Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكم بوقف تحويل الأموال لكردستان العراق يضع السوداني في مأزق

القرار ملزم للحكومة ويهدد بنسف تحالف إدارة الدولة ومراقبون يتساءلون أين كانت المحكمة الاتحادية منذ 20 عاماً؟

حكومة الإطار التنسيقي باتت في موقف محرج بعد قرار المحكمة (أ ف ب)

وضعت المحكمة الاتحادية العراقية العليا، رئيس الحكومة محمد شياع السوداني والائتلاف الحكومي المكون من الأحزاب الكردية والشيعية والسنية في موقف محرج قد يدفعه مستقبلاً إلى التفكك، بعد قرارها إلغاء كل قرارات تحويل الأموال من الحكومة المركزية إلى إقليم كردستان.

وقررت المحكمة الاتحادية بناء على دعوى من النائب المقرب من "الإطار التنسيقي" عن محافظة البصرة مصطفى سند، إلغاء جميع قرارات الحكومة العراقية بتحويل الأموال إلى إقليم كردستان، الخاصة بتمويل الرواتب الشهرية للموظفين والعاملين في القطاع العام هناك، خلافاً للقانون وللدستور.

وقال سند في مؤتمر صحافي عقده ببغداد إن "قرار المحكمة الاتحادية سيكون معياراً ومرجعاً قانونياً لجميع الحكومات اللاحقة ومن ضمنها الحكومة الحالية في عدم دستورية تحويل الأموال إلى الإقليم". وأضاف أن "هذا القرار بات ملزماً ويمنع أية حكومة عراقية من تحويل الأموال خارج إطار الموازنة العراقية من خلال اتفاقات سياسية بين الإقليم والحكومة الاتحادية".

رد غاضب

ورد رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني ببيان غاضب على قرار المحكمة الاتحادية التي وصفها بأنها "امتداد لمحكمة الثورة خلال فترة حكم نظام صدام حسين التي كانت تحاكم المعارضين للنظام".

وقال بارزاني إن قرار المحكمة يمثل موقفاً عدائياً تجاه كردستان وينسف اتفاق تشكيل الحكومة العراقية، ويستهدف العملية السياسية برمتها، متهماً المحكمة بـ"تنفيذ أجندة مشبوهة"، وبأنها "باتت تحل محل محكمة الثورة في عهد النظام السابق".

ودعا الأمين العام لعصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، أحد أبرز قادة "الإطار التنسيقي"، إلى "الابتعاد عن التشنج والتسرع في اتخاذ القرارات، وإكمال الحوارات والنقاشات للوصول إلى النتائج التي تضمن حقوق الجميع ضمن سقف الدستور".

وقال الخزعلي في تغريدة له إن "القضاء هو ركيزة الدولة العراقية، وندعو إلى ضرورة احترام قراراته والالتزام بها، ونرفض أي تجاوز على مؤسساته"، مبيناً أن "السبيل الوحيد لاستقرار العملية السياسية، والحفاظ على الحقوق، هو الالتزام بسقف الدستور".

الإطار محرج

ورأى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة المستنصرية عصام الفيلي أن "الإطار التنسيقي" بات في موقف محرج بعد قرار المحكمة الاتحادية، متوقعاً انسحاباً كردياً من الحكومة إذا لم يتم حل الأمر.

وقال الفيلي إن "وضع ائتلاف إدارة الدولة برمته لا سيما الإطار الشيعي بموقف حرج لا يحسدون عليه، كون قرار المحكمة الاتحادية بعدم تسليم مبالغ للإقليم بات وملزم"، مشيراً إلى أن هذا القرار ومن الناحية العملية يخص مواطني إقليم كردستان وأن الموضوع يتعدى تحالف إدارة الدولة وبات يمس جميع الكتل بما فيهم السنة، إذ يتساءلون عن مصير جميع الاتفاقات التي حصلت في تشكيل التحالف.

ورجح الفيلي انسحاب الكرد من الحكومة اعتراضاً على القرار لا سيما أن الأمر يتعلق برواتب موظفي الإقليم، متسائلاً عن الاتفاقات التي تمخضت عن تحالف إدارة الدولة مع الأكراد والقوانين التي من المؤمل إقرارها مثل تطبيق المادة 140 من الدستور وإقرار قانون النفط والغاز.

وأضاف أن "قوانين المحكمة الاتحادية ملزمة وموادها غير قابلة للطعن، ومن الناحية العملية يمكن الذهاب باتجاهات أخرى لحل الموضوع، مثل تجميد قرار المحكمة الاتحادية"، منوهاً بأنه "إجراء من الصعب اتخاذه، لذلك باتت القضية معقدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح أن "الأمر أصبح محرجاً، بخاصة أن الذي قدم الطعن هو نائب ينتمي إلى الإطار التنسيقي، مما خلق مشكلة كبيرة بالنسبة إليهم"، مؤكداً أن "هذا القرار سيؤثر في إقرار الموازنة التي يجب أن تحظى بموافقة الأكراد".

واعتبر الفيلي أن "مواطني الإقليم سيصطفون بجانب حكومتهم لأن البعد القومي يشكل ركيزة مهمة في المجتمع الكردي، حتى إن حكومة الإقليم عند قطع رواتب موظفيها، تدفعها بشكل جزئي عن طريق الواردات الناتجة من بيع النفط"، مشيراً إلى أن "المواطن الكردي بات يقارن بين المنجز في المناطق الشيعية من قبل الساسة الشيعة والمنجز الكردي في مناطق الإقليم".

محاسبة المخطئ

من جهة اخرى، رجح مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل أن ت"نسحب الأحزاب الكردية من الحكومة إذا ما تم تنفيذ قرار الاتحادية، ويتفكك تحالف إدارة الدولة". وأضاف فيصل "ليس من المعقول بعد 20 عاماً نكتشف أن الأموال التي يجري تحويلها لرواتب الإقليم ولتصريف أعمال حكومته غير دستورية وغير قانونية قبل أن تتخذ المحكمة الاتحادية قرارها بعدم تحويل الأموال التي تغذي الحياة في كردستان".

ولفت إلى أن "الموظف الكردي في كردستان هو جزء من الموظفين في العراق بمختلف الاختصاصات والدوائر المدنية والعسكرية، ولا يجوز أن نحرمه، وإذا كان هناك خطأ يجب أن تحيل المحكمة الاتحادية من ارتكبه خلال السنوات الماضية إلى المساءلة لأن الأمر يتعلق بأموال كبيرة".

واعتبر أن "القرار يعني تخلي الإطار التنسيقي وتحالف إدارة الدولة عن التزاماته المادية والأخلاقية والقانونية لتنفيذ احتياجات الإقليم، وتطبيقه سيؤدي إلى تعميق الخلافات بين الإطار التنسيقي والحزب الديمقراطي الكردستاني وجميع الأحزاب الكردية في الإقليم على صعيد الحكومة والبرلمان".

لا تأثير في الموازنة

واستبعد فيصل أن يؤثر القرار في إقرار الموازنة لوجود مبادئ أساسية تتعلق بالجانب المالي لإقليم كردستان كجزء من الموازنة، مستدركاً "لكن إذا استمرت الأوضاع من دون إيجاد حلول حقيقية، فمن المؤكد أن الأحزاب الكردية ستضطر إلى مقاطعة العملية السياسية والخروج من هذا التحالف والتحول إلى المعارضة".

ولم يستبعد فيصل أن تؤدي تداعيات القرار إلى "انسحاب تحالف السيادة من الحكومة لعدم تنفيذ مطالبهم مما يعني انهيار تحالف إدارة الدولة".

الكرة في ملعب الحكومة

من جهته، أكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني عبدالسلام برواري أن "الكرة الآن بملعب الحكومة" لبيان ما إذا كانت شريكة في ما وصفه "الجريمة"، أم سيكون لها إجراء معين.

وفي ما يحتاج الإقليم إلى 600 مليار دينار (408 ملايين دولار) للرواتب شهرياً، رفض برواري ربطها بالحكومة الاتحادية كون أن ذلك يخالف النظام الفيدرالي.

وأشار إلى أن "المادة 27 خامساً في قانون الإدارة المالية الصادر من مجلس النواب ينص على أنه إذا تأخر أي إقليم أو محافظة منتجة للنفط عن تسليم الواردات يتم خصمها من حصته"، مبيناً أنه "من الممكن تقدير مقدار النفط المباع ووارداته مع خصم حصة الإقليم من الموازنة وإعطائه الفرق ما بين حصته وواردات النفط المباع".

وأبدى برواري استغرابه من صدور هذا القرار بعد تحسن العلاقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم.

المزيد من تقارير