Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استعدوا لحروب برامج "روبوتات الدردشة" المقبلة

سؤال عن القدرات الفعلية لأدوات الذكاء الاصطناعي من نوع "شات جي بي تي" في إحداث تغيير حقيقي

أحدث برنامج روبوت المحادثة "شات جي بي تي" خضة كبرى عند انطلاقته (آي أف إيه)

في الوقت الحالي، كلما أذاع خبراء #التكنولوجيا أنهم اخترعوا "الشيء [التكنولوجيا] الكبير التالي"، بدا الأمر كأنه مجرد خبر مألوف إلى حد أن الطريقة الوحيدة المعقولة للرد تكون إما #السخرية منه أو تجاهله تماماً.

يشير تعبير الشيء الكبير التالي إلى القدرة على التوصل إلى ابتكار حاسم على غرار الانتقال من #طاقة_البخار إلى استعمال الوقود الأحفوري.

ويمتد ذلك من تسجيل شركة "#بورينغ_ كومباني" Boring Company  مفهوم "#هايبرلوب" hyperloop  [نظام نقل بري عبر أنابيب مفرغة تعطي سرعة فائقة] كعلامة تجارية عام 2017، إلى تغريدات انتشرت كالنار في الهشيم مثيرة حماسة عالية حول قدرة الذكاء الاصطناعي على إنشاء صور فنية من طريق الوصف بلغة عادية؛ لم يزد أمر الإبداع بين أوساط أفضل العقول التكنولوجية في "#وادي_ السيليكون" وألمعها غالباً، عن مجرد إعادة اختراع أشياء موجودة في المجتمع أصلاً.

على كل حال، أليس "هايبرلوب" مجرد نسخة جديدة نخبوية أقل كفاءة من نظام النقل الجماعي تحت الأرض الذي كان موجوداً بطريقة أو بأخرى منذ عام 1863؟ أليست فكرة تحويل اللغة إلى صور هي نفسها... أشرطة الرسوم المتحركة التي نعرفها؟

ومع ذلك، مهما حاولنا، يتعذر علينا، وفق ما يبدو، صد هذه الموجات الجنونية الأحادية النظرة من الإقدام على أسوأ ما لديها [بمعنى تكرار المزاعم عن ابتكار حاسم فيما لا يكون الأمر كذلك فعلياً]. إذ تمتلك [الجهات التكنولوجية التي تصدر عنها المزاعم] إمدادات لا متناهية من الوقت والطاقة والموارد، ما يعني أنه يتعين علينا دائماً تحويل تفكيرنا بعيداً من الأشياء الجيدة التي نملكها بالفعل وبتنا نعتبرها من المسلمات، كي نستعد لإصدارات أكثر تكلفة وأقل ملاءمة من تلك الأشياء نفسها.

وكذلك تبدو الأنظمة والقواعد الحكومية المتعلقة بعمالقة التكنولوجيا مجزأة ومفككة، وحتى في المساحات التي توجد فيها تشريعات تكسر القبضة الخانقة التي تمارسها شركات التكنولوجيا على البيانات العامة، ما زالت ملكية البنى الأساسية تُمنح لتلك الشركات نفسها بدلاً من تأميمها. وتبدو الصورة أشد قتامة حينما نتأمل في التطورات الحديثة التي بلغتها تكنولوجيا "روبوتات الدردشة". [يطلق تعبير روبوت الدردشة على برامج مؤتمتة تستعمل في التواصل، سواء مع الآلات الذكية أو بين البشر، بالتالي فإنها ليست آلات فيزيائية ملموسة].

منذ أن أطلقت شركة "أوبن أي آي"  Open AIلبحوث الذكاء الاصطناعي منصة "شات جي بي تي"  ChatGPTالعام الماضي، أخذت الشركات فعلاً تتوسل هذه الأداة لإنجاز مهام كتابة الإعلانات وإنشاء المحتوى.

حتى في هذه المرحلة المبكرة من وجودها، تبدو هذه التكنولوجيا على مستوى رفيع من التطور إلى درجة أنه في المستطاع حملها على تقليد أسلوب كتّاب مشهورين ومحبوبين إذا ما شرعت، مثلاً، في إنشاء كتيبات التعليمات أو عروض تقديمية مرئية مفصلة لفِرَق العلاقات العامة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ثمة ما هو أشد إثارة للمخاوف، ويتمثل في احتمال استعار حمى التنافس في مجال "روبوتات الدردشة". في مواجهة ندرة الإبداع في قطاع التكنولوجيا، ربما ليس مستغرباً أن اللاعبين الكبار قد انجذبوا الآن إلى "شات جي بي تي" حد الافتتان إلى حد تطوير إصداراتهم الخاصة التي تماثله.

خلال الأسبوع الماضي، أعلنت "غوغل" أنها أصدرت أداتها الخاصة في مجال "روبوتات الدردشة"، وأعطتها اسم "بارد" Bard. وكذلك سارعت "مايكروسوفت" إلى الإعلان عن أنها صنعت "روبوت دردشة" ذكي خاص بها وأدمجته مع محرك البحث "بينغ"Bing . [زعمت مايكروسوفت أن تلك الأداة يمكنها إطلاع المستهلكين على الحوادث الجارية في خطوة تتجاوز إجابات "شات جي بي تي" التي تقتصر حالياً على البيانات حتى عام 2021].

وبينما يبدو أن هذه الإعلانات الترويجية المغرية تواظب على الظهور والاختفاء على غرار ترويج المشاهير للتبادل في منصات العملات المشفرة، يتوجب على المبدعين أن يتنبهوا فعلاً، لأن تقنية "روبوت الدردشة" تقدر على أن تسرق ملعقة رزقك من فمك. واستطراداً، لا يعني ذلك أنه في مقدور تكنولوجيا "روبوتات الدردشة" أن تتعمق وتلاحظ الفوارق الدقيقة مثلما يفعل عقل مبدع ملزم بالمهمة عينها.

وفي المقابل، يبدو أن تاريخ التطور التكنولوجي يتعلق بإنجاز الأمور بأسرع السبل وأقلها كلفة بالنسبة إلى الأعمال، أكثر من كونه مهموماً بتعزيز الجودة، فمن غير المرجح أن يعتري الشركات قلق كبير بشأن خسارتها.

بالتالي، ستخرج الحجج الواهية عينها المستخدمة في المراحل الأولية من "إعادة هيكلة" كبرى (مثلاً، جعل العمال أكثر كفاءة، والتعامل مع المهام البسيطة والمتواضعة) لتبرير أن مجموعات عريضة من القوى العاملة ستجد نفسها فجأة زائدة عن الحاجة. [مثلاً، حينما حلت المصانع وآلاتها محل المحارف والعمل المنجز بالطاقة البيولوجية والأدوات البسيطة، ترافق ذلك مع فقدان حرفيين وأصحاب صنع لأعمالهم، كالحدادين والوراقين وغيرهم]

استطراداً، ستكون تكنولوجيا "روبوت الدردشة" موضع احتفاء في "إحداث ثورة" في القطاع الثالث [أي النشاطات الاقتصادية خارج قطاعي الزراعة والصناعة]، ما يسمح للشركات بتجنب منغصات لا متناهية من قبيل العقود والأمن الوظيفي. وسيكون المبدعون أنفسهم أكثر خطورة مما هم عليه أصلاً، إذ يُجبرون على التنافس للحصول على عقود صفرية بينما يهذر رؤساؤهم بحماسة حول "المرونة" والنشاطات الجانبية واقتصاد العمل.

ولكن ربما هذا كله مجرد مغالطة بهلوانية. ربما لن تتطور تقنية روبوتات الدردشة حقاً إلا لتكملة ما لدينا أصلاً. أنا لا أثق في عمالقة التكنولوجيا. وعلى غرار الشخصية الخيالية جون كونور في فيلم "ترمنيتر" Terminator، ومورفيوس في "ذا ماتركيس" The Matrix، والدكتور ديف بومان في "2011، أوديسة الفضاء" 2011: A Space Odyssey، لا أضع ثقة كبيرة في الآلات أيضاً.

أنا على أتم الاستعداد لأن يثبت الحالمون بالتكنولوجيا في النهاية أني على خطأ، مع أنني أعتقد أن ذلك لن يكون من فعل "روبوتات الدردشة".

 

* جيمس باترسون كاتب وشاعر حائز جوائز. أدرج كتابه "بلد اللصوص" Bandit Country  (2022) في القائمة المختصرة لجائزة "تي إس إليوت" 2023.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء