" وأنظمة التحكم والتشغيل الذاتي في ساحة المعركة (أ ف ب)

ملخص

تمكنت #أوكرانيا من استخدام قدرات "#الذكاء_الاصطناعي" لتحديد #الجنود الذين يشاركون في #الحرب وربط هذه البيانات بحسابات وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الاتصال مع المواطنين الروس.

منذ اليوم الأول للهجوم الروسي على أوكرانيا قبل عام ظهرت أهمية التكنولوجيا المتطورة والذكاء الاصطناعي في الصراع، على رغم تعدد العوامل التي أسهمت في استمرار الحرب من الجانبين، فإن التقنيات المتقدمة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن المعارك غير المتكافئة يمكن أن تنجح في حرب ضد قوى عسكرية كبرى مثل روسيا، فما طبيعة دور الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا التجسس والمراقبة وأقمار "ستارلينك" وشركات وادي السيلكون والشركات الدفاعية الأميركية في تغيير مسار هذه الحرب؟

 

قبل أن تبدأ الحرب

 
مع الحشود العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا التي بدأت في خريف 2021 سحبت الولايات المتحدة واحدة من أحدث طائرات التجسس والمراقبة تدعى "آرتيمس" من مناورة عسكرية على الأراضي الأميركية ونشرتها في أوروبا، لتكون جزءاً من جهود حلف الناتو لمراقبة القوات الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية، وفقاً لما نشره موقع "ديفينس وان" الأميركي.
وعلى رغم أن الطائرة التي صنعتها "بومباردييه" تبدو من الخارج كطائرات رجال الأعمال من حيث الأناقة والفخامة، فإن التجهيزات التي وضعتها مجموعة "ليدوس" الدفاعية صممت لجعل الطائرة نموذجاً لحروب المستقبل، حيث تتمكن هوائياتها وأجهزة الكمبيوتر والأدوات التقنية الأخرى من اعتراض اتصالات العدو المعقدة وفك تشفيرها من مسافة بعيدة، بخاصة عندما تحلق على ارتفاع 40 ألف قدم (12.2 ألف متر)، وفقاً لما يقوله مايك شاغنون نائب رئيس مجموعة "ليدوس" الأميركية ومقرها ولاية فيرجينيا. 
عام على حرب أوكرانيا
في 24 فبراير 2022، شنت روسيا هجوماً عسكرياً واسعاً على أوكرانيا، لمواجهة خطط توسع حلف شمال الأطلسي. بعد مرور عام، العالم بأسره يعاني من تداعيات الحرب فيما لا تلوح في الأفق أية نهاية قريبة للنزاع.
Enter
keywords

 

دمج التقنيات

 
وبينما ساعدت هذه الطائرة الجديدة التي تستخدم نظاماً للاستشعار عالي الدقة وما زالت تحلق في الأجواء الأوروبية حتى الآن في كشف كثير من تحركات واتصالات الجيش الروسي ومساعدة الأوكرانيين على الرد، فقد شهدت الحرب كثيراً من الاستخدامات التكنولوجية من الطرفين، بدءاً من الأقمار الاصطناعية وطائرات "الدرون" والذكاء الاصطناعي والقدرات الإلكترونية التي عملت بالتنسيق مع المعدات العسكرية التقليدية، وانتهاء بتوجيه أقمار "ستارلينك" الاصطناعية التابعة للملياردير إيلون ماسك، والتي توفر إنترنت عالي السرعة عبر البلاد لإبقائها متصلة حتى في حالة تدمير البنية التحتية على الأرض. 
ودفع اتساع نطاق المعلوماتية في الحرب بريندان ماكورد، الذي وضع أول استراتيجية للذكاء الاصطناعي للبنتاغون، إلى وصف هذا الصراع بأنه حرب النطاق العريض الأولى، وبدلاً من الاعتماد على النطاق الترددي الصغير وعمليات نقل البيانات منخفضة السرعة، أعطت "ستارلينك" أوكرانيا ميزة مذهلة، لا سيما في ما يتعلق بنقل صور الفيديو عالي الجودة، مما جعلها تبدو كأنها تسبق العالم بنصف جيل في قدرتها على دمج التقنيات التي تستخدمها في مفاهيم جديدة للقتال الحربي.

 

الذكاء الاصطناعي
 
يشير بافلو كريفينكو، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني في شبكة البحوث الجيوسياسية الجديدة في أوكرانيا، إلى أنه لا يمكن حل نزاع مسلح بنجاح من دون استخدام أحدث الأسلحة ونقل البيانات وأنظمة التحكم والتدمير، التي تحتوي جميعها على عنصر ذكاء اصطناعي، وقد تمكنت أوكرانيا من استخدام قدرات "الذكاء الاصطناعي" لتحديد الجنود الذين يشاركون في الحرب وربط هذه البيانات بحسابات وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الاتصال مع المواطنين الروس.
 
 
كما استخدمت الأنظمة ذات "الذكاء الاصطناعي" بالفعل في أنظمة جمع المعلومات ومعالجتها وتحليلها، وفي القيادة والسيطرة للصواريخ والدفاع الجوي، وفي أنظمة الاتصالات العسكرية، والذخيرة الذكية القادرة على تحديد الهدف بشكل مستقل وتحديد مسار الرحلة، وفي أجهزة عرض المعلومات الإلكترونية البصرية، وفي تحديد الأشخاص وتشخيص حالة العسكريين، فضلاً عن مواجهة التهديدات السيبرانية، وتحليل قدرات الوحدات العسكرية، وفي تحسين الأنظمة اللوجيستية، وكذلك في أنظمة الأرصاد الجوية، لمراعاة الظروف الجوية عند التخطيط للعمليات العسكرية.

 

سرعة معالجة البيانات
 
يمكن للسرعة العالية في معالجة مجموعات البيانات الضخمة أن تقلل بشكل كبير من وقت اتخاذ القرار في تخطيط العمليات وتنفيذها، فضلاً عن زيادة كفاءة إدارة القوات والأسلحة.
ويشير كانديس روندو، الباحث في مركز أبحاث "نيو أميركا" في واشنطن، إلى أن الجمع بين هذه التقنيات بطرق معينة كان فريداً من نوعه في الحرب، وعلى سبيل المثال يتطلب نظام الصواريخ المدفعية عالية الحركة "هيمارس"، الذي صنعته شركة "لوكهيد مارتن" معلومات وذكاء جيدين تستخدم عبر منصات اتصالات آمنة تحدد مواقع الاستهداف.  والحقيقة أن أهمية "هيمارس" لا تعود إلى النظام في حد ذاته، وأنها في قدرة الأوكرانيين على معالجة المعلومات بسرعة أكبر من الروس، الأمر الذي يحدث تأثيراً كبيراً في النهاية.

 

تقنية التعرف إلى الوجه والصوت
 
عندما ذكرت وكالة "رويترز" أن شركة "كلير فيو" الأميركية للذكاء الاصطناعي قدمت تقنياتها للتعرف إلى الوجه إلى أوكرانيا، أشار منتقدو الشركة إلى أخطارها وإساءة استخدامها المحتملة، على رغم استخدام تقنيات التعرف إلى الوجه بشكل محدود في أفغانستان، فإن أوكرانيا تستخدمه الآن على نطاق واسع، وهو ما أكده لي سينغر الذي شارك في إدارة شركة "يوسفول فيكشن" التي قدمت المشورة لسلاح الجو الأميركي، حينها أوضح أن هذا هو أول صراع تقليدي كبير تستخدم فيه تقنيات التعرف إلى الوجوه، مما يحول قصص الخيال العلمي إلى واقع على الأرض.
 
 
 
وإذا كان هذا يفسر مقتل عديد من الجنرالات الروس خلال الأشهر الأولى من الحرب في ضربات مباشرة استهدفتهم وسط قواتهم، فهناك مثال آخر على الدور البارز للذكاء الاصطناعي في سياق التطبيقات الجديدة التي يمكن استخدامها في عمليات المعلومات، مثل أدوات شركة "برايمر" الأميركية التي يمكنها القيام بخدمات التعرف إلى الصوت والنسخ والترجمة، ويمكن استخدامها في التحليلات التي تعترض الاتصالات الروسية، وفقاً لما ذكره موقع "فوكس". 

 

"الدرون" والتشغيل الذاتي
 
رسم الصراع صورة صارخة لفاعلية الطائرات من دون طيار "الدرون" وأنظمة التحكم والتشغيل الذاتي في ساحة المعركة، إذ وفرت الحرب أرضية تجارب غير مسبوقة لتكنولوجيا طائرات "الدرون" الفتاكة التي استخدمت أكثر من أي صراع آخر في الماضي، على رغم أن الدبابات والمدفعية وحرب الخنادق والمدن لا تزال تلعب دوراً مهماً في ساحة المعركة، فإن إنغفيلد بود، من جامعة جنوب الدنمارك، تشير إلى أن حجم وتنوع استخدام طائرات "الدرون" للمرة الأولى في حرب واسعة وممتدة كشف عن مدى الأثر الذي يمكن أن تخلفه. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

ويزعم عديد من مصنعي طائرات "الدرون" المستخدمة في الصراع مثل "لانسيت" الروسية و"سويتش بليت" الأميركية أن أجهزتهم تتمتع الآن بقدرات التحكم الذاتي المستقلة أو شبه المستقلة، كما قال أحد قادة القوات الأوكرانية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إن قواته كانت بالفعل تحلق في مهام استكشافية بطائرات "درون" ذاتية القيادة، وفقاً لما ذكرت صحيفة "نيو ساينتست" نقلاً عن وسائل إعلام أوكرانية.
في المقابل أطلقت القوات الروسية منذ منتصف الصيف الماضي طائرات "درون" إيرانية من طراز "شاهد -136" في سرب من خمس أو ست، في ضربات على البنية التحتية الأوكرانية المهمة، وهي ذخائر تدمر نفسها بنفسها عند الاصطدام، مما يمنحها لقب الطائرات الانتحارية، ومع ذلك فهي من وجهة نظر الذكاء الاصطناعي لا تتضمن حتى الآن تقنية الأسراب الحقيقية التي تتمكن من أن تتحرك كقطيع أشبه بالطيور في السماء وتتفاعل مع بعضها بعضاً وفقاً للمحفزات الخارجية، بحسب ما يقول جيمس روجرز الذي يقدم المشورة للأمم المتحدة حول تكنولوجيا طائرات "الدرون".
 
 
لكن قدرات تسيير الأسراب الحقيقية في طريقها إلى ساحة المعركة، حيث تم استخدام تقنية شركة "رايثيون" في تدريبات لمؤسسة الأبحاث الدفاعية الأميركية "داربا" خلال يناير (كانون الثاني) 2022، حيث تجولت 130 طائرة "درون" تجارية بشكل مستقل وحددت أجزاء من مبنى لم تكن قد استكشفته من قبل، على حد قول "رايثيون".

 

دور شركات التكنولوجيا
 
قبل أشهر قليلة التقى الملياردير التنفيذي السابق لشركة "غوغل" إريك شميت مع كبار المسؤولين الأوكرانيين في زيارة استغرقت 36 ساعة للبلاد لاستكشاف دور التكنولوجيا في الحرب، وهو ما اعتبر بمثابة تذكير بمدى تأثير التقنيات المتقدمة المتكاملة والاستخدامات الجديدة للتقنيات الحالية في نهج أوكرانيا خلال هذه الحرب، بالنظر إلى أن شميت هو مستثمر ملياردير في شركات التكنولوجيا العسكرية الناشئة، وعمل في مجالس فيدرالية مؤثرة تقدم المشورة للحكومة الأميركية في شأن التكيف مع مزيد من الذكاء الاصطناعي، كما أنه دعا البنتاغون إلى دمج التكنولوجيا الجديدة في كل المجالات الدفاعية. 
وبالنسبة إلى الخبراء الأميركيين تعتبر أوكرانيا دراسة حالة لفهم كيفية عمل التقنيات الجديدة في حرب برية تقليدية إلى جانب جميع الأسلحة الأخرى التي يرسلها الغرب، إذ أرسلت واشنطن 700 طائرة "درون" من طراز "سويتش بليد" من صنع شركة "آيرو فيرونمنت" ومقرها فرجينيا، كما تم التعاقد مع شركة "بلاك هورس" الإلكترونية في مهمة لأوكرانيا لم يكشف عن تفاصيلها.
 ويرى جيم ميتري، مدير برنامج سياسة الأمن والدفاع الدولي في مؤسسة "راند"، أن هناك مزيداً من الشركات التجارية الأميركية التي تعمل على تقديم المساعدة، ومنها شركات الأقمار الاصطناعية الصغيرة التي تعد مساحة ناشئة رئيسة لرأس المال الاستثماري والشركات الناشئة الجديدة، وقد أسهمت هذه الأفكار في قدرة أوكرانيا على فهم تحركات القوات الروسية وتتبع جرائم الحرب المحتملة من خلال جمع البيانات المكثف مفتوح المصدر.
ويتفاخر المسؤولون التنفيذيون في شركات الدفاع الأميركية الكبرى حول كيفية استفادتهم من تسليح أوكرانيا، حيث يشير لي غريغوري ألين، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى أن كل ما تأمله الشركات الدفاعية الأميركية هو أن يطلب الجنرالات الأوكرانيون من الجيش الأميركي تزويدهم بالقدرات الدفاعية لهذه الشركات.

 

الصين ليست بعيدة
 
وبينما نشرت وسائل إعلام أميركية وجود طائرات "درون" صينية تستخدم في روسيا الآن، يراقب الخبراء كيفية استخدام التقنيات المتقدمة في ساحة المعركة لفهم الدروس التي قد تنطبق على صانعي السياسة في الولايات المتحدة، حيث يقول ليندسي جورمان، الباحث في صندوق مارشال الألماني الذي خدم أخيراً مع إدارة بايدن في مجلس الأمن القومي، إن تركيز واشنطن ينصب على كيفية ارتباط الغزو الروسي بالقوة العسكرية للصين والسيناريوهات المحتملة لهجوم على تايوان.

وبحسب رئيس شركة برمجيات أميركية فإن استخدام أوكرانيا تقنية الذكاء الاصطناعي الخاصة بها أجبر البلدان في جميع أنحاء العالم على النظر إلى التطورات وتأثيرها في ساحة المعركة بشكل أكثر إلحاحاً، فيما أكد أليكس كارب، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة "بالانتير تكنولوجي"، في حديثه أمام قمة عالمية استضافتها مدينة لاهاي أن النقاش حول الذكاء الاصطناعي في الحرب لم يعد مجرد نقاش علمي أخلاقي، وإنما واقع أملته ظروف الحرب. 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير