Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مقاومة تهز أمن إسرائيل الهاربة من "حل الدولتين"

"كان لا بد من انفجار الوضع وبدء الجيل الفلسطيني الجديد عمليات ضد الاحتلال من الداخل"

خيار الفلسطينيين بعد عقود من المقاومة والتفاوض والتسويات من دون بناء دولة للمستقبل هو ولادة جيل جديد موحد في الموقف (أ ف ب)

ليس سهلاً على إسرائيل الأخذ برأي المؤرخة الفرنسية اليهودية إيثر يارباروسا التي قالت "إن على اليهود النظر إلى المستقبل بدل الماضي". ولا بالطبع أن تجيب عن السؤال الذي طرحته المؤرخة، وهو "هل للإسرائيليين الحق في الكلام باسم الذين ماتوا في إبادة الجنس؟ هل وافق الموتى على جعل مأساتهم مصيراً يقود إلى خدمة طموحات سياسية على حساب الفلسطينيين الذين ليسوا مسؤولين عن الكارثة التي ضربت اليهود الأوروبيين؟". قدر إسرائيل التي أقامها عام 1948 "العلماني" ديفيد بن غوريون بالعنف والسطو على أرض فلسطين هو أن تتحول بالتدرج إلى دولة ثيوقراطية يحكمها أمثال إيتمار بن غفير زعيم "القوة اليهودية" وبتسلئيل سموطريتش زعيم "الصهيونية الدينية". وخيار الفلسطينيين بعد عقود من المقاومة والتفاوض والتسويات من دون بناء دولة للمستقبل هو ولادة جيل جديد موحد في الموقف على رغم خلافات الفصائل التي يقودها شيوخ يعيشون في الماضي. إسرائيل ذهبت إلى أقصى اليمين هرباً من الحقائق في تسوية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وقدمت لها أميركا "آفاقاً مفتوحة" في العمق العربي وسط إغلاق الأفق السياسي أمام الفلسطينيين: لا حل الدولتين، لا حل الدولة الواحدة، ولا حتى سلطة في منأى عن العنف الإسرائيلي اليومي. والنتيجة اصطدام الهاربين من التسوية بانقسام عمودي داخل إسرائيل وبمقاومة فلسطينية لا علاج لها بالعنف، ولا بهدم بيوت المقاومين، ولا بما يسميه الإسرائيليون "كي الوعي" الفلسطيني. والخلاصة في رأي المؤرخ الأميركي اليهودي طوني جوت الذي عمل في شبابه في "كيبوتز" وتطوع في جيش إسرائيل عام 1967، هي "إسرائيل مغالطة تاريخية، دولة من قرن مضى".
وليس بين التوقعات أن تتغير سياسة حكومة بنيامين نتنياهو بعد المحادثات مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان ومدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز. فأميركا فقدت هيبتها، وبلينكن ليس مثل أسلافه دين آتشسون الذي قال "إن الصهيونية كسياسة أميركية رسمية تسمح للعواطف الباطنية لليهود بالتعتيم على مجموع المصالح الأميركية"، ولا مثل جون فوستر دالاس القائل "إن إسرائيل حجر رحى في أعناقنا"، ولا مثل جيمس بيكر الذي قال لرئيس الوزراء إسحق شامير "هذا رقم هاتفي، اتصل بي عندما تبدل رأيك في عملية السلام"، حتى الوزير هنري كيسينجر الذي كان هدفه، كما كتب مارتن إنديك في "سيد اللعبة"، إدارة "عملية سلام من دون الوصول إلى سلام والاكتفاء باستقرار نظام إقليمي حيث تبقى أميركا لا يستغنى عنها"، إذ إن بلينكن لم يتحرك لبدء أي تفاوض، واكتفى مع رئيسه جو بايدن بالحديث عن "حل الدولتين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


والوقائع مذهلة. في عام 1948 قرر الرئيس ترومان الاعتراف بإسرائيل بعد دقائق من إعلان قيامها، ثم جاء الاعتراف السوفياتي بها. وفي 29 مايو (أيار) 1948 اتهم المندوب السوفياتي أندريه غروميكو الذي صار وزيراً للخارجية، في خطاب أمام مجلس الأمن، "الدول العربية بتنظيم غزو لإسرائيل وتجاوز قرارات مجلس الأمن"، لكن الاتحاد السوفياتي بدل موقفه وتولى بعد ذلك تسليح العرب، في حين اندفعت أميركا إلى مزيد من تسليح إسرائيل والدفاع عنها. وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي عادت موسكو برئاسة فلاديمير بوتين إلى الالتقاء مع واشنطن على تأييد إسرائيل.
وفي هذا المناخ كان لا بد من انفجار الوضع وبدء الجيل الفلسطيني الجديد عمليات مقاومة الاحتلال من الداخل، لا من الخارج مثل عمليات المقاومة التي بدأت مع "فتح" في عام 1965. فلن تبدل إسرائيل موقفها المتصلب الرافض لأي تسوية ضمن حل الدولتين، إن لم يصبح أمنها مهدداً يومياً بعمليات لا يمكن تقدير أين تقع ومن يقوم بها. وهذا ما لا تفعله المبارزة بالصواريخ بين إسرائيل وقطاع غزة لأن تل أبيب أكثر قدرة على إيذاء الفلسطينيين وتدمير ما بقي لهم. وهذا هو البديل الحقيقي من خرافة الاتكال على المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل التي وصفها المسرحي البريطاني هارولد بنتر، الحائز جائزة نوبل للآداب، بأنها "دولة مارقة".

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل