تحدث مخبرون عن #مخالفات ترتبط بأطفال تعرضوا لأذى "كبير" نتيجة نقص مزمن في مستويات التوظيف بمستشفيات #للصحة_العقلية في #المملكة_المتحدة، طاولتها فضائح عدة، وأصبحت تحت المجهر.
ففي كشف هو الثالث من نوعه عن مزاعم مرتبطة بسوء الرعاية في مستشفيات خاصة تديرها مجموعة "هانتركومب" Huntercombe، ادعى موظفون سابقون أن مستويات التوظيف كانت تنخفض للغاية "بشكل يومي"، إلى حد أنه تم إهمال المرضى، مما أدى إلى:
- إطعام المرضى الذين تقل أعمارهم عن 13 عاماً بالقوة أثناء تقييدهم
- ترك المرضى بمفردهم مما جعلهم معرضين لإيذاء أنفسهم بدلاً من الإشراف عليهم
- ترك المرضى "يبللون أنفسهم" لأن الموظفين لم يتمكنوا من الإشراف على زياراتهم للمراحيض
إحدى العاملات في المستشفى، وتدعى ريبيكا سميث، أكدت أنها انفجرت في البكاء بعد اضطرارها إلى تقييد أحد المرضى، وإطعامه بالقوة.
هذه الروايات تأتي في الوقت الذي علمت فيه "اندبندنت" أن المؤسسة تواجه الآن عشرات من مزاعم الإهمال السريري وإجراءات جماعية محتملة.
فبعد سلسلة من التحقيقات التي أجرتها "اندبندنت" وشبكة "سكاي نيوز"، تقدم 50 مريضاً بشكاوى مرتبطة بـ"سوء معاملة ممنهجة"، وبسوء رعاية، على مدى عقدين من الزمن، في مستشفيات الصحة العقلية للأطفال التي تديرها المنظمة.
ومنذ ذلك الحين، أطلقت الحكومة - بعد نشر "اندبندنت" تقاريرها - "مراجعة سريعة" شملت وحدات الصحة النفسية للمرضى في جميع أنحاء البلاد.
في المقابل، فتحت الشرطة البريطانية تحقيقاً في وفاة فتاة صغيرة في "مستشفى تابلو مانر" Taplow Manor Hospital التابع لمجموعة "هانتركومب" نفسها، في بلدة مايدينهيد في مقاطعة بيركشير الإنجليزية، وفي جريمة اغتصاب مزعومة لطفل ارتكبها اثنان من الموظفين. وعلم أن عدداً من العاملين تحدثوا عن سوء سلوك جنسي ضد إحدى العاملات في المستشفى.
نفت مجموعة "أكتيف كير" Active Care Group التي استحوذت الآن على ملكية المستشفيات التابعة لـ"مجموعة هانتركومب"، علمها بوجود أي شكاوى عالقة قدمها موظفون.
مستويات التوظيف تنخفض "كل يوم"
أكد أحد الموظفين السابقين، ويدعى كالام سميث - الذي كان قد عمل في "مستشفى تابلو مانر" من يونيو (حزيران) عام 2019، إلى فبراير (شباط) من عام 2022، أنه على رغم وجود موظفين جيدين، فإن التوظيف كان ينخفض إلى حد كبير "كل يوم تقريباً".
وأضاف سميث أن "الوضع لم يكن آمناً لمجرد نقص الموظفين والتدريب، فقد وقعت حوادث كثيرة كان يمكن تفاديها، لو كان لدينا عدد أكبر من الموظفين، خصوصاً مع تسبب كثير من المرضى بأذى كبير لأنفسهم".
ولفت العامل في الرعاية إلى أن المستشفى يعاني نقصاً شديداً في الموظفين، إلى درجة أنهم لا يستطيعون مرافقة المرضى إلى المرحاض، مما تركهم "يبللون أنفسهم". ورأى أن "يكون الفرد قادراً على استخدام المرحاض هو حق أساسي من حقوق الإنسان، وبما أننا لم نكن قادرين على توفير ذلك للمرضى، فقد كان الأمر محرجاً بالنسبة إلينا... كان الأمر مقرفاً حقاً".
كالام سميث استقال من العمل مع "مجموعة هانتركومب" في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2022 بعد تلقيه تحذيراً خطياً لأخذه استراحة غير محددة.
أما ريبيكا سميث، وهي عاملة دعم في مجال الرعاية، وتوظفت في الفترة الممتدة ما بين مايو (أيار) عام 2021 إلى نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه، فقالت لـ"اندبندنت" إنها لاحظت وجود مشكلات في التوظيف في المستشفى، مشيرة إلى أنه "لم يكن هناك عدد كافٍ من الموظفين للاستجابة للحوادث عند وقوعها، وكان المرضى يعرفون ذلك، ويستغلون الأمر".
"غادرت الغرفة وأجهشت بالبكاء"
أثار المرضى الخمسون في غالبيتهم، الذين شاركوا في التحقيق الذي قامت به "اندبندنت"، مزاعم عن استخدام مفرط للقيود من جانب العاملين. فالأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 13 سنة رووا قصصاً مؤلمة عما عانوه عندما كانوا داخل الوحدات، لجهة تقييدهم وإجبارهم على تناول الطعام.
وتقول السيدة سميث: "إن ما لفتت انتباهي حقاً في مقالتك، هي المزاعم باستخدام القوة المفرطة أثناء إطعام المرضى بالأنبوب. وأتذكر في هذا الإطار المرة الأولى التي اضطررت فيها في عام 2021 للمساعدة في تقييد أحد المرضى، وغادرت الغرفة ما إن انتهينا من ذلك، واسترسلت في البكاء. كان الأمر مروعاً بالنسبة إليّ، لذا لا يمكنني حتى تخيل ما كان عليه وضع ذلك المريض".
وكان تقرير صادر عن "لجنة مراقبة جودة الرعاية" Care Quality Commission (CQC) في عام 2018، قد سجل وجود "ثغرات كبيرة" في الحوكمة عبر "مجموعة هانتركومب"، الأمر الذي انعكس سلباً على الرعاية في المستشفيات الخمسة للأطفال التي تديرها المجموعة. وتواجه الآن المنظمة تحت إشراف مالكيها الجدد "مجموعة أكتيف غروب"، مراجعة أخرى للأداء القيادي فيها من جانب "لجنة جودة الرعاية" ستجرى في شهر مارس (آذار).
أحد كبار المديرين السابقين، الذي عمل في جميع مستشفيات المنظمة حتى عام 2020، أكد لـ"اندبندنت" أنه كان هناك "نقص في الإشراف" من جانب القيمين على المؤسسات، مما أدى كما قال، إلى الإخفاق في التعامل مع مشكلات خطرة تتعلق بسلامة المرضى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "لا أعتقد أن لديهم (في مستشفى مايدينهيد) بالضرورة قيادة جيدة أو طاقم عمل مناسب. ففي أحد الأجنحة، تم وضع الفتيات ضمن مجموعات، كي تقوم الممرضات خلال نوع من المداورة في الدوام، بإطعامهن عبر أنابيب تدخل إلى المعدة عبر الأنف (للتغذية القسرية). لقد كان الأمر مؤلماً للغاية بالنسبة إلى الجميع، سواء كانوا من المرضى أو من طاقم التمريض، فقد كانت تستخدم مستويات عالية جداً في الإجراءات المتبعة لتقييدهن".
ولفت المدير السابق إلى أنه على رغم المخاوف التي أثيرت، فقد مضت هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" (أن أتش أس) NHS في تكليف المستشفى الخاص تقديم الرعاية بسبب "النقص المطلق في المرافق التي تعنى بفئة الشباب" ذوي احتياجات معقدة مماثلة.
ديفيد ماكمولان من نقابة "جي أم بي" GMB التي تمثل أكثر من 100 موظف في "مستشفى تابلو" التابع لـ"مجموعة هانتركومب"، أوضح أن عدم وجود عدد كافٍ من الموظفين لإدارة المرضى كان أكبر مصدر للقلق، بحيث إنه فيما كان يفترض تعيين 4 عاملين لهم بسبب حاجاتهم الخاصة، فقد تم فقط تخصيص اثنين للعناية بهم.
أحد الموظفين وصف العمل هناك بأنه أشبه بـ"جحيم"، موضحاً أنه ورفاقه "يفضلون الانتقال إلى العمل في متاجر البيع بالتجزئة". وقال في هذا الإطار إن "كل عضو التقيته هناك يثير مخاوف، وهي تختلف من حيث الخطورة، بعضها مجرد مخاوف عامة بسبب النقص في التوظيف، فيما البعض الآخر يتمثل في ادعاءات أكثر خطورة، لكنني لا أعتقد أن أحداً هناك لا يرى أن الأمور تسير وفق ما ينبغي".
وكانت "لجنة مراقبة جودة الرعاية"، قد أثارت في وقت سابق مخاوف في شأن مستويات التوظيف في تقارير عدة بعثت بها إلى "مستشفى تابلو مانور" ووحدة "ستافورد" التابعة له التي لا تزال مفتوحة. ومع ذلك، اعتبر أحدث تقرير صادر في شهر أغسطس (آب) من عام 2022، أن مستويات القوى العاملة كانت كافية.
مارك ماكغي الشريك في مكتب المحاماة "هاتشيون لو" Hutcheon Law، قال إنه قام بتمثيل 20 مريضاً سابقاً ادعوا على مستشفيات الأطفال الثلاثة التابعة لـ"مجموعة هانتركومب"، وكان يجري مناقشات في شأن أربع قضايا أخرى.
متحدث باسم "مجموعة أكتيف كير" اعتبر أن "هذه الاتهامات غير المؤكدة، من شأنها أن تقوض الجهود الهائلة التي يبذلها الموظفون الراهنون لدعم المرضى الذين يقومون برعايتهم في "مستشفى تابلو مانر"، الذي يعالج الشباب الأكثر ضعفاً في جنوب البلاد، ويستقبل المرضى الذين لم تعد إدارات المستشفيات الأخرى أو الفرق المجتمعية قادرة على التعامل معهم، والذين يشكلون خطراً على أنفسهم أو على الآخرين، كما يتولى في الجناح المخصص لاضطرابات الأكل، معالجة المرضى الذين يعانون مرضاً شديداً إلى درجة أنهم لا يدركون أن حياتهم في خطر".
وأضاف أن "هذه المزاعم أدلى بها اثنان من الموظفين المبتدئين السابقين، أحدهما أخضع لإجراءات تأديبية، كما أن أياً منهما لم يعمل في المستشفى لمدة عام.
وأكد المتحدث أن "مراقبة الموظفين في "مستشفى تابلو مانر" تتم بشكل يومي، وتتميز نوبات العمل بطواقم كاملة، وغالباً ما يضاف موظفان أو ثلاثة إلى كل وردية، إضافة إلى المعالجين والأطباء والمعلمين والممرضات ومديري الأقسام. ويجري التحقيق في أي قضايا يثيرها الزملاء، ويتم اتخاذ التدابير المناسبة من خلال الإجراءات التأديبية والهيئات المهنية عندما تدعو الحاجة".
وأوضح أن أعمال التفتيش التي تقوم بها "لجنة مراقبة جودة الرعاية" لا يتم الإعلان عنها، وأن المستشفيات كانت تجري زيارتها "باستمرار" من جانب فريق إدارة المجموعة وممثلين عن مستشفيات "أن أتش أس"، وعن "هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا" NHS England.
مجموعة "إيلاي إنفستمنتس غروب" Eli Investments Group التي كانت مملوكة في السابق لـ"مجموعة هانتركومب" أعربت عن أسفها لـ"فشل هذه المستشفيات وخدمات الرعاية المتخصصة فيها التي كانت تملكها وتديرها بشكل مستقل "مجموعة هانتركومب"، في الوفاء بالمعايير المتوقعة للرعاية عالية الجودة. وقد تم بيع "مجموعة هانتركومب" في شهر مارس (آذار) من عام 2021، وأصبح 12 مستشفى وخدمات الرعاية المتخصصة التي كانت موضوع عقد البيع، جزءاً من "مجموعة أكتيف كير" التي نتمنى التوفيق لها في عملياتها الجارية".
ناطق باسم "أن أتش أس"، هيئة الخدمات الصحية البريطانية، أكد أن الهيئة تواصل مراقبة الوحدتين من خلال القيام بزيارات ميدانية منتظمة، والتحدث مع المرضى الراهنين بعد صدور "الادعاءات الصادمة".
أخيراً، وصف متحدث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية المزاعم بأنها "مثيرة لقلق عميق"، مؤكداً أنه بعد اطلاع الوزارة على القضايا المثارة، اتخذت هيئة "الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا" ومستشفيات محلية تابعة لها "تدابير عاجلة"، للعمل مع "مجموعة أكتيف كير" على تحسين مستوى الرعاية.
© The Independent