Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تدفع "حملة الاعتقالات" تونس نحو عزلة دولية؟

"تواجه خطر تذبذب علاقاتها وتوترها مع كبرى الدول في العالم"

تصاعدت في الساعات الماضية وتيرة الانتقادات الخارجية والداخلية على حد سواء، لحملة #الاعتقالات التي شنتها السلطات التونسية ضد سياسيين وقادة أعمال ومحامين بارزين في البلاد، وهي شخصيات تواجه تهمة التآمر على #أمن_الدولة.

وحاول وزير الخارجية التونسي الذي تقلد منصبه الأسبوع الماضي، نبيل عمار، استباق الانتقادات الخارجية، إذ قال ليل الثلاثاء في تصريحات إعلامية، إن "تصريحات بعض الجهات الأجنبية بخصوص التوقيفات الأخيرة متسرعة وغير دقيقة ومجانبة للصواب وتمس من استقلالية #القضاء_التونسي".

وبعد هذا التصريح بساعات، قالت الولايات المتحدة على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، إن "الولايات المتحدة تعبر عن قلقها العميق تجاه التقارير التي تؤكد وجود اعتقالات في تونس استهدفت سياسيين وصحافيين ورجال أعمال".

ولفت برايس إلى أن "المسؤولين الأميركيين يتواصلون مع حكومة تونس على المستويات كافة دعماً لحقوق الإنسان وحرية التعبير".

أوقات صعبة

ردود الفعل الدولية إزاء حملة الاعتقالات التي تشهدها تونس منذ السبت الماضي لم تقتصر على الولايات المتحدة، حيث اعتبر الاتحاد الأوروبي أمس الأربعاء، أن الحوار الشامل في تونس بات ضرورة، وأن احترام الإجراءات القانونية والمحاكمة العادلة من الركائز الأساسية.

وقال الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيف بوريل، إن "الاتحاد الأوروبي سيبقى إلى جانب الشعب التونسي، وسيدعم جهود الإصلاح خلال هذا الوضع المعقد".

كان الرئيس قيس سعيد الذي قاد تونس إلى انعطافة سياسية لافتة قبل أكثر من 18 شهراً من الآن عندما حل البرلمان وأقال الحكومة، قد وصف قيادات سياسية ورجال أعمال تم توقيفهم بـ"الإرهابيين"، معلناً أن هؤلاء كانوا يُخططون لاغتياله.

جاء تعليق سعيد ليل الثلاثاء، خلال زيارته مقر وزارة الداخلية، بعد اعتقال عناصر الأمن لرجل الأعمال الذي يوصف بصانع الرؤساء ورئيس حكومة الظل وغيرها من التوصيفات التي تبين مدى النفوذ الذي يحظى به، كمال اللطيف، والسياسيين، خيام التركي، عبد الحميد الجلاصي، والمحامي لزهر العكرمي، ومدير إحدى الإذاعات الصحافي نور الدين بوطار، علاوة عن نائب رئيس "حركة النهضة" نور الدين البحيري.

وقال وزير الخارجية التونسي السابق، أحمد ونيس، إن "هذه التطورات ستضع تحدياً صعباً في طريق وزير الخارجية الجديد، وستواجه تونس أوقاتاً صعبة على الأرجح".

وتابع ونيس في تصريح خاص لـ "اندبندنت عربية"، أن "البيان الذي أصدرته الأمم المتحدة محرج أيضاً، لا سيما أنه يأتي بعد شهر تقريباً من نشر اللجنة الأممية تقريراً كان يضم تونس، وهو ما يجعلنا في وضع حرج خصوصاً أنها مستجدات تأتي في الأيام الأولى لتولي وزير الخارجية الجديد منصبه، وبالتالي من شأن ذلك إثقال مهمته".

وشدد الدبلوماسي التونسي على أن "السياسة الخارجية لن تضر بحقوق الإنسان بل على العكس نحن نتعاطف مع ضحايا الكوارث وكل القضايا العادلة، لكن هذه القضية تهم السياسة الداخلية وهي سياسة مقتنع بها وزير الخارجية الجديد، ما يجعله أمام تحدي إقناع الشركاء الخارجيين بها، وهي مهمة صعبة، خصوصاً أن هناك تآلفاً بين قوى في الداخل تنتقد بقوة السلطات وبعض الأطراف الخارجية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فولكر تورك، قد أعرب عن قلقه تجاه ما وصفه بتفاقم القمع تجاه المعارضين السياسيين والمجتمع المدني في تونس، داعياً إلى "إنهاء محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية فوراً"، بحسب بيان أصدره مكتبه.

ولازمت وزارتا العدل والداخلية الصمت تجاه الإيقافات التي بدأت السبت، لكن الرئيس سعيد ندد بالموقوفين، معتبراً أنهم "إرهابيون" وافتعلوا الأزمات التي تشهدها تونس، التي تعاني من نقص حاد في أغلب السلع الأساسية.

خطر تذبذب العلاقات

وتتعاظم التساؤلات الآن حول ما إذا كانت هذه الاعتقالات، التي سارعت المعارضة إلى التنديد بها معتبرة أنها تندرج في سياق "تصفية حسابات سياسية"، ستلقي بظلالها على وضع تونس في الساحة الدولية.

وأشارت تقارير غربية منها تقرير لوكالة "رويترز" نُشر الثلاثاء، إلى أن تونس تواجه عزلة غير مسبوقة الآن مع انخفاض المساعدات الغربية التي كانت تُقدم إلى البلاد. لكن ونيس استبعد أن تواجه تونس عزلة قائلاً إن "البلاد ستواجه أوقاتاً صعبة".

من جانبها، قالت الصحافية التونسية المتخصصة في الشأن السياسي، جيهان علوان، إن ''تونس لا تواجه شبح العزلة الدولية بقدر ما تواجه خطر تذبذب علاقاتها وتوترها مع كبرى الدول في العالم، ما سيلقي بظلاله على المحادثات التي تجريها مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد".

وأشارت علوان في تصريح خاص إلى أن "مختلف الدول تتعامل مع كل الأنظمة في تونس سواء كانت ديمقراطية أو ديكتاتورية، لأن ما يهم هذه الدول في النهاية فقط مصالحها وليس طبيعة النظام، لكن تونس ستواجه خطراً بخصوص إمكانية عدم حصولها على قرض لتمويل الموازنة العمومية التي تشكو من عجز كبير".

وشددت على أن "ما يثير القلق هو البيان الأميركي، لأن الولايات المتحدة من أكثر الأعضاء تأثيراً في صندوق النقد الدولي وقراره الأخير لمنح تونس قرضاً أم لا، خصوصاً أن مجلس صندوق النقد الدولي يشترط على تونس وجود استقرار سياسي وتوافق وطني واسع مع المنظمات الوطنية من أجل التوصل لاتفاق حول هذا القرض".

واستدركت علوان "لكن ما نلاحظه اليوم هو تصاعد المواجهة بين الحكومة التونسية واتحاد الشغل، الذي شملت الإيقافات قيادات نقابية تنشط فيه، وأيضاً قيادات سياسية بارزة معارضة للسلطات، وهو ما قد يصعب المحادثات بين الحكومة وصندوق النقد".

وتسعى تونس للحصول على تمويل جديد يُقدر بـ 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، لكن المحادثات متوقفة وسط صعوبات اقتصادية تواجهها البلاد بالتزامن مع نقص حاد في السلع الأساسية وتدهور في المقدرة الشرائية.

عزلة دولية

وفي المقابل، ترى أوساط سياسية معارضة في تونس أن بلادهم بالفعل تواجه عزلة في ظل حكم الرئيس سعيد، الذي يعد باستمرار باحترام حقوق الإنسان والحريات وضمانها.

وزير التربية السابق، ورئيس "حزب الائتلاف" التونسي، ناجي جلول، قال في تصريحات بثتها وسائل إعلام محلية، إن "تونس أضحت الآن تعيش آخر لحظات الانتقال الديمقراطي".

وأوضح جلول أن "تونس تعيش عزلة دولية ما يجعل نموذج كوريا الشمالية يُبنى فيها، حيث أصبح الخطاب الرسمي مدمراً".

وتأتي هذه التطورات بعد قيادة الرئيس سعيد تونس إلى تغييرات دستورية وسياسية جوهرية، إذ غير الدستور الذي كان معتمداً منذ عام 2014، وأطاح ببرلمان منتخب في 2019 وحكومة كان يرأسها هشام المشيشي وحل محلها أخرى برئاسة نجلاء بودن، فيما أُجريت الانتخابات البرلمانية في وقت سابق.

ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه التغييرات ستضع حداً للانتقال الديمقراطي الذي دشنته تونس بعد سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي عام 2011 إثر انتفاضة شعبية، لكن خطوات الرئيس سعيد تواجه معارضة متنامية ما ينذر بتصاعد السجال بينه وبين خصومه.

ومن المقرر أن تطلق نقابة الصحافيين التونسيين تظاهرة احتجاجية الخميس، فيما يستمر اتحاد الشغل الذي ينضوي تحت لوائه أكثر من مليون منخرط، في التعبئة، استعداداً لتظاهرات من أجل التنديد بما يقول إنه استهداف للعمل النقابي من طرف السلطة في أعقاب توقيف نقابي بارز.

ومساء الأربعاء أبقت محكمة تونسية 16 نقابياً في حالة سراح بعد مثولهم أمامها بسبب شنهم سلسلة من الإضرابات في قطاع النقل.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات