Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السندات التونسية ترزح تحت ضغوط السوق وضبابية المشهد المالي

إصدارات باليورو شهدت انخفاضاً في قيمتها الاسمية وتصنيف "موديز" يضع البلاد في خانة التراجع الاقتصادي

رغم مصاعبها الاقتصادية قدمت تونس مساعدات إلى منكوبي الزلزال في سوريا وتركيا (أ ف ب)

شهدت #السندات_التونسية بالعملات الأجنبية بالأسواق العالمية في الأيام الأخيرة منحاً تنازلياً في حين تصاعد العائد على #السندات ليصل إلى حدود 40 في المئة، حيث أبدى المستثمرون رد فعل تجاه انحدار #الترقيم_السيادي لتونس بعد تخفيضه من قبل وكالة #موديز إلى CAA2. وانعكس ذلك مباشرةً على حاملي السندات التونسية ذات الآجال قصيرة ومتوسطة الأمد. وسجلت السندات المقومة باليورو التي أصدرها البنك المركزي التونسي انخفاضاً في قيمتها وهي لقروض يحين سدادها أواخر السنة الحالية وسنتَي 2024 و 2025. وتكبدت في الأسبوع الأخير من يناير (كانون الثاني) الماضي، خسائر تراوحت بين 2.4 و 3.9 في المئة من قيمتها، علماً أنها كانت قد تراجعت إلى 85.1 في المئة من قيمتها الاسمية منذ أواخر عام 2022 تحت تأثير المصاعب التي عرفتها المالية العمومية والتي أقرتها الحكومة التونسية في موازنة 2023 بإعلانها عن عجز قيمته 7.7 مليار دينار (2.5 مليار دولار) وحاجيات تسديد أصل الدين وقيمتها 15.7 مليار دينار (5.11 مليار دولار) وتحتاج بناءً على ذلك إلى تعبئة موارد قدرها 23.49 مليار دينار (7.6 مليار دولار)، والحال أن أبواب الأسواق المالية العالمية موصدة بفعل ارتفاع  كلفة الاقتراض بسبب انحدار الترقيم السيادي.
ونزل إصدار السندات المقومة باليورو والذي ينتهي أجله في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ليكون أقرب الاستحقاقات، وفقد 2.4 في المئة من قيمته الاسمية من 85.1 في المئة، يوم 10 يناير الماضي، إلى 82.7 في المئة يوم 31 يناير. وقفز العائد إلى 36.3 في المئة وهي تخص إصدار البنك المركزي التونسي لسندات لفائدة الحكومة التونسية حصلت بمقتضاه على قرض قيمته 500 مليون يورو (535 مليون دولار) بفائدة لقسيمة السند قدرها 6.75 في المئة.
كما شهدت إصدارات باليورو تحين آجالها بعد سنة وتحديداً في فبراير (شباط) 2024 انخفاضاً بنسبة 3.6 في المئة من قيمتها الاسمية، من 79.1 في المئة إلى 75.5 في المئة مع نسق قياسي للعائد بلغ 40 في المئة. وتهدف إصدارات البنك المركزي لفائدة الحكومة إلى الحصول على قرض بقيمة 850 مليون يورو (909 ملايين دولار) بفائدة قسيمة السند قيمتها 5.62 في المئة.
كما فقدت إصدارات بالدولار نسبة 3.9 في المئة من قيمتها، لتنزل من 69.6 في المئة إلى 65.7 في المئة. وارتفع العائد إلى 29.7 في المئة وهي تخص إصداراً للحصول على قرض قدره مليار دولار بفائدة قيمتها 5.75 في المئة لقسيمة السند وتنتهي آجالها في 30 يناير 2025.
وخسرت إصدارات باليورو 3.5 في المئة من قيمتها وتراجعت من 64 في المئة إلى 60.5 في المئة مع ارتفاع عائداتها إلى 24.7 في المئة، وتحين آجال تسديدها في 15 يوليو (تموز) 2026 وهي لإصدار البنك المركزي للحصول على قرض قيمته 700 مليون يورو (749 مليون دولار) بفائدة قسيمة السند تبلغ  6.37 في المئة.
كما نزلت إصدارات بالدولار تحين آجالها في 19 سبتمبر (أيلول) 2027 إلى 67.8 من قيمتها الاسمية  بفقدانها 3.3 في المئة، واستقرت عائداتها عند 19 في المئة وهي تتعلق بإصدار تحصلت تونس بمقتضاه على قرض قيمته 150 مليون دولار بفائدة تساوي 8.25 في المئة لقسيمة السند.

الطريق المجهول للإيفاء بالالتزامات

وكشفت وزارة المالية أن تونس تستعد لتسديد أصل الدين في عام 2023، لقروض رقاعية، الأول باليورو ويبلغ 500 مليون يورو (535 مليون دولار) في أكتوبر والثاني بضمان ياباني وقدره 22.4 مليار ين (170 مليون دولار) في أغسطس (آب)، إضافة إلى سندات الخزينة بالدينار التونسي أو العملات وقروض متعددة الأطراف وأخرى ثنائية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبمقتضى ذلك تعمل على تعبئة موارد اقتراض خارجي بقيمة 14.85 مليار دينار (4.75 مليار دولار)، وموارد اقتراض داخلي بقيمة 9.53 مليار دينار (3.05 مليار دولار) إضافةً إلى موارد خزانة تبلغ 902 مليون دينار (289.1 مليون دولار)، في حين يبدو ذلك عسيراً بسبب العجز عن الخروج إلى الأسواق الخارجية وعدم إمكانية التعويل على السوق الداخلية التي لجأت إليها الحكومة على امتداد السنوات الثلاث الماضية، ما رتّب ندرة في السيولة. وقد حذر البنك المركزي التونسي من مغبة التمادي في التداين من السوق الداخلية خلال الثلاثي الأول من عام 2023 والمخاطر الناتجة منه بظل غياب القدرة على تعبئة موارد خارجية، ما قد يؤدي إلى تفاقم الضغوط المسلطة على السيولة وتعطيل نشاط الأسواق المصرفية والمالية وسوق التأمينات. ودعت مؤسسة الإصدار إلى إرسال إشارات قوية تمكن من استعادة الثقة وإضفاء المزيد من وضوح الرؤية لدى المتعاملين الاقتصاديين المحليين والأجانب بهدف إرساء انتعاشة اقتصادية، محذرةً من التداعيات المحتملة للتدهور في الترقيم السيادي على الوضع المالي ومعاملات التجارة الخارجية التي تقوم بها البنوك التونسية والمتعلقة بوجه خاص بواردات المواد الأساسية. ودعا المركزي إلى الإيفاء بشروط استكمال برنامج التمويل مع صندوق النقد الدولي وتركيز الإصلاحات لمعالجة الاختلالات في الميزانية.

غياب حجم التداول من قبل المستثمرين

ورجح الخبير الاقتصادي وسيم بن حسين تحسن مؤشرات العائد على السندات بمجرد توقيع اتفاقية قرض جديد مع صندوق النقد الدولي"، فيما اعتبر "انخفاض قيمة السندات في السوق وتصاعد العائد أمراً بديهياً بسبب حالة عدم اليقين التي شابت الاقتصاد التونسي والمخاطر المحيطة بمدى القدرة على الإيفاء بالالتزامات المالية والديون السيادية، انطلاقاً من تأجيل التوقيع مع صندوق النقد وعدم تحديد تاريخ للتطرق له من قبل مجلس إدارة المؤسسة المانحة، مروراً بالتصنيف الجديد من قبل وكالة "موديز" منذ أسبوع، ما ينعكس على التعاملات بالسوق المالية التي لا تعكس حجم المخاطر بقدر ما تعبر عن تقاليد السوق في التداول والمضاربة، حيث يؤدي التأخير المسجل في الحصول على تمويلات إلى تراجع ظرفي في أسعار السندات يشجع على استغلاله من قبل المتداولين بانتظار أن تقفز أسعارها بمجرد توقيع الاتفاقية وما يجنيه المتداولون من أرباح بالاتجاه إلى التفويت فيها بالبيع.
من جهته، استبعد محمد صالح سويلم، المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي، "بلوغ المخاطر الحجم الذي أضحت تعبر عنه عائدات السندات، بالنظر إلى الهبوط القياسي للسندات باليورو خاصةً، على الأسواق المالية العالمية"، واصفاً المخاطر بالـ "مبالَغ فيها" بحكم عدم تعبيرها عن التداولات في السوق واكتفائها بالانعكاس المباشر للأسعار المعلنة والمنشورة من قبل البنوك العالمية. واستدل على ذلك بتعلق صعود العائدات مقابل انخفاض الأسعار بالسندات قصيرة المدى ما لا يعبر عن المخاطر الحقيقية. بينما لا يتداول المستثمرون السندات قصيرة الأمد بحكم اقتراب مواعيد تسديدها وما يمثله ذلك من خسارة وهي تعني فقدان ما يقارب 18 في المئة من قيمة السند الاسمية لدى السند باليورو الأقرب انتهاء آجاله وهو أكتوبر المقبل. وتعبر السندات بتاريخ آجال التسديد المحددة في عام 2027 عن واقع تداولها وحقيقة وضعيتها بالنظر إلى مداها المتوسط نسبياً وعائدها 19 في المئة، فالمستثمرون لا يتداولون السندات القصيرة الأمد بالنظر الى أن تونس تملك في الوقت الراهن رصيد العملات الذي يمكنها من تسديد هذه السندات القصيرة الآجال وقدرها 22.2 مليار دينار (7.23 مليار دولار) ما يجزم بحصول تراجع لأسعار السندات وتصاعد العائد من دون أن يكون عاكساً لحجم حركة تداول دافعة له من قبل المستثمرين الذين لم تشر مؤشرات العائدات إلى مسارعتهم بالتفويت في السندات في السوق بالبيع بل إلى تصرفات حذرة بدافع تاريخ التسديد.

اقرأ المزيد