ارتفع حجم #المبادلات_التجارية بين #تونس و #ليبيا في عام 2022 ليبلغ 3 مليارات دينار (977 مليون دولار)، بزيادة قدرها 50 في المئة مقارنة بعام 2021.
جاء التطور إثر تبادل الزيارات بين أعضاء الحكومتين التونسية والليبية مما نتج منه تفعيل الاتفاقيات السابقة، التي توقف تطبيقها منذ نحو 12 سنة، وعودة حركة السلع في الاتجاهين عبر بوابة رأس جدير الحدودية البرية.
في الوقت ذاته، استأنفت العديد من الشركات التونسية التي كانت موجودة في ليبيا قبل الانتفاضة سالف نشاطها. وينتظر أن يتواصل تصاعد نسق المبادلات بحكم المستجدات المتعلقة بافتتاح الطريق السريعة تونس رأس جدير، وتنظيم معارض تجارية مرتقبة بطرابلس.
ويرى متابعون أن إشكاليات متعلقة بالبنية التحتية والبيروقراطية تعطل نمو نسق المبادلات، الذي تصبو إليه تونس، والذي من شأنه أن يفتح لسلعها بوابة أسواق القارة الأفريقية عبر ليبيا.
كانت رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن قد أعلنت في نوفمبر (تشرين الثاني)، إثر لقائها برئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة، أن "أولويات التعاون خلال المرحلة المقبلة هو تعزيز التبادل التجاري، وتسهيل انسيابية السلع وحركة عبور المسافرين بين البلدين، وتبسيط الإجراءات في المعابر الحدودية، وتعزيز التعاون في مجالات الأمن الغذائي والطاقي ودعم التعاون الاقتصادي والمالي والاستثماري.
وأشارت بودن إلى أن مشاريع البنية التحتية في ليبيا هي محط اهتمام بحكم وجود الشركات التونسية هناك ومساهمتها في إنجاز المشاريع.
كما تحدثت عن تشخيص موضوعي للعديد من الإشكاليات القائمة وبحث الحلول لتجاوزها وإزالة جميع العقبات، ومنها توحيد الإجراءات الجمركية واستكمال فكرة المنطقة الصناعية المشتركة بمنطقة رأس جدير، معلنة أنه تم الاتفاق على إلغاء جميع القيود في حركة السلع بين البلدين.
وسعت تونس خلال السنوات الأخيرة إلى تعزيز موقعها بالسوق الليبية لاستعادة مكانتها التي فقدتها إثر اندلاع الانتفاضة في البلدين عام 2011 ما انعكس بالسلب على الميزان التجاري وحجم الصادرات.
وبلغ حجم المبادلات التجارية بين تونس وليبيا 2.03 مليار دينار (661 مليون دولار) في الأشهر التسعة الأولى من عام 2022 في حين لم يتجاوز حدود 900 مليون دينار (293.15 مليون دولار) كامل عام 2019.
وتنوعت الصادرات التونسية بين الفوسفات ومشتقاته والمنتجات الفلاحية والغذائية والنسيج والملابس والجلد والصناعات الميكانيكية والكهربائية.
أما بخصوص الواردات من ليبيا فقد ارتفعت بدورها بنسبة 34 في المئة عام 2022 مقابل 20.8 في المئة عام 2021، بفضل الزيادة المسجلة في قطاعات مواد الطاقة والمواد الأولية ونصف المصنعة والمواد الاستهلاكية ومواد التجهيز.
الشريك الخامس
عماد حفيظ المدير بمركز النهوض بالصادرات (حكومي) قال إن ليبيا تمثل شريكاً اقتصادياً استراتيجياً، فهي الشريك الخامس لتونس عالمياً بعد فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا، والأولى عربياً وعلى مستوى المغرب العربي والأفريقي.
وأضاف حفيظ لـ"اندبندنت عربية" أن حصة ليبيا 4.3 في المئة من إجمالي الصادرات عام 2022 بعد أن سجلت نمواً بلغ 50 في المئة، مقابل 3.8 في المئة من مجمل الصادرات عام 2021 و3.2 في المئة خلال 2020، لافتاً إلى أن تونس تصدر 1200 منتجاً إلى ليبيا، حيث يصل عدد المؤسسات المصدرة لسلعها للبلد الجار إلى 1000 شركة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبعودة الحركة التجارية بعد فترة الركود تجاوز البلدان مرحلة الركود، التي خيمت عام 2020 عليهما، كما استعادت المنتجات التونسية مكانتها، وتسعى تونس إلى الرفع من مستوى المبادلات التجارية إلى سقف 4 مليارات دينار (1.3 مليار دولار) عام 2025 بنسبة نمو سنوية مقدارها 20 في المئة.
وباحتساب الواردات الليبية يرتفع حجم المبادلات إلى 5 مليارات دينار (1.62 مليار دولار)، علماً بأن واردات تونس من ليبيا بلغت 564 مليون دينار (183.7 مليون دولار) عام 2022.
ولا يقتصر دور السوق الليبية على كونها مساحة الترويج للمنتجات التونسية، بل يتجاوز ذلك إلى طبيعتها قاطرة لأسواق أخرى أفريقية.
وتمثل ليبيا شريكاً تجارياً بحكم تكامل العرض التصديري للمنتجات المشتركة، كما يتيح موقع البلدين قدرتهما على اقتحام السوق الأفريقية، التي تحتضن كثافة سكانية واستهلاكية تصل إلى المليار نسمة، حيث يؤكد البلدان أهمية الطرق والمشاريع المشتركة في قطاعات عدة.
وكشف حفيظ عن تنظيم تحرك مشترك نحو 3 بلدان أفريقية لبناء شراكة مربحة بين الطرفين ولاستغلال مجالات التكامل بين العروض التونسية والليبية القابلة للتصدير ووضع استراتيجية لبعث مشاريع مشتركة ببلدان أفريقية مستهدفة ومنها السنغال وكوت دي فوار والنيجر.
معضلة النقل ونقائص بالجملة
المتخصص في الشؤون الليبية مصطفى عبد الكبير دعا إلى إزالة العوائق التي تحول دون رفع مستوى تدفق السلع التونسية، فعلى رغم التطور الإيجابي المسجل عام 2022 وما تلاه من بعض التسهيلات الإدارية والإجراءات الجديدة المتمثلة في فتح الممرات الجديدة، إلا أن المطلوب تفعيل الأسس التجارية.
وقال عبد الكبير إن تعطل سلاسل الإمداد العالمية بسبب انعكاسات الحرب الأوكرانية دفع الأطراف الليبية إلى الاتجاه للسوق التونسية للتزود ببعض السلع، حيث كانت المواجهات المسلحة قد أسهمت في تعطيل طرق التبادل عبر البحر المتوسط من أوروبا الشرقية وتركيا.
وأشار إلى أن تراجع قيمة الدينار التونسي رفع من تنافسية السلع والخدمات وفتح الأبواب للمنتجات لإعادة الحضور في السوق الليبية وارتفاع نسق التوريد بنسبة 50 في المئة، ومنها مواد البناء والصناعات الغذائية والمنتجات الفلاحية والنسيج، الأمر الذي ضاعف حركة مرور الأشخاص والسلع بالمعبر الحدودي.
ونبه عبد الكبير إلى ضرورة تطوير البنية التحتية للمعابر وتحسين الخدمات بين الجانبين بحكم الموقع الحيوي وأهميته في استيعاب الحركة من الجهتين بمعدل مرور 500 شاحنة يومياً وما يقارب 3 آلاف مسافر في فترات الذروة، لافتاً إلى أن الغياب التام للخدمات وتواتر الازدحام يتطلبان خطة استراتيجية لإعادة هيكلة المعابر.
وأضاف أن عدم الإيفاء بالوعود المقدمة من الجانب التونسي بخصوص تحديث منطقة التبادل التجاري الحر، التي تعتبر من أهم المشاريع المطروحة منذ عام 2008 وقد تحولت إلى شركة وهمية ووعد زائف.